بأثيلات النقا سرب قطا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

بأثيلاتِ النَّقا سربُ قطا

​بأثيلاتِ النَّقا سربُ قطا​ المؤلف محيي الدين بن عربي


بأثيلاتِ النَّقا سربُ قطا،
ضَرَبَ الحسنُ عليهَا طُنُبا
وبأجوازِ الفلا من إضمٍ،
نعمٌ ترعى لديها وظبا
يا خَلِيلَيَّ قِفَا واسْتَنطِقا
رَسْمَ دَارٍ بعدهمْ قد خَرِبا
واندبا قلبَ فتى فارقهُ،
يوْمَ بانوا، وابكِيا وانتحِبا
علّهُ يُخبِرُ حيثُ يمّمُوا
ألِجَرْعَاءِ الحِمَى، أو لِقَبَا
رَحَلُوا العِيسَ، ولم أشعرْ بهمْ،
ألسهوٍ كانَ أم طرفُ نَبَا
لم يكن ذاكَ، ولا هذا، وما
كانَ إلاّ ولَهٌ قد غَلَبا
يا هُموماً شَرَدَتْ وافتَرَقَتْ
خلفهمْ تطلبهمْ أيدي سبا
أيُّ ريحٍِ نسمتْ ناديتها
يا شمالُ، يا جنوبُ، يا صبا
هل لَدَيْكُمْ خَبَرٌ ممّا نَبا
قد لَقينا من نَواهمْ نَصَبا
أسنَدَتْ ريحُ الصَّبا أخبَارَها
عنْ نباتِ الشِّيحِ عنْ زهرِ الرُّبى
إنّ مَنْ أمرَضَهُ داءُ الهَوَى
فَلْيُعَلَّلْ بأحاديثِ الصِّبا
ثمَّ قالتْ: يا شمالُ خبِّري
مثلَ ما خبَّرتهُ أو أعجبا
ثمّ أنتِ يا جَنوبُ حدّثي
مثلَ ما حدثتهُ أو أعذبا
قالتْ: الشَّمالُ عندي فرجٌ
شاركتْ فيهِ الشمالُ الأزْيَبا
كلُّ سَوءٍ في هَوَاهُم حَسُنَا
وعذابٌ برضاهمْ عذبا
فإلى ما وعلى ما ولما
تشتكي البثَّ وتشكو الوصبا
وإذا ما وعدوكم ما ترى
برقَهُ إلاّ بريقاً خُلَّبا
رقمَ الغيمُ على ردنِ الغما
من سَنا البرْقِ طِرازاً مُذهَبا
فجَرتْ أدمعُها منها على
صَحنِ خدّيها، فأذكتْ لهَبا
وردةٌ نابتةٌ منْ أدمعٍ
نَرجِسٌ تُمطِرُ غَيثاً عَجَبا
ومتى رُمتَ جَناها أرسَلت
عطفَ صدغيها عليها عقربا
تشرقُ الشَّمسُ إذا ما ابتسمتْ،
رَبّ ما أنْوَرَ ذاكَ الحَبَبَا
يطلعُ اللَّيلُ، أذا ما أسدلتْ
فاحماً جَثْلاً أثيثاً غَيْهَبَا
يتجارى النَّحلُ مهما تفلتَ
رَبّ ما أعْذَبَ ذَاكَ الشّنَبَا
وإذا مالَتْ أرَتنا فَنَناً،
أو رَنَتْ سالَتْ من اللّحْظِ ظُبى
كم تُنَاغي بالنّقا من حاجرٍ
يا سليلَ العربيَّ العربا
أنا إلاّ عَرَبيٌّ، ولِذا
أعشقُ البِيضَ وأهوَى العَرَبا
لا أبالي شرَّقَ الوجدُ بنا
حيثُ ما كانتْ بهِ، أو غرَّبا
كلَّما قلتُ: ألا، قالوا: أما
وإذا ما قلتُ: هل؟ قالوا: أبى
ومتَى ما أنجَدُوا أو أتهَموا
أقطعُ البيدَ أحثُّ الطَّلبا
سامريُّ الوقتِ قلبي، كلَّما
أبصَرَ الآثارَ يبْغِي المذْهَبا
وإذا همْ شرَّقوا، أو غرَّبوا
كانَ ذو القرنينِ يقفو السَّببا
كمْ دعونا لوصالٍ رغباً
كمْ دعونا منْ فراقٍ رهبا
يا بني الزَّوراءِ هذا قمرٌ
عِندكم لاحَ، وعندي غَرَبا
حَرَبي، والله منْهُ حرَبي،
كمْ أنادي خلفهُ: وا حربا
لهفَ نفسي، لهفَ نفسي لفتىً
كلَّما غنَّى حمامٌ غيَّبا