بلغ الشوق لعمري ما أرادا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

بلغَ الشَّوقُ لعمري ما أرادا

​بلغَ الشَّوقُ لعمري ما أرادا​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


بلغَ الشَّوقُ لعمري ما أرادا
وقضى من مهجةِ الصَّبِّ المرادا
فليدعهُ في الهوى عاذله
يَحْسَبُ الغيَّ وإنْ ضَلَّ راشادا
يُرسِلُ الوَجْدَ إلى أجفانه
رُسُلَ الأدمع مثنى وفرادى
لم يُرِقْها عَبرةً إلاَّ إذا
اتقدتْ نارُ الجوى فيه اتقادا
قد منعتم أعيني طيبَ الكرى
فحريٌّ أنْ يُصارمن الرقادا
وبخلتم بخيالِ طارقٍ
لودنا ما بتٌّ أشكوه البعادا
فابخلوا ما شئتم أنْ تبخلوا
إنَّ طرفي كان بالدمع جوادا
أهلَ وُدّي لِمَ لا ترعَوْن لي
ذمَّةَ الودِّ وأرعاكم ودادا
أَنْفَدَ الصَّبُّ عليكم صَبْرَه
وهو لا يخشى على الدمع نفادا
وعلى ما أنا فيه من جوىً
ما أظنُّ الوَجْدُ يبقي لي فؤادا
فسقى عهد الهوى من مربع
بتُّ أسقيه من القطر العهادا
أيُّ ربع وَقَفَ الركبُ به
ذاكراً بالربع سلمى وسعادا
وبكى أرْسُمَ رسمٍ دارسٍ
أحسنَ القطرُ بكاها وأجادا
يقفُ المغرم فيها وقفةً
يخضل السيف عليها والنجادا
ما حضَ النُّصحَ له مجتهداً
أَخطأَ الرأي به والاجتهادا
ذاكراً في الربع أيام الهوى
مَن لأيّامك فيها أنْ تعادا
أينَ أسرابك ما إنْ سَنَحَتْ
أَعْيَتْ القانِصَ إلاَّ أنْ يُصادا
وإذا ما نَظَرَتْ أو خَطَرَتْ
عرَّفتك البيضَ والسُّمر الصعادا
ولكَمْ من طُرَّةٍ في غُرَّةٍ
خلع الليل على الصُّبحِ السوادا
وقَوامٍ يَرقُصُ البانُ له
وتَثَنّى مُعْجَباً فيه ومادا
آه من فاتكةٍ ألحاظهُ
فتكةَ السَّهمِ إذا أصمى الفؤادا
لا تؤاخِذْ بدمي ناظرَهُ
وقَتِيلُ الحبّ يأبى أنْ يفادى
قدْ بلوتُ الدهر وصلاً وقلىً
وَوَرَدْتُ الحبَّ غمراً وثمادا
فتمنَّيتُ مع الوصل القلى
وتخيَّرْتُ على القرب البعادا
عَرف العالمَ من خالَطَهُم
وکستفاد العلمَ فيهم وأفادا
وإذا ما کنتقد الناسَ کمرؤٌ
زهد الناسَ وملَّ الاتنقادا
قل لمن ظنَّ علياً راجياً
أنْ يبارى في المعالي أو يحادى
وإذا ما قَدَحَتْ أيديهُمُ
بزنادٍ كان أوراهم زنادا
بَعُدَ النجمُ على طالبه
ومن المعجزِ يوماً أنْ يرادا
رفعةٌ قائمةٌ في ذاته
أطرافاً يبتغيها أمْ تلادا
قمرُ النادي إذا ناديتَه
حبّذا النادي مجيباً والمنادى
لِمُلِمٍ تَتَرجّى نَقْصَه
ونوالٍ تبتغي منه کزديادا
أبحر الجود وكلٌّ منهمُ
ربَّما أربى على البحر وزادا
جاذبوا العلياءَ فانقادت لهم
يوم قادوها من الخيل جيادا
ولئنْ لانوا قلوباً خشعتْ
فلقد كانوا على الكفر شدادا
أعرضوا عن عوضِ الدنيا وما
زوِّدوا غيرَ التقى في الله زادا
سادَةَ الدُّنيا وأعلام الهدى
وأكرمَ الخلق على الله عبادا
حسبُ آل البيت من مفتخر
ولبَيتِ المجد مذ أضحى عمادا
سيّد في الغُرِّ من أبنائهم
لمباني مجدهم شاد وسادا
منعمٌ أمرح في أنعامه
وإذا ما زدته بالشكر زادا
يا أبا سلمان يا ربَّ الندى
والأيادي البيضَ ما أعطى وجادا
قدتها مستصعباتٍ في العلى
قَد أَبَتْ إلاَّ لعيالك انقيادا
ربَّ أنفٍ شامخٍ أرغمته
فکستحالت نارهُ فيك رمادا
قد جنيتَ العزَّ غضاً يانعاً
ومضى يخرُط شانيك القَتادا
مَنَعَ الصدقُ أكاذيبَ العدى
فإذا خاضوا بها خاضوا عنادا
عَقَدَ الله به ألْسِنَةً
كانت الأمس على الزور حدادا
لستُ أستوفي ثنائي فيكم
ولو أنّي أجعل البحر مدادا
أنا ممن يرتجي إحسانكم
أَبَدَ الدهر وإنْ مات وبادا
قد ملأتُ الأرض فيكم مدحاً
ذَهَبَتْ في الأرضِ تستقري البلادا
كلَّما أَنْشَدَها مُنْشِدُها
أطربَ الإنسان فيها والجمادا
زلقد ألتذُّ في مدحي لكم
في الأحاديث وإن كان معادا
وإذا أملقتُ أيقنتُ الغنى
ثقةً بالجود منكم وکعتمادا