الى س . .

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

الى س . .

​الى س . .​ المؤلف إبراهيم ناجي


جئتُ أشكو لكِ روحي وجواها
وردت ظمأى وعادت بصدَاها
آه من عينكِ! ماذا صنعتْ
بغريبٍ مستجيرٍ بحماها؟!
نبعته تقتفي أحلامَهُ
كلّما أغفى أطلَّت فرآها
يا سقى اللهُ "لِليلى" أيكةً
وجزاها الخيرَ عنّا ورعاهَا
وغذاها من أمانينا ومِن
حبنا الشهدَ المصفى وصقاهَا
قرِّبي عينكِ مني قرّبي!
ظلليني واغمريني بصفاهَا!
وأريني هدأة البحرِ إذا انـ
ـبسط البحرُ جلالاً وتناهَى
وأريني لجةَ السحرِ التي
ضلَّ في أعماقها الفكرُ وتاهَا
ألمحُ اللؤلؤ في أغوارها
وأرى الطيبةَ تطفو في سناهَا
وأراها تُخبِّئُ الخلدَ لمن
باع دنياه وبالروح اشتراهَا!
نحن أرواحٌ حيارى افترقتْ
ثم عادت فتلاقت في شجَاهَا
سوف ينسى القلبُ إلاَّ ساعةً
مِنْ رضاً في وكرِك الحاني قضاهَا
هتف القلب وقد حدثتني
أيَ ماضٍ كشفت لي شفتاهَا
هَمَسَتْ في خاطري فاستيقظتْ
روحيَ الحيْرى وأصغت لنداهَا
فأنا إنْ لَمْ أَكُنْ توأمَها
فكأني كنت في الغيبِ أخاها
نحن أرواحٌ حيارَى ثملتْ
وانتشتْ سكرى على لحنِ أساهَا
قرِّبي روحَكِ مني قرِّبي!
ظلليني واغمريني برضاهَا!
وتعاليْ حدّثيني! حدّثي!
انت مرآة شجوني وَصَدَاهَا
فهبيني ساعة الصفو التي
تقسمُ الأيامُ ما فيها سواها
ثم أمضي لحياةٍ مرَّةٍ
صبْحُها عندي سواءٌ ومَساهَا!