المغني - كتاب الفرائض

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

المغني موفق الدين أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي الحنبلي

(الجزء الثامن والعشرون – كتاب الفرائض) • كتاب الفرائض o مسألة: حجب الأخ والأخت بالابن وابن الابن وبالأب o مسألة: حجب الأخ والأخت لأم بالولد وولد الابن والابن والجد فصل: بيان الكلالة ومعناها o مسألة: تعصيب الأخوات للبنات o مسألة: وبنات الابن بمنزلة البنات إذا لم يكنّ بنات o مسألة: سقوط بنات الابن بالبنات إلا إذا عصبهن ذكر فصل: تعصيب ابن الابن لمن في درجته مثل أخواته وبنات عمه o مسألة: اجتماع بنات الابن مع بنت الصلب فصل: حكم بنات ابن الابن مع بنات الابن, حكم بنات الابن مع بنات الصلب o مسألة: الأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم فصل: بيان الذكور يعصبون أخواتهم مسألة: وللأم الثلث إذا لم يكن إلا أخ واحد أو أخت واحدة, ولم يكن له ولد ولا ولد ابن o مسألة: ليس للأب مع الولد الذكر, أو ولد الابن إلا السدس فصل: الجد كالأب مسألة: للزوج النصف, إذا لم يكن ولد o مسألة: ابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب o مسألة : حكم ما إذا كان زوج وأم وإخوة لأم وإخوة لأب وأم فصل: حكم ما إذا كان مكان ولد الأبوين عصبة من ولد الأب فصل: حكم ما إذا خلفت امرأة أما وابني عم أحدهما زوج والآخر أخ من أم وثلاثة إخوة مفترقين o مسألة: حكم ما إذا كان زوج وأم وإخوة وأخوات لأم وأخت لأب وأم وأخوات لأب فصل: المسائل التي خالف فيها ابن عباس الصحابة مسألة: حكم ما إذا كانا ابنا عم, أحدهما أخ لأم فصل: حكم ما إذا كان معهما أخ لأب فصل: حكم ما إذا كان ابنا عم أحدهما أخ من أم, وبنت أو بنت ابن فصل: خلاف ابن مسعود فصل: حكم ما إذا كان ابن ابن عم هو أخ لأم, وابن ابن عم آخر فصل: حكم ما إذا كان ابنا عم أحدهما زوج فصل: حكم ما إذا كان أخوان من أم أحدهما ابن عم فصل: ثلاثة إخوة لأم, أحدهم ابن عم وثلاثة بني عم أحدهم أخ لأم o باب أصول سهام الفرائض التي تعول مسألة: حكم ما فيه ربع وسدس أو ربع وثلث, أو ربع وثلثان مسألة: حكم ما كان فيه ثمن وسدس أو ثمن وسدسان أو ثمن وثلثان فصول: حكم ما إذا لم تنقسم سهام فريق من الورثة عليهم قسمة صحيحة فصل: حكم ما إن كان الكسر على فريقين فصل: حكم ما إن كان الكسر على ثلاثة أحياز فصل: معرفة الموافقة والمناسبة فصل: في مسائل المناسخات فصل: قسمة المسألة على قراريط الدينار فصل: في قسمة التركات فصل: حكم ما إذا كانت التركة سهاما من عقار مسألة: يرد على كل أهل الفرائض على قدر ميراثهم إلا الزوج والزوجة مسألة: حكم ما إذا كانت أخت لأب وأم وأخت لأب, وأخت لأم فصل: حكم ما إن كان معهم أحد الزوجين o باب الجدات مسألة: للجدة إذا لم تكن أم السدس مسألة: وكذلك إن كثرن, لم يزدن على السدس فرضا فصل: لا خلاف بين أهل العلم في توريث جدتين أم الأم وأم الأب مسألة: إن كان بعضهن أقرب من بعض كان الميراث لأقربهن فصل: حكم ما إذا اجتمعت جدة ذات قرابتين مع أخرى مسألة: الجدة ترث وابنها حي مسألة: الجدات المتحاذيات مسألة: الوارثون من الرجال ومن النساء فصل: وجميعهم ضربان: ذو فرض وعصبة o باب ميراث الجد فصل: كيفية توريث الإخوة مع الجد والاختلاف فيه مسألة: مذهب الإمام أحمد أن الجد يأخذ الأحظ من المقاسمة وثلث المال مسألة: حكم ما إذا كان مع الجد والإخوة والأخوات أصحاب فرائض مسألة: لا ينقص الجد أبدا من سدس جميع المال أو تسميته إذا زادت السهام مسألة: حكم ما إذا كان أخ لأب وأم, وأخ لأب فصل: حكم ما إذا كان أخ لأبوين وأختان لأب وجَدّ فصل: حكم ما إذا كان أخوان لأبوين وأخ لأب وجدّ مسألة: حكم ما إذا كان أخ وأخت لأب وأم أو لأب وجد مسألة: حكم ما إذا كانت أخت لأب وأم وأخت لأب وجد مسألة: حكم ما إذا كان مع التي من قبل الأب أخوها مسألة الأكدرية فصل: حكم ما إذا كان هناك زوجة وأم وأخت وجد فصل: زوجة وأخت وجد وجدة مسألة: حكم ما إذا كانت أم وأخت وجد فصل: أم أو جدة وأختان وجد مسألة: بنت وأخت وجد فصل: بنت وأخ وجد فصل: بنتان, أو أكثر أو بنت ابن وأخت وجد فصل: زوج وأخت وجد فصل: زوجة وبنت وأخت وجد o باب ذوي الأرحام مسألة: يورث ذوو الأرحام فيجعل من لم يسم له فريضة على منزلة من سميت له ممن هو نحوه فصل: إذا انفرد أحد من ذوى الأرحام, أخذ المال كله مسائل في هذا الباب مسألة: إذا كان وارث غير الزوج والزوجة أو مولى نعمة, فهو أحق بالمال من ذوى الأرحام الفصل الأول: الرد يقدم على ميراث ذوي الأرحام الفصل الثاني: المولى المعتق وعصباته أحق من ذوي الأرحام الفصل الثالث: في توريثهم مع الزوج والزوجة فصل: ولا يعول من مسائل ذوى الأرحام إلا مسألة واحدة مسألة: يورث الذكور والإناث من ذوى الأرحام بالسوية, إذا كان أبوهم واحدا وأمهم واحدة إلا الخال والخالة فصل: إذا كان معك أولاد بنات أو أخوات, قسمت المال بين أمهاتهم على عددهن مسائل في التنزيل فصل: بنت بنت وبنت بنت ابن مسألة: ابن أخت وبنت أخت أخرى مسألة: ثلاث بنات ثلاث أخوات مفترقات فصل: بنت أخ لأم وبنت ابن أخ لأب فصل: ابن وبنت أخت لأبوين وبنتا أخ لأب وثلاثة بني أخت لأب وخمسة بني أخت لأم وعشر بنات أخ لأم مسألة: ثلاث بنات عمومة مفترقين مسألة: ثلاث خالات مفترقات, وثلاث عمات مفترقات فصل: خالة وابن عمة فصل: خال وخالة وأبو أم فصل: عمة وابنة أخ فصل: في عمات الأبوين وأخوالهما وخالاتهما فصل: حكم ما إذا كان لذى الرحم قرابتان مسائل شتى: مسألة: ميراث الخنثى المشكل فصل: اختلاف من ورثه نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى في كيفية توريثهم فصل: حكم ما إن كان الخنثى يرث في حال دون حال فصل: حكم ما إذا خلف خنثيين فصاعدا فصل: شخصان ليس لهما في قبلهما مخرج: لا ذكر ولا فرج مسألة: ميراث ابن الملاعنة فصل: ابن ملاعنة مات وترك بنتا وبنت ابن ومولى أمه فصل: إن لم يترك ابن الملاعنة ذا سهم فصل: إذا قسم ميراث الملاعنة ثم أكذب الملاعن نفسه فصل: لو كان المنفي باللعان توأمين ولهما ابن آخر من الزوج لم ينفه فصل: قولهم: إن الأم عصبة ولدها, وإن عصبتها عصبته إنما هو في الميراث خاصة فصل: في ميراث ابن ابن الملاعنة إذا خلف أمه وأم أبيه فصل: ميراث ولد الزنى مسألة: العبد لا يرث ولا مال له, فيورث عنه فصل: ويرث الأسير الذي مع الكفار إذا علمت حياته فصل: المدبر وأم الولد كالقن فصل: حكم المكاتب مسألة: ميراث المبعض والميراث منه وحجبه فصل: ابن نصفه حر وابن ابن حر فصل: بنت نصفها حر مسألة: إذا مات وخلف ابنين, فأقر أحدهما بأخ أو أخت فصل: إن أقر جميع الورثة بوارث أو أقر به الميت ليثبت نسبه منه فصل: إذا خلف ابنا واحدا فأقر بأخ من أبيه فصل: معرفة الفضل فصل: إذا خلف ابنين فأقر الأكبر بأخوين, فصدقه الأصغر في أحدهما فصل: إذا خلف ابنا فأقر بأخوين دفعة واحدة فصل: لو خلف ثلاثة بنين, فأقر أحدهم بأخ وأخت فصدقه أحد أخويه في الأخ, والآخر في الأخت فصل: إذا خلف بنتا وأختا فأقرتا لصغيرة فصل: إذا خلف ابنا فأقر بأخ ثم جحده فصل: إذا مات رجل وخلف ابنين, فمات أحدهما وترك بنتا فأقر الباقي بأخ له من أبيه فصل: إذا أقر بعض الورثة ممن أعيلت له المسألة بمن يعصبه فصل: إن أقر وارث بمن لا يرث فصل: إقرار أحد الورثة بأن الموصى له أخو الميت مسألة: القاتل لا يرث المقتول عمدا كان القتل أو خطأ فصل: القتل المانع من الإرث هو القتل بغير حق فصل: أربعة إخوة قتل أكبرهم الثاني, ثم قتل الثالث الأصغر مسألة: لا يرث مسلم كافرا, ولا كافر مسلما إلا أن يكون معتقا فيأخذ ماله بالولاء فصل: الكفار يتوارثون, إذا كان دينهم واحدا فصل: قياس المذهب عند المصنف أن الملة الواحدة يتوارثون مسألة: المرتد لا يرث أحدا إلا أن يرجع قبل قسمة الميراث فصل: الزنديق كالمرتد فصل: إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول مسألة: من أسلم على ميراث قبل أن يقسم, قسم له فصل: من كان رقيقا حين موت موروثه, فأعتق قبل القسمة لم يرث مسألة: متى قتل المرتد على ردته, فماله فيء فصل: الزنديق كالمرتد لا يرث ولا يورث فصل: ارتداد الزوجين معا, كارتداد أحدهما في فسخ نكاحهما وعدم ميراث أحدهما من الآخر فصل: إذا لحق المرتد بدار الحرب وقف ماله فإن أسلم دفع إليه, وإن مات صار فيئا فصل: متى مات الذمى ولا وارث له, كان ماله فيئا فصل: الميراث بجميع القرابات إذا أمكن فصل: المسائل التي تجتمع فيها قرابتان يصح الإرث بهما فصل: حكم ما إن وطئ مسلم بعض محارمه بشبهة مسألة: إذا غرق المتوارثان أو ماتا تحت هدم فصل: حكم ما إن علم خروج روحهما معا في حال واحدة مسألة: من لم يرث لم يحجب فصل: من لا يرث لحجب غيره له, فإنه يحجب وإن لم يرث فصل: في ميراث الحمل فصل: لا يرث الحمل إلا بشرطين فصل: إن ولدت توأمين فاستهل أحدهما ولم يعلم بعينه فصل: إذا ولدت الحامل توأمين فسمع الاستهلال من أحدهما, ثم سمع مرة أخرى فلم يدر أهو من الأول أو من الثاني فصل: إذا ضرب بطن حامل فأسقطت فصل: دية المقتول موروثة عنه كسائر أمواله فصل: في ميراث المفقود فصل: ميراث الأسير فصل: استواء نكاح المرض والصحة في صحة العقد والميراث فصل: لا فرق في ميراث الزوجين بين ما قبل الدخول وبعده فصل: أما النكاح الفاسد, فلا يثبت به التوارث بين الزوجين o فصل في الطلاق فصل: لو صح من مرضه ذلك ثم مات بعده لم ترثه فصل: لو طلق امرأته ثلاثا في مرضه قبل الدخول بها فصل: لو طلق المدخول بها طلاقا رجعيا ثم مرض في عدتها, ومات بعد انقضائها فصل: إن طلقها ثلاثا في مرضه, فارتدت ثم أسلمت ثم مات في عدتها فصل: إذا طلق المسلم المريض زوجته الأمة والذمية طلاقا بائنا ثم أسلمت الذمية, وعتقت الأمة ثم مات في عدتهما فصل: إذا قال لامرأته في صحته: إذا مرضت فأنت طالق فصل: إن سألته الطلاق في مرضه فأجابها فصل: إن علق طلاقها في الصحة على شرط وجد في المرض فصل: إذا استكره الابن امرأة أبيه على ما ينفسخ به نكاحها, من وطء أو غيره في مرض أبيه فمات أبوه من مرضه ذلك فصل: إن فعلت المريضة ما يفسخ نكاحها فصل: إذا طلق المريض امرأته ثم نكح أخرى, ومات من مرضه في عدة المطلقة فصل: إذا قال الرجل لنسائه: إحداكن طالق يعني واحدة بعينها فصل: لو كان أربع نسوة, فطلق إحداهن غير معينة ثم نكح خامسة بعد انقضاء عدتها ثم مات ولم يبين o باب الاشتراك في الطهر مسألة: إذا ألحق باثنين, فمات وترك أمه حرة

كتاب الفرائض روى أبو داود, بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله -- قال: (( العلم ثلاثة, وما سوى ذلك فهو فضل آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة )) وعن أبي هريرة, أن النبي -- قال: (( تعلموا الفرائض وعلموه فإنه نصف العلم, وهو ينسى وهو أول شيء ينتزع من أمتي )) أخرجه ابن ماجه ويروى عن عبد الله أن النبي -- قال: (( تعلموا الفرائض, وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض, حتى يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما )) وروى سعيد عن جرير بن عبد الحميد, عن الأعمش عن إبراهيم قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا الفرائض فإنها من دينكم وعن جرير, عن عاصم الأحول عن مورق العجلي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلموا الفرائض, واللحن والسنة كما تعلمون القرآن وقال: حدثنا أبو الأحوص, أخبرنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: من تعلم القرآن فليتعلم الفرائض وروى جابر بن عبد الله, قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله -- بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع, قتل أبوهما معك في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما ولا ينكحان إلا ولهما مال قال: فنزلت آية الميراث, فأرسل رسول الله -- إلى عمهما فقال: (( أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن, وما بقي فهو لك )) رواه أحمد في " مسنده "

 مسألة: 

قال أبو القاسم -رحمه الله-: [ولا يرث أخ, ولا أخت لأب وأم أو لأب مع ابن ولا مع ابن ابن وإن سفل, ولا مع أب] أجمع أهل العلم على هذا بحمد الله وذكر ذلك ابن المنذر, وغيره والأصل في هذا قول الله تعالى: (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد )) الآية والمراد بذلك الإخوة والأخوات من الأبوين أو من الأب, بلا خلاف بين أهل العلم ولأنه قال: (( وهو يرثها إن لم يكن لها ولد )) وهذا حكم العصبة فاقتضت الآية أنهم لا يرثون مع الولد والوالد لأن الكلالة من لا ولد له ولا والد خرج من ذلك البنات, والأم لقيام الدليل على ميراثهم معهما بقي ما عداهما على ظاهره فيسقط ولد الأبوين, ذكرهم وأنثاهم بثلاثة بالابن وابن الابن وإن سفل وبالأب ويسقط ولد الأب بهؤلاء الثلاثة, وبالأخ من الأبوين لما روى عن على رضي الله عنه (( أن رسول الله -- قضى بالدين قبل الوصية )) ولأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه أخرجه الترمذي.

 مسألة: 

قال: [ولا يرث أخ ولا أخت لأم, مع ولد ذكرا كان الولد أو أنثى ولا مع ولد الابن, ولا مع أب ولا مع جد] وجملة ذلك أن ولد الأم, ذكرهم وأنثاهم يسقطون بأربعة بالولد وولد الابن, والأب والجد أب الأب وإن علا أجمع على هذا أهل العلم, فلا نعلم أحدا منهم خالف هذا إلا رواية شذت عن ابن عباس في أبوين, وأخوين لأم للأم الثلث وللأخوين الثلث, وقيل عنه: لهما ثلث الباقي وهذا بعيد جدا فإن ابن عباس يسقط الإخوة كلهم بالجد فكيف يورث ولد الأم مع الأب ولا خلاف بين أهل العلم في أن ولد الأم يسقطون بالجد, فكيف يرثون مع الأب والأصل في هذه الجملة قول الله تعالى: (( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث )) والمراد بهذه الآية الأخ والأخت من الأم بإجماع أهل العلم وفي قراءة سعد بن أبي وقاص: " وله أخ أو أخت من أم ", والكلالة في قول الجمهور: من ليس له ولد ولا والد فشرط في توريثهم عدم الولد والوالد, والولد يشمل الذكر والأنثى والوالد يشمل الأب والجد.

 فصل: 

اختلف أهل العلم في الكلالة فقيل: الكلالة اسم للورثة, ما عدا الوالدين والمولودين نص أحمد على هذا وروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: الكلالة من عدا الولد والوالد واحتج من ذهب إلى هذا بقول الفرزدق في بني أمية: ورثتم قناة المجد لا عن كلالة ** عن ابني مناف عبد شمس وهاشم واشتقاقه من الإكليل الذي يحيط بالرأس ولا يعلو عليه, فكأن الورثة ما عدا الولد والوالد قد أحاطوا بالميت من حوله لا من طرفيه أعلاه وأسفله كإحاطة الإكليل بالرأس فأما الوالد والولد فهما طرفا الرجل, فإذا ذهبا كان بقية النسب كلالة قال الشاعر: فكيف بأطرافي إذا ما شتمتني ** وما بعد شتم الوالدين صلوح وقالت طائفة: الكلالة اسم للميت نفسه الذي لا ولد له ولا والد يروى ذلك عن عمر وعلي, وابن مسعود وقيل: الكلالة قرابة الأم واحتجوا بقول الفرزدق الذي أنشدناه عني أنكم ورثتم الملك عن آبائكم لا عن أمهاتكم ويروى عن الزهري أنه قال: الميت الذي لا ولد له ولا والد كلالة, ويسمى وارثه كلالة والآيتان في سورة النساء والمراد بالكلالة فيهما الميت ولا خلاف في أن اسم الكلالة يقع على الإخوة من الجهات كلها وقد دل على صحة ذلك قول جابر: يا رسول الله كيف الميراث؟ إنما يرثني كلالة فجعل الوارث هو الكلالة, ولم يكن لجابر يومئذ ولد ولا والد وممن ذهب إلى أنه يشترط في الكلالة عدم الولد والوالد زيد وابن عباس وجابر بن زيد والحسن, وقتادة والنخعي وأهل المدينة والبصرة والكوفة ويروى عن ابن عباس أنه قال: الكلالة من لا ولد له ويروى ذلك عن عمر والصحيح عنهما كقول الجماعة.

مسألة: قال: [والأخوات مع البنات عصبة, لهن ما فضل وليست لهن معهن فريضة مسماة] العصبة هو الوارث بغير تقدير وإذا كان معه ذو فرض أخذ ما فضل عنه, قل أو كثر وإن انفرد أخذ الكل وإن استغرقت الفروض المال سقط والمراد بالأخوات ها هنا الأخوات من الأبوين أو من الأب لأنه قد ذكر أن ولد الأم لا ميراث لهم مع الولد, وهذا قول عامة أهل العلم يروى ذلك عن عمر وعلي, وزيد وابن مسعود ومعاذ, وعائشة رضي الله عنهم وإليه ذهب عامة الفقهاء إلا ابن عباس ومن تابعه فإنه يروى عنه أنه كان لا يجعل الأخوات مع البنات عصبة, فقال في بنت وأخت: للبنت النصف ولا شيء للأخت فقيل له: إن عمر قضى بخلاف ذلك جعل للأخت النصف فقال ابن عباس: أنتم أعلم أم الله؟ يريد قول الله سبحانه: (( إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك )) فإنما جعل لها الميراث بشرط عدم الولد والحق فيما ذهب إليه الجمهور, فإن ابن مسعود قال في بنت وبنت ابن وأخت: لأقضين فيها بقضاء رسول الله -- للبنت النصف, ولبنت الابن السدس وما بقي فللأخت رواه البخاري وغيره واحتجاج ابن عباس لا يدل على ما ذهب إليه, بل يدل على أن الأخت لا يفرض لها النصف مع الولد ونحن نقول به فإن ما تأخذ مع البنت ليس بفرض, وإنما هو بالتعصيب كميراث الأخ وقد وافق ابن عباس على ثبوت ميراث الأخ مع الولد مع قول الله تعالى: (( وهو يرثها إن لم يكن لها ولد )) وعلى قياس قوله ينبغي أن يسقط الأخ لاشتراطه في توريثه منها عدم ولدها وهو خلاف الإجماع, ثم إن النبي -- وهو المبين لكلام الله تعالى قد جعل للأخت مع البنت وبنت الابن الباقي عن فرضهما وهو الثلث, ولو كانت ابنتان وبنت ابن لسقطت بنت الابن وكان للأخت الباقي, وهو الثلث فإن كان معهم أم فلها السدس ويبقى للأخت السدس فإن كان بدل الأم زوج فالمسألة من اثني عشر, للزوج الربع وللابنتين الثلثان وبقي للأخت نصف السدس فإن كان معهم أم, عالت المسألة وسقطت الأخت.

مسألة: قال: [وبنات الابن بمنزلة البنات إذا لم يكن بنات] أجمع أهل العلم على أن بنات الابن بمنزلة البنات عند عدمهن في إرثهن, وحجبهن لمن يحجبه البنات وفي جعل الأخوات معهن عصبات وفي أنهن إذا استكملن الثلثين سقط من أسفل منهن بنات الابن, وغير ذلك والأصل في ذلك قول الله عز وجل: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك )) وولد البنين أولاد قال الله تعالى: (( يا بني آدم )) يخاطب بذلك أمة محمد -- وقال: (( يا بني إسرائيل )) يخاطب بذلك من في عصر النبي -- منهم وقال الشاعر: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ** بنوهن أبناء الرجال الأباعد

 مسألة: 

قال: [فإن كن بنات وبنات ابن فللبنات الثلثان وليس لبنات الابن شيء, إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين] أجمع أهل العلم على أن فرض الابنتين الثلثان إلا رواية شاذة عن ابن عباس, أن فرضهما النصف لقول الله تعالى: (( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك )) فمفهومه أن ما دون الثلاث ليس لهما الثلثان والصحيح قول الجماعة فإن النبي -- قال لأخى سعد بن الربيع: " أعط ابنتي سعد الثلثين " وقال الله تعالى في الأخوات: (( فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك )) وهذا تنبيه على أن للبنتين الثلثين لأنهما أقرب ولأن كل من يرث الواحد منهم النصف فللاثنتين منهم الثلثان, كالأخوات من الأبوين والأخوات من الأب وكل عدد يختلف فرض واحدهم وجماعتهم فللاثنين منهم مثل فرض الجماعة, كولد الأم والأخوات من الأبوين أو من الأب, فأما الثلاث من البنات فما زاد فلا خلاف في أن فرضهن الثلثان وأنه ثابت بقول الله تعالى: (( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك )) واختلف فيما ثبت به فرض الابنتين, فقيل: ثبت بهذه الآية والتقدير فإن كن نساء اثنتين, وفوق صلة كقوله: (( فاضربوا فوق الأعناق )) أي اضربوا الأعناق وقد دل على هذا أن النبي -- حين نزلت هذه الآية أرسل إلى أخي سعد بن الربيع: " أعط ابنتي سعد الثلثين " وهذا من النبي -- تفسير للآية, وبيان لمعناها واللفظ إذا فسر كان الحكم ثابتا بالمفسر لا بالتفسير ويدل على ذلك أيضا أن سبب نزول الآية قصة بنتي سعد بن الربيع وسؤال أمهما عن شأنهما في ميراث أبيهما وقيل: بل ثبت بهذه السنة الثابتة وقيل: بل ثبت بالتنبيه الذي ذكرناه وقيل: بل ثبت بالإجماع وقيل: بالقياس وفي الجملة فهذا حكم قد أجمع عليه, وتواردت عليه الأدلة التي ذكرناها كلها فلا يضرنا أيها أثبته وأجمع أهل العلم على أن بنات الصلب متى استكملن الثلثين سقط بنات الابن, ما لم يكن بإزائهن أو أسفل منهن ذكر يعصبهن وذلك لأن الله تعالى لم يفرض للأولاد إذا كانوا نساء إلا الثلثين قليلات كن أو كثيرات, وهؤلاء لم يخرجن عن كونهن نساء من الأولاد وقد ذهب الثلثان لولد الصلب فلم يبق لهن شيء, ولا يمكن أن يشاركن بنات الصلب لأنهن دون درجتهن فإن كان مع بنات الابن ابن في درجتهن كأخيهن, أو ابن عمهن أو أنزل منهن كابن أخيهن أو ابن ابن عمهن, أو ابن ابن ابن عمهن عصبهن في الباقي فجعل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا قول عامة العلماء يروى ذلك عن علي, وزيد وعائشة رضي الله عنهم وبه قال مالك والثوري, والشافعي رضي الله عنهم وإسحاق وأصحاب الرأي وبه قال سائر الفقهاء إلا ابن مسعود ومن تبعه فإنه خالف الصحابة في ست مسائل من الفرائض هذه إحداهن, فجعل الباقي للذكر دون أخواته وهو قول أبي ثور لأن النساء من الأولاد لا يرثن أكثر من الثلثين بدليل ما لو انفردن وتوريثهن ها هنا يفضي إلى توريثهن أكثر من ذلك ولنا قول الله تعالى: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) وهؤلاء يدخلون في عموم هذا اللفظ بدليل تناوله لهم لو لم يكن بنات وعدم البنات لا يوجب لهم هذا الاسم ولأن كل ذكر وأنثى يقتسمون المال إذا لم يكن معهم ذو فرض, يجب أن يقتسما الفاضل عنه كأولاد الصلب والإخوة مع الأخوات وما ذكروه فهو في الاستحقاق للفرض فأما في مسألتنا فإنما يستحقون بالتعصيب, فكان معتبرا بأولاد الصلب والإخوة والأخوات ثم ويبطل ما ذكروه بما إذا خلف ابنا وست بنات, فإنهن يأخذن ثلاثة أرباع المال وإن كن ثمانيا أخذن أربعة أخماسه وإن كن عشرا أخذن خمسة أسداسه وكلما زدن في العدد, زاد استحقاقهن.

 فصل: 

وابن ابن الابن يعصب من في درجته من أخواته وبنات عمه وبنات ابن عم أبيه, على كل حال ويعصب من هو أعلى منه من عماته وبنات عم أبيه ومن فوقهن بشرط أن لا يكن ذوات فرض, ويسقط من هو أنزل منه كبناته وبنات أخيه, وبنات ابن عمه فلو خلف الميت خمس بنات ابن بعضهن أنزل من بعض لا ذكر معهن وعصبة, كان للعليا النصف وللثانية السدس وسقط سائرهن, والباقي للعصبة فإن كان مع العليا أخوها أو ابن عمها فالمال بينهما على ثلاثة, وسقط سائرهن فإن كان مع الثانية عصبها وكان للعليا النصف والباقي بينه وبين الثانية على ثلاثة وإن كان مع الثالثة, فللعليا النصف وللثانية السدس والباقي بينه وبين الثالثة على ثلاثة وإن كان مع الرابعة فللعليا النصف, وللثانية السدس والباقي بينه وبين الثالثة والرابعة على أربعة وإن كان مع الخامسة فالباقي بعد فرض الأولى والثانية, بينه وبين الثالثة والرابعة والخامسة على خمسة وتصح من ثلاثين وإن كان أنزل من الخامسة فكذلك ولا أعلم في هذا خلافا بين القائلين بتوريث بنات الابن مع بني الابن بعد استكمال الثلثين.

 مسألة: 

قال: [فإن كانت ابنة واحدة وبنات ابن, فلابنة الصلب النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين, إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين] في هذه المسألة ثلاثة أحكام أحدها أن للبنت الواحدة النصف, ولا خلاف في هذا بين علماء المسلمين لقول الله تعالى: (( وإن كانت واحدة فلها النصف )) ولأن النبي -- قضى في بنت وبنت ابن وأخت أن للبنت النصف ولبنت الابن السدس, وما بقي فللأخت الثاني أنه إذا كان مع البنت الواحدة بنت ابن أو بنات ابن, فللبنت النصف ولبنات الابن واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين وهذا أيضا مجمع عليه بين العلماء والأصل فيه قول الله تعالى: (( فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف )) ففرض للبنات كلهن الثلثين وبنات الصلب, وبنات الابن كلهن نساء من الأولاد فكان لهن الثلثان بفرض الكتاب لا يزدن عليه واختصت بنت الصلب بالنصف لأنه مفروض لها, والاسم متناول لها حقيقة فيبقى للبقية تمام الثلثين ولهذا قال الفقهاء: لهن السدس تكملة الثلثين وقد روى هذيل بن شرحبيل الأودى قال: (( سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن, وأخت فقال: للبنت النصف وما بقي فللأخت فأتى ابن مسعود, وأخبره بقول أبي موسى فقال: (( لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين )) ولكن أقضى فيها بقضاء رسول الله -- لابنه النصف ولابنة الابن السدس, تكملة الثلثين وما بقي فللأخت فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود, فقال: لا تسألوني عن شيء ما دام الحبر فيكم )) متفق عليه بنحو من هذا المعنى الحكم الثالث إذا كان مع بنات الابن ذكر في درجتهن فإنه يعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين, في قول جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم إلا ابن مسعود في من تابعه فإنه خالف الصحابة فيها وهذه المسألة الثانية التي انفرد فيها عن الصحابة, فقال: لبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس فإن كان السدس أقل مما يحصل لهن بالمقاسمة فرضه لهن, وأعطى الباقي للذكر وإن كان الحاصل لهن بالمقاسمة أقل قاسم بهن وبني ذلك على أصله في أن بنت الابن لا يعصبها أخوها إذا استكمل البنات الثلثين, إلا أنه ناقص في المقاسمة إذا كان أضر بهن وكان ينبغي أن يعطيهن السدس على كل حال ولنا قول الله تعالى: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) ولأنه يقاسمها لو لم يكن غيرهما, فقاسمها مع بنت الصلب كما لو كانت المقاسمة أضر بهن وأصله الذي بني عليه فاسد كما قدمنا.

 فصل: 

وحكم بنات ابن الابن مع بنات الابن, حكم بنات الابن مع بنات الصلب في جميع ما ذكرنا في هاتين المسألتين وفي أنه متى استكمل من فوق السفلى الثلثين, سقطت إذا لم يكن لها من يعصبها سواء كمل الثلثان لمن في درجة واحدة أو للعليا, أو التي تليها وكذلك كل من نزلت درجته مع من هو أعلى منه وقد مثلنا ذلك في المسألة التي ذكرنا في أخر المسألة التي قبل هذه.

 مسألة: 

قال: [والأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم إذا لم يكن أخوات لأب وأم فإن كان أخوات لأب وأم, وأخوات لأب فللأخوات من الأب والأم الثلثان وليس للأخوات من الأب شيء, إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كانت أخت واحدة لأب وأم وأخوات لأب, فللأخت للأب والأم النصف وللأخوات من الأب واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين, إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين] وهذه الجملة كلها مجمع عليها بين علماء الأمصار إلا ما كان من خلاف ابن مسعود ومن تبعه, لسائر الصحابة والفقهاء في ولد الأب إذا استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين فإنه جعل الباقي للذكر من ولد الأب دون الإناث فإن كانت أخت واحدة من أبوين وإخوة وأخوات من أب, جعل للإناث من ولد الأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس وجعل الباقي للذكور كفعله في ولد الابن مع البنات على ما مر تفصيله وشرحه, وقد سبق ذكر حجته وجوابها بما يغني عن إعادته فأما فرض الثلثين للأختين فصاعدا والنصف للواحدة المفردة, فثابت بقول الله تعالى: (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك )) والمراد بهذه الآية ولد الأبوين وولد الأب بإجماع أهل العلم وروى جابر قال: قلت: يا رسول الله, كيف أصنع في مالى ولى أخوات؟ قال: فنزلت آية الميراث: (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك )) رواه أبو داود وروى أن جابرا اشتكى وعنده سبع أخوات فقال النبي -- (( قد أنزل الله في أخواتك )) فبين لهن الثلثين وما زاد على الأختين في حكمهما لأنه إذا كان للأختين الثلثان فالثلاث أختان فصاعدا وأما سقوط الأخوات من الأب, باستكمال ولد الأبوين الثلثين فلأن الله تعالى إنما فرض للأخوات الثلثين فإذا أخذه ولد الأبوين لم يبق مما فرضه الله تعالى للأخوات شيء يستحقه ولد الأب, فإن كانت واحدة من الأبوين فلها النصف بنص الكتاب وبقي من الثلثين المفروضة للأخوات سدس, يكمل به الثلثان فيكون للأخوات للأب ولذلك قال الفقهاء: لهن السدس تكملة الثلثين فإن كان ولد الأب ذكورا وإناثا, فالباقي بينهم لقول الله تعالى: (( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين )) ولا يفارق ولد الأب مع ولد الأبوين ولد الابن مع ولد الصلب إلا في أن بنت الابن يعصبها ابن أخيها ومن هو أنزل منها والأخت من الأب لا يعصبها إلا أخوها, فلو استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين وثم أخوات من أب وابن أخ لهن لم يكن للأخوات للأب شيء, وكان الباقي لابن الأخ لأن ابن الابن وإن نزل ابن وابن الأخ ليس بأخ.

 فصل: 

أربعة من الذكور يعصبون أخواتهم فيمنعونهن الفرض, ويقتسمون ما ورثوا للذكر مثل حظ الأنثيين وهم الابن وابن الابن وإن نزل, والأخ من الأبوين والأخ من الأب وسائر العصبات ينفرد الذكور بالميراث دون الإناث وهم بنو الأخ والأعمام, وبنوهم وذلك لقول الله تعالى: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) فهذه الآية تناولت الأولاد وأولاد الابن وقال تعالى (( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين )) فتناولت ولد الأبوين وولد الأب وإنما اشتركوا لأن الرجال والنساء كلهم وراث, فلو فرض للنساء فرض أفضى إلى تفضيل الأنثى على الذكر أو مساواتها إياه أو إسقاطه بالكلية, فكانت المقاسمة أعدل وأولى وسائر العصبات ليس أخواتهم من أهل الميراث فإنهن لسن بذوات فرض ولا يرثن منفردات, فلا يرثن مع إخوتهن شيئا وهذا لا خلاف فيه بحمد الله ومنته.

 مسألة: 

قال: [وللأم الثلث إذا لم يكن إلا أخ واحد أو أخت واحدة, ولم يكن له ولد ولا ولد ابن فإن كان له ولد أو أخوان, أو أختان فليس لها إلا السدس] وجملة ذلك أن للأم ثلاثة أحوال: حال ترث فيها الثلث بشرطين أحدهما عدم الولد, وولد الابن من الذكور والإناث والثاني عدم الابنين فصاعدا من الإخوة والأخوات من أي الجهات كانوا, ذكورا وإناثا أو ذكورا أو إناثا فلها في هذه الحال الثلث بلا خلاف نعلمه بين أهل العلم الحال الثاني, لها السدس إذا لم يجتمع الشرطان بل كان للميت ولد, أو ولد ابن أو اثنان من الإخوة والأخوات في قول جمهور الفقهاء وقال ابن عباس: لا يحجب الأم عن الثلث إلى السدس من الإخوة والأخوات إلا ثلاثة وحكى ذلك عن معاذ لأن الله تعالى قال: (( فإن كان له إخوة فلأمه السدس )) وأقل الجمع ثلاثة وروى أن ابن عباس قال لعثمان رضي الله عنه: ليس الأخوان إخوة في لسان قومك فلم تحجب بهما الأم؟ فقال: لا أستطيع أن أرد شيئا كان قبلي, ومضى في البلدان وتوارث الناس به ولنا قول عثمان هذا, فإنه يدل على أنه إجماع تم قبل مخالفة ابن عباس ولأن كل حجب تعلق بعدد كان أوله اثنين كحجب البنات بنات الابن والأخوات من الأبوين الأخوات من الأب, والإخوة تستعمل في الاثنين قال الله تعالى: (( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين )) وهذا الحكم ثابت في أخ وأخت ومن أهل اللغة من يجعل الاثنين جمعا حقيقة ومنهم من يستعمله مجازا, فيصرف إليه بالدليل ولا فرق في حجبها بين الذكر والأنثى لقوله تعالى: (( إخوة )) وهذا يقع على الجميع بدليل قوله: (( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء )) ففسرهم بالرجال والنساء الحال الثالث إذا كان زوج وأبوان أو امرأة وأبوان, فللأم ثلث الباقي بعد فرض الزوجين وهذه يأتى ذكرها -إن شاء الله تعالى-.

 مسألة: 

قال: وليس للأب مع الولد الذكر, أو ولد الابن إلا السدس فإن كن بنات كان له ما فضل يعني, والله أعلم كان له ما فضل بعد أن يفرض له السدس فيكون له ثلاثة أحوال حال يرث فيها بالفرض, وهي مع الابن أو ابن الابن وإن سفل فليس له إلا السدس والباقي للابن ومن معه لا نعلم في هذا خلافا وذلك لقول الله تعالى: (( ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد )) الحال الثانية يرث فيها بالتعصيب المجرد, وهي مع غير الولد فيأخذ المال إن انفرد وإن كان معه ذو فرض غير الولد كزوج, أو أم أو جدة فلذى الفرض فرضه, وباقى المال له لقول الله تعالى: (( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث )) فأضاف الميراث إليهما ثم جعل للأم الثلث فكان الباقي للأب, ثم قال: (( فإن كان له إخوة فلأمه السدس )) فجعل للأم مع الإخوة السدس ولم يقطع إضافة الميراث إلى الأبوين ولا ذكر للإخوة ميراثا, فكان الباقي كله للأب الحال الثالثة يجتمع له الأمران الفرض والتعصيب وهي مع إناث الولد, أو ولد الابن فله السدس لقوله تعالى: (( لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد )) ولهذا كان للأب السدس مع البنت بالإجماع ثم يأخذ ما بقي بالتعصيب لما روى ابن عباس, قال: قال رسول الله -- (( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر )) متفق عليه والأب أولى رجل بعد الابن وابنه وأجمع أهل العلم على هذا كله فليس فيه بحمد الله اختلاف نعلمه.

 فصل: 

والجد كالأب في أحواله الثلاث, وله حال رابع مع الإخوة يذكر في بابه ويسقط بالأب لأنه يدلى به فيسقط به, كالإخوة وكذلك كل جد يسقط بابنه لكونه يدلى به وينقص الجد عن رتبة الأب في زوج وأبوين أو امرأة وأبوين, فيفرض للأم فيهما ثلث جميع المال وباقيه للجد بخلاف الأب.

 مسألة 

قال: [وللزوج النصف, إذا لم يكن ولد فإن كان لها ولد فله الربع, وللمرأة الربع واحدة كانت أو أربعا إذا لم يكن ولد فإن كان له ولد فلهن الثمن] وجملة ذلك أن الزوج والزوجة ذو فرض, لا يرثان بغيره وفرض الزوج النصف مع عدم ولد الميتة وولد ابنها والربع مع الولد أو ولد الابن وفرض الزوجة والزوجات الربع مع عدم ولد الزوج وولد ابنه والثمن مع الولد أو ولد الابن الواحد والأربع سواء بإجماع أهل العلم والأصل فيه قول الله تعالى: (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين )) وإنما جعل للجماعة مثل ما للواحدة لأنه لو جعل لكل واحدة الربع, وهن أربع لأخذن جميع المال وزاد فرضهن على فرض الزوج ومثل هذا في الجدات للجماعة مثل ما للواحدة لأن الجدات لو أخذت كل واحدة منهن السدس, لأخذن النصف فزدن على ميراث الجد فأما سائر أصحاب الفروض كالبنات, وبنات الابن والأخوات المفترقات كلهن فإن لكل جماعة منهن مثل ما للاثنتين, على ما ذكر في موضعه وزدن على فرض الواحدة لأن الذكر الذي يرث في درجتهن لا فرض له إلا ولد الأم, فإن ذكرهم وأنثاهم سواء لأنهم يرثون بالرحم وقرابة الأم المجردة.

 مسألة: 

قال: وابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب وابن الأخ للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم وابن الأخ وإن سفل إذا كان لأب أولى من العم وابن العم للأب أولى من ابن ابن العم للأب والأم وابن العم وإن سفل أولى من عم الأب هذا في ميراث العصبة وهم الذكور من ولد الميت, وآبائه وأولادهم وليس ميراثهم مقدرا, بل يأخذون المال كله إذا لم يكن معهم ذو فرض فإن كان معهم ذو فرض لا يسقط بهم أخذوا الفاضل عن ميراثه كله وأولاهم بالميراث أقربهم, ويسقط به من بعد لقول النبي --: (( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر )) وأقربهم البنون ثم بنوهم وإن سفلوا, يسقط قريبهم بعيدهم ثم الأب ثم آباؤه وإن علوا, الأقرب منهم فالأقرب ثم بنو الأب وهم الإخوة للأبوين أو للأب ثم بنوهم وإن سفلوا, الأقرب منهم فالأقرب ويسقط البعيد بالقريب سواء كان القريب من ولد الأبوين أو من ولد الأب وحده فإن اجتمعوا في درجة واحدة فولد الأبوين أولى لقوة قرابته بالأم, فلهذا قال: ابن الأخ للأب والأم أولى من ابن الأخ للأب لأنهما في درجة واحدة وابن الأخ للأب أولى من ابن ابن الأخ للأب والأم لأن ابن الأخ للأب أعلى درجة من ابن ابن الأخ للأب والأم وعلى هذا أبدا ومهما بقي من بني الأخ أحد, وإن سفل فهو أولى من العم لأنه من ولد الأب والعم من ولد الجد فإذا انقرض الإخوة وبنوهم, فالميراث للأعمام ثم بنيهم على هذا النسق إن استوت درجتهم قدم من هو لأبوين, فإن اختلفت قدم الأعلى وإن كان لأب ومهما بقي منهم أحد وإن سفل, فهو أولى من عم الأب لأن الأعمام من ولد الجد وأعمام الأب من ولد أب الجد فإذا انقرضوا, فالميراث لأعمام الأب على هذا النسق ثم لأعمام الجد ثم بنيهم, وعلى هذا أبدا لا يرث بنو أب أعلى مع بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم لما مر في الحديث, وهذا كله مجمع عليه بحمد الله ومنه. قال:

 مسألة 

[وإذا كان زوج وأم وإخوة من أم وإخوة لأب وأم فللزوج النصف, وللأم السدس وللأخوة من الأم الثلث وسقط الإخوة من الأب والأم] هذه المسألة تسمى المشركة, وكذلك كل مسألة اجتمع فيها زوج وأم أو جدة واثنان فصاعدا من ولد الأم وعصبة من ولد الأبوين وإنما سميت المشركة لأن بعض أهل العلم شرك فيها بين ولد الأبوين وولد الأم في فرض ولد الأم فقسمه بينهم بالسوية وتسمى الحمارية لأنه يروى أن عمر رضي الله عنه أسقط ولد الأبوين, فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارا أليست أمنا واحدة؟ فشرك بينهم ويقال: إن بعض الصحابة قال ذلك فسميت الحمارية لذلك واختلف أهل العلم فيها قديما وحديثا فذهب أحمد رضي الله عنه فيها إلى أن للزوج النصف وللأم السدس, وللإخوة من الأم الثلث وسقط الإخوة من الأبوين لأنهم عصبة وقد تم المال بالفروض ويروى هذا القول عن على وابن مسعود وأبي بن كعب, وابن عباس وأبي موسى رضي الله عنهم وبه قال الشعبي والعنبري, وشريك وأبو حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم ويحيى بن آدم, ونعيم بن حماد وأبو ثور وابن المنذر وروى عن عمر, وعثمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم, أنهم شركوا بين ولد الأبوين وولد الأم في الثلث فقسموه بينهم بالسوية للذكر مثل حظ الأنثيين وبه قال مالك, والشافعي رضي الله عنهما وإسحاق لأنهم ساووا ولد الأم في القرابة التي يرثون بها فوجب أن يساووهم في الميراث فإنهم جميعا من ولد الأم, وقرابتهم من جهة الأب إن لم تزدهم قربا واستحقاقا فلا ينبغي أن تسقطهم ولهذا قال بعض الصحابة وبعض ولد الأبوين لعمر وقد أسقطهم: هب أن أباهم كان حمارا فما زادهم ذلك إلا قربا فشرك بينهم وحرر بعض أصحاب الشافعي فيها قياسا فقال: فريضته جمعت ولد الأب والأم وولد الأم, وهم من أهل الميراث فإذا ورث ولد الأم وجب أن يرث ولد الأب والأم كما لو لم يكن فيها زوج ولنا, قول الله تعالى: (( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث )) ولا خلاف في أن المراد بهذه الآية ولد الأم على الخصوص فمن شرك بينهم فلم يعط كل واحد منهما السدس فهو مخالفة لظاهر القرآن, ويلزم منه مخالفة ظاهر الآية الأخرى وهي قوله: (( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين )) يراد بهذه الآية سائر الإخوة والأخوات وهم يسوون بين ذكرهم وأنثاهم وقال النبي --: (( ألحقوا الفرائض, بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر )) ومن شرك فلم يلحق الفرائض بأهلها ومن جهة المعنى أن ولد الأبوين عصبة لا فرض لهم, وقد تم المال بالفروض فوجب أن يسقطوا كما لو كان مكان ولد الأم ابنتان وقد انعقد الإجماع على أنه لو كان في هذه المسألة واحد من ولد الأم, ومائة من ولد الأبوين لكان للواحد السدس وللمائة السدس الباقي, لكل واحد عشر عشره وإذا جاز أن يفضلهم الواحد هذا الفضل كله لم لا يجوز لاثنين إسقاطهم؟ وقولهم: تساووا في قرابة الأم قلنا: فلم لم يساووهم في الميراث في هذه المسألة؟ وعلى أنا نقول: إن ساووهم في قرابة الأم فقد فارقوهم في كونهم عصبة من غير ذوى الفروض وهذا الذي افترقوا فيه هو المقتضى لتقديم ولد الأم, وتأخير ولد الأبوين فإن الشرع ورد بتقديم ذوى الفروض وتأخير العصبة ولذلك يقدم ولد الأم على ولد الأبوين في القدر في المسألة المذكورة وشبهها, فكذلك يقدم وإن سقط ولد الأبوين كغيره ويلزمهم أن يقولوا في زوج وأخت من أبوين وأخت من أب معها أخوها إن الأخ يسقط وحده, فترث أخته السبع لأن قرابتها مع وجوده كقرابتها مع عدمه وهو لم يحجبها فهلا عدوه حمارا, وورثوها مع وجوده كميراثها مع عدمه؟ وما ذكروه من القياس طردى لا معنى تحته قال العنبرى: القياس ما قال على والاستحسان ما قال عمر قال الخبري: وهذه وساطة مليحة, وعبارة صحيحة وهو كما قال إلا أن الاستحسان المجرد ليس بحجة في الشرع, فإنه وضع للشرع بالرأي من غير دليل ولا يجوز الحكم به لو انفرد عن المعارض فكيف وهو في مسألتنا يخالف ظاهر القرآن والسنة والقياس ومن العجب ذهاب الشافعي إليه ها هنا, مع تخطئته الذاهبين إليه في غير هذا الموضع وقوله: من استحسن فقد شرع وموافقته الكتاب والسنة أولى.

 فصل: 

ولو كان مكان ولد الأبوين عصبة من ولد الأب سقط قولا واحدا, ولم يورثهم أحد من أهل العلم فيما علمنا لأنهم لم يساووا ولد الأم في قرابة الأم ولو كان مكانهم أخوات من أبوين أو من أب فرض لهن الثلثان وعالت المسألة إلى عشرة, في قول الجميع إلا في قول ابن عباس ومن تابعه ممن لا يرى العول, فإنهم يردون النقص على الأخوات غير ولد الأم فمقتضى قوله سقوط الأخوات من ولد الأبوين كما لو كانوا إخوة, وسنبين أن الصواب خلاف ذلك -إن شاء الله تعالى-.

 فصل: 

إذا قيل امرأة خلفت أما وابني عم أحدهما زوج والآخر أخ من أم وثلاثة إخوة مفترقين, فقل: هذه المشركة للزوج النصف وللأم السدس, وللأخوين من الأم الثلث وسقط الأخوات من الأبوين والأب ومن شرك جعل للأخ من الأبوين التسع ولكل واحد من الأخوين من الأم تسعا.

 مسألة: 

قال: [وإذا كان زوج وأم وإخوة وأخوات لأم وأخت لأب وأم وأخوات لأب, فللزوج النصف وللأم السدس وللإخوة وللأخوات من الأم الثلث بينهم بالتسوية, وللأخت من الأب والأم النصف وللأخوات من الأب السدس] أما التسوية بين ولد الأم فلا نعلم فيه خلافا, إلا رواية شذت عن ابن عباس أنه فضل الذكر على الأنثى لقول الله تعالى: (( فهم شركاء في الثلث )) وقال في آية أخرى: (( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين )) ولنا قول الله تعالى: (( وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس )) فسوى بين الذكر والأنثى, وقوله: (( فهم شركاء في الثلث )) من غير تفضيل لبعضهم على بعض يقتضي التسوية بينهم كما لو وصى لهم بشيء أو أقر لهم به وأما الآية الأخرى, فالمراد بها ولد الأبوين وولد الأب بدليل أنه جعل للواحدة النصف وللاثنتين الثلثين, وجعل الأخ يرث أخته الكل ثم هذا مجمع عليه فلا عبرة بقول شاذ وتوريث ولد الأم ها هنا الثلث والأم السدس والزوج النصف تسمية لا خلاف فيها أيضا وقد اجتمع في هذه المسألة فروض يضيق المال عنها, فإن النصف للزوج والنصف للأخت من الأبوين يكمل المال بهما, ويزيد ثلث ولد الأم وسدس الأم وسدس الأخت من الأب, فتعول المسألة بثلثيها وأصلها من ستة أسهم فتعول إلى عشرة, وتسمى أم الفروخ لكثرة عولها شبهوا أصلها بالأم وعولها بفروخها, وليس في الفرائض مسألة تعول بثلثيها سوى هذه وشبهها ولا بد في أم الفروخ من زوج واثنين فصاعدا من ولد الأم, وأم أو جدة واثنين من ولد الأبوين أو الأب, أو إحداهما من ولد الأبوين والأخرى من ولد الأب فمتى اجتمع فيها هذا, عالت إلى عشرة ومعنى العول أن تزدحم فروض لا يتسع المال لها كهذه المسألة, فيدخل النقص عليهم كلهم ويقسم المال بينهم على قدر فروضهم كما يقسم مال المفلس بين غرمائه بالحصص لضيق ماله عن وفائهم, ومال الميت بين أرباب الديون إذا لم يف لها والثلث بين أرباب الوصايا إذا عجز عنها وهذا قول عامة الصحابة ومن تبعهم من العلماء رضي الله عنهم, يروى ذلك عن عمر وعلى والعباس, وابن مسعود وزيد وبه قال مالك في أهل المدينة والثوري, وأهل العراق والشافعي وأصحابه, وإسحاق ونعيم بن حماد وأبو ثور, وسائر أهل العلم إلا ابن عباس وطائفة شذت يقل عددها نقل ذلك عن محمد بن الحنفية, ومحمد بن على بن الحسين وعطاء وداود, فإنهم قالوا: لا تعول المسائل روى عن ابن عباس أنه قال في زوج, وأخت وأم: من شاء باهلته أن المسائل لا تعول إن الذي أحصى رمل عالج عددا أعدل من أن يجعل في مال نصفا, ونصفا وثلثا هذان نصفان ذهبا بالمال, فأين موضع الثلث؟ فسميت هذه المسألة مسألة المباهلة لذلك وهي أول مسألة عائلة حدثت في زمن عمر رضي الله عنه فجمع الصحابة للمشورة فيها فقال العباس أرى أن تقسم المال بينهم على قدر سهامهم فأخذ به عمر, رضي الله عنه واتبعه الناس على ذلك حتى خالفهم ابن عباس فروى الزهري, عن عبد الله بن عبد الله بن عتبة قال: لقيت زفر بن أوس البصري فقال: نمضى إلى عبد الله بن عباس نتحدث عنده, فأتيناه فتحدثنا عنده فكان من حديثه, أنه قال: سبحان الذي أحصى رمل عالج عددا ثم يجعل في مال نصفا ونصفا, وثلثا ذهب النصفان بالمال فأين موضع الثلث, وأيم الله لو قدموا من قدم الله وأخروا من أخر الله, ما عالت فريضة أبدا فقال زفر: فمن الذي قدمه الله ومن الذي أخره الله؟ فقال: الذي أهبطه من فرض إلى فرض, فذلك الذي قدمه الله والذي أهبطه من فرض إلى ما بقي فذلك الذي أخره الله فقال زفر: فمن أول من أعال الفرائض؟ قال: عمر بن الخطاب فقلت: ألا أشرت عليه؟ فقال: هبته, وكان امرأ مهيبا قوله: من أهبطه من فريضة إلى فريضة فذلك الذي قدمه الله يريد أن الزوجين والأم لكل واحد منهم فرض ثم يحجب إلى فرض آخر لا ينقص منه, وأما من أهبطه من فرض إلى ما بقي يريد البنات والأخوات فإنهن يفرض لهن, فإذا كان معهن إخوتهن ورثوا بالتعصيب فكان لهم ما بقي, قل أو كثر فكان مذهبه أن الفروض إذا ازدحمت رد النقص على البنات والأخوات ولنا, أن كل واحد من هؤلاء لو انفرد أخذ فرضه فإذا ازدحموا وجب أن يقتسموا على قدر الحقوق كأصحاب الديون والوصايا, ولأن الله تعالى فرض للأخت النصف كما فرض للزوج النصف وفرض للأختين الثلثين, كما فرض الثلث للأختين من الأم فلا يجوز إسقاط فرض بعضهم مع نص الله تعالى عليه, بالرأي والتحكم ولم يمكن الوفاء بها فوجب أن يتساووا في النقص على قدر الحقوق, كالوصايا والديون وقد يلزم ابن عباس على قوله مسألة فيها زوج, وأم وأخوان من أم فإن حجب الأم إلى السدس خالف مذهبه في حجب الأم بأقل من ثلاثة من الإخوة, وإن نقص الأخوين من الأم رد النقص على من لم يهبطه الله من فرض إلى ما بقي وإن أعال المسألة, رجع إلى قول الجماعة وترك مذهبه ولا نعلم اليوم قائلا بمذهب ابن عباس ولا نعلم خلافا بين فقهاء الأمصار في القول بالعول, بحمد الله ومنه.

 فصل: 

حصل خلاف ابن عباس للصحابة في خمس مسائل اشتهر قوله فيها أحدها زوج وأبوان والثانية, امرأة وأبوان للأم ثلث الباقي عندهم وجعل هو لها ثلث المال فيها والثالثة, أنه لا يحجب الأم إلا بثلاثة من الإخوة والرابعة لم يجعل الأخوات مع البنات عصبة والخامسة أنه لا يعيل المسائل فهذه الخمس صحت الرواية عنه فيها, واشتهر عنه القول بها وشذت عنه روايات سوى هذه ذكرنا بعضها فيما مضى.

 مسألة: 

قال: وإذا كانا ابنا عم, أحدهما أخ لأم فللأخ للأم السدس وما بقي بينهما نصفين هذا قول جمهور الفقهاء يروى عن عمر رضي الله عنه ما يدل على ذلك, ويروى ذلك عن على رضي الله عنه وزيد وابن عباس وبه قال أبو حنيفة ومالك, والشافعي ومن تبعهم وقال ابن مسعود: المال للذى هو أخ من أم وبه قال شريح والحسن, وابن سيرين وعطاء والنخعي, وأبو ثور لأنهما استويا في قرابة لأب وفضله هذا بأم فصار كأخوين أو عمين أحدهما لأبوين, والآخر لأب ولأنه لو كان ابن عم لأبوين وابن عم لأب, كان ابن العم للأبوين أولى فإذا كان قربه لكونه من ولد الجدة قدمه فكونه من ولد الأم أولى ولنا, أن الإخوة من الأم يفرض له بها إذا لم يرث بالتعصيب وهو إذا كان معه أخ من أبوين, أو من أب أو عم وما يفرض له به لا يرجح به, كما لو كان أحدهما زوجا ويفارق الأخ من الأبوين والعم وابن العم إذا كانا من أبوين, فإنه لا يفرض له بقرابة أمه شيء فرجح به ولا يجتمع في إحدى القرابتين ترجيح وفرض.

 فصل: 

فإن كان معهما أخ لأب, فللأخ من الأم السدس والباقي للأخ من الأب وإن كان معهما أخ من أبوين فكذلك وإن كان ابن عم لأبوين, وابن عم هو أخ لأم فعلى قول الجمهور للأخ السدس, والباقي للآخر وعلى قول ابن مسعود المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم.

 فصل: 

فإن كان ابنا عم أحدهما أخ من أم, وبنت أو بنت ابن فللبنت أو بنت الابن النصف والباقي بينهما نصفين, وسقطت الإخوة من الأم بالبنت ولو كان الذي ليس بأخ ابن عم من أبوين أخذ الباقي كله كذلك وعلى قول ابن مسعود الباقي للأخ في المسألتين بدليل أن الأخ من الأبوين يتقدم على الأخ من الأب بقرابة الأم, فإن كان في الفريضة بنت تحجب قرابة الأم وحكى عن سعيد بن جبير أن الباقي لابن العم الذي ليس بأخ وإن كان من أب لأنه يرث بالقرابتين ميراثا واحدا, فإذا كان في الفريضة من يحجب إحداهما سقط ميراثه كما لو استغرقت الفروض المال سقط الأخ من الأبوين, ولم يرث بقرابة الأم بدليل مسألة المشركة ولنا على ابن مسعود, أن البنت تسقط الميراث بقرابة الأم فيبقى التعصيب منفردا فيرث به, وفارق ولد الأبوين فإن قرابة الأم لم يرجح بها ولا يفرض لها فلا يؤثر فيها ما يحجبها وفي مسألتنا يفرض له بها فإذا كان في الفريضة من يحجبها, سقطت ولأنه لو كان مع ابن العم الذي هو أخ أخ من أب, وبنت لحجبت البنت قرابة الأم ولم ترث بها شيئا, فكان للبنت النصف والباقي للأخ من الأب ولولا البنت لورث لكونه أخا من أم السدس, فإذا حجبته البنت مع الأخ من الأب وجب أن تحجبه في كل حال لأن الحجب بها لا بالأخ من الأب ما ذكره سعيد بن جبير ينتقض بالأخ من الأبوين مع البنت, وبابن العم إذا كان زوجا ومعه من يحجب بني العم ولا نسلم أنه يرث ميراثا واحدا بل يرث بقرابته ميراثين كشخصين فصار كابن العم الذي هو زوج, وفارق الأخ من الأبوين فإنه لا يرث إلا ميراثا واحدا فإن قرابة الأم لا ترث بها مفردة.

 فصل: 

فحصل خلاف ابن مسعود في مسائل ست, هذه إحداهن والثانية في بنت وبنات ابن وابن ابن, الباقي عنده للابن دون أخواته الثالثة في أخوات لأبوين وأخوات لأب الباقي عنده للأخ دون أخواته الرابعة, بنت وابن ابن وبنات ابن عنده لبنات الابن الأضر بهن من السدس أو المقاسمة الخامسة أخت لأبوين وأخ وأخوات لأب, للأخوات عنده الأضر بهن من ذلك السادسة كان يحجب الزوجين والأم بالكفار والعبيد والقاتلين ولا يورثهم.

 فصل: 

ابن ابن عم هو أخ لأم, وابن ابن عم آخر للأخ السدس والباقي بينهما وعند ابن مسعود الكل للأخ, وسقط الآخر فإن كان أحدهما ابن أخ لأم فلا شيء له بقرابة الأخوة لأن ابن الأخ للأم من ذوى الأرحام, وإن كان عمان أحدهما خال لأم لم يرجح بخؤولته وقيل على قياس قول ابن مسعود وجهان أحدهما لا يرجح بها والثاني, يرجح بها على العم الذي هو من أب فيأخذ المال لأنه ابن الجد والجدة والآخر ابن الجد لا غير وإن كان العم الآخر من أبوين, فالمال بينهما لأن كل واحد منهما يدلى بجدة وهما ابنا الجد وهكذا القول في ابني عم أحدهما خال أو ابني ابني عم أحدهما خال فأما على قول عامة الصحابة, فلا أثر لهذا عندهم.

 فصل: 

ابنا عم أحدهما زوج فللزوج النصف والباقي بينهما نصفان عند الجميع فإن كان الآخر أخا من أم فللزوج النصف, وللأخ السدس والباقي بينهما أصلها من ستة, للزوج أربعة وللأم اثنان وترجح بالاختصار إلى ثلاثة وعند ابن مسعود, الباقي للأخ فتكون من اثنين لكل واحد منهما سهم ثلاثة بني عم, أحدهم زوج والآخر أخ من أم فللزوج النصف, وللأخ السدس والباقي بينهما على ثلاثة أصلها من ستة, يضرب فيها الثلاثة تكن ثمانية عشر للزوج النصف تسعة, وللأخ ثلاثة يبقى ستة بينهم على ثلاثة فيحصل للزوج أحد عشر وهي النصف والتسع, وللأخ خمسة وهي السدس والتسع وللثالث التسع سهمان, فإن كان الزوج ابن عم لأبوين فالباقي كله له وإن كان هو والثالث من أبوين, فالثلث الباقي بينهما وتصح من ستة للزوج الثلثان, ولكل واحد من الآخرين سدس وابن مسعود في جميع ذلك يجعل الباقي بعد فرض الزوج للذى هو أخ من أم.

 فصل: 

أخوان من أم أحدهما ابن عم فالثلث بينهما والباقي لابن العم وتصح من ستة, لابن العم خمسة وللآخر سهم ولا خلاف في هذه المسألة فإن كانوا ثلاثة إخوة, أحدهم ابن عم فالثلث بينهم على ثلاثة والباقي لابن العم, وتصح من تسعة وإن كان اثنان منهم ابني عم فالباقي بعد الثلث بينهما وتصح من تسعة.

 فصل: 

ثلاثة إخوة لأم, أحدهم ابن عم وثلاثة بني عم أحدهم أخ لأم, فاضمم واحدا من كل عدد إلى العدد الآخر يصير معك أربعة بني عم وأربعة إخوة, فهم ستة في العدد وفي الأحوال ثمانية ثم اجعل الثلث للإخوة على أربعة, والثلثين على بني العم على أربعة فتصح من اثني عشر لكل أخ مفرد سهم, ولكل ابن عم مفرد سهمان ولكل ابن عم هو أخ ثلاثة فيحصل لهما النصف, وللأربعة الباقين النصف وعلى قول عبد الله للإخوة الثلث والباقي لابني العم اللذين هما أخوان والله أعلم.

 باب أصول سهام الفرائض التي تعول: 

معنى أصول المسائل المخارج التي تخرج منها فروضها وأصول المسائل كلها سبعة لأن الفروض المحدودة في كتاب الله تعالى ستة النصف والربع, والثمن والثلثان والثلث, والسدس ومخارج هذه الفروض مفردة خمسة لأن الثلث والثلثين مخرجهما واحد والنصف من اثنين والثلث والثلثان من ثلاثة, والربع من أربعة والسدس من ستة والثمن من ثمانية, والربع مع السدس أو الثلث أو الثلثين من اثني عشر والثمن مع السدس أو الثلثين من أربعة وعشرين فصارت سبعة وهذه الفروض نوعان أحدهما, النصف ونصفه ونصف نصفه والثاني الثلثان ونصفهما ونصف نصفهما وكل مسألة فيها فرض مفرد فأصلها من مخرجه وإن كان فيها فرضان يؤخذ أحدهما من مخرج الآخر فأصلها من مخرج أقلهما, وإن كان فيها فرضان من نوعين لا يؤخذ أحدهما من مخرج الآخر فاضرب أحد المخرجين في الآخر أو وفقه, فما بلغ فهو أصل المسألة وفيها يكون العول لأن العول إنما يكون في مسألة تزدحم فيها الفروض ولا يتسع المال لها فكل مسألة فيها نصف وفرض من النوع الآخر فأصلها من ستة لأن مخرج النصف اثنان, ومخرج الثلث والثلثين ثلاثة فتضرب اثنين في ثلاثة تكن ستة, وهكذا سائرها والمسائل على ثلاثة أضرب عادلة وعائلة ورد فالعادلة, التي يستوى مالها وفروضها والعائلة التي تزيد فروضها عن مالها والرد التي يفضل مالها عن فروضها ولا عصبة فيها وسنذكر أمثلة هذه الأضرب في هذا الباب بعون الله.

 مسألة: 

قال: وما فيه ربع وسدس أو ربع وثلث, أو ربع وثلثان فأصلها من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر, وإلى خمسة عشر وإلى سبعة عشر ولا تعول إلى أكثر من ذلك إنما كان أصلها من اثني عشر لأن مخرج الربع أربعة, ومخرج الثلث ثلاثة ولا وفق بينهما فإذا ضربت أحدهما في الآخر, كان اثني عشر فإن كان مع الربع سدس فبين الستة والأربعة موافقة فإذا ضربت وفق أحدهما في الآخر صار اثني عشر, ولا بد في هذا الأصل من أحد الزوجين لأنه لا بد فيها من ربع ولا يكون فرضا لغيرهما وأمثلة ذلك زوج وأبوان وخمسة بنين, للزوج الربع ثلاثة وللأبوين السدسان يبقى خمسة لكل ابن سهم زوج وابنتان وأخت وعصبة امرأة وأختان للأبوين أو لأب أو أختان لأم وعصبة امرأة وأخوان لأم وسبعة إخوة لأب العول زوج وابنتان وأم تعول إلى ثلاثة عشر امرأة وثلاث أخوات مفترقات زوج وأبوان وابنتان تعول إلى خمسة عشر امرأة وأختان من أب وأختان من أم امرأة وأم وست أخوات مفترقات تعول إلى سبعة عشر ثلاث نسوة وجدتان وأربع أخوات لأم وثمان لأب تعول إلى سبعة عشر ويصح لكل واحد منهن سهم, وتسمى أم الأرامل ويعايل بها فيقال: سبع عشرة امرأة من جهات مختلفة, اقتسمن مال ميت بالسوية لكل امرأة سهم وهي هذه ولا يعول هذا الأصل إلى أكثر من هذا ولا يمكن أن يكمل هذا الأصل بفروض من غير عصبة ولا عول, ولا يمكن أن تعول إلا على الأفراد لأن فيها فرضا يباين سائر فروضها وهو الربع فإنه ثلاثة وهي فرد, وسائر فروضها يكون زوجا فالسدس اثنان والثلث أربعة والثلثان ثمانية والنصف ستة ومتى عالت إلى سبعة عشر, لم يكن الميت فيها إلا رجلا.

 مسألة: 

قال: وما كان فيه ثمن وسدس أو ثمن وسدسان أو ثمن وثلثان, فأصلها من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعة وعشرين ولا تعول إلى أكثر من ذلك إنما كان كذلك لأنك تضرب مخرج الثمن في مخرج الثلثين, أو في وفق مخرج السدس فيكون أربعة وعشرين ولم نقل: وثلث لأن الثلث لا يجتمع مع الثمن, فإنه لا يكون إلا للزوجة مع الولد ولا يكون الثلث في مسألة فيها ولد لأنه لا يكون إلا لولد الأم والولد يسقطهم, أو الأم بشرط عدم الولد ومسائل ذلك: امرأة وأبوان وابن أو ابنان أو بنون وبنات امرأة وابنتان وأم وعصبة ثلاث نسوة وأربع جدات وستة عشر بنتا وأخت امرأة وبنت ابن وجدة وعصبة العول: امرأة وأبوان وابنتان تعول إلى سبعة وعشرين, وتسمى البخيلة لأنها أقل الأصول عولا لم تعل إلا بثمنها وتسمى المنبرية, لأن عليا رضي الله عنه سئل عنها على المنبر فقال: صار ثمنها تسعا ومضى في خطبته يعني أن المرأة كان لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين, صار لها بالعول ثلاثة من سبعة وعشرين وهي التسع ولا يكون الميت في هذا الأصل إلا رجلا لأن فيها ثمنا ولا يكون إلا للمرأة مع الولد, ولا يمكن أن يعول هذا الأصل إلى أكثر من هذا إلا على قول ابن مسعود فإنه يحجب الزوجين والأم بالولد, والكافر والقاتل والرقيق, ولا يورثه فعلى قوله إذا كانت امرأة وأم وست أخوات مفترقات وولد كافر فللأخوات الثلث, والثلثان أربعة وعشرون وللأم والمرأة السدس والثمن سبعة, فتعول إلى أحد وثلاثين.

 فصول: 

وإذا لم تنقسم سهام فريق من الورثة عليهم قسمة صحيحة فاضرب عددهم في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة إلا أن يوافق عددهم سهامهم بنصف, أو ثلث أو غير ذلك من الأجزاء فيجزئك ضرب وفق عددهم في أصل المسألة وعولها إن كانت عائلة, فما بلغ فمنه تصح فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أصل المسألة مضروب في العدد الذي ضربته في المسألة وهو الذي يسمى جزء السهم, فما بلغ فهو له إن كان واحدا وإن كانوا جماعة قسمته عليهم وإن شئت قلت: إذا كان الكسر على فريق واحد فلواحدهم بعد التصحيح مثل ما كان لجماعتهم قبل التصحيح أو وفقه إن كان وافق, مثال ذلك زوج وأم, وثلاثة إخوة أصلها من ستة للزوج النصف ثلاثة, وللأم السدس سهم بقي للإخوة سهمان لا تنقسم عليهم, ولا توافقهم فاضرب عددهم وهو ثلاثة في أصل المسألة, تكن ثمانية عشر سهما للزوج ثلاثة في ثلاثة تسعة وللأم سهم في ثلاثة ثلاثة وللإخوة سهمان في ثلاثة تكن ستة, لكل واحد منهم سهمان ولو كان الإخوة ستة وافقتهم سهامهم بالنصف فردهم إلى نصفهم ثلاثة, وتعمل فيها كعملك في الأولى سواء ولكل واحد من الإخوة سهم وهو وفق سهام جماعتهم.

 فصل: 

وإن كان الكسر على فريقين, لم تخل من أربعة أقسام أحدها أن يكون العددان متماثلين فيجزئك ضرب أحدهما في المسألة, ومثال ذلك زوج وثلاث جدات, وثلاثة إخوة أصلها من ستة للزوج ثلاثة, وللجدات سهم وللإخوة سهمان فتضرب أحد العددين في المسألة, تكن ثمانية عشر وطريق القسمة فيها مثل طريقها إذا كان الكسر على فريق واحد سواء ولو كان الإخوة ستة وافقوا سهمهم بالنصف, رجعوا إلى ثلاثة وكان العمل فيها كما ذكرنا سواء القسم الثاني أن يكون العددان متناسبين وهو أن يكون أحدهما ينتسب إلى الآخر بجزء من أجزائه, كنصفه وثلثه أو غير ذلك من الأجزاء فيجزئك ضرب العدد الأكثر منهما في المسألة, ومثاله ما لو كان الجدات في هذه المسألة ستا فإن عدد الأخوات نصف عدد الجدات فاجتزئ بعددهن, واضربه في أصل المسألة تكن ستة وثلاثين ومنها تصح ولو كان عدد الإخوة ستة, وافقتهم سهامهم بالنصف ورجعوا إلى ثلاثة وعملت على ما ذكرناه القسم الثالث, أن يكون العددان متباينين لا يماثل أحدهما الآخر ولا يناسبه, ولا يوافقه مثل أن يكون عدد الجدات أربعا والإخوة ثلاثة فإنك تضرب عدد أحدهما في جميع الأجزاء, فما بلغ ضربته في المسألة ومتى ضربته ها هنا كان اثني عشر فإذا ضربته في المسألة كانت اثنين وسبعين وإن وافق أحد العددين سهامه دون الآخر, أخذت وفق الموافق وضربته فيما لم يوافق وعملت على ما ذكرنا وإن وافقا جميعا سهامهما رددتهما إلى وفقهما, وعملت في الوقفين عملك في العددين الأصليين القسم الرابع أن يكون العددان متفقين بنصف أو ثلث, أو ربع أو غير ذلك من الأجزاء فإنك ترد أحد العددين إلى وفقه, ثم تضربه في جميع الآخر فما بلغ ضربته في المسألة ومثاله, أن تكون الإخوة تسعة والجدات ستا فيتفقان بالثلث, فترد الجدات إلى ثلثهن اثنين وتضربهما في عدد الإخوة تكن ثمانية عشر, ثم تضرب ذلك في أصل المسألة تكن مائة وثمانية ومنها تصح.

 فصل: 

وإن كان الكسر على ثلاثة أحياز, نظرت فإن كانت متماثلة كثلاث جدات وثلاث بنات وثلاثة أعمام ضربت أحدها في المسألة, فما بلغ فمنه تصح المسألة ولكل واحد منهم بعد التصحيح مثل ما كان لجماعتهم وإن كانت متناسبة كجدتين وخمس بنات وعشرة أعمام, اجتزأت بأكثرها وهي العشرة فضربتها في المسألة, تكن ستين ومنها تصح وإن كانت متباينة مثل أن يكون الأعمام في هذه المسألة ثلاثة, ضربت بعضها في بعض تكن ثلاثين ثم ضربتها في المسألة, تكن مائة وثمانين وإن كانت متوافقة كست جدات وتسع بنات وخمسة عشر عما ضربت وفق عدد منها في جميع الآخر, فما بلغ وافقت بينه وبين الثالث وضربت وفقه في جميع الثالث ثم اضرب ما معك في أصل المسألة فما بلغ فمنه تصح وإن تماثل اثنان منها وباينهما الثالث, أو وافقهما ضربت أحد المتماثلين في جميع الثالث أو في وفقه إن كان موافقا, فما بلغ ضربته في المسألة وإن تناسب اثنان وباينهما الثالث ضربت أكثرهما في جميع الثالث, أو في وفقه إن كان موافقا ثم في المسألة وإن توافق اثنان, وباينهما الثالث ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم في الثالث, وإن تباين اثنان ووافقهما الثالث كأربعة أعمام, وست جدات وتسع بنات أجزأك ضرب أحد المتباينين في الآخر, ثم تضربه في المسألة ويسمى هذا الموقوف المقيد لأنك إذا أردت وقف أحدهما لم يقف إلا الستة, ولو وقفت غيرها مثل أن تقف التسعة وترد الستة إلى الاثنين لدخلا في الأربعة وأجزأك ضرب الأربعة في التسعة, ولو وقفت الأربعة رددت الستة إلى ثلاثة ودخلت في التسعة وأجزأك ضرب الأربعة في التسعة فأما إن كانت الأعداد الثلاثة متوافقة, فإنه يسمى الموقوف المطلق وفي عملها طريقان أحدهما ما ذكرناه من قبل, وهو طريق الكوفيين والثاني طريق البصريين وهو أن تقف أحد الثلاثة, وتوافق بينه وبين الآخرين وتردهما إلى وفقهما ثم تنظر في الوقفين, فإن كانا متماثلين ضربت أحدهما في الموقوف وإن كانا متناسبين ضربت أكثرهما وإن كانا متباينين, ضربت أحدهما في الآخر ثم في الموقوف وإن كانا متوافقين, ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر ثم في الموقوف فما بلغ ضربته في المسألة ومثال ذلك: عشر جدات واثنا عشر عما وخمس عشرة بنتا, فقف العشرة توافقها الاثنا عشر بالنصف فترجع إلى ستة, وتوافقها الخمس عشرة بالأخماس فترجع إلى ثلاثة وهي داخلة في الستة, فتضرب الستة في العشرة تكن ستين ثم في المسألة, تكن ثلاثمائة وستين وإن وقفت الاثنا عشر رجعت العشرة إلى نصفها خمسة والخمس عشرة إلى ثلثها خمسة, وهما متماثلان فتضرب خمسة في اثني عشر تكن ستين وإن وقفت الخمس عشرة, رجعت العشرة إلى اثنين والاثنا عشر إلى أربعة ودخل الاثنان في الأربعة, فتضربها في الخمس عشرة تكن ستين في المسألة.

 فصل: 

معرفة الموافقة والمناسبة, والمباينة الطريق في ذلك أن تلقى أقل العددين من أكثرهما مرة بعد أخرى فإن فني به فالعددان متناسبان وإن لم يفن به, ولكن بقيت منه بقية ألقيتها من العدد الأقل فإن بقيت منه بقية ألقيتها من البقية الأولى, ولا تزال كذلك تلقى كل بقية من التي قبلها حتى يصل إلى عدد يفنى الملقى منه غير الواحد, فأى بقية فني بها غير الواحد فالموافقة بين العددين بجزء وتلك البقية إن كانت اثنين فبالأنصاف, وإن كانت ثلاثة فبالأثلاث فإن كانت أربعة فبالأرباع فإن كانت أحد عشر, أو اثني عشر أو ثلاثة عشر فيجزئ ذلك, وإن بقي واحد فالعددان متباينان ومما يدلك على تناسب العددين أنك متى زدت على الأقل مثله أبدا, ساوى الأكثر ومتى قسمت الأكثر على الأقل انقسم قسمة صحيحة, ومتى نسبت الأقل إلى الأكثر انتسب إليه بجزء واحد ولا يكون ذلك إلا في النصف فما دونه.

 فصل: 

في مسائل المناسخات, ومعناها أن يموت من ورثة الميت إنسان قبل قسم تركة الأول فإذا وجد ذلك نظرت فإن كان ورثة الأول يرثون الثاني على حسب ميراثهم من الأول مثل أن يكونوا عصبة لهما جميعا, وقد يتفق ذلك في أصحاب الفروض في مسائل يسيرة كرجل مات عن امرأة وثلاثة بنين وبنت, ثم مات أحد البنين قبل قسمة التركة فإن للمرأة من الأول سهما مثل سهم البنت وكنصف سهم ابن, وكذلك لها من الثانية فإذا كان كذلك فاقسم المسألة على ورثة الثاني ولا تنظر إلى الأول, فلو خلف رجل خمسة بنين وخمس بنات فمات منهم ابن, ثم بنت ثم ابن ثم بنت, ثم ابن ثم بنت قسمت الميراث على الابنين الباقيين, والبنتين للذكر مثل حظ الأنثيين ولم ينظر في بقية المسائل فإن كان معهم من يرث من الأولى دون ما بقي, كما لو كان مع هؤلاء امرأة للميت ليست أما لهم فإنك تعزل لها الثمن وتقسم الباقي على ما ذكرناه, وإن كانت أما لهم إلا أنها ماتت قبلهم أو بعد بعضهم ولم تخلف وارثا غيرهم, قسمت الميراث كله على الباقين للذكر مثل حظ الأنثيين ولم ينظر في ميراثها لأنه قد صار إليهم فإن لم يكونوا كذلك, فإنك تقسم مسألة الأول ثم تنظر ما صار للميت الثاني منها فإن انقسم على مسألته فقد صحت المسألتان مما صحت منه الأولى, ومثال ذلك امرأة وبنت من غيرها وأخ ماتت البنت وخلفت زوجا وبنتا وعما فالمسألة الأولى من ثمانية, للمرأة سهم وللبنت أربعة ويبقى للأخ ثلاثة, ومسألة الميتة الثانية من أربعة لزوجها سهم ولابنتها سهمان ويبقى سهم للأخ الأول, فصار له من المسألتين أربعة أسهم وصحت المسألتان من ثمانية وإن لم تنقسم سهام الميت الثاني على مسألته وافقت بين سهامه ومسألته فإن اتفقا, رددت مسألته إلى وفقها ثم ضربته في المسألة الأولى فما بلغ فمنه تصح المسألتان, ثم كل من له شيء من المسألة الأولى مضروب في وفق المسألة الثانية وكل من له شيء من المسألة الثانية مضروب في وفق سهام الميت الثاني مثال ذلك إذا خلفت البنت زوجا وابنتين, فمسألتها من اثني عشر توافقها سهامها بالربع فترجع إلى ثلاثة, تضرب في ثمانية تكن أربعة وعشرين للمرأة سهم من الأولى في ثلاثة بثلاثة وللأخ ثلاثة في ثلاثة بتسعة, وله من الثانية سهم في سهم تكن عشرة وللزوج ثلاثة في سهم, وللابنتين ثمانية وإن لم يوافق سهامه مسألته ضربت المسألة الثانية في الأولى ثم كل من له شيء من المسألة الأولى مضروب في الثانية ومن له شيء من الثانية مضروب في سهام الميت الثاني, فإن مات ثالث عملت مسألته ونظرت سهامه مما صحت منه المسألتان, فإن انقسم على مسألته صحت مما صحت منه الأوليان وإن لم تصح, وافقت بين مسألته وسهامه وضربت وفق سهام مسألته إن وافقت أو جميعها, إن لم توافق فيما صحت منه الأوليان وعملت على ما ذكرناه وكذلك تصنع في الرابع والخامس وما بعده.

 فصل: 

وإن أردت قسمت المسألة على قراريط الدينار, فإنها في عرف أهل بلدنا أربعة وعشرون قيراطا فإن كانت السهام كثيرة فلك في قسمها طريقان أحدهما أن ينظر ما تركب منه العدد, فإنه لا بد أن يتركب من ضرب عدد في عدد فانسب أحد العددين إلى أربعة وعشرين إن كان أقل منها, وخذ من العدد الآخر مثل تلك النسبة فما كان فهو لكل قيراط وإن كان أكثر من أربعة وعشرين قسمته عليها فما خرج بالقسم فاضربه في العدد الآخر, فما بلغ فهو نصيبه مثال ذلك ستمائة أردت قسمتها فإنك تعلم أنها متركبة من ضرب عشرين في ثلاثين, فانسب العشرين إلى أربعة وعشرين تكن نصفها وثلثها فخذ نصف الثلاثين, وثلثها خمسة وعشرين فهو سهم القيراط وإن قسمت الثلاثين على أربعة وعشرين, خرج بالقسم سهم وربع فاضربها تكن خمسة وعشرين كما قلنا والثاني, أن تنظر عددا إذا ضربته في الأربعة والعشرين ساوى المقسوم أو قاربه فإذا بقيت منه بقية ضربتها في عدد آخر حتى يبقى أقل من المقسوم عليه, ثم تجمع العدد الذي ضربته إليه وتنسب تلك البقية من المقسوم عليه فتضمها إلى العدد, فيكون ذلك سهم القيراط مثاله في مسألتنا أن تضرب عشرين في أربعة وعشرين تكن أربعمائة وثمانين, ثم تضرب خمسة في أربعة وعشرين تكن مائة وعشرين وتضم الخمسة إلى العشرين, فيكون ذلك سهام القيراط فإذا عرفت سهام القيراط فانظر كل من له سهام فأعطه بكل سهم من سهام القيراط قيراطا فإن بقي له من السهام ما لا يبلغ قيراطا, فانسبه إلى سهام القيراط وأعطه منه مثل تلك النسبة فإن كان في سهام القيراط كسر, بسطتها من جنس الكسر ثم كل من له سهام بعدد مبلغ السهام فله بعدد مخرج الكسر قراريط, وتضرب بقية سهامه في مخرج الكسر وتنسبها منها مثال ذلك زوج وأبوان وابنتان, ماتت الأم وخلفت أما وزوجا, وأختا من أبوين وأختين من أب وأختين من أم فالأولى من خمسة عشر, والثانية من عشرين فتضرب وفق إحداهما في الأخرى تكن مائة وخمسين, وسهم القيراط ستة وربع فابسطها أرباعا تكن خمسة وعشرين, فهذه سهام القيراط فللبنت من الأولى أربعة في عشرة تكن أربعين, فلها بخمسة وعشرين أربعة تبقى خمسة عشر اضربها في مخرج الكسر تكن ستين, واقسمها على خمسة وعشرين تكن اثنين وخمسين فصار لها ستة وخمسان, وللأب من الأولى والثانية ستة وعشرون فله بخمسة وعشرين أربعة قراريط وابسط السهم الباقي أرباعا, تكن أربعة أخماس خمس ولزوج الأولى ثلاثون فله بخمسة وعشرين منها أربعة قراريط, وابسط الخمسة الباقية تكن عشرين وهي أربعة أخماس قيراط ولأم الثانية سهمان, ابسطهما أرباعا تكن خمس قيراط وثلاثة أخماس خمس قيراط وكذلك لكل أخت من أم, وللأختين من الأب مثل ذلك وللأخت من الأبوين ستة ابسطها أرباعا, تكن أربعة أخماس قيراط وأربعة أخماس خمس.

 فصل: 

في قسمة التركات إن أمكن أن تنسب سهام كل وارث من المسألة, ثم تعطيه من التركة مثل تلك النسبة فحسن ومثال ذلك زوج وأبوان وابنتان, والتركة أربعون دينارا فللزوج ثلاثة وهي خمس المسألة, فله خمس التركة وهي ثمانية دنانير ولكل واحد من الأبوين ثلثا خمس المسألة, فله ثلثا الثمانية ولكل واحد من البنتين مثل ما للأبوين كليهما وإن شئت ضربت سهام كل وارث في التركة, وقسمت ذلك على المسألة فما خرج فهو نصيبه وإن شئت قسمت التركة على المسألة, ثم ضربت الخارج بالقسم في سهام كل وارث فما بلغ فهو له وإذا كانت المسألة عددا أصم عملت بإحدى هاتين الطريقتين, وإن كان في السهام كسر بسطتها من جنسه على ما ذكرنا في القسم على قراريط الدينار ولك في قسم التركة في مسائل المناسخات أن تقسم التركة أو القراريط على المسألة الأولى, فما حصل للميت الثاني قسمته على مسألته ثم تفعل بالثالث والرابع وما بعدهما كذلك وإذا كان بين المسألة والتركة موافقة, فخذ وفقيهما واعمل بهما ما ذكرنا.

 فصل: 

وإذا كانت التركة سهاما من عقار فاضرب أصل سهام العقار فيما صحت منه المسألة, فما بلغ فهو سهام العقار واضرب سهام كل وارث من أصل المسألة في السهام الموروثة من العقار واضرب سهام الشركاء في أصل مسألة الورثة ومثال ذلك: زوج وأم وأخت, والتركة ربع وسدس دار المسألة من ثمانية, وأصل سهام العقار اثنا عشر فاضربها في الثمانية تكن ستة وتسعين, فللزوج ثلاثة من مسألة مضروبة في السهام الموروثة وهي خمسة تكن خمسة عشر, وللأخت كذلك فانسبها من الدار تكن ثمنها وربع ثمنها وللأم سهمان في خمسة, تكن عشرة وهي نصف سدس الدار وثمن سدسها وإن شئت قلت: هي نصف ثمنها, وثلث ثمنها وإن شئت بسطت الربع والسدس من قراريط الدينار وهي عشرة وقسمتها على المسألة, فللأم ربعها وهو قيراطان ونصف وللأخت ثلاثة أثمانها, وهي ثلاثة قراريط وثلاثة أرباع قيراط وكذلك الزوج. مسألة: قال: [ويرد على كل أهل الفرائض على قدر ميراثهم إلا الزوج والزوجة] وجملة ذلك أن الميت إذا لم يخلف وارثا إلا ذوى فروض, ولا يستوعب المال كالبنات والأخوات والجدات فإن الفاضل عن ذوى الفروض يرد عليهم على قدر فروضهم, إلا الزوج والزوجة روى ذلك عن عمر وعلى وابن مسعود, وابن عباس رضي الله عنهم وحكى ذلك عن الحسن وابن سيرين وشريح, وعطاء ومجاهد والثوري, وأبي حنيفة وأصحابه قال ابن سراقة وعليه العمل اليوم في الأمصار إلا أنه يروى عن ابن مسعود أنه كان لا يرد على بنت ابن مع بنت, ولا على أخت من أب مع أخت من أبوين ولا على جدة مع ذى سهم وروى ابن منصور عن أحمد أنه لا يرد على ولد مع الأم ولا على الجد مع ذى سهم والذي ذكر الخرقي أظهر في المذهب وأصح, وهو قول عامة أهل الرد لأنهم تساووا في السهام فيجب أن يتساووا فيما يتفرع عليها ولأن الفريضة لو عالت, لدخل النقص على الجميع فالرد ينبغي أن ينالهم أيضا فأما الزوجان فلا يرد عليهما باتفاق من أهل العلم, إلا أنه روى عن عثمان رضي الله عنه أنه رد على زوج ولعله كان عصبة أو ذا رحم فأعطاه لذلك, أو أعطاه من مال بيت المال لا على سبيل الميراث وسبب ذلك, إن شاء الله أن أهل الرد كلهم من ذوى الأرحام فيدخلون في عموم قول الله تعالى: (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) والزوجان خارجان من ذلك وذهب زيد بن ثابت إلى أن الفاضل عن ذوى الفروض لبيت المال, ولا يرد على أحد فوق فرضه وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي رضي الله عنهم لأن الله تعالى قال في الأخت: (( فلها نصف ما ترك )) ومن رد عليها جعل لها الكل, ولأنها ذات فرض مسمى فلا يرد عليها كالزوج ولنا قول الله تعالى: (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) وهؤلاء من ذوى الأرحام وقد ترجحوا بالقرب إلى الميت, فيكونون أولى من بيت المال لأنه لسائر المسلمين وذو الرحم أحق من الأجانب عملا بالنص, وقد قال النبي --: (( من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلا فإلي )) وفي لفظ: (( من ترك دينا فإلى ومن ترك مالا فللوارث )) متفق عليه وهذا عام في جميع المال, وروى عن النبي -- أنه قال: (( تحرز المرأة ثلاثة مواريث لقيطها وعتيقها, والولد الذي لاعنت عليه )) أخرجه ابن ماجه فجعل لها ميراث ولدها المنفي باللعان كله خرج من ذلك ميراث غيرها من ذوى الفروض بالإجماع بقي الباقي على مقتضى العموم, ولأنها من وراثه بالرحم فكانت أحق بالمال من بيت المال كعصباته فأما قوله تعالى: (( فلها نصف ما ترك )) فلا ينفي أن يكون لها زيادة عليه بسبب آخر, كقوله تعالى: (( ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد )) لا ينفي أن يكون للأب السدس وما فضل عن البنت بجهة التعصيب وقوله: (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم )) لم ينف أن يكون للزوج ما فضل إذا كان ابن عم أو مولى, وكذلك الأخ من الأم إذا كان ابن عم والبنت وغيرها من ذوى الفروض إذا كانت معتقة كذا ها هنا تستحق النصف بالفرض, والباقي بالرد وأما الزوجان فليسا من ذوى الأرحام.

 مسألة: 

قال: وإذا كانت أخت لأب وأم وأخت لأب, وأخت لأم فللأخت للأب والأم النصف وللأخت للأب السدس وللأخت للأم السدس, وما بقي يرد عليهن على قدر سهامهن فصار المال بينهن على خمسة أسهم للأخت للأب والأم ثلاثة أخماس المال وللأخت للأب الخمس, وللأخت للأم الخمس طريق العمل في الرد أن تأخذ سهام أهل الرد من أصل مسألتهم وهي أبدا تخرج من ستة إذ ليس في الفروض كلها ما لا يؤخذ في الستة إلا الربع والثمن وليس لغير الزوجين, وليسا من أهل الرد ثم تجعل عدد سهامهم أصل مسألتهم كما صارت السهام في المسألة العائلة هي المسألة التي تضرب فيها العدد الذي انكسرت عليه سهامه, فكذا ها هنا إذا انكسر على فريق منهم ضربته في عدد سهامهم لأن ذلك صار أصل مسألتهم وينحصر ذلك في أربعة أصول أولها: أصل اثنين كجدة وأخ من أم لكل واحد منهما السدس أصلها اثنان, ثم تقسم المال عليهما فيصير لكل واحد منهما نصف المال فإن كان الجدات ثلاثا فلهن سهم لا ينقسم عليهن اضرب عددهن في أصل المسألة, وهو اثنان تصير ستة للأخ من الأم النصف ثلاثة ولكل واحد منهم سهم, أصل ثلاثة: أم وأخ من أم وأم وأخوان لأم فإن كانوا ثلاثة ضربت عددهم في أصل مسألتهم, وهو ثلاثة صارت تسعة ومنها تصح, ثلاث جدات وأربعة إخوة من أم للإخوة سهمان, يوافقهم بالنصف يرجع عددهم إلى اثنين تضربهما في عدد الجدات, ثم في أصل المسألة صارت ثمانية عشر ومنها تصح أصل أربعة: أخت لأبوين وأخت لأب أو أم, أو أخ لأم أو جدة بنت وأم أو جدة بنت وبنت ابن فإن كان بنات الابن أربعا ضربتهن في أصل المسألة, وهي أربعة صارت ستة عشر ومنها تصح أصل خمسة: ثلاث أخوات مفترقات, للأخت من الأب والأم النصف وللأخت من الأب السدس وللأخت من الأم السدس وهذه مسألة الخرقي أم وأخت لأبوين أو لأب أم وأخت لأبوين وأخت لأب أو لأم ولا تزيد مسائل الرد أبدا على هذا لأنها لو زادت سهما لكمل المال, ولم يبق شيء منه يرد ثلاث جدات وبنت وأربع بنات ابن أصلها من خمسة وتصح من ستين ومتى كان الرد على حيز واحد فله جميع المال بالفرض والرد, كأنه عصبة فإن كان شخصا واحدا فالمال له, وإن كان جماعة قسمته عليهم على عددهم كالبنين, والإخوة.

 فصل: 

فإن كان معهم أحد الزوجين أعطيته فرضه من أصل مسألته وقسمت الباقي من مسألته على فريضة أهل الرد, فإن انقسم صحت المسألتان ولا يتفق هذا إلا أن يكون للزوج امرأة لها الربع ومسألة أهل الرد من ثلاثة كامرأة وأم وأخ لأم أو أم وأخوين لأم أو جدة وأخوين لأم فللمرأة الربع من أربعة يبقى ثلاثة على فريضة أهل الرد, وهي ثلاثة فتصح عليها ويصح الجميع من أربعة, فإن انكسر على عدد منه ضربته في أربعة كأربع زوجات وأم وأخ لأم تصح من ستة عشر, وإن لم ينقسم فأصل مسألة الزوج على فريضة أهل الرد لم يمكن أن يوافقها أيضا فاضرب فريضة الرد في فريضة الزوج فما بلغ فإليه تنتقل المسألة فإذا أردت القسمة فلأحد الزوجين فريضة الرد, ولكل واحد من أهل الرد سهامه من مسألته مضروبة في فاضل فريضة الزوج فما بلغ فهو له إن كان واحدا وإن كانوا جماعة قسمته عليهم, فإن لم ينقسم ضربته أو وفقه فيما انتقلت إليه المسألة وتصح على ما مضى في باب التصحيح وهذا ينحصر في أصول خمسة أحدها, زوج وجدة وأخ لأم للزوج النصف وأصل مسألته من اثنين, له سهم يبقى سهم على مسألة الرد وهي اثنان فتضرب اثنين في اثنين يكن أربعة ولا يقع الكسر في هذا الأصل إلا على فريق واحد, وهو الجدات فإذا كان أكثر من جدة واحدة فاضرب عددهن في أربعة, فما بلغ فمنه تصح الأصل الثاني زوجة وجدة وأخ لأم مسألة الزوجة من أربعة ثم تنتقل إلى ثمانية, ولا يكون الكسر إلا على الجدات أيضا الأصل الثالث زوج وبنت وبنت ابن مسألة الزوج من أربعة, ثم تنتقل إلى ستة عشر وكذلك زوجة وأخت لأبوين, وأخت لأب أو أخت لأم أو جدة أو جدات ومثلها زوجة وأخت لأب وأخت لأم, أو جدة الأصل الرابع زوجة وبنت وبنت ابن أو أم, أو جدة مسألة الزوجة من ثمانية ثم تنتقل إلى اثنين وثلاثين الأصل الخامس زوجة وبنتان وأم, مسألة الزوجة من ثمانية ثم تنتقل إلى أربعين وكذلك زوجة وبنت وبنت ابن وأم, أو جدة أخت من أبوين وأخت أو أخوات من أب وأخت من أم أو أم, أو جدة أختان من أبوين أو من أب وأم أو جدة وأخ من أم, وفي جميع ذلك إذا انكسرت سهام فريق منهم عليهم ضربته فيما انتقلت إليه المسألة ومثال ذلك أربع زوجات وإحدى وعشرون بنتا وأربع عشرة جدة, مسألة الزوجات من ثمانية فتضرب فيها فريضة الرد وهي خمسة تكن أربعين, للزوجات فريضة أهل الرد خمسة على أربعة لا تصح ولا توافق, ويبقى خمسة وثلاثون للجدات خمسها سبعة على أربعة عشر, توافق بالأسباع فيرجعن إلى اثنين ويبقى للبنات ثمانية وعشرون, توافقهن بالأسباع فيرجعن إلى ثلاث والاثنان ثم تدخلان في عدد الزوجات, فتضرب ثلاثا في أربع تكن اثني عشر ثم في أربعين, تكن أربعمائة وثمانين ومتى كان مع أحد الزوجين واحد من أهل الرد أخذ الفاضل كله, كأنه عصبة ولا تنتقل المسألة وإن كان معهم فريق واحد من أهل الرد كالبنات, أو الأخوات قسمت الفاضل عليهم كأنهم عصبة فإن انكسر عليهم, ضربت عددهم في مسألة الزوج.

 باب الجدات 
 مسألة: 

قال أبو القاسم -رحمه الله-: وللجدة إذا لم تكن أم السدس قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للجدة السدس إذا لم يكن للميت أم وحكى غيره رواية شاذة عن ابن عباس أنها بمنزلة الأم لأنها تدلي بها فقامت مقامها كالجد يقوم مقام الأب ولنا, ما روى قبيصة بن ذؤيب قال: (( جاءت الجدة إلى أبي بكر تطلب ميراثها, فقال: ما لك في كتاب الله عز وجل شيء وما أعلم لك في سنة رسول الله -- شيئا ولكن ارجعى حتى أسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله -- أعطاها السدس فقال: هل معك غيرك؟ فشهد له محمد بن مسلمة, فأمضاه لها أبو بكر فلما كان عمر جاءت الجدة الأخرى, فقال: ما لك في كتاب الله شيء فما كان القضاء الذي قضى به إلا في غيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا, ولكن هو ذاك السدس فإن اجتمعتما فهو لكما وأيتكما خلت به فهو لها )) رواه مالك في موطئه, وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وأما الجد فلا يقوم مقام الأب في جميع أحواله على ما ذكرناه وأجمع أهل العلم على أن الأم تحجب الجدات من جميع الجهات وقد روى ابن بريدة عن أبيه (( أن النبي -- جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم )) رواه أبو داود وهذا يدل على أنها لا ترث معها شيئا ولأن الجدة تدلى بالأم, فسقطت بها كسقوط الجد بالأب وابن الابن به فأما أم الأب, فإنها أيضا إنما ترث ميراث أم لأنها أم ولذلك ترث وابنها حي ولو كان ميراثها من جهته ما ورثت مع وجوده.

 مسألة: 

قال: [وكذلك إن كثرن, لم يزدن على السدس فرضا] أجمع أهل العلم على أن ميراث الجدات السدس وإن كثرن وذلك لما روينا من الخبر, وأن عمر شرك بينهما وقد روى نحو ذلك عن أبي بكر رضي الله عنه فروى سعيد ثنا سفيان وهشيم, عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال: جاءت الجدتان إلى أبي بكر رضي الله عنه فأعطى أم الأم الميراث دون أم الأب فقال له عبد الرحمن بن سهيل بن حارثة وكان شهد بدرا: يا خليفة رسول الله, أعطيت التي إن ماتت لم يرثها ومنعت التي لو ماتت ورثها فجعل أبو بكر السدس بينهما ولأنهن ذوات عدد لا يشركهن ذكر, فاستوى كثيرهن وواحدتهن كالزوجات وقول الخرقي لم يزدن على السدس فرضا يريد به التحرز من زيادتهن بالرد فإنهن يأخذن في الرد زيادة على السدس, على ما قد مضى ذكره.

 فصل: 

ولا خلاف بين أهل العلم في توريث جدتين أم الأم وأم الأب وكذلك إن علتا وكانتا في القرب سواء كأم أم أم وأم أم أب, إلا ما حكى عن داود أنه لا يورث أم أم الأب شيئا لأنه لا يرثها فلا ترثه ولأنها غير مذكورة في الخبر ولنا أن النبي -- أعطى ثلاث جدات ومن ضرورته أن يكون فيهن أم أم الأب, أو من هي أعلى منها وما ذكره داود فهو قياس وهو لا يقول بالقياس ثم هو باطل بأم الأم, فإنها ترثه ولا يرثها وقوله: ليست مذكورة في الخبر قلنا: وكذلك أم أم الأم واختلفوا في توريث ما زاد عليهما فذهب أبو عبد الله إلى توريث ثلاث جدات من غير زيادة عليهن وروى ذلك عن على وزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهم وروى نحوه عن مسروق والحسن وقتادة وبه قال الأوزاعي وإسحاق وروى عن سعد بن أبي وقاص ما يدل على أنه لا يورث أكثر من جدتين وحكى ذلك عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وسليمان بن يسار, وطلحة بن عبد الله بن عوف وربيعة وابن هرمز ومالك وابن أبي ذئب وأبي ثور وداود وقاله الشافعي في القديم, وحكى عن الزهري أنه قال: لا نعلم ورث في الإسلام إلا جدتين وحكى عن سعد بن أبي وقاص أنه أوتر بركعة فعابه ابن مسعود فقال سعد أتعيبني وأنت تورث ثلاث جدات؟ وروى عن ابن عباس أنه ورث الجدات وإن كثرن, إذا كن في درجة واحدة إلا من أدلت بأب غير وارث كأم أب الأم قال ابن سراقة: وبهذا قال عامة الصحابة إلا شاذا وإليه ذهب الحسن, وابن سيرين والثوري وأبو حنيفة, وأصحابه وهو رواية المزني عن الشافعي رضي الله عنه وهو ظاهر كلام الخرقي, فإنه سمى ثلاث جدات متحاذيات ثم قال: " وإن كثرن فعلى ذلك " واحتجوا بأن الزائدة جدة أدلت بوارث فوجب أن ترث كإحدى الثلاث ولنا ما روى سعيد, عن ابن عيينة عن منصور عن إبراهيم (( أن النبي -- ورث ثلاث جدات, ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم )) وأخرجه أبو عبيد والدارقطني وروى سعيد أيضا عن إبراهيم أنه قال: كانوا يورثون من الجدات ثلاثا, ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم وهذا يدل على التحديد بثلاث وأنه لا يرث أكثر منهن وإذا ثبت هذا, فإن الوارثات هي أم الأم وإن علت درجتها وأم الأب وأمهاتها وإن علت درجتهن وأم الجد وأمهاتها ولا ترث أم أب الجد, ولا كل جدة أدلت بأكثر من ثلاثة آباء وهؤلاء الجدات المختلف فيهن وأجمع أهل العلم على أن الجدة المدلية بأب غير وارث لا ترث وهي كل جدة أدلت بأب بين أمين كأم أبي الأم, إلا ما حكى عن ابن عباس وجابر بن زيد ومجاهد وابن سيرين أنهم قالوا: ترث وهو قول شاذ لا نعلم اليوم به قائلا وليس بصحيح فإنها تدلى بغير وارث, فلم ترث كالأجانب وأمثلة ذلك, أم أم وأم أب السدس بينهما إجماعا أم أم أم, وأم أم أب وأم أبي أب وأم أبي أم, السدس للثلاث الأول إلا عند مالك وموافقيه فإنه للأوليين وعند داود هو للأولى وحدها ولا ترث الرابعة إلا في قول شاذ عن ابن عباس وموافقيه, أم أم أم أم وأم أم أم أب وأم أم أبي أب, وأم أبي أبي أب وأم أم أبي أم وأم أبي أم أم, وأم أبي أبي أم وأم أبي أم أب السدس للأولى عند داود وللأوليين عند مالك وموافقيه وللثلاث الأول عند أحمد وموافقيه وللأربع الأول عند أبي حنيفة وموافقيه وتسقط الأربع الباقيات إلا في الرواية الشاذة وفي الجملة لا يرث من قبل الأم إلا واحدة ولا من قبل الأب إلا اثنتان وهما اللتان جاء ذكرهما في الخبر, إلا عند أبي حنيفة وموافقيه فإنه كلما علون درجة زاد في عددهن من قبل الأب واحدة.

 مسألة: 

قال: [وإن كان بعضهن أقرب من بعض كان الميراث لأقربهن] أما إذا كانت إحدى الجدتين أم الأخرى, فأجمع أهل العلم على أن الميراث للقربى وتسقط البعدى بها وإن كانتا من جهتين والقربى من جهة الأم فالميراث لها, وتحجب البعدى في قول عامتهم إلا ما روى عن ابن مسعود ويحيى بن آدم وشريك أن الميراث بينهما وعن ابن مسعود إن كانتا من جهتين فهما سواء وإن كانتا من جهة واحدة فهو للقربى يعني به أن الجدتين من قبل الأب إذا كانت إحداهما أم الأب والأخرى أم الجد, سقطت أم الجد بأم الأب وسائر أهل العلم على أن القربى من جهة الأم تحجب البعدى من جهة الأب فأما القربى من جهة الأب فهل تحجب البعدى من جهة الأم؟ فعن أحمد فيها روايتان إحداهما أنها تحجبها ويكون الميراث للقربى وهذا قول على عليه السلام وإحدى الروايتين عن زيد وبه قال أبو حنيفة وأصحابه, وأهل العراق وهو قول الشافعي والرواية الثانية عن أحمد هو بينهما وهي الرواية الثابتة عن زيد وبه قال مالك والأوزاعي وهو القول الثاني للشافعي رضي الله عنه لأن الأب الذي تدلى به الجدة لا يحجب الجدة من قبل الأم فالتى تدلى به أولى أن لا يحجبها, وبهذا فارقتها القربى من قبل الأم فإنها تدلى بالأم وهي تحجب جميع الجدات ولنا أنها جدة قربى, فتحجب البعدى كالتى من قبل الأم ولأن الجدات أمهات يرثن ميراثا واحدا من جهة واحدة, فإذا اجتمعن فالميراث لأقربهن كالآباء والأبناء والإخوة والبنات وكل قبيل إذا اجتمعوا فالميراث لأقربهم وقولهم: إن الأب لا يسقطها قلنا: لأنهن لا يرثن ميراثه إنما يرثن ميراث الأمهات, لكونهن أمهات ولذلك أسقطتهن الأم والله أعلم مسائل: من ذلك أم أم وأم أم أب المال للأولى إلا في قول ابن مسعود هو بينهما أم أب وأم أم أم, المال للأولى في قول الخرقي وفي الرواية الأخرى هو بينهما أم أب وأم أم وأم جد المال للأوليين في قول الجميع إلا في قول شريك وموافقيه هو بينهن أم أب وأم أم وأم أم أم وأم أبي أب, هو للأوليين في قول الجميع.

 فصل: 

إذا اجتمعت جدة ذات قرابتين مع أخرى فقياس قول أبي عبد الله أن السدس بينهما أثلاثا لذات القرابتين ثلثاه, وللأخرى ثلثه كذلك قال أبو الحسن التميمي وأبو عبد الله العرني ولعلهما أخذا ذلك من قوله في توريث المجوس بجميع قراباتهم وهذا قول يحيى بن آدم, والحسن بن صالح ومحمد بن الحسن والحسن بن زياد وزفر وشريك وقال الثوري والشافعي وأبو يوسف: السدس بينهما نصفان وهو قياس قول مالك لأن القرابتين إذا كانتا من جهة واحدة, لم يرث بهما جميعا كالأخ من الأب والأم ولنا أنها شخص ذو قرابتين, ترث بكل واحدة منهما منفردة ولا يرجح بها على غيره فوجب أن يرث بكل واحدة منهما كابن العم إذا كان أخا أو زوجا, وفارق الأخ من الأبوين فإنه رجح بقرابتيه على الأخ من الأب ولا يجمع بين الترجيح بالقرابة الزائدة والتوريث بها فإذا وجد أحدهما انتفى الآخر, ولا ينبغي أن يخل بهما جميعا بل إذا انتفى أحدهما وجد الآخر وها هنا قد انتفى الترجيح فيثبت التوريث وصورة ذلك, أن يتزوج ابن ابن المرأة بنت بنتها فيولد لهما ولد فتكون المرأة أم أم أمه, وهي من أم أبي أبيه وإن تزوج ابن بنتها بنت بنتها فهي أم أم أمه وأم أم أبيه وإن أدلت الجدة بثلاث جهات ترث بهن, لم يمكن أن يجتمع معها جدة أخرى وارثة عند من لا يورث أكثر من ثلاث.

 مسألة: 

قال: والجدة ترث وابنها حي وجملته أن الجدة من قبل الأب إذا كان ابنها حيا وارثا فإن عمر وابن مسعود وأبا موسى وعمران بن الحصين وأبا الطفيل رضي الله عنهم ورثوها مع ابنها وبه قال شريح والحسن, وابن سيرين وجابر بن زيد والعنبري, وإسحاق وابن المنذر وهو ظاهر مذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه وقال زيد بن ثابت: لا ترث وروى ذلك عن عثمان, وعلى رضي الله عنهما وبه قال مالك والثوري والأوزاعي, وسعيد بن عبد العزيز والشافعي وابن جابر, وأبو ثور وأصحاب الرأي وهو رواية عن أحمد رواه عنه جماعة من أصحابه ولا خلاف في توريثها مع ابنها إذا كان عما أو عم أب لأنها لا تدلى به واحتج من أسقطها بابنها بأنها تدلى به فلا ترث معه, كالجد مع الأب وأم الأم مع الأم ولنا ما روى ابن مسعود رضي الله عنه قال (( أول جدة أطعمها رسول الله -- السدس, أم أب مع ابنها وابنها حي )) أخرجه الترمذي ورواه سعيد بن منصور إلا أن لفظه: (( أول جدة أطعمت السدس أم أب مع ابنها )) وقال ابن سيرين أول جدة أطعمها رسول الله -- السدس أم أب مع ابنها ولأن الجدات أمهات يرثن ميراث الأم, لا ميراث الأب فلا يحجبن به كأمهات الأم مسائل ذلك: أم أب وأب لها السدس والباقي له وعلى القول الآخر, الكل له دونها أم أم وأم أب وأب السدس بينهما على القول الأول وعلى الثاني السدس لأم الأم والباقي للأب وقيل: لأم الأم نصف السدس, والباقي للأب لأن الأب لو عدم لم يكن لأم الأم إلا نصف السدس فلا يكون لها مع وجوده إلا ما كان لها مع عدمه والأول أصح لأن الإخوة مع الأبوين يحجبون الأم عن نصف ميراثها ولا يأخذون ما حجبوها عنه, بل يتوفر ذلك على الأب كذا ها هنا ثلاث جدات متحاذيات وأب السدس بينهن على القول الأول, ولأم الأم على القول الثاني وعلى الثالث لأم الأم ثلث السدس والباقي للأب وإن كان مع المتحاذيات جدات, لم يحجب إلا أمه أب وأم أب وأم أم أم على قول الخرقي السدس لأم الأب ومن حجب الجدة بابنها أسقط أم الأب ثم اختلف القائلون بذلك فقيل: السدس كله لأم أم الأم لأن التي تحجبها أو تزاحمها قد سقط حكمها, فصارت كالمعدومة وقيل: بل لها نصف السدس على قول زيد لأنه يورث البعدى من جهة الأم مع القربى من جهة الأب فكان لها نصف السدس وقيل: لا شيء لها لأنها انحجبت بأم الأب ثم انحجبت أم الأب بالأب, فصار المال كله للأب.

 مسألة: 

قال: [والجدات المتحاذيات أن تكن أم أم أم وأم أم أب وأم أبي أب وإن كثرن فعلى ذلك] يعني بالمتحاذيات المتساويات في الدرجة, بحيث لا تكون واحدة أعلى من الأخرى ولا أنزل منها لأن الجدات إنما يرثن كلهن إذا كن في درجة واحدة ومتى كان بعضهن أقرب من بعض فالميراث لأقربهن, فإذا قيل: ترك جدتين وارثتين على أقرب المنازل فهما أم أمه وأم أبيه وإن قيل: ترك ثلاثا فهن كما قال الخرقي أم أم أم وأم أم أب وأم أبي أب واحدة من قبل الأم واثنتان من قبل الأب, وهما أم أمه وأم أبيه كما جاء الحديث وفي درجتهن أخرى من قبل الأم غير وارثة, وهي أم أبي الأم ولا يرت أبدا من قبل الأم إلا واحدة وهي التي كل نسبها أمهات لا أب فيهن فاحفظ ذلك فإن قيل: ترك أربعا فهن أم أم أم أم, وأم أم أم أب وأم أم أبي أب وأم أبي أبي أب وفي درجتهن أربع غير وارثات, وقد ذكرناهن فيما تقدم إلا أن مذهب أحمد لا يورث أكثر من ثلاث جدات وهن الثلاث الأول ويحتمل قول الخرقي توريثهن وإن كثرن, فعلى هذا القول كلما زاد درجة زادت جدة ويرث في الدرجة الخامسة خمس وفي السادسة ست, وفي السابعة سبع وعلى هذا أبدا وقول الخرقي " وإن كثرن فعلى ذلك " يحتمل أنه ذهب إلى توريث الجدات على هذا الوجه وإن كثرن ويحتمل أنه أراد وإن كثرن فلا يرث إلا هؤلاء الثلاث فعلى هذا القول لا يرث أكثر من ثلاث واحدة من قبل الأم, واثنتان من قبل الأب وهما أم أمه وأم أبيه وأمهاتهما ولا ترث جدة في نسبها أب بين أمين ولا ثلاثة آباء وإن أردت تنزيل الجدات الوارثات وغيرهن, فاعلم أن للميت في الدرجة الأولى جدتين أم أمه وأم أبيه وفي الثانية أربع لأن لكل واحد من أبويه جدتين فهما أربع بالنسبة إليه, وفي الثالثة ثمان لأن لكل واحد من أبويه أربعا على هذا الوجه فيكون لولدهما ثمان وعلى هذا كلما علون درجة تضاعف عددهن ولا يرث منهن إلا ثلاث والله أعلم. من يرث من الرجال والنساء.

 مسألة: 

قال: [ويرث من الرجال الابن, ثم ابن الابن وإن سفل والأب ثم الجد وإن علا, والأخ ثم ابن الأخ والعم, ثم ابن العم والزوج ومولى النعمة ومن النساء البنت, وبنت الابن والأم والجدة, والأخت والزوجة ومولاة النعمة] فهؤلاء مجمع على توريثهم, وأكثرهم ثبت توريثه بالكتاب والسنة فالابن ثبت ميراثه بقوله تعالى: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) وابن الابن ابن والأبوان ثبت ميراثهما بقوله تعالى: (( ولأبويه لكل واحد منهما السدس )) والجد يحتمل أن يتناوله قوله تعالى: (( ولأبويه )) كما دخل ابن الابن في عموم: (( أولادكم )) والأخ والأخت من الأم ثبت ميراثهما بقوله تعالى: (( وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس )) وولد الأبوين والأب, ثبت إرثه بقوله تعالى: (( وهو يرثها إن لم يكن لها ولد )) وأما ابن الأخ للأبوين أو للأب والعم وابنه وعم الأب وابنه, فثبت ميراثهم بقول النبي: عليه السلام (( ما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر )) ولم يدخل فيهم ولد الأم ولا العم للأم ولا ابنه, ولا الخال ولا أبو الأم لأنهم ليسوا من العصبات وأما المولى المعتق والمولاة, فثبت إرثهما بقوله عليه السلام (( الولاء لمن أعتق )) والجدة أطعمها النبي -- السدس والزوج ثبت إرثه بقوله تعالى: (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم )) والزوجة ثبت إرثها بقوله تعالى: (( ولهن الربع مما تركتم )).

 فصل: 

وجميعهم ضربان ذو فرض وعصبة فالذكور كلهم عصبات إلا الزوج, والأخ من الأم وإلا الأب والجد مع الابن والإناث كلهن إذا انفردن عن إخوتهن ذوات فرض, إلا المولاة المعتقة وإلا الأخوات مع البنات وعدد العصبات الابن وابنه وإن نزل, والأب وأبوه وإن علا والأخ من الأبوين, والأخ من الأب وابناهما وإن نزلا والعمان كذلك وابناهما وإن نزلا, وعما الأب وابناهما كذلك أبدا ومولى النعمة وعدد الإناث البنات, وبنات الابن والأم والجدة من الجهتين وإن علت, والأخوات من الجهات الثلاث والأخ من الأم والزوج والزوجة ومن لا يسقط بحال خمسة الزوجان, والأبوان وولد الصلب لأنهم يمتون بأنفسهم من غير واسطة بينهم وبين الميت يحجبهم ومن سواهم من الوارث إنما يمت بواسطة سواه, فيسقط بمن هو أولى بالميت منه.

 باب ميراث الجد 

روى أبو داود بإسناده عن قتادة عن الحسن, عن عمران بن الحصين (( أن رجلا أتى النبي -- فقال: إن ابن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ قال: لك السدس فلما أدبر دعاه فقال: إن لك سدسا آخر فلما أدبر دعاه, فقال: إن لك السدس الآخر طعمة )) قال قتادة: فلا ندرى أي شيء ورثه قال قتادة أقل شيء ورث الجد السدس وروى عن الحسن أيضا أن عمر رضي الله عنه قال: (( أيكم يعلم ما ورث رسول الله -- الجد؟ فقال معقل بن يسار: أنا ورثه رسول الله -- السدس قال: مع من؟ قال: لا أدرى قال: لا دريت قال: فما يغني إذا, )) رواه سعيد في " سننه " قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم من أصحاب رسول الله -- على أن الجد أبا الأب لا يحجبه عن الميراث غير الأب, وأنزلوا الجد في الحجب والميراث منزلة الأب في جميع المواضع إلا في ثلاثة أشياء أحدها زوج وأبوان والثانية, زوجة وأبوان للأم ثلث الباقي فيهما مع الأب وثلث جميع المال لو كان مكان الأب جد والثالثة, اختلفوا في الجد مع الإخوة والأخوات للأبوين أو للأب ولا خلاف بينهم في إسقاطه بني الإخوة وولد الأم ذكرهم وأنثاهم وذهب الصديق رضي الله عنه إلى أن الجد يسقط جميع الإخوة والأخوات من جميع الجهات كما يسقطهم الأب وبذلك قال عبد الله بن عباس, وعبد الله بن الزبير وروى ذلك عن عثمان وعائشة وأبي بن كعب, وأبي الدرداء ومعاذ بن جبل وأبي موسى, وأبي هريرة رضي الله عنهم وحكى أيضا عن عمران بن الحصين وجابر بن عبد الله وأبي الطفيل, وعبادة بن الصامت وعطاء وطاوس وجابر بن زيد وبه قال قتادة, وإسحاق وأبو ثور ونعيم بن حماد وأبو حنيفة, والمزني وابن شريح وابن اللبان, وداود وابن المنذر وكان على بن أبي طالب وابن مسعود, وزيد بن ثابت رضي الله عنهم يورثونهم معه ولا يحجبونهم به وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي, وأبو يوسف ومحمد لأن الأخ ذكر يعصب أخته فلم يسقطه الجد, كالابن ولأن ميراثهم ثبت بالكتاب فلا يحجبون إلا بنص أو إجماع أو قياس وما وجد شيء من ذلك, فلا يحجبون ولأنهم تساووا في سبب الاستحقاق فيتساوون فيه فإن الأخ والجد يدليان بالأب الجد أبوه, والأخ ابنه وقرابة البنوة لا تنقص عن قرابة الأبوة بل ربما كانت أقوى فإن الابن يسقط تعصيب الأب, ولذلك مثله على رضي الله عنه بشجرة أنبتت غصنا فانفرق منه غصنان كل واحد منهما إلى الآخر أقرب منه إلى أصل الشجرة, ومثله زيد بواد خرج منه نهر انفرق منه جدولان كل واحد منهما إلى الآخر أقرب منه إلى الوادى واحتج من ذهب مذهب أبي بكر رضي الله عنه بقول النبي: -- (( ألحقوا الفرائض بأهلها, وما بقي فلأولى عصبة ذكر )) والجد أولى من الأخ بدليل المعنى والحكم أما المعنى فإنه له قرابة إيلاد وبعضية كالأب وأما الحكم فإن الفروض إذا ازدحمت سقط الأخ دونه, ولا يسقطه أحد إلا الأب والإخوة والأخوات يسقطون بثلاثة ويجمع له بين الفرض والتعصيب, كالأب وهم ينفردون بواحد منهما ويسقط ولد الأم, وولد الأب يسقطون بهم بالإجماع إذا استغرقت الفروض المال وكانوا عصبة وكذلك ولد الأبوين في المشركة عند الأكثرين ولأنه لا يقتل بقتل ابن ابنه, ولا يحد بقذفه ولا يقطع بسرقة ماله ويجب عليه نفقته, ويمنع من دفع زكاته إليه كالأب سواء فدل ذلك على قوته فإن قيل: فالحديث حجة في تقديم الأخوات لأن فروضهن في كتاب الله, فيجب أن تلحق بهن فروضهن ويكون للجد ما بقي فالجواب أن هذا الخبر حجة في الذكور المنفردين, وفي الذكور مع الإناث أو نقول: هو حجة في الجميع ولا فرض لولد الأب مع الجد لأنهم كلالة والكلالة اسم للوارث مع عدم الولد والوالد, فلا يكون لهم معه إذا فرض حجة أخرى قالوا: الجد أب فيحجب ولد الأب, كالأب الحقيقى ودليل كونه أبا قوله تعالى: (( ملة أبيكم إبراهيم )) وقول يوسف: (( واتبعت ملة آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب )) وقوله: (( كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق )) وقال النبي: -- (( ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا )) وقال: (( سام أبو العرب وحام أبو الحبش )) وقال: (( نحن بني النضر بن كنانة, لا نقفوا أمنا ولا ننفي من أبينا )). وقال الشاعر: إنا بني نهشل لا ندعى لأب عنه ** ولا هو بالأبناء يشرينا فوجب أن يحجب الإخوة كالأب الحقيقي, يحقق هذا أن ابن الابن وإن سفل يقوم مقام أبيه في الحجب وكذلك أبو الأب يقوم مقام ابنه ولذلك قال ابن عباس ألا يتقى الله زيد يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أبا الأب أبا ولأن بينهما إيلادا وبعضية وجزئية, وهو يساوى الأب في أكثر أحكامه فيساويه في هذا الحجب يحققه أن أبا الأب وإن علا يسقط بني الإخوة ولو كانت قرابة الجد والأخ واحدة, لوجب أن يكون أبو الجد مساويا لبني الأخ لتساوى درجة من أدليا به والله أعلم ولا تفريع على هذا القول لوضوحه

فصل: اختلف القائلون بتوريثهم معه في كيفية توريثهم فكان على رضي الله عنه يفرض للأخوات فروضهن, والباقي للجد إلا أن ينقصه ذلك من السدس فيفرضه له, فإن كانت أخت لأبوين وإخوة لأب فرض للأخت النصف, وقاسم الجد الإخوة فيما بقي إلا أن تنقصه المقاسمة من السدس فنفرضه له فإن كان الإخوة كلهم عصبة, قاسمهم الجد إلى السدس فإن اجتمع ولد الأب وولد الأبوين مع الجد سقط ولد الأب ولم يدخلوا في المقاسمة, ولا يعتد بهم وإن انفرد ولد الأب قاموا مقام ولد الأبوين مع الجد وصنع ابن مسعود في الجد مع الأخوات كصنع على عليه السلام وقاسم به الإخوة إلى الثلث فإن كان معهم أصحاب فرائض, أعطى أصحاب الفرائض فرائضهم ثم صنع صنيع زيد في إعطاء الجد الأحظ من المقاسمة أو ثلث الباقي أو سدس جميع المال وعلى يقاسم به بعد أصحاب الفرائض, إلا أن يكون أصحاب الفرائض بنتا أو بنات فلا يزيد الجد على الثلث ولا يقاسم به وقال بقول على الشعبي, والنخعي والمغيرة بن المقسم وابن أبي ليلى, والحسن بن صالح وذهب إلى قول ابن مسعود مسروق وعلقمة, وشريح وأما مذهب زيد فهو الذي ذكره الخرقي وسنشرحه إن شاء الله وإليه ذهب أحمد وبه قال أهل المدينة وأهل الشام, والثوري والأوزاعي والنخعي, والحجاج بن أرطاة ومالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأبو عبيد وأكثر أهل العلم.

مسألة: قال أبو القاسم: [ومذهب أبي عبد الله -رحمه الله- , في الجد قول زيد بن ثابت رضي الله عنه وإذا كان إخوة وأخوات وجد قاسمهم الجد بمنزلة أخ, حتى يكون الثلث خيرا فإذا كان الثلث خيرا له أعطى ثلث جميع المال] وجملة ذلك أن مذهب زيد في الجد مع الإخوة, والأخوات للأبوين أو للأب أنه يعطيه الأحظ من شيئين إما المقاسمة, كأنه أخ وإما ثلث جميع المال فعلى هذا إذا كان الإخوة اثنين أو أربع أخوات, أو أخا وأختين فالثلث والمقاسمة سواء فأعطه ما شئت منهما وإن نقصوا عن ذلك, فالمقاسمة أحظ له فقاسم به لا غير وإن زادوا فالثلث خير له, فأعطه إياه وسواء كانوا من أب أو من أبوين فإن اجتمع ولد الأبوين وولد الأب, فإن ولد الأبوين يعادون الجد بولد الأب ويحتسبون بهم عليه ثم ما حصل لهم أخذه منهم ولد الأبوين, إلا أن يكون ولد الأبوين أختا واحدة فتأخذ منهم تمام نصف المال ثم ما فضل فهو لهم ولا يمكن أن يفضل عنهم أكثر من السدس لأن أدنى ما للجد الثلث, وللأخت النصف والباقي بعدهما هو السدس.

مسألة: قال: [فإن كان مع الجد والإخوة والأخوات أصحاب فرائض أعطى أصحاب الفرائض فرائضهم, ثم نظر فيما بقي فإن كانت المقاسمة خيرا للجد من ثلث ما بقي, ومن سدس جميع المال أعطى المقاسمة وإن كان ثلث ما بقي خيرا له من المقاسمة, ومن سدس جميع المال أعطى ثلث ما بقي فإن كان سدس جميع المال أحظ له من المقاسمة, ومن ثلث ما بقي أعطى سدس جميع المال] أما كونه لا ينقص عن سدس جميع المال فلأنه لا ينقص عن ذلك مع الولد الذي هو أقوى فمع غيرهم أولى وأما إعطاؤه ثلث الباقي إذا كان أحظ له, فلأن له الثلث مع عدم الفروض فما أخذ بالفرض فكأنه ذهب من المال, فصار ثلث الباقي بمنزلة ثلث جميع المال وأما المقاسمة فهي له مع عدم الفروض فكذلك مع وجودها فعلى هذا متى زاد الإخوة عن اثنين, أو من يعدلهم من الإناث فلا حظ له في المقاسمة ومتى نقصوا عن ذلك فلا حظ له في ثلث الباقي, ومتى زادت الفروض على النصف فلا حظ له في ثلث ما بقي وإن نقصت عن النصف فلا حظ له في السدس وإن كان الفرض النصف فحسب استوى السدس وثلث الباقي, وإن كان الإخوة اثنين استوى ثلث الباقي والمقاسمة.

مسألة: قال: [ولا ينقص الجد أبدا من سدس جميع المال أو تسميته إذا زادت السهام] هذا قول عامة أهل العلم إلا أنه روى عن الشعبي أنه قال: إن ابن عباس كتب إلى على في ستة إخوة وجد فكتب إليه: اجعل الجد سابعهم, وامح كتابي هذا وروى عنه في سبعة إخوة وجد أن الجد ثامنهم وحكى عن عمران بن حصين والشعبي المقاسمة إلى نصف سدس المال ولنا أن الجد لا ينقص عن السدس مع البنين, وهم أقوى ميراثا من الإخوة فإنهم يسقطونهم فلأن لا ينقص عنه مع الإخوة أولى ولأن النبي -- أطعم الجد السدس, فلا ينبغي أن ينقص منه وأما قوله: " أو تسميته إذا زادت السهام " فإنه يعني إذا عالت المسألة فإنه يسمى له السدس وهو ناقص عن السدس, ألا ترى أنا نقول في زوج وأم وابنتين وجد: له السدس ونعطيه سهمين من خمسة عشر سهما وهما ثلثا الخمس ومتى أفضت المسألة إلى العول سقط الإخوة والأخوات إلا في الأكدرية ولا ينقص الجد عن السدس الكامل في مسألة يرث فيها أحد من الإخوة والأخوات.

مسألة: قال: [وإذا كان أخ لأب وأم, وأخ لأب وجد قاسم الجد الأخ للأب والأم, والأخ للأب على ثلاثة أسهم ثم رجع الأخ للأب والأم على ما في يد أخيه لأبيه, فأخذه] قد ذكرنا أن الجد يقاسم الإخوة كأخ ما لم تنقصه المقاسمة عن الثلث وأن ولد الأبوين يعادون الجد بولد الأب, ثم يأخذون ما حصل لهم وأنه متى كان اثنان من الإخوة وجد استوى الثلث والمقاسمة ففي هذه المسألة قد استوى الثلث والمقاسمة, ولذلك اقتسما على ثلاثة لكل واحد سهم ثم أخذ الأخ للأبوين ما حصل لأخيه من أبيه وإن شئت فرضت للجد الثلث, والباقي لولد الأبوين وإن زاد عدد الإخوة على اثنين أو من يعدلهما من الأخوات فافرض للجد الثلث والباقي لولد الأبوين هذا مذهب زيد وأما على وابن مسعود فإنهما يقاسمان به ولد الأبوين, ويسقطان ولد الأب ولا يعتدان به لأنه محجوب بولد الأبوين فلا يعتد به كولد الأم وقسما هذه المسألة بين الجد والأخ من الأبوين نصفين, وأسقطا الأخ من الأب ولنا أن الجد والد فإذا حجبه أخوان وارثان, جاز أن يحجبه أخ وارث وأخ غير وارث كالأم, ولأن ولد الأب يحجبونه إذا انفردوا فيحجبونه مع غيرهم كالأم, ويفارق ولد الأم لأن الجد يحجبهم فلا ينبغي أن يحجبوه بخلاف ولد الأب فإن الجد لا يحجبهم فجاز أن يحجبوه إذا حجبهم غيره, كما يحجبون الأم وإن كانوا محجوبين بالأب وأما الأخ من الأبوين فهو أقوى تعصيبا من الأخ من الأب, فلا يرث معه شيئا كما لو انفردا عن الجد فيأخذ ميراثه, كما لو اجتمع ابن وابن ابن حجبه وأخذ ميراثه فإن قيل: فالجد يحجب ولد الأم, ولا يأخذ ميراثه والإخوة يحجبون الأم وإن لم يأخذوا ميراثها قلنا: الجد وولد الأم يختلف سبب استحقاقهما للميراث وكذلك سائر من يحجب ولا يأخذ ميراث المحجوب, وها هنا سبب استحقاق الإخوة للميراث الأخوة والعصوبة فأيهما قوى حجب الآخر وأخذ ميراثه وقد مثلت هذه المسألة بمسألة في الوصايا, وهي إذا أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر بمائة ولثالث بتمام الثلث على المائة, وكان ثلث المال مائتين فإن الموصى له بالمائة يزاحم صاحب الثلث بصاحب التمام فيقاسمه الثلث نصفين, ثم يختص صاحب المائة بها ولا يحصل لصاحب التمام شيء "

فصل: أخ لأبوين وأختان لأب وجد للجد الثلث, والباقي للأخ وفي قول على وابن مسعود المال بينه وبين الجد نصفين أخ وأخت من أبوين وأخت من أب وجد فللجد الثلث والباقي بين ولد الأبوين على ثلاثة, وتصح من تسعة وفي قول على وابن مسعود المال بين ولد الأبوين والجد على خمسة أخ لأبوين وأخت لأب وجد المال بينهم على خمسة للجد سهمان والباقي للأخ وعندهما المال بينهما نصفين.

فصل: أخوان لأبوين وأخ لأب وجد, للجد الثلث والباقي للأخوين للأبوين عند الجميع وإن كان ولد الأبوين ثلاثة فللجد الثلث أيضا عند زيد وعند على وابن مسعود له الربع لأنهما يقاسمان به إلى السدس أخ وأخت من أبوين وأخ من أب أو أكثر من ذلك, فللجد الثلث وعندهما للجد الخمسان وللأخ للأبوين الخمسان, وللأخت الخمس.

مسألة قال: [وإذا كان أخ وأخت لأب وأم أو لأب وجد, كان المال بين الجد والأخ والأخت على خمسة أسهم للجد سهمان وللأخ سهمان وللأخت سهم] المقاسمة ها هنا خير للجد من الثلث لأنه يحصل له بها خمسا المال, وذلك خير له من الثلث وكذلك كلما نقص الإخوة عن اثنين أو من يعدلهم من الإناث كثلاث أخوات, أو أختين أو أخ واحد أو أخت واحدة, فليس فيها إلا المقاسمة به كأخ وهذا قول زيد وعلى وعبد الله, إذا كانوا عصبة فأما إن كن أخوات منفردات فإن عليا وابن مسعود يفرضان لهن فروضهن, ثم يعطيان الجد ما بقي.

مسألة: قال: [وإذا كانت أخت لأب وأم وأخت لأب وجد, كانت الفريضة للجد والأختين على أربعة أسهم للجد سهمان ولكل أخت سهم ثم رجعت الأخت للأم والأب, فأخذت مما في يد أختها لتستكمل النصف] المقاسمة ها هنا أحظ للجد وتعتد الأخت للأبوين على الجد بأختها من أبيها فيصير له النصف, ولهما النصف بينهما على اثنين لكل واحدة سهم ثم تأخذ الأخت من الأبوين ما بقي في يد أختها, لتستكمل تمام فرضها وهو جميع ما في يدها فلا يبقى لها شيء وتصير كما لو كان معهما بنت, فأخذت البنت النصف وبقي النصف فإن الأخت من الأبوين تأخذه جميعه, فلا يبقى للأخت من الأب شيء فصل: فإن كان مع الأخت من الأبوين أختان من أب كان المال بينهن وبين الجد على خمسة أسهم للجد اثنان ولهن ثلاثة, ثم تأخذ الأخت من الأبوين من أختها تمام النصف وهو سهم ونصف يبقى لهما نصف سهم بينهما, لكل واحدة ربع سهم فتضرب مخرج الربع وهو أربعة في خمسة, تكن عشرين للجد ثمانية وللأخت للأبوين عشرة ولكل واحدة من أختيها سهم فإن كان معها ثلاث أخوات, أو أكثر من ذلك فليس للجد إلا الثلث ولها النصف, ويبقى السدس بين الأخوات من الأب وإن كثرن وإن كان من ولد الأبوين أختان أو أكثر فليس للأخوات من الأب شيء وإن كثرن لأن فرض الأختين الثلثان والجد لا ينقص عن الثلث, فلا يبقى من المال شيء ولأن الأخوات من الأبوين يسقطن الأخوات من الأب باستكمال الثلثين ولو لم يكن معهن جد, فمع الجد أولى وليس في هذه المسألة اختلاف فأما مسألة الخرقي فإن عليا وعبد الله يفرضان للأخت من الأبوين النصف وللأخت من الأب السدس والباقي للجد, وكذلك إن كان معها أختان أو أخوات من أب.

مسألة: قال: [فإن كان مع التي من قبل الأب أخوها كان المال بين الجد والأخ والأختين على ستة أسهم للجد سهمان وللأخ سهمان, ولكل أخت سهم ثم رجعت الأخت من الأب والأم على الأخ والأخت من الأب فأخذت مما في أيديهما لتستكمل النصف, فتصح الفريضة من ثمانية عشر سهما للجد ستة أسهم وللأخت من الأب والأم تسعة أسهم وللأخ سهمان وللأخت سهم] المقاسمة ها هنا والثلث سواء, فإن قاسمت به كان المال بينهم على ستة أسهم يأخذ الجد سهمين ثم يكمل للأخت تمام النصف مما في أيديهما ثلاثة أسهم, يبقى لهما سهم على ثلاثة لا يصح فتضرب ثلاثة في أصل المسألة تكن ثمانية عشر, كما قال الخرقي وإن زاد ولد الأب على هذا لم يزادوا على السدس شيئا لأن الجد لا ينقص عن الثلث والأخت لا تنقص عن النصف فلا يبقى إلا السدس.

مسألة الأكدرية: قال: [وإذا كان زوج وأم وأخت وجد, فللزوج النصف وللأم الثلث وللأخت النصف, وللجد السدس] ثم يقسم سدس الجد ونصف الأخت بينهما على ثلاثة أسهم للجد سهمان وللأخت سهم, فتصح الفريضة من سبعة وعشرين سهما للزوج تسعة أسهم وللأم ستة, وللجد ثمانية وللأخت أربعة وتسمى هذه المسألة الأكدرية ولا يفرض للجد مع الأخوات في غير هذه المسألة قيل: إنما سميت هذه المسألة الأكدرية لتكديرها لأصول زيد في الجد فإنه أعالها, ولا عول عنده في مسائل الجد وفرض للأخت معه ولا يفرض لأخت مع جد, وجمع سهامه وسهامها فقسمها بينهما ولا نظير لذلك وقيل: سميت الأكدرية لأن عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا اسمه الأكدر, فأفتى فيها على مذهب زيد وأخطأ فيها فنسبت إليه واختلف أهل العلم فيها فمذهب أبي بكر الصديق وموافقيه إسقاط الأخت, ويجعل للأم الثلث وما بقي للجد وقال عمر وابن مسعود للزوج النصف وللأخت النصف, وللأم السدس وللجد السدس وعالت إلى ثمانية وجعلوا للأم السدس كى لا يفضلوها على الجد وقال على وزيد للزوج النصف, وللأخت النصف وللأم الثلث وللجد السدس, وعولاها إلى تسعة ولم يحجبا الأم عن الثلث لأن الله تعالى إنما حجبها بالولد والإخوة وليس ها هنا ولد ولا إخوة ثم إن عمر وعليا وابن مسعود أبقوا النصف للأخت, والسدس للجد وأما زيد فإنه ضم نصفها إلى سدس الجد فقسمه بينهما لأنها لا تستحق معه إلا بحكم المقاسمة, وإنما حمل زيد على إعالة المسألة ها هنا لأنه لو لم يفرض للأخت لسقطت وليس في الفريضة من يسقطها وقد روى عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: ما قال ذلك زيد وإنما قاس أصحابه على أصوله, ولم يبين هو شيئا فإن قيل: فالأخت مع الجد عصبة والعصبة تسقط باستكمال الفروض قلنا: إنما يعصبها الجد وليس بعصبة مع هؤلاء, بل يفرض له ولو كان مكان الأخت أخ لسقط لأنه عصبة في نفسه ولو كان مع الأخت أخرى أو أخ أو أكثر من ذلك, لانحجبت الأم إلى السدس وبقي لهما السدس فأخذوه, ولم تعل المسألة وأصل المسألة في الأكدرية ستة وعالت إلى تسعة وسهام الأخت والجد أربعة بينهما, على ثلاثة لا تصح فتضرب ثلاثة في تسعة تكن سبعة وعشرين, ثم كل من له شيء من أصل المسألة مضروب في الثلاثة التي ضربتها في المسألة فللزوج ثلاثة في ثلاثة: تسعة وللأم اثنان في ثلاثة: ستة, ويبقى اثنا عشر بين الجد والأخت على ثلاثة له ثمانية ولها أربعة ويعايل بها فيقال: أربعة ورثوا مال ميت, فأخذ أحدهم ثلثه والثاني ثلث ما بقي والثالث ثلث ما بقي, والرابع ما بقي ويقال: امرأة جاءت قوما فقالت: إني حامل فإن ولدت ذكرا فلا شيء له, وإن ولدت أنثى فلها تسع المال وثلث تسعه وإن ولدت ولدين فلهما السدس ويقال أيضا: إن ولدت ذكرا فلى ثلث المال وإن ولدت أنثى فلى تسعاه, وإن ولدت ولدين فلى سدسه.

فصل: زوجة وأم وأخت وجد للزوجة الربع وللأم الثلث, والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة أصلها من اثني عشر وتصح من ستة وثلاثين فإن كان مكان الأخت أخ فالباقي بينهما نصفين, وتصح من أربعة وعشرين وإن كانتا أختين قاسمها وصحت من ثمانية وأربعين فإن كان أخ وأخت أو ثلاث أخوات, حجبوا الأم إلى السدس وقسموا الباقي بينهم على خمسة وصحت من ستين فإن زادوا على ذلك, استوى ثلث الباقي والمقاسمة فافرض له ثلث الباقي واضرب المسألة في ثلاثة, تصير ستة وثلاثين ويبقى له ولهم أحد وعشرون يأخذ ثلثها سبعة, والباقي لهم فإن لم تصح عليهم ضربتهم أو وفقهم في ستة وثلاثين, فما بلغ فمنه تصح فإن كانوا من الجهتين لم يبق لولد الأب شيء واستأثر به ولد الأبوين دونهم.

فصل: زوجة وأخت وجد وجدة فهي كالتى قبلها في فروعها إلا في أن للجدة السدس مع الأخت الواحدة, والأخ الواحد ومتى كانوا أكثر من واحد كان حكم الجدة والأم واحدا وإن لم يكن معهم جدة فهي من أربعة للزوجة الربع, ويبقى ثلاثة للجد سهمان وللأخت سهم فإن كان معها أخت أخرى, فالباقي بينهم على أربعة وتصح من ستة عشر وإن كان مكانهما أخ صحت من ثمانية, فإن كان أخ وأخت وثلاث أخوات فالباقي بينهم على خمسة وتصح من عشرين وإن زادوا على هذا, فأعطه ثلث الباقي بينهما واقسم الباقي على الباقين فإن كانوا من الجهتين, فلا شيء لولد الأب لأن الباقي بعد نصيب الجد لا يزيد على النصف وهو أقل فرض لولد الأبوين.

مسألة: قال: [وإذا كانت أم وأخت وجد فللأم الثلث وما بقي فبين الجد والأخت على ثلاثة أسهم للجد سهمان, وللأخت سهم] وهذه المسألة تسمى الخرقاء إنما سميت خرقاء لكثرة اختلاف الصحابة فيها فكأن الأقوال خرقتها قيل فيها سبعة أقوال: قول الصديق وموافقيه, للأم ثلث والباقي للجد وقول زيد وموافقيه للأم الثلث, أصلها من ثلاثة ويبقى سهمان بين الأخت والجد على ثلاثة, وتصح من تسعة وقول على للأخت النصف وللأم الثلث, وللجد السدس وعن عمر وعبد الله للأخت النصف وللأم ثلث ما بقي وما بقي فللجد وعن ابن مسعود للأم السدس, والباقي للجد وهي مثل القول الأول في المعنى وعن ابن مسعود أيضا للأخت النصف, والباقي بين الجد والأم نصفان فتكون من أربعة وهي إحدى مربعات ابن مسعود وقال عثمان المال بينهم أثلاث, لكل واحد منهم ثلث وهي مثلثة عثمان وتسمى المسبعة فيها سبعة أقوال والمسدسة لأن معنى الأقوال يرجع إلى ستة وسأل الحجاج عنها الشعبي فقال: اختلف فيها خمسة من أصحاب رسول الله -- وذكر له عثمان وعليا وابن مسعود وزيدا وابن عباس.

فصل: أم أو جدة وأختان وجد المقاسمة خير للجد, ويبقى خمسة على أربعة فتصح من أربعة وعشرين أم وأخ وأخت أو ثلاث أخوات وجد, تصح من ستة أم وأخوان أو أخ وأختان أو أربع أخوات وجد ثلث الباقي والمقاسمة سواء, فإن زادوا على ذلك فرض للجد ثلث الباقي وانتقلت المسألة إلى ثمانية عشر للأم ثلاثة وللجد خمسة, يبقى عشرة للإخوة والأخوات فتصحح المسألة عليهم فإن كان الإخوة والأخوات من الجهتين, فالباقي كله لولد الأبوين إلا أن يكون ولد الأبوين أختا واحدة فلها قدر فرضها, والباقي لهم أم وأخت لأبوين وأخ وأخت لأب وجد للأم السدس وللجد ثلث الباقي ينتقل إلى ثمانية عشرة, فللأم ثلاثة وللجد خمسة وللأخت للأبوين النصف تسعة, يبقى سهم على ثلاثة فتصح من أربعة وخمسين وتسمى مختصرة زيد لأنه لو قاسم بالجد لانتقلت إلى ستة وثلاثين, ثم يبقى سهمان على ثلاثة فتصح من مائة وثمانية ثم ترجع بالاختصار إلى أربعة وخمسين, فلذلك سميت المختصرة أم وأخت لأبوين وأخوان وأخت لأب وجد أصلها من ستة ثم تنتقل إلى ثمانية عشر, ويفضل لولد الأب سهم على خمسة تضربها في ثمانية عشر تكن تسعين, وتسمى تسعينية زيد وفي هذا الفصل كله الجدة كالأم لأن لكل واحدة منهما السدس.

مسألة: قال: [وإذا كانت بنت وأخت وجد فللبنت النصف, وما بقي فبين الجد والأخت على ثلاثة أسهم للجد سهمان, وللأخت سهم] إنما كان كذلك لأن المقاسمة ها هنا أحظ للجد وقال على رضي الله عنه للبنت النصف وللجد السدس والباقي للأخت وعند ابن مسعود الباقي بعد فرض البنت بين الجد والأخت نصفين لأن كل واحد منهما لو انفرد أخذ المال بالتعصيب, فإذا اجتمعا اقتسما كما لو كان مكانها أخ فأما على فبني على أصله في أن الأخوات لا يقاسمن الجد وإنما يفرض لهن, فلم يفرض لها ها هنا لأن الأخت مع البنت عصبة وأعطى الجد السدس كما لو انفرد معها, وجعل لها الباقي ولنا أن الجد يقاسم الأخت فيأخذ مثلها إذا كان معها أخ, فكذلك إذا انفردت وهذه إحدى مربعات ابن مسعود.

فصل: بنت وأخ وجد الباقي بعد فرض البنت بينهما نصفين وإن كان معه أخته فالباقي بينهم على خمسة وإن كان أخوان أو أخ وأختان, أو أربع أخوات استوى ثلث الباقي والسدس والمقاسمة فإن زادوا فلا حظ له في المقاسمة, ويأخذ السدس والباقي لهم فإن كانوا من الجهتين فليس لولد الأب شيء ويأخذ ولد الأبوين جميع الباقي بنت وأختان وجد, الباقي بين الجد والأختين على أربعة وتصح من ثمانية فإن كن ثلاث أخوات فالباقي بينهم على خمسة فإن كن أكثر من أربع, فله السدس أو ثلث الباقي والباقي لهن.

فصل: بنتان, أو أكثر أو بنت ابن وأخت وجد للبنتين الثلثان, والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة وتصح من تسعة وإن كان مكانها أخ فالباقي بينهما على اثنين, وتصح من ستة وإن كان مكانه أختان صحت من اثني عشر ويستوى في هاتين المسألتين السدس والمقاسمة فإن زادوا عن أخ أو عن أختين فرضت للجد السدس, وكان الباقي لهم فإن كان معهم أم أو جدة فللجد السدس, ولا شيء للإخوة والأخوات.

فصل: زوج وأخت وجد للزوج النصف والباقي بينهما على ثلاثة وعند على وابن مسعود للأخت النصف, وللجد السدس وعالت إلى سبعة وإن كان مع الأخت أخرى فالباقي بينهم على أربعة وعندهما, لهما الثلثان وتعول إلى ثمانية وإن كان مكانهما أخ فالباقي بينهما نصفان وإن كان أخ وأخت, أو ثلاث أخوات قاسمهم الجد وإن كان أخوان أو من يعدلهما, استوى السدس وثلث الباقي والمقاسمة فإن زادوا فرضت له السدس والباقي لهم وإن كان زوج وبنت وأخت وجد, فللزوج الربع وللبنت النصف والباقي بينهما على ثلاثة ويستوى السدس ها هنا والمقاسمة فإن زادوا على أخت واحدة, فرضت للجد السدس والباقي لهم وإن كان مع الزوج ابنتان أو بنت وبنت ابن, أو بنت وأم أو جدة سقطت الإخوة والأخوات وفرضت للجد السدس, وعالت المسألة إلى ثلاثة عشر.

فصل: زوجة وبنت وأخت وجد الباقي بين الجد والأخت على ثلاثة وتصح من ثمانية فإن كان مكان الأخت أخ, أو أختان فالباقي بينهم وتصح مع الأخ من ستة عشر ومع الأختين من اثنين وثلاثين وإن زادوا فرضت للجد السدس, وانتقلت المسألة إلى أربعة وعشرين ثم تصحح على المنكسر عليهم وإن كان مع الزوجة ابنتان أو أكثر, أو بنت وبنت ابن وبنت وأم أو جدة, فرضت للجد السدس ويبقى للإخوة والأخوات سهم من أربعة وعشرين.

 باب ذوي الأرحام: 

ذوي الأرحام وهم الأقارب الذين لا فرض لهم ولا تعصيب وهم أحد عشر حيزا ولد البنات, وولد الأخوات وبنات الإخوة وولد الإخوة من الأم, والعمات من جميع الجهات والعم من الأم والأخوال, والخالات وبنات الأعمام والجد أبو الأم, وكل جدة أدلت بأب بين أمين أو بأب أعلى من الجد فهؤلاء ومن أدلى بهم, يسمون ذوى الأرحام وكان أبو عبد الله يورثهم إذا لم يكن ذو فرض ولا عصبة ولا أحد من الوارث, إلا الزوج والزوجة روى هذا القول عن عمر وعلي, وعبد الله وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل, وأبي الدرداء رضي الله عنهم وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز وعطاء, وطاوس وعلقمة ومسروق, وأهل الكوفة وكان زيد لا يورثهم ويجعل الباقي لبيت المال وبه قال مالك والأوزاعي, والشافعي رضي الله عنهم وأبو ثور وداود وابن جرير لأن عطاء بن يسار روى (( أن رسول الله -- ركب إلى قباء يستخير الله تعالى في العمة والخالة, فأنزل عليه أن لا ميراث لهما )) رواه سعيد في " سننه " لأن العمة وابنة الأخ لا ترثان مع أخويهما, فلا ترثان منفردتين كالأجنبيات وذلك لأن انضمام الأخ إليهما يؤكدهما ويقويهما بدليل أن بنات الابن, والأخوات من الأب يعصبهن أخوهن فيما بقي بعد ميراث البنات والأخوات من الأبوين ولا يرثن منفردات, فإذا لم يرث هاتان مع أخيهما فمع عدمه أولى ولأن المواريث إنما تثبت نصا ولا نص في هؤلاء ولنا قول الله تعالى: (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) أي أحق بالتوارث في حكم الله تعالى قال أهل العلم: كان التوارث في ابتداء الإسلام بالحلف, فكان الرجل يقول للرجل: دمى دمك ومالى مالك تنصرني وأنصرك, وترثني وأرثك فيتعاقدان الحلف بينهما على ذلك فيتوارثان به دون القرابة وذلك قول الله عز وجل: (( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم )) ثم نسخ ذلك, وصار التوارث بالإسلام والهجرة فإذا كان له ولد ولم يهاجر, ورثه المهاجرون دونه وذلك قوله عز وجل: (( والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا )) ثم نسخ ذلك بقول الله تعالى: (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) وروى الإمام أحمد بإسناده, عن سهل بن حنيف أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله, ولم يترك إلا خالا فكتب فيه أبو عبيدة إلى عمر فكتب إليه عمر إني سمعت رسول الله -- يقول: (( الخال وارث من لا وارث له )) قال الترمذي: هذا حديث حسن وروى المقداد عن النبي -- أنه قال: (( الخال وارث من لا وارث له, يعقل عنه ويرثه )) أخرجه أبو داود وفي لفظ: (( مولى من لا مولى له يعقل عنه, ويفك عانيه )) فإن قيل: المراد به أن من ليس له إلا خال فلا وراث له كما يقال: الجوع زاد من لا زاد له والماء طيب من لا طيب له, والصبر حيلة من لا حيلة له أو أنه أراد بالخال السلطان قلنا: هذا فاسد لوجوه ثلاثة أحدها أنه قال: " يرث ماله " وفي لفظ قال: " يرثه " والثاني, أن الصحابة فهموا ذلك فكتب عمر بهذا جوابا لأبي عبيدة حين سأله عن ميراث الخال وهم أحق بالفهم والصواب من غيرهم الثالث, أنه سماه وارثا والأصل الحقيقة وقولهم: إن هذا يستعمل للنفي قلنا: والإثبات كقولهم: يا عماد من لا عماد له يا سند من لا سند له يا ذخر من لا ذخر له وقال سعيد: حدثنا أبو شهاب, عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان, قال: (( توفي ثابت ابن الدحداحة ولم يدع وارثا ولا عصبة فرفع شأنه إلى رسول الله -- فدفع رسول الله -- ماله إلى ابن أخته أبي لبابة بن عبد المنذر )) ورواه أبو عبيد, في " الأموال " إلا أنه قال: ولم يخلف إلا ابنة أخ له فقضى النبي -- بميراثه لابنة أخيه ولأنه ذو قرابة, فيرث كذوى الفروض وذلك لأنه ساوى الناس في الإسلام وزاد عليهم بالقرابة, فكان أولى بماله منهم ولهذا كان أحق في الحياة بصدقته وصلته وبعد الموت بوصيته, فأشبه ذوى الفروض والعصبات المحجوبين إذا لم يكن من يحجبهم وحديثهم مرسل ثم يحتمل أنه لا ميراث لهما مع ذوى الفروض والعصبات ولذلك سمى الخال " وارث من لا وارث له " أي لا يرث إلا عند عدم الوارث وقولهم: لا يرثان مع أخيهما قلنا: لأنهما أقوى منهما وقولهم: إن الميراث إنما ثبت نصا قلنا: قد ذكرنا نصوصا ثم التعليل واجب مهما أمكن وقد أمكن ها هنا, فلا يصار إلى التعبد المحض.

مسألة: قال: ويورث ذوو الأرحام فيجعل من لم يسم له فريضة على منزلة من سميت له ممن هو نحوه فيجعل الخال بمنزلة الأم, والعمة بمنزلة الأب وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى, أنه جعلها بمنزلة العم وبنت الأخ بمنزلة الأخ وكل ذى رحم لم يسم له فريضة فهو على هذا النحو مذهب أبي عبد الله في توريث ذوى الأرحام مذهب أهل التنزيل وهو أن ينزل كل واحد منهم منزلة من يمت به من الورثة, فيجعل له نصيبه فإن بعدوا نزلوا درجة درجة إلى أن يصلوا إلى من يمتون به فيأخذون ميراثه فإن كان واحدا أخذ المال كله وإن كانوا جماعة قسمت المال بين من يمتون به, فما حصل لكل وارث جعل لمن يمت به فإن بقي من سهام المسألة شيء رد عليهم على قدر سهامهم وهذا قول علقمة ومسروق, والشعبي والنخعي وحماد, ونعيم وشريك وابن أبي ليلى والثوري, وسائر من ورثهم غير أهل القرابة وقد روى عن على وعبد الله رضي الله عنهما أنهما نزلا بنت البنت منزلة البنت وبنت الأخ منزلة الأخ, وبنت الأخت منزلة الأخت والعمة منزلة الأب والخالة منزلة الأم وروى ذلك عن عمر رضي الله عنه في العمة والخالة وعن على أيضا, أنه نزل العمة بمنزلة العم وروى ذلك عن علقمة ومسروق وهي الرواية الثانية عن أحمد رضي الله عنه وعن الثوري وأبي عبيد, أنهما نزلاها منزلة الجد مع ولد الإخوة والأخوات ونزلها آخرون منزلة الجدة وإنما صار هذا الخلاف في العمة لأنها أدلت بأربع جهات وارثات فالأب والعم أخواها والجد والجدة أبواها ونزل قوم الخالة جدة لأن الجدة أمها والصحيح من ذلك تنزيل العمة أبا والخالة أما, لوجوه ثلاثة أحدها ما روى الزهري أن رسول الله -- قال: (( العمة بمنزلة الأب, إذا لم يكن بينهما أب والخالة بمنزلة الأم إذا لم يكن بينهما أم )) رواه الإمام أحمد الثاني أنه قول عمر, وعلى وعبد الله في الصحيح عنهم, ولا مخالف لهم في الصحابة الثالث أن الأب أقوى جهات العمة والأم أقوى جهات الخالة, فتعين تنزيلهما بهما دون غيرهما كبنت الأخ وبنت العم, فإنهما ينزلان منزلة أبويهما دون أخويهما ولأنه إذا اجتمع لهما قرابات ولم يمكن توريثهما بجميعهما ورثتا بأقواهما, كالمجوس عند من لم يورثهم بجميع قراباتهم وكالأخ من الأبوين فإنا نورثه بالتعصيب, وهي جهة أبيه دون قرابة أمه فأما أبو حنيفة وأصحابه فإنهم ورثوهم على ترتيب العصبات, فجعلوا أولاهم من كان من ولد الميت وإن سفلوا ثم ولد أبويه أو أحدهما وإن سفلوا ثم ولد أبوى أبويه وإن سفلوا كذلك أبدا, لا يرث بنو أب أعلى وهناك بنو أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم وعن أبي حنيفة, أنه جعل أبا الأم وإن علا أولى من ولد البنات ويسمى مذهبهم مذهب أهل القرابة ولنا أنهم فرع في الميراث على غيرهم, فوجب إلحاقهم بمن هم فرع له وقد ثبت أن ولد الميت من الإناث لا يسقط ولد أبيه فأولى أن لا يسقطهم ولده مسائل: من ذلك بنت بنت وبنت بنت ابن, المال بينهما على أربعة فإن كان معهما بنت أخ فالباقي لها وتصح من ستة فإن كان معهما خالة, فلبنت البنت النصف ولبنت بنت الابن السدس تكملة الثلثين, وللخالة السدس والباقي لبنت الأخ فإن كان مكان الخالة عمة حجبت بنت الأخ, وأخذت الباقي لأن العمة كالأب فتسقط من هو بمنزلة الأخ ومن نزلها عما جعل الباقي لبنت الأخ, وأسقط العمة ومن نزلها جدا قاسم بنت الأخ الثلث الباقي بينهما نصفين ومن نزلها جدة جعل لها السدس, ولبنت الأخ الباقي وفي قول أهل القرابة أنه لا ترث بنت الأخ مع بنت البنت ولا مع بنت بنت الابن شيئا.

فصل: إذا انفرد أحد من ذوى الأرحام, أخذ المال كله في قول جميع من ورثهم وإن كانوا جماعة لم يخل إما أن يدلوا بشخص واحد, أو بجماعة فإن أدلوا بشخص واحد وكانوا في درجة واحدة, فالمال بينهم على حسب مواريثهم منه فإن أسقط بعضهم بعضا كأبي الأم والأخوال, فأسقط الأخوال لأن الأب يسقط الإخوة والأخوات فإن كان بعضهم أقرب من بعض فالميراث لأقربهم كخالة, وأم أبي أم أو ابن خال فالميراث للخالة لأنها تلقى الأم بأول درجة وهذا قول عامة المنزلين, إلا أنه حكى عن النخعي وشريك ويحيى بن آدم, في قرابة الأم خاصة أنهم أماتوا الأم وجعلوا نصيبها لورثتها ويسمى قولهم قول من أمات السبب واستعمله بعض الفرضيين في جميع ذوى الأرحام فعلى قولهم, يكون للخالة نصف ميراث الأم لأنها أخت ولأم أبي الأم السدس لأنها جدة والباقي لابن الخال لأنه ابن أخ ولنا, أن الميراث من الميت لا من سببه ولذلك ورثنا أم أم الأم دون ابن عم الأم, بغير خلاف أيضا في أبي أم أم وابن عم أبي أم أن المال للجد لأنه أقرب ولو كانت الأم الميتة, كان وارثها ابن عم أبيها دون أبي أمها خالة وأم أبي أم وعم أم المال للخالة, وعندهم للخالة النصف وللجدة السدس والباقي للعم فإن لم يكن فيها عم أم, فالمال بين الخالة وأم أبي الأم على أربعة فإن لم يكن فيها جدة فالمال بين الخالة وعمها نصفين ابن خالة وابن عم أم المال لابن الخالة وعندهم لابن عم الأم فأما إن أدلى جماعة بجماعة, جعلت المال للمدلى بهم كأنهم أحياء فقسمت المال بينهم على ما توجبه الفريضة, فما صار لكل واحد منهم فهو لمن أدلى به إذا لم يسبق بعضهم بعضا, فإن سبق بعضهم بعضا وكانوا من جهة واحدة فالسابق إلى الوارث أولى وإن كانوا من وجهتين, نزل البعيد حتى يلحق بمن أدلى به فيأخذ نصيبه سواء سقط به القريب أو لم يسقط هذا ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه ونقل عنه جماعة من أصحابه في خالة وبنت خالة وبنت ابن عم, للخالة الثلث ولابنة ابن العم الثلثان ولا تعطى بنت الخالة شيئا ونقل حنبل عنه, أنه قال: قال سفيان قولا حسنا: إذا كانت خالة وبنت ابن العم تعطى الخالة الثلث وتعطى بنت ابن العم الثلثين وظاهر هذا يدل على ما قلناه وهو قول الثوري, ومحمد بن سالم والحسن بن صالح وقال ضرار بن صرد: إن كان البعيد إذا نزل أسقط القريب فالقريب أولى, وإن لم يكن يسقطه نزل البعيد حتى يلحق بالوارث وقال سائر المنزلين: الأسبق إلى الوارث أولى بكل حال ولم يختلفوا فيما علمت في تقديم الأسبق إذا كان من جهة واحدة إلا نعيما, ومحمد بن سالم فإنهما قالا في عمة وبنت عمة: المال بينهما نصفين ولم أعلم أحدا من أصحابنا ولا من غيرهم, عد الجهات وبينها إلا أبا الخطاب, فإنه عدها خمس جهات الأبوة والأمومة, والبنوة والأخوة والعمومة وهذا يفضي إلى أن ابنة العم من الأم, أو بنت العمة من الأم مسقطة لبنت العم من الأبوين ولا أعلم أحدا قال به وقد ذكر الخرقي هذا في ثلاث بنات عمومة مفترقين, أن المال لبنت العم من الأبوين وبيان إفضائه إلى ذلك أن بنت العم من الأم أبوها يدلى بالأب وبنت العم من الأبوين تدلى بأبيها, والأب يسقط العم وكذلك بنت العمة من جهة الأب وبنت العم من جهة العم فالصواب إذا أن تكون الجهات أربعا الأبوة, والبنوة والأخوة والأمومة.

 مسائل في هذا الباب: 

بنت بنت بنت وبنت بنت بنت بنت وبنت أخ, المال بين الأولى والثالثة وسقطت الثانية إلا عند محمد بن سالم, ونعيم فإنها تشاركهما ومن ورث الأقرب جعله لبنت الأخ لأنها أسبق, وقول أهل القرابة هو للأولى وحدها لأنها من ولد الميت وهي أقرب من الثانية ابن خال وبنت عم ثلث, وثلثان ومن ورث الأسبق جعله لبنت العم وإن كان معها بنت عمة فلا شيء لها لأن بنت العم أسبق إلى الوارث منهما وهما من جهة واحدة وإن كان معهم عمة, سقطت بنت العم لأن العمة بمنزلة الأب وبنت العم بمنزلة العم بنت بنت بنت وبنت بنت ابن المال لبنت بنت الابن عند الجميع, إلا عند ابن سالم ونعيم بنت بنت بنت وابن أخ من أم المال للأولى, ومن ورث الأقرب جعله لابن الأخ وهو قول ضرار لأن البعيد إذا نزل أسقط القريب بنت بنت وبنت بنت ابن المال بينهما على أربعة عند جميع المنزلين, وعند أهل القرابة هو لبنت البنت لأنها أقرب ابن بنت بنت وبنت أخ هو بينهما, ومن ورث الأقرب جعله لبنت الأخ وعند أهل القرابة هو لابن بنت البنت ابن بنت وابن ابن ابن أخت لأبوين المال بينهما وعند من ورث الأقرب, وأهل القرابة هو للأول بنت أخ وبنت عم أو بنت عمة المال لبنت الأخ وقياس قول أحمد, رضي الله عنه في توريث البعيد من القريب إن كان من جهتين أن يكون لبنت العم والعمة لأنهما من جهة الأب وذلك قول ضرار أيضا ابن أخت وابن عم لأم, المال بينهما ومن ورث الأقرب جعله لابن الأخت وهو قول أهل القرابة أيضا لأنها من ولد أبوى الميت, وابن العم للأم من ولد أبوى أبويه بنت عم وبنت عم أب هو للأولى عند الجميع إلا عند ابن سالم ونعيم بنت بنت بنت, وأم أب أم المال بينهما على أربعة بنت بنت بنت وأبو أم أب مثلها عندنا وعند من ورث الأقرب جعله للثاني بنت بنت بنت ابن وعمة, أو خالة للأولى النصف في الأولى ومع الخالة لها ثلاثة أرباع المال, وعند من ورث الأقرب الكل للعمة وللخالة ويحتمل أن تكون الجهات ثلاثا الأبوة والبنوة والأمومة لأن جعل العمومة جهة خامسة يفضي إلى إسقاط بنت العم ببنت العمة, كما ذكرنا وإن جعلنا الأخوة جهة رابعة مع نفي جهة العمومة أفضى إلى إسقاط ولد الإخوة والأخوات ببنات الأعمام والعمات وإذا جعلنا جميعهم جهة واحدة, وورثنا أسبقهم إلى الوارث كان أولى والله أعلم.

 مسألة: 

قال: [وإذا كان وارث غير الزوج والزوجة أو مولى نعمة, فهو أحق بالمال من ذوى الأرحام] في هذه المسألة فصول ثلاثة:

 أحدها: أن الرد يقدم على ميراث ذوى الأرحام فمتى خلف الميت عصبة أو ذا فرض من أقاربه, أخذ المال كله ولا شيء لذوى الأرحام وهذا قول عامة من ورث ذوى الأرحام وقال الخبرى: لم يختلفوا أن الرد أولى منهم إلا ما روى عن سعيد بن المسيب, وعمر بن عبد العزيز أنهما ورثا الخال مع البنت فيحتمل أنهما ورثاه لكونه عصبة أو مولى لئلا يخالف الإجماع, وقول النبي --: (( الخال وارث من لا وارث له )) ومن مسائل هذا الفصل أبو أم وجدة المال للجدة بنت ابن وبنت بنت ابن ابن أخ وابن أخت عم وعمة ثلاثة بني إخوة مفترقين لا شيء لذى الرحم في جميع ذلك. 
  

الفصل الثاني: أن المولى المعتق وعصباته أحق من ذوى الأرحام وهو قول عامة من ورثهم من الصحابة وغيرهم, وقول من لا يرى توريثهم أيضا وروى عن ابن مسعود تقديمهم على المولى وبه قال ابنه أبو عبيدة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة, وعلقمة والأسود وعبيدة, ومسروق وجابر بن زيد والشعبي, والنخعي والقاسم بن عبد الرحمن وعمر بن عبد العزيز, وميمون بن مهران والأول أصح لقوله عليه السلام: (( الخال وارث من لا وارث له والمولى وارث )) ولأن المولى يعقل وينصر فأشبه العصبة من النسب.

الفصل الثالث: في توريثهم مع الزوج والزوجة لا أعلم خلافا بين من ورثهم أنهم يرثون مع أحد الزوجين ما فضل عن ميراثه, من غير حجب له ولا معاولة واختلف في كيفية توريثهم معه, فروى عن إمامنا أنهم يرثون ما فضل كما يرثون المال إذا انفردوا وهذا قول أبي عبيد ومحمد بن الحسن واللؤلؤي, وعامة من ورثهم وقال يحيى بن آدم وضرار: يقسم المال الباقي بينهم على قدر سهام من يدلون به مع أحد الزوجين على الحجب والعول, ثم نفرض للزوج فرضه كاملا من غير حجب ولا عول يقسم الباقي بينهم على قدر سهامهم فإنما يقع الخلاف في مسألة فيها من يدلى بذى فرض, ومن يدلى بعصبة فأما إن أدلى جميعهم بذى فرض أو عصبة, فلا خلاف فيه ومن مسائل ذلك زوج وبنت بنت وبنت أخت أو ابن أخت أو أولاد أخت, أو بنت أخ أو بنات أخ فللزوج النصف والباقي بين بنت البنت ومن معها نصفين وقال يحيى وضرار: المسألة من أربعة للزوج الربع, وللبنت النصف سهمان يبقى سهم لمن معها, ثم يفرض للزوج النصف والنصف الآخر بينهم على ثلاثة لبنت البنت سهمان ولمن معها سهم فإن كان مكان الزوج زوجة, فرضت المسألة من ثمانية للمرأة سهم وللبنت أربعة ويبقى ثلاثة لمن بقي, ثم يفرض للمرأة الربع ويقسم الباقي بينهم على سبعة تضربها في أربعة, تكن ثمانية وعشرين ومنها تصح للمرأة الربع سبعة, ولبنت البنت أربعة أسباع الباقي اثنا عشر ويبقى تسعة لمن معها زوج وبنت بنت وخالة وبنت عم للزوج النصف, والباقي بين ذوى الأرحام على ستة لبنت البنت ثلاثة وللخالة سهم ويبقى لبنت العم سهمان, وتصح من اثني عشر سهما وفي قول يحيى وضرار تفرض المسألة من اثني عشر للزوج ثلاثة وللبنت ستة وللأم سهمان, ويبقى للعم سهم ثم يعطى الزوج النصف وتجمع سهام الباقين, وهي تسعة فيقسم النصف الباقي على تسعة فلا تصح, فتضربها في اثنين تكن ثمانية عشر وإن كان مكان الزوج امرأة فعلى قول الجمهور للمرأة الربع, والباقي بين ذوى الأرحام على ستة وهي توافق باقى مسألة الزوجة بالأثلاث فردها إلى اثنين وتضربها في أربعة, تكن ثمانية عشر للمرأة سهمان ولبنت البنت نصف الباقي ثلاثة, وللخالة سهم ولبنت العم سهمان وعلى قول يحيى تفرضها من أربعة وعشرين لذوى الأرحام منها أحد وعشرون, ثم تفرض للمرأة الربع من أربعة لها سهم ولهم ثلاثة, توافق سهامهم بالثلث فتضرب ثلثها في أربعة تكن ثمانية وعشرين, ومنها تصح امرأة وثلاث بنات ثلاثة إخوة مفترقين امرأة, وبنت بنت وثلاث إخوة مفترقين امرأة, وبنت بنت وثلاث خالات مفترقات وثلاث عمات مفترقات.

فصل: ولا يعول من مسائل ذوى الأرحام إلا مسألة واحدة, وشبهها وهي خالة, أو غيرها ممن يقوم مقام الأم أو الجدة وست بنات ست أخوات مفترقات, أو من يقوم مقامهن ممن يأخذ المال بالفروض فإن للخالة السدس ولولد الأم الثلث, ولبنات الأختين من الأبوين الثلثان أصلها من ستة وعالت إلى سبعة.

مسألة: قال: [ويورث الذكور والإناث من ذوى الأرحام بالسوية, إذا كان أبوهم واحدا وأمهم واحدة إلا الخال, والخالة فللخال الثلثان وللخالة الثلث] اختلفت الرواية عن أحمد في توريث الذكور والإناث من ذوى الأرحام, إذا كانوا من أب واحد وأم واحدة فنقل الأثرم وحنبل, وإبراهيم بن الحارث في الخال والخالة: يعطون بالسوية فظاهر هذا التسوية في جميع ذوى الأرحام وهو اختيار أبي بكر, ومذهب أبي عبيد وإسحاق ونعيم بن حماد لأنهم يرثون بالرحم المجرد, فاستوى ذكرهم وأنثاهم كولد الأم ونقل يعقوب بن بختان: إذا ترك ولد خاله وخالته اجعله بمنزلة الأخ والأخت, للذكر مثل حظ الأنثيين وكذلك ولد العم والعمة ونقل عنه المروذي في من ترك خاله وخالته: للخال الثلثان, وللخالة الثلث فظاهر هذا التفضيل وهو قول أهل العراق, وعامة المنزلين لأن ميراثهم معتبر بغيرهم فلا يجوز حملهم على ذوى الفروض لأنهم يأخذون المال كله ولا على العصبة البعيد لأن ذكرهم ينفرد بالميراث دون الإناث, فوجب اعتبارهم بالقرب من العصبات والإخوة والأخوات ويجاب عن هذا بأنهم معتبرون بولد الأم وإنما يأخذون كل المال بالفرض والرد, واتفق الجميع على التسوية بين ولد الأم لأن آباءهم يستوى ذكرهم وأنثاهم إلا في قياس قول من أمات السبب فإن للذكر مثل حظ الأنثيين والذي نقل الخرقي التسوية بين الجميع, إلا في الخال والخالة ولم أعلم له موافقا على هذا القول ولا علمت وجهه وأما قوله: " إذا كان أبوهم واحدا وأمهم واحدة " فلأن الخلاف إنما هو في ذكر وأنثى, أبوهما وأمهما واحد فأما إذا اختلف آباؤهم وأمهاتهم كالأخوال والخالات المفترقين, والعمات المفترقات أو إذا أدلى كل واحد منهم بغير من أدلى به الآخر كابن بنت وبنت بنت أخرى, فلذلك موضع آخر يذكر فيه غير هذا -إن شاء الله تعالى- ومن مسائل ذلك ابن أخت معه أخته أو ابن بنت معه أخته, المال بينهما نصفان عند من سوى وعند أهل القرابة وسائر المنزلين, المال بينهما على ثلاثة ابنا وابنتا أخت لأبوين وثلاثة بنين وثلاث بنات أخت لأب وأربعة بني ولد وأربع بنات أخت لأم أصل المسألة من خمسة للأخت من الأبوين ثلاثة بين ولدها على أربعة وللأخت من الأب سهم بين ولدها على ستة وللأخت من الأم سهم بين ولدها على ثمانية والأربعة داخلة فيها, والستة توافقها بالنصف فتضرب نصفها في ثمانية تكن أربعة وعشرين, ثم في خمسة تكن مائة وعشرين ومن فضل أبقى ولد الأم بحالهم وجعل ولد الأخت من الأبوين ستة, توافقهم سهامهم بالثلث فيرجعون إلى اثنين فيدخلان في الثمانية, وولد الأخت من الأب تسعة تضربها في ثمانية تكن اثنين وسبعين, ثم في خمسة تكن ثلاثمائة وستين وإن كانوا أولاد عمات أو خالات مفترقات فكذلك وإن كانوا أولاد بنات أو أولاد أخوات من أبوين, أو من أب فهي من اثنين وسبعين عند من سوى ومن مائة وثمانية عند من فضل وقول أهل العراق: هي من سبعة وعشرين كأولاد البنين. فصل: وإذا كان معك أولاد بنات أو أخوات, قسمت المال بين أمهاتهم على عددهن فما أصاب كل واحدة منهن فهو لولدها بالسوية عند من سوى وعند من فضل جعله بينهم على حسب ميراثهم واختلف أصحاب أبي حنيفة فذهب أبو يوسف إلى قسم المال بينهم على عددهم دون مراعاة أمهاتهم إذا استووا, أو ممن يدلون به من الآباء والأمهات إلى بنات الميت للذكر مثل حظ الأنثيين كأولاد البنين وجعل محمد بن الحسن من أدلى بابن ابنا وإن كان أنثى, ومن أدلى بالأنثى أنثى وإن كان ذكرا وجعل المدلى بهم بعدد المدلين ثم قسم بينهم على عددهم, فما أصاب ولد الابن قسمه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وما أصاب ولد الأنثى قسمه بينهم كذلك. مسائل: من ذلك بنت ابن بنت وابن بنت بنت, قول من سوى المال بينهما نصفين وقول من فضل, إن كانا من ولد بنين فكذلك وإن كانا من ولد بنت واحدة, فالمال بين ابنها وبنتها لابنها ثلثاه ولبنتها ثلثه, فما أصاب ابنها فهو لبنته وما أصاب بنتها فهو لابنها فيصير للبنت سهمان, وللابن سهم وقول محمد كذلك وقول أبي يوسف للابن سهمان, وللبنت سهم كابن الميت وبنته ابنا بنت بنت وابن ابن بنت, قول من سوى لابن ابن البنت النصف والباقي بين الباقين على ثلاثة سواء كانوا من ولد بنت, أو من ولد بنين وقول المفضلين إن كانوا من ولد بنين فلابن ابن البنت النصف والنصف الآخر بين الباقين على خمسة وإن كانوا من ولد بنت, فلابن ابن البنت الثلثان والثلث الباقي للباقين على خمسة لأن المال كان للبنت الأولى, فقسم بين ابنها وبنتها أثلاثا للابن سهمان فهما لابنه, وللبنت سهمان فهو لولدها قول محمد يقسم بينهم على خمسة لابن الابن سهمان لأنه يدلى بابن, وللباقين ثلاثة لأنهم يدلون بأنثى قول أبي يوسف يقسم بينهم على سبعة لكل ابن سهمان وللبنت سهم ابنا بنت بنت وبنتا ابن بنت, قول من سوى المال بينهم على أربعة بكل حال قول المفضلين إن كانوا من ولد بنتين فكذلك, وإن كانوا من ولد واحدة فلابنها الثلثان بين ابنتيه ولابنتها الثلث بين ابنيها قول أبي يوسف المال بينهم على ستة, لكل ذكر سهمان ولكل أنثى سهم قول محمد لكل ذكر سهم ولكل أنثى سهمان ابن وابنتا ابن أخت, وثلاثة بنين وثلاث بنات بنت أخت قول من سوى النصف بين الأولين على أربعة والنصف الباقي بين الآخرين على ستة وتصح من أربعة وعشرين قول من فضل, إن كانوا من ولد واحدة فللأولين الثلثان بينهم على ستة وللآخرين الثلث بينهم على تسعة, وتصح من أربعة وخمسين وإن كانوا من ولد اثنتين صحت من ستة وثلاثين قول أبي يوسف للذكر مثل حظ الأنثيين وتصح من خمسة عشر وقول محمد, ولد ابن الأخت بمنزلة أربعة ذكور وولد بنت الأخت كست إناث فيقسم المال بينهم على أربعة عشر, فلولد ابن الأخت منها ثمانية أسهم بينهم على ستة وللآخرين ستة, بينهم على سبعة وتصح من اثنين وأربعين وترجع بالاختصار إلى أحد وعشرين ابنتا أخ وابن وابنة أخت لابنتي الأخ الثلثان, في قول المنزلين جميعهم وقول محمد الثلث لولدى الأخت بينهما بالسوية عند من سوى ومن فضل جعله بينهما أثلاثا وهذا قول محمد وقال أبو يوسف: لابن الأخت سهمان, ولكل واحد من الباقين سهم وتصح من خمسة.

 فصل: 

بنت بنت وبنت بنت ابن, هي من أربعة عند المنزلين جميعهم وعند أهل القرابة هو لبنت البنت لأنها أقرب فإن كان معهما بنتا بنت ابن أخرى, فكأنهم بنت وابنتا ابن فمسألتهم من ثمانية وتصح من ستة عشر ابن بنت ابن وبنت ابن بنت, المال للابن لأنه أقرب إلى الوارث وهذا قول عامة من ورثهم إلا ما حكى عن ابن سالم في أنه ينزل البعيد حتى يلحق بوارثه فيكون المال بينهما على أربعة للبنت ثلاثة وللابن سهم, كبنت وبنت ابن بنت بنت ابن وبنت بنت ابن ابن وابنتا بنت ابن آخر للأولى ثلاثة أرباع المال, والربع الباقي بين الباقيات على أربعة فتضربها في أصل المسألة تكن من ستة عشر ابن وبنت بنت, وثلاث بنات بنت وابنا بنت ابن لا شيء لهذين في قول الجميع لأن أمهما تسقط باستكمال البنات الثلثين ويكون النصف بين الابن وأخته على اثنين, والنصف الآخر على ثلاث وتصح من اثني عشر عند من سوى ومن فضل جعلها بينهم على ستة, وهو قول أهل القرابة أيضا بنت بنت بنت وبنت ابن بنت أخرى وبنت بنت ابن ابن المال لهذه إلا في قول أهل القرابة فإنه للأوليين وقول من أمات السبب, وورث البعيد مع القريب المال بين بنت ابن بنت وبنت بنت ابن ابن, على أربعة وتسقط الأخرى لأن هذه وارثة البنت في أول درجة بنت بنت وبنت بنت بنت أخرى وبنت بنت ابن المال بين الأولى والأخيرة, على المنزلين وقال أهل القرابة: هو للأولى قول ابن سالم: هو للأوليين وتسقط الثالثة.

 مسألة: 

قال: [وإذا كان ابن أخت وبنت أخت أخرى, أعطى ابن الأخت حق أمه النصف وبنت الأخت الأخرى حق أمها النصف وإن كان ابن وبنت أخت, وبنت أخت أخرى فللابن وبنت الأخت النصف بينهما نصفين, ولبنت الأخت الأخرى النصف] أما المسألة الأولى فلا خلاف فيها بين المنزلين لأن كل واحد منهما له ميراث من أدلى به وهو قول محمد بن الحسن أيضا وقال أبو يوسف: يعتبرون بأنفسهم فيكون لابن الأخت الثلثان, ولبنت الأخت الثلث وأما المسألة الثانية فلا خلاف بين المنزلين في أن لولد كل أخت ميراثها وهو النصف ومن سوى جعل النصف بين ابن الأخت وأخته نصفين, والنصف الآخر لبنت الأخت الأخرى فتصح من أربعة ومن فضل جعل النصف بينهما على ثلاثة وتصح من ستة وقال أبو يوسف: للابن النصف, ولكل بنت الربع وتصح من أربعة وقال محمد: لولد الأخت الأولى الثلثان بينهما على ثلاثة وللأخرى الثلث, وتصح من تسعة وإذا انفرد ولد كل أخ أو أخت فالعمل فيه على ما ذكرنا في أولاد البنات ومتى كان الأخوات, أو الإخوة من ولد الأم فاتفق الجميع على التسوية بين ذكرهم وأنثاهم, إلا الثوري ومن أمات السبب ثلاث بنات أخ وثلاث بني أخت إن كانا من أم فالمال بينهم على عددهم, وإن كانا من أب أو من أبوين فلبنات الأخ الثلثان, ولبني الأخت الثلث وتصح من تسعة عند المنزلين وعند محمد مثله وفي قول أبي يوسف يجعل لبني الأخت الثلثين ولبنات الأخ الثلث ابن وبنت أخت لأبوين وابن أخت لأم, هي من أربعة عند من فضل وعند من سوى تصح من ثمانية قول محمد كأنهما أختان من أبوين وأخت من أم فتصح من خمسة عشر فإن كان ولد الأم أيضا ابنا, وابنة صحت عند جميعهم من ثمانية إلا الثوري, فإنه يجعل للذكر من ولد الأم مثل حظ الأنثيين فتصح عنده من اثني عشر وعند محمد هي من ثمانية عشر ابنا أخت لأبوين, وابن وابنة أخت لأب وابنا أخت أخرى لأب في قول عامتهم من ثمانية, وتصح من اثنين وثلاثين عند من سوى وعند من فضل من ثمانية وأربعين وقول محمد يسقط ولد الأب ويتفق قوله مع قول أبي يوسف, في أن المال لولد الأخت من الأبوين ابن أخت لأبوين وابن وابنة أخت لأم وابنا وابنتا أخت أخرى لأم قول المنزلين من عشرين الثوري من ثلاثين محمد من ستين.

 مسألة: 

قال: [فإن كن ثلاث بنات ثلاث أخوات مفترقات, فلبنت الأخت من الأب والأم ثلاثة أخماس المال ولبنت الأخت من الأب الخمس ولبنت الأخت من الأم الخمس )) جعلهن مكان أمهاتهن وكذلك إن كن ثلاث عمات مفترقات مذهب أحمد وسائر المنزلين في ولد الأخوات, أن المال يقسم بين الأخوات على قدر سهامهن فما أصاب كل أخت فهو لولدها والمال في مسألتنا بين الأخوات على خمسة فيكون بين أولادهن كذلك وكذلك إن كن ثلاث عمات مفترقات لأنهن أخوات الأب, فميراثه بينهن كميراث الأخوات المفترقات من أخيهن وكذلك الحكم في ثلاث خالات مفترقات لأنهن أخوات الأم فميراثها بينهن كذلك وقدم أهل القرابة من كان لأب وأم من جميعهم ثم من كان لأب, ثم من كان لأم إلا محمد بن الحسن فإنه قسم ميراث أولاد الأخوات على أعدادهم, وأقامهم مقام أمهاتهن كأنهم أخوات ومن مسائل ذلك ست بنات ثلاث أخوات مفترقات المال بين الأخوات على خمسة, فما أصاب كل واحدة فهو لبنتيها وتصح من عشرة قول أبي يوسف المال كله لولد الأبوين قول محمد, لهما الثلثان ولولد الأم الثلث وتصح من ستة ست بنات ست أخوات مقترفات, لبنتي الأختين من الأبوين الثلثان ولولد الأم الثلث وتصح من ستة وهذا قول محمد ابن أخت لأبوين وابن وابنة أخت لأب, وابنا وابنتا أخت أخرى لأب وثلاثة بنين وثلاث بنات أخت لأم هي من مائة وعشرين عند من سوى, ومن ستين عند من فضل ومن أربعة وخمسين عند محمد فإن كان معهم أربعة بنين وأربع بنات أخرى لأم, صحت من مائة وأربعة وأربعين عند المنزلين كلهم قول محمد كأنهم أخت لأبوين وست أخوات لأب, وأربع عشرة أختا لأم وسهم ولد الأب بينهم على تسعة فتصح من ثلاثمائة وثمانية وسبعين فإن كان ولد الأخت للأبوين ابنا وبنتا, صحت كذلك عند المنزلين وعند محمد كأنهما أختان لأبوين, فيسقط ولد الأب وتصح من مائة وستة وعشرين والقول في العمات المفترقات والخالات المفترقات, وأولادهن كالقول في ولد الأخوات المفترقات.

 فصل: 

بنت أخ لأم وبنت ابن أخ لأب للأولى السدس, والباقي للثانية عند المنزلين وفي القرابة هو للأولى لأنها أقرب إلى الميت بنت بنت أخ لأبوين وبنت ابن أخ لأبوين المال لهذه في قولهم جميعا بنت ابن أخ لأم وبنت بنت أخ لأبوين وابن بنت أخ لأب للأولى السدس, والباقي للثانية وقال أبو يوسف: الكل للثانية بنت أخ لأم وبنت بنت أخ لأب المال للأولى إلا في قول الثوري, وابن سالم وضرار: للأولى السدس والباقي للثانية لأنهم يورثون البعيد مع القريب, وإن كانوا من جهة واحدة.

 فصل: 

ابن وبنت أخت لأبوين وبنتا أخ لأب وثلاثة بني أخت لأب وخمسة بني أخت لأم وعشر بنات أخ لأم أصلها من ثمانية عشر وتصح من خمسمائة وأربعين في قول المنزلين, النصف من ذلك بين ولدى الأخت للأبوين بالسوية عند من سوى وأثلاثا عند من فضل, ولولد الأم الثلث وهو مائة وثمانون ولولد الأخ تسعون, ولولد الأخت تسعون ولولد الأب تسعون ولولد الأخ ستون, ولولد الأخت ثلاثون ثلاث بنات إخوة مفترقين وثلاث بنات أخوات مفترقات لولدى الأم الثلث بينهما بالسوية والباقي لولدى الأبوين, لبنت الأخ ثلثاه ولبنت أخت ثلثه وإن كان معهم ثلاثة بني أخوال مفترقين فلهم السدس, لابن الخال من الأم سدسه وباقيه لابن الخال من الأبوين ويبقى النصف, لبنت الأخ من الأبوين ثلثاه ولبنت الأخت ثلثه وتصح من ستة وثلاثين والحكم في ثلاثة أخوال مفترقين في قسمة ميراث الأم بينهم, كالحكم في ثلاثة إخوة مفترقين في قسم ميراثهم بينهم وكذلك ثلاثة أخوال مفترقين مع ثلاثة خالات مفترقات كثلاث بنات إخوة مفترقين مع ثلاث بنات أخوات مفترقات, على ما ذكرنا.

 مسألة: 

قال: [وإذا كان ثلاث بنات عمومة مفترقين فالمال لبنت العم من الأب والأم لأنهن أقمن مقام آبائهن] أكثر أهل التنزيل على هذا, وهو قول أهل القرابة وقال الثوري: المال بين بنت العم من الأبوين وبنت العم من الأم على أربعة وقال أبو عبيد: لبنت العم من الأم السدس والباقي لبنت العم من الأبوين كبنات الإخوة ولا يصح شيء من هذا لأنهن بمنزلة آبائهن, ولو كان آباؤهن أحياء لكان المال للعم من الأبوين وفارق بنات الإخوة لأن آباءهن يكون المال بينهم على ستة ويرث الأخ من الأم مع الأخ من الأبوين بخلاف العمومة وقيل, على قياس قول محمد بن سالم: المال لبنت العم من الأم لأنها بعد درجتين بمنزلة الأب فيسقط به العم قال الخبرى: وليس بشيء وقد ذكر أبو الخطاب في كتاب " الهداية " قولا من رأيه يفضي إلى هذا فإنه ذكر أن الأبوة جهة, والعمومة جهة أخرى وأن البعيد والقريب من ذوى الأرحام إذا كانا من جهتين نزل البعيد حتى يلحق بوارثه سواء سقط به القريب, أو لم يسقط فيلزم على هذا أن تنزل بنت العم من الأم حتى تلحق بالأب فيسقط بها ابنتا العمين الآخرين وأظن أبا الخطاب لو علم إفضاء هذا القول إلى هذا لم يقله, ولم يذهب إليه لما فيه من مخالفة الإجماع ومقتضى الدليل, واسقاط القوى بالضعيف والقريب بالبعيد ولا يختلف المذهب في أن الحكم في هذه المسألة على ما قال الخرقي ومن مسائل ذلك بنت عم لأبوين وبنت عم لأب المال للأولى بنت عم لأب وبنت عم لأم, كذلك بنت عم لأب وبنت ابن عم لأبوين كذلك بنت ابن عم لأب وبنت عم لأم المال للأولى عند المنزلين, وهو للثانية عند أهل القرابة لأنها أقرب بنت عم لأم وبنت بنت عم لأبوين المال للأولى في قولهم جميعا بنت عم وابن عمة المال لبنت العم عند الجمهور وحكى عن الثوري أن لبنت العم سهمين, ولابن العمة سهم بنت بنت عم وبنت ابن عم المال لهذه عند الجمهور وقول ابن سالم: هو للأولى بنت عمة من أبوين وبنت عم من أم لبنت العم السدس, ولبنت العمة النصف ثم يرد عليهما الباقي فيكون بينهما على أربعة ثلاث بنات عمات مفترقات وبنت عم من أم, المال بينهن على ستة فإن كان معهن بنت عم من أبوين أو أب ورثت المال دونهن.

 مسألة: 

قال: [فإن كن ثلاث خالات مفترقات, وثلاث عمات مفترقات فالثلث بين الثلاث خالات على خمسة أسهم والثلثان بين الثلاث عمات على خمسة أسهم] فتصح من خمسة عشر سهما للخالة التي من قبل الأب والأم ثلاثة أسهم, وللخالة التي من قبل الأب سهم وللخالة التي من قبل الأم سهم وللعمة التي من قبل الأب والأم ستة أسهم, وللعمة التي من قبل الأب سهمان وللعمة التي من قبل الأم سهمان إنما كان كذلك لأن الخالات بمنزلة الأم والعمات بمنزلة الأب, فكأن الميت خلف أباه وأمه فلأمه الثلث, والباقي لأبيه ثم ما صار للأم بين أخواتها على خمسة لأنهن أخوات لها مفترقات فيقسم نصيبها بينهن بالفرض والرد, على خمسة كما يقسم مال الميت بين أخواته المفترقات وما صار للأب قسم بين أخواته على خمسة فصار الكسر في الموضعين على خمسة, وإحداهما تجزئ عن الأخرى لأنهما عددان متماثلان فنضرب خمسة في أصل المسألة وهو ثلاثة, فصارت خمسة عشر كما ذكر للخالات سهم في خمسة مقسومة بينهن, كما ذكر وللعمات سهمان في خمسة تكن عشرة بينهن, على خمسة كما ذكر أيضا وهذا قول عامة المنزلين وعند أهل القرابة للعمة من الأبوين الثلثان وللخالة من الأبوين الثلث, وسقط سائرهن وقال نعيم وإسحاق: الخالات كلهن سواء فيكون نصيبهن بينهن على ثلاثة وكذلك نصيب العمات بينهن على ثلاثة يتساوين فيه, فتكون هذه المسألة عندهما من تسعة فإن كان مع الخالات خال من أم ومع العمات عم من أم فسهم كل واحد من الفريقين بينهم على ستة, وتصح من ثمانية عشر سهما عند المنزلين ثلاثة أخوال مفترقين معهم أخواتهم وعم وعمة من أم الثلث بين الأخوال والخالات على ستة, للخال والخالة من الأم ثلاثة بينهما بالسوية وثلثاه للخال والخالة من الأبوين بينهما على ثلاثة عند من فضل وهو قول أكثر المنزلين, وإحدى الروايتين عن أحمد وذكرها الخرقي في الخال والخالة خاصة دون سائر ذوى الأرحام والرواية الأخرى هو بينهما على السوية, والثلثان بين العم والعمة بالسوية ثلاث عمات وثلاث بنات عم وثلاث خالات وثلاثة بني خال الميراث للعمات والخالات, ويسقط الباقون فيكون للخالات الثلث والباقي للعمات فإن كان معهم ثلاث بنات إخوة, فللخالات السدس والباقي للعمات لأنهن بمنزلة الأب فيسقط بهن بنات الإخوة لأنهن بمنزلة الإخوة ويحتمل أن يجعل أولاد الإخوة والأخوات من جهة الأبوة فيقدم ولد الأبوين, وولد الأب على العمات لأنهم أولاد بنيه والعمات أخواته ووجه هذا الاحتمال أننا إذا جعلنا الأخوة جهة والأبوة جهة أخرى مع ما تقرر من أصلنا أن البعيد والقريب إذا كانا من جهتين, نزل البعيد حتى يلحق بوارثه سواء سقط به القريب أو لم يسقط, لزم منه سقوط ولد الإخوة ببنات العم من الأم لأنهن من جهة الأب ويلزم من هذا أن يسقطن ببنات العمات وبنات الأعمام كلهم فأما إن كان مكان العمات والخالات بناتهن فللخالات السدس بين بناتهن على خمسة, والباقي لبنات الإخوة لبنت الأخ من الأم السدس والباقي لبنت الأخ من الأبوين, وتصح المسألة من ثلاثين فإن لم يكن بنات إخوة من أبوين ولا من أب فالباقي لبنت العم من الأبوين.

 فصل: 

خالة وابن عمة, للخالة الثلث والباقي لابن العمة وهذا قول الثوري, ومن ورث البعيد مع القريب وفي قول أكثر المنزلين وأهل القرابة المال للخالة لأنها أقرب وكذلك إن كان مكان الخالة خال عمة وابن خال معه أخته, الثلث بين ابن الخال وأخته بالسوية إن كان أبوهما خالا من أم وإن كان من أب, أو من أبوين ففيه روايتان إحداهما هو بينهما بالسوية أيضا والثانية, على ثلاثة والباقي للعمة وعند أكثر الفرضيين المال للعمة بنت عم وابن عمة وبنت خال وابن خالة, الثلث بين بنت الخال وابن الخالة بالسوية إن كانا من أم, وإن كانا من أبوين أو من أب فهل هو بينهما بالسوية, أو على ثلاثة؟ فيه روايتان وإن كان ابن الخالة من أم والخال من أب فلابن الخالة سدس الثلث, والباقي لبنت الخال وإن كانت بنت الخال من أم وابن الخالة من أب, فالثلث بينهما على أربعة والباقي لابن العم وعند أكثر المنزلين المال كله لبنت العم لأنها أسبق إلى الوارث خالة وبنت عم, ثلث وثلثان وعند أهل القرابة, هو للخالة عمة وبنت عم من نزل العمة أبا جعل المال لها ومن نزلها عما جعل المال بينهما نصفين وكذلك من أمات السبب بنت ابن عم لأب وبنت عمة لأبوين, المال لبنت ابن العم ابن خالة من أم وبنت خالة من أب وبنت عم من أم وابن عمة من أب الثلث من أربعة والثلثان من أربعة أيضا, وتصح من اثني عشر وفي القرابة الثلث لبنت الخالة, والثلثان لابن العمة وتصح من ثلاثة.

 فصل: 

خال وخالة وأبو أم المال لأبي الأم فإن كان معهم ابنة عم, أو عمة فالثلث لأبي الأم والباقي لابنة العم, أو العمة وإن كان مكان أبي الأم أمه فلا شيء لها لأن الخالة أسبق إلى الوارث والجهة واحدة خالة وأبو أم أم المال للخالة لأنها بمنزلة الأم, وهي تسقط أم الأم ابن خال وابن أخ من أم المال بينهما على ثلاثة كأنهما أم وأخ من أم وعند المنزلين هو لابن الأخ فإن كان معهما ابن أخت من أب, فالمال بينهم على خمسة لابن الأخت ثلاثة أخماسه ولكل واحد منهما الخمس وإن كان معهم بنت أخ من أبوين فلها النصف, ولكل واحد من الباقين السدس وعند المنزلين لا شيء لابن الخال والمال بين الباقين على خمسة خال وابن ابن أخت لأم, المال بينهما على ثلاثة وعند المنزلين هو للخال بنت بنت أخت لأبوين وابن ابن أخ لأم وبنت ابن أخ لأب وبنت خالة, لهذه السدس والباقي لبنت ابن الأخ وعند المنزلين المال كله له.

 فصل: 

عمة وابنة أخ, المال للعمة عند من نزلها أبا ولابنة الأخ عند من نزلها عما وبينهما عند من نزلها جدا بنت عم وبنت عمة وبنت أخ من أم وبنت أخ من أب, لبنت الأخ من الأم السدس والباقي لبنت الأخ من الأب فإن لم يكن بنت أخ من أب, فالباقي لبنت العم ويجيء على قول من نزل البعيد حتى يلحقه بوارثه وجعل الأبوة جهة, والأخوة جهة أن يسقط أولاد الإخوة فإن جعل الأبوة جهة والعمومة جهة أخرى, أسقط بنت العم ببنت العمة وقيل: إن هذا قول ابن سالم وهو بعيد بنت عم وبنت خال وبنت أخ من أب لبنت الخال الثلث, والباقي لبنت الأخ وعند أكثر المنزلين الكل لبنت الأخ ثلاث بنات أخوات مفترقات وثلاث بنات عمات مفترقات, السدس الباقي بين بنات العمات على خمسة وتصح من ثلاثين فإن كان معهم خال أو خالة أو أحد من أولادهما, فله السدس ولا شيء لولد العمات إلا على قول ابن سالم, وأصحابه فإنه يورثهم ويسقط ولد الأخوات ويقتضيه قول أبي الخطاب خالة, وعمة وثلاث بنات ثلاث أخوات مفترقات للخالة السدس والباقي للعمة ومن نزلها عما فلبنتي الأخت من الأبوين النصف, ولبنتي الأخت من الأب السدس ولبنتي الأخت من الأم السدس فإن كن بنات ست أخوات مفترقات عالت على هذا إلى سبعة.

 فصل: 

في عمات الأبوين وأخوالهما وخالاتهما مذهبنا ما تقدم من تقديم الأسبق إلى الوارث إن كانا من جهة واحدة, وتنزيل البعيد حتى يلحق بوارثه إن كانا من جهتين ثم يجعل لمن يدلى به ما كان له وأكثر المنزلين يعطون الميراث للأسبق بكل حال والمشهور عن أهل العراق أن نصيب الأم بين خالها وخالتها وعمها وعمتها, على ثلاثة ونصيب الأب بين عماته وخالاته كذلك ومن مسائل ذلك ثلاث خالات أم مفترقات وثلاثة أعمام أم مفترقين وثلاث خالات أب مفترقات فخالات الأم بمنزلة أم الأم, وخالات الأب بمنزلة أم الأب فيكون المال بين هاتين الجدتين نصفين ونصيب كل واحدة منهما بين أخواتها على خمسة, وتسقط عمات الأم لأنهن بمنزلة أبي الأم وهو غير وارث فإن كان معهم عمات أب فلخالات الأب والأم السدس بينهما, والباقي لعمات الأب لأنهن بمنزلة الجد عمة أب وعمة أم لعمة الأم الثلث والباقي لعمة الأب هذا قياس المذهب, وهو قول أهل العراق وقال القاضي: المال لعمة الأب لأنها أسبق لأنها أخت الجد وهو وارث وهذا قول أكثر المنزلين لأنهم يورثون الأسبق بكل حال خالة أم وعمة أب للخالة السدس, والباقي للعمة لأنهما كجد وجدة وكذلك القول في خالة أب وعمته خالة أم وخالة أب المال للخالة لأنهما بمنزلة أم أم وأم أم أب خال أب وعم أم, المال للخال لأنه بمنزلة جدة والجدات بمنزلة الأمهات بنت خال أم وبنت عم أب, لبنت الخال السدس ولبنت العم ما بقي ومن ورث الأسبق جعل الكل لبنت العم أبو أبي أم وأبو أم أب المال لأبي أم الأب فإن كان معهما أبو أم أم فهو بينهما نصفين لأنهما بمنزلة جدتين متحاذيتين أبو أم أبي أم, وأبو أبي أم أم المال لهذا لأنه أسبق فإن كان معهما أبو أم أبي أب فالمال له لأنه بأول درجة يلقى الوارث أب وأم أبي أم, لأم أبي الأم الثلث والباقي للأب فإن كان معهما أبو أم أم فالمال له لأنه يدلى بوارث وإن كان معهم أبو أم أب, فالمال بين هذا والذي قبله نصفين.

 فصل: 

وإذا كان لذى الرحم قرابتان ورث بهما بإجماع من المورثين لهم, إلا شيئا يحكى عن أبي يوسف أنهم لا يرثون إلا بقرابة واحدة وليس بصحيح عنه ولا صحيح في نفسه لأنه شخص له جهتان لا يرجح بهما, فورث بهما كالزوج إذا كان ابن عم وابن العم إذا كان أخا من أم, وحساب ذلك أن تجعل ذا القرابتين كشخص فتقول في ابن بنت بنت هو ابن ابن بنت أخرى, وبنت بنت بنت أخرى للابن الثلثان وللبنت الثلث فإن كانت أمهما واحدة, فله ثلاثة أرباع المال عند من سوى ولأخته الربع ومن فضل جعل له النصف والثلث, ولأخته السدس وهذا قول أكثر المنزلين وقول أبي حنيفة ومحمد وقياس قول أبي يوسف, له أربعة أخماس المال ولأخته الخمس بنتا أخت من أم إحداهما بنت أخ من أب, وبنت أخت من أبوين هي من اثني عشر ستة لبنت الأخت من أبوين, وأربعة لذات القرابتين من جهة ابنها ولها سهم من جهة أمها وللأخرى سهم عمتان من أب, إحداهما خالة من أم وخالة من أبوين هي من اثني عشر أيضا, لذات القرابتين خمسة وللعمة الأخرى أربعة وللخالة من الأبوين ثلاثة فإن كان معهما عم من أم هو خال من أب, صحت من تسعين ابن وبنت ابن عمة من أم البنت هي بنت عم من أم والعم هو خال من أب ابن وبنت ابن خال من أب الابن هو ابن بنت خال أخر من أب, والخالان عمان من أم هي من ثمانية عشر.

 مسائل شتى: 

يعني متفرقة فإنها مسائل من أبواب متفرقة, يقال: شتى وشتان وقال الله تعالى: (( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى )) وقال تعالى: (( إن سعيكم لشتى )) وقال الشاعر: قد عشت في الناس أطوارا على طرق ** شتى وقاسيت فيها اللين والفظعا

مسألة: قال: [والخنثى المشكل يرث نصف ميراث ذكر, ونصف ميراث أنثى فإن بال من حيث يبول الرجل فليس بمشكل وحكمه في الميراث وغيره حكم رجل وإن بال من حيث تبول المرأة فله حكم امرأة] الخنثى هو الذي له ذكر وفرج امرأة أو ثقب في مكان الفرج يخرج منه البول وينقسم إلى مشكل وغير مشكل, فالذى يتبين فيه علامات الذكورية أو الأنوثية فيعلم أنه رجل, أو امرأة فليس بمشكل وإنما هو رجل فيه خلقة زائدة, أو امرأة فيها خلقة زائدة وحكمه في إرثه وسائر أحكامه حكم ما ظهرت علاماته فيه ويعتبر بمباله في قول من بلغنا قوله من أهل العلم قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الخنثى يورث من حيث يبول, إن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وإن بال من حيث تبول المرأة, فهو امرأة وممن روى عنه ذلك على ومعاوية وسعيد بن المسيب, وجابر بن زيد وأهل الكوفة وسائر أهل العلم قال ابن اللبان: روى الكلبي, عن أبي صالح عن ابن عباس (( أن النبي -- سئل عن مولود له قبل وذكر من أين يورث؟ قال: من حيث يبول )) وروى أنه عليه السلام (( أتى بخنثى من الأنصار, فقال: ورثوه من أول ما يبول منه )) ولأن خروج البول أعم العلامات لوجودها من الصغير والكبير وسائر العلامات إنما يوجد بعد الكبر مثل نبات اللحية وتفلك الثدي, وخروج المني والحيض والحبل وإن بال منهما جميعا, اعتبرنا أسبقهما نص عليه أحمد وروى ذلك عن سعيد بن المسيب وبه قال الجمهور فإن خرجا معا ولم يسبق أحدهما فقال أحمد, في رواية إسحاق بن إبراهيم: يرث من المكان الذي ينزل منه أكثر وحكى هذا عن الأوزاعي وصاحبى أبي حنيفة ووقف في ذلك أبو حنيفة ولم يعتبره أصحاب الشافعي رضي الله عنه في أحد الوجهين ولنا, أنها مزية لإحدى العلامتين فيعتبر بها كالسبق فإن استويا فهو حينئذ مشكل فإن مات له من يرثه, فقال الجمهور: يوقف الأمر حتى يبلغ فيتبين فيه علامات الرجل من نبات اللحية وخروج المني من ذكره, وكونه مني رجل أو علامات النساء من الحيض والحبل وتفلك الثديين نص عليه أحمد, في رواية الميموني وحكى عن على والحسن أنهما قالا: تعد أضلاعه, فإن أضلاع المرأة أكثر من أضلاع الرجل بضلع قال ابن اللبان: ولو صح هذا لما أشكل حاله ولما احتيج إلى مراعاة المبال وقال جابر بن زيد: يوقف إلى جنب حائط, فإن بال عليه فهو رجل وإن شلشل بين فخذيه فهو امرأة وليس على هذا تعويل والصحيح ما ذكرناه, -إن شاء الله تعالى- وإنه يوقف أمره ما دام صغيرا فإن احتيج إلى قسم الميراث أعطى هو ومن معه اليقين, ووقف الباقي إلى حين بلوغه فتعمل المسألة على أنه ذكر ثم على أنه أنثى, وتدفع إلى كل وارث أقل النصيبين ويقف الباقي حتى يبلغ فإن مات قبل بلوغه أو بلغ مشكلا, فلم تظهر فيه علامة ورث نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى نص عليه أحمد, وهذا قول ابن عباس والشعبي وابن أبي ليلى, وأهل المدينة ومكة والثوري, واللؤلؤى وشريك والحسن بن صالح وأبي يوسف, ويحيى بن آدم وضرار بن صرد ونعيم بن حماد وورثه أبو حنيفة بأسوأ حالاته, وأعطى الباقي لسائر الورثة وأعطاه الشافعي ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا وبه قال أبو ثور, وداود وابن جرير وورثه بعض أهل البصرة على الدعوى فيما بقي بعد اليقين وبعضهم بالدعوى من أصل المال وفيه أقوال شاذة سوى هذه ولنا, قول ابن عباس ولم نعرف له في الصحابة منكرا ولأن حالتيه تساوتا, فوجبت التسوية بين حكميهما كما لو تداعى نفسان دارا بأيديهما ولا بينة لهما وليس توريثه بأسوأ أحواله بأولى من توريث من معه بذلك, فتخصيصه بهذا تحكم لا دليل عليه ولا سبيل إلى الوقف لأنه لا غاية له تنتظر وفيه تضييع المال مع يقين استحقاقهم له.

فصل: واختلف من ورثه نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى في كيفية توريثهم, فذهب أكثرهم إلى أن يجعلوا مرة ذكورا ومرة إناثا وتعمل المسألة على هذا مرة, وعلى هذا مرة ثم تضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو في وفقهما إن اتفقتا, وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرهما إن تناسبتا فتضربهما في اثنين, ثم تجمع ما لكل واحد منهما إن تماثلتا وتضرب ما لكل واحد منهما في الأخرى إن تباينتا أو في وفقهما إن اتفقتا, فتدفعه إليه ويسمى هذا مذهب المنزلين وهو اختيار أصحابنا وذهب الثوري واللؤلؤى في الولد إذا كان فيهم خنثى, إلى أن يجعل للأنثى سهمين وللخنثى ثلاثة وللذكر أربعة وذلك لأننا نجعل للأنثى أقل عدد له نصف, وهو اثنان وللذكر ضعف ذلك أربعة وللخنثى نصفهما, وهو ثلاثة فيكون معه نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى وهذا قول لا بأس به وهذا القول يوافق الذي قبله في بعض المواضع ويخالفه في بعضها, وبيان اختلافهما أننا لو قدرنا ابنا وبنتا وولدا خنثى لكانت المسألة على هذا القول من تسعة, للخنثى الثلث وهو ثلاثة وعلى القول الأول مسألة الذكورية من خمسة, والأنوثية من أربعة تضرب إحداهما في الأخرى تكن عشرين ثم في اثنين تكن أربعين, للبنت سهم في خمسة وسهم في أربعة يكن لها تسعة, وللذكر ثمانية عشر وللخنثى سهم في خمسة وسهمان في أربعة, يكن لها ثلاثة عشر وهي دون ثلث الأربعين وقول من ورثه بالدعوى فيما بقي بعد اليقين يوافق قول المنزلين في أكثر المواضع فإنه يقول في هذه المسألة: للذكر الخمسان بيقين, وهي ستة عشر من أربعين وهو يدعى النصف عشرين وللبنت الخمس بيقين, وهي تدعى الربع وللخنثى الربع بيقين وهو يدعى الخمسين, ستة عشر والمختلف فيه ستة أسهم يدعيها الخنثى كلها فتعطيه نصفها, ثلاثة مع العشرة التي معه صارت له ثلاثة عشر, الابن يدعى أربعة فتعطيه نصفها سهمين, صار له ثمانية عشر والبنت تدعى سهمين فتدفع إليها سهما, صار لها تسعة وقد ورثه قوم بالدعوى من أصل المال فعلى قولهم يكون الميراث في هذه المسألة من ثلاثة وعشرين لأن المدعى ها هنا نصف, وربع وخمسان ومخرجها عشرون, يعطى الابن النصف عشرة وللبنت خمسة, والخنثى ثمانية تكن ثلاثة وعشرين فإن لم يكن في المسألة بنت ففي قول الثوري: هي من سبعة وكذلك قول من ورثهما بالدعوى من أصل المال, وفي التنزيل من اثني عشر للابن سبعة وللخنثى خمسة, وهو قول من ورثه بالدعوى فيما عدا اليقين وإن كانت بنت وولد خنثى ولا عصبة معهما, فهي من خمسة في قول الثوري ومن اثني عشر في التنزيل وإن كان معهما عصبة, فهي من ستة للخنثى ثلاثة وللبنت سهمان وللعصبة سهم في الأقوال الثلاثة فإن كان معهما أم, وعصبة فهي في التنزيل من ستة وثلاثين للأم ستة, وللخنثى ستة عشر وللبنت أحد عشر وللعصبة ثلاثة وقياس قول الثوري أن يكون للخنثى والبنت ثلاثة أرباع المال بينهما على خمسة, وللأم السدس ويبقى نصف السدس للعصبة وتصح من ستين وإن كان ولد خنثى, وعصبة فللخنثى ثلاثة أرباع المال والباقي للعصبة, إلا في قول من ورثهما بالدعوى من أصل المال فإنه يجعل المال بينهما أثلاثا لأن الخنثى تدعى المال كله والعصبة تدعى نصفه, فتضيف النصف إلى الكل فيكون ثلاثة أنصاف لكل نصف ثلث بنت, وولد ابن خنثى وعم هي في التنزيل من اثني عشر وترجع بالاختصار إلى ستة للبنت النصف, وللخنثى الثلث وللعم السدس.

فصل: وإن كان الخنثى يرث في حال دون حال كزوج وأخت وولد أب خنثى, فمقتضى قول الثوري أن يجعل للخنثى نصف ما يرثه في حال إرثه وهو نصف سهم فتضمه إلى سهام الباقين, وهي ستة ثم تبسطها أنصافا ليزول الكسر فتصير ثلاثة عشر, له منها سهم والباقي بين الزوج والأخت نصفين وقد عمل أبو الخطاب هذه المسألة على هذا في كتاب " الهداية " وأما في التنزيل, فتصح من ثمانية وعشرين للخنثى سهمان وهي نصف سبع, ولكل واحد من الآخرين ثلاثة عشر وإن كان زوج وأم وأخوان من أم وولد أب خنثى فله في حال الأنوثية ثلاثة من تسعة فاجعل له نصفها مضموما إلى سهام باقى المسألة, ثم ابسطها تكن خمسة عشر له منها ثلاثة وهي الخمس وفي التنزيل له ستة من ستة وثلاثين وهي السدس وإن كانت بنت وبنت ابن وولد أخ خنثى وعم, فهي من ستة للبنت النصف ولبنت الابن السدس وللخنثى السدس, وللعم ما بقي على القولين جميعا.

فصل: وإن خلف خنثيين فصاعدا نزلتهم بعدد أحوالهم في أحد الوجهين فتجعل للاثنين أربعة أحوال, وللثلاثة ثمانية وللأربعة ستة عشر وللخمسة اثنين وثلاثين حالا, ثم تجمع مالهم في الأحوال كلها فتقسمه على عدد أحوالهم فما خرج بالقسم فهو لهم, إن كانوا من جهة واحدة وإن كانوا من جهات جمعت ما لكل واحد منهم في الأحوال وقسمته على عدد الأحوال كلها, فالخارج بالقسم هو نصيبه وهذا قول ابن أبي ليلى وضرار, ويحيى بن آدم وقول محمد بن الحسن على قياس قول الشعبي والوجه الآخر أنهم ينزلون حالين مرة ذكورا ومرة إناثا, كما تصنع في الواحد وهذا قول أبي يوسف والأول أصح لأنه يعطى كل واحد بحسب ما فيه من الاحتمال فيعدل بينهم وفي الوجه الآخر يعطى بعض الاحتمالات دون بعض وهذا تحكم لا دليل عليه وبيان هذا في ولد خنثى وولد أخ خنثى وعم, إن كانا ذكرين فالمال للولد وإن كانا أنثيين فللولد النصف والباقي للعم فهي من أربعة عند من نزلهم حالين للولد ثلاثة أرباع المال, وللعم ربعه ومن نزلهم أحوالا زاد حالين آخرين وهو أن يكون الولد وحده ذكرا, وأن يكون ولد الأخ وحده ذكرا فتكون المسألة من ثمانية للولد المال في حالين والنصف في حالين, فله ربع ذلك وهو ثلاثة أرباع المال ولولد الأخ نصف المال في حال, فله ربعه وهو الثمن وللعم مثل ذلك, وهذا أعدل ومن قال بالدعوى فيما زاد على اليقين قال: للأخ النصف يقينا والنصف الآخر يتداعونه, فيكون بينهم أثلاثا وتصح من ستة وكذلك الحكم في أخ خنثى وولد أخ وفي كل عصبتين يحجب أحدهما الآخر, ولا يرث المحجوب شيئا إذا كان أنثى ولو خلف بنتا وولدا خنثى وولد ابن خنثى وعصبة فمن نزلهما حالين جعلهما من ستة للولد الخنثى ثلاثة وللبنت سهمان, والباقي للعم ومن نزلهما أربعة أحوال جعلها من اثني عشر وجعل لولد الابن نصف السدس وللعم سدسه, وهذا أعدل الطريقين لما في الطريق الآخر من إسقاط ولد الابن مع أن احتمال توريثه كاحتمال توريث العم وهكذا تصنع في الثلاثة وما كان أكثر منها ويكفي هذا القدر من هذا الباب فإنه نادر قل ما يحتاج إليه واجتماع خنثيين وأكثر نادر النادر, ولم يسمع بوجوده فلا حاجة إلى التطويل فيه.

فصل: وقد وجدنا في عصرنا شيئا شبيها بهذا لم يذكره الفرضيون, ولم يسمعوا به فإنا وجدنا شخصين ليس لهما في قبلهما مخرج لا ذكر, ولا فرج أما أحدهما فذكروا أنه ليس في قبله إلا لحمة ناتئة كالربوة يرشح البول منها رشحا على الدوام, وأرسل إلينا يسألنا عن حكمه في الصلاة والتحرز من النجاسة في هذه السنة وهي ستة عشر وستمائة والثاني, شخص ليس له إلا مخرج واحد فيما بين المخرجين منه يتغوط ومنه يبول وسألت من أخبرني عنه عن زيه, فأخبرني أنه إنما يلبس لباس النساء ويخالطهن ويغزل معهن, ويعد نفسه امرأة وحدثت أن في بعض بلاد العجم شخصا ليس له مخرج أصلا لا قبل ولا دبر, وإنما يتقايأ ما يأكله وما يشربه فهذا وما أشبهه في معنى الخنثى إلا أنه لا يمكن اعتباره بمباله, فإن لم يكن له علامة أخرى فهو مشكل ينبغي أن يثبت له حكم الخنثى المشكل في ميراثه وأحكامه كلها والله تعالى أعلم.

مسألة: قال: [وابن الملاعنة ترثه أمه وعصبتها فإن خلف أما وخالا فلأمه الثلث, وما بقي فللخال] وجملته أن الرجل إذا لاعن امرأته ونفى ولدها, وفرق الحاكم بينهما انتفى ولدها عنه وانقطع تعصيبه من جهة الملاعن فلم يرثه هو ولا أحد من عصباته, وترث أمه وذوو الفروض منه فروضهم وينقطع التوارث بين الزوجين لا نعلم بين أهل العلم في هذه الجملة خلافا وأما إن مات أحدهم قبل تمام اللعان من الزوجين, ورثه الآخران في قول الجمهور وقال الشافعي رضي الله عنه: إذا أكمل الزوج لعانه لم يتوارثا وقال مالك: إن مات الزوج بعد لعانه فإن لاعنت المرأة لم ترث ولم تحد, وإن لم تلاعن ورثت وحدت وإن ماتت هي بعد لعان الزوج, ورثها في قول جميعهم إلا الشافعي رضي الله عنه وإن تم اللعان بينهما فمات أحدهما قبل تفريق الحاكم بينهما ففيه روايتان إحداهما, لا يتوارثان وهو قول مالك وزفر, وروى نحو ذلك عن الزهري وربيعة والأوزاعي, وداود لأن اللعان يقتضي التحريم المؤبد فلم يعتبر في حصول الفرقة به التفريق بينهما كالرضاع والرواية الثانية, يتوارثان ما لم يفرق الحاكم بينهما وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه لأن النبي -- فرق بين المتلاعنين ولو حصل التفريق باللعان لم يحتج إلى تفريقه وإن فرق الحاكم بينهما قبل تمام اللعان, لم تقع الفرقة ولم ينقطع التوارث في قول الجمهور وقال أبو حنيفة وصاحباه: إن فرق بينهما بعد أن تلاعنا ثلاثا وقعت الفرقة, وانقطع التوارث لأنه وجد منهما معظم اللعان وإن فرق بينهما قبل ذلك لم تقع الفرقة, ولم ينقطع التوارث ولنا أنه تفريق قبل تمام اللعان فأشبه التفريق قبل الثلاث وهذا الخلاف في توارث الزوجين فأما الولد, فالصحيح أنه ينتفي عن الملاعن إذا تم اللعان بينهما من غير اعتبار تفريق الحاكم لأن انتفاءه بنفيه لا بقول الحاكم: فرقت بينكما فإن لم يذكره في اللعان لم ينتف عن الملاعن, ولم ينقطع التوارث بينهما وقال أبو بكر: ينتفى بزوال الفراش وإن لم يذكره لأن النبي -- نفى الولد عن الملاعن وألحقه بأمه, ولم يذكره الرجل في لعانه ويحقق ذلك أن الولد كان حملا في البطن فقال النبي --: (( أنظروها فإن جاءت به أحيمر, كأنه وحرة حمش الساقين فلا أراه إلا قد كذب عليها, وإن جاءت به جعدا جماليا خدلج الساقين, سابغ الأليتين فهو للذى رميت به )) فأتت به على النعت المكروه إذا ثبت هذا عدنا إلى مسألة الكتاب, فنقول: اختلف أهل العلم في ميراث الولد المنفي باللعان فروى عن أحمد فيه روايتان إحداهما أن عصبته عصبة أمه نقلها الأثرم, وحنبل يروى ذلك عن على وابن عباس وابن عمر وبه قال الحسن, وابن سيرين وجابر بن زيد وعطاء, والشعبي والنخعي والحكم, وحماد والثوري والحسن بن صالح, إلا أن عليا يجعل ذا السهم من ذوى الأرحام أحق ممن لا سهم له وقدم الرد على غيره والرواية الثانية أن أمه عصبته, فإن لم تكن فعصبتها عصبته نقله أبو الحارث ومهنا وهذا قول ابن مسعود وروى نحوه عن على ومكحول, والشعبي لما روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, أن النبي -- (( جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها )) ورواه أيضا مكحول عن النبي -- مرسلا وروى واثلة بن الأسقع عن النبي -- قال: (( تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها, ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه )) وعن عبيد الله بن عبيد بن عمير وقال: (( كتبت إلى صديق لي من أهل المدينة من بني زريق أسأله عن ولد الملاعنة, لمن قضى به رسول الله -- فكتب إلى إني سألت فأخبرت أنه قضى به لأمه هي بمنزلة أبيه وأمه )) رواهن أبو داود ولأنها قامت مقام أبيه وأمه في انتسابه إليها فقامت مقامهما في حيازة ميراثه, ولأن عصبات الأم أدلوا بها فلم يرثوا معها كأقارب الأب معه وكان زيد بن ثابت يورث من ابن الملاعنة, كما يورث من غير ابن الملاعنة ولا يجعلها عصبة ابنها ولا عصبتها عصبته فإن كانت أمه مولاة لقوم جعل الباقي من ميراثها لمولاها, فإن لم تكن مولاة جعله لبيت المال وعن ابن عباس نحوه وبه قال سعيد بن المسيب وعروة, وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز والزهري, وربيعة وأبو الزناد ومالك, وأهل المدينة والشافعي وأبو حنيفة, وصاحباه وأهل البصرة إلا أن أبا حنيفة وأهل البصرة جعلوا الرد, وذوى الأرحام أحق من بيت المال لأن الميراث إنما ثبت بالنص ولا نص في توريث الأم أكثر من الثلث, ولا في توريث الأخ من الأم أكثر من السدس ولا في توريث أبي الأم وأشباهه من عصبات الأم ولا قياس أيضا, فلا وجه لإثباته ووجه قول الخرقي قول النبي --: (( ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر )) وأولى الرجال به أقارب أمه وعن عمر رضي الله عنه أنه ألحق ولد الملاعنة بعصبة أمه وعن على رضي الله عنه أنه لما رجم المرأة دعا أولياءها فقال: هذا ابنكم ترثونه ولا يرثكم, وإن جنى جناية فعليكم حكاه الإمام أحمد عنه ولأن الأم لو كانت عصبة كأبيه لحجبت إخوته ولأن مولاها مولى أولادها فيجب أن تكون عصبتها عصبته كالأب فإذا خلف ابن الملاعنة أما, وخالا فلأمه الثلث بلا خلاف والباقي لخاله لأنه عصبة أمه وعلى الرواية الأخرى, هو لها كله وهذا قول على وابن مسعود وأبي حنيفة, وموافقيه إلا أن ابن مسعود يعطيها إياه لكونها عصبة والباقون بالرد وعند زيد, الباقي لبيت المال فإن كان معهما مولى أم فلا شيء له عندنا وقال زيد ومن وافقه, وأبو حنيفة: الباقي له وإن لم يكن لأمه عصبة إلا مولاها فالباقي له على الرواية التي اختارها الخرقي وعلى الأخرى, هو للأم وهو قول ابن مسعود لأنها عصبة ابنها فإن لم يخلف إلا أمه فلها الثلث بالفرض, والباقي بالرد وهو قول على وسائر من يرى الرد وفي الرواية الأخرى لها الباقي بالتعصيب وإن كان مع الأم عصبة لها, فهل يكون الباقي لها أو له؟ على روايتين وإن كان لها عصبات فهو لأقربهم منها على رواية الخرقي فإذا كان معها أبوها, وأخوها فهو لأبيها وإن كان مكان أبيها جدها فهو بين أخيها وجدها نصفين, وإن كان معهم ابنها وهو أخوه لأمه فلا شيء لأخيها, ويكون لأمه الثلث ولأخيه السدس والباقي لأخيه, أو ابن أخيه وإن خلف أمه وأخاه وأخته, فلكل واحد منهم السدس والباقي لأخيه دون أخته وإن خلف ابن أخته, وبنت أخته أو خاله وخالته فالباقي للذكر وإن خلف أخته وابن أخته, فلأخته السدس والباقي لابن أخته وعلى الرواية الأخرى, الباقي للأم في هذه المواضع.

فصل: ابن ملاعنة مات وترك بنتا وبنت ابن ومولى أمه الباقي لمولى الأم في قول الجمهور وقال ابن مسعود: الرد أولى من المولى فإن كان معهم أم فلها السدس, وفي الباقي روايتان إحداهما: للمولى وهو قول الأكثرين والثانية: للأم وهو قول ابن مسعود فإن لم يكن معهم مولى, فالباقي مردود عليهم في إحدى الروايتين والأخرى هو للأم فإن كان معهم أخ فلا شيء له بالفرض, وله الباقي في رواية والأخرى هو للأم بنت وأخ أو ابن أخ أو خال, أو أبو أم أو غيرهم من العصبات للبنت النصف والباقي للعصبة في قول العبادلة وإن كان معها أخ وأخت, أو ابن أخ وأخته أو خال أو خالة, فالباقي للذكر وحده في قولهم وقال أبو حنيفة وأصحابه: المال للبنت بالفرض والرد وروى عن على عليه السلام أنه جعل ذا السهم أحق ممن لا سهم له وأنه ورث من ابن الملاعنة ذوى أرحامه, كما يرثون من غيره قال ابن اللبان: وليس هذا محفوظا عن على وإنما المشهور عنه قوله لأولياء المرجومة عن ابنها: هذا ابنكم ترثونه, ولا يرثكم وإن جنى جناية فعليكم وفسر القاضي قول أحمد: إن لم تكن أم فعصبتها عصبته بتقديم الرد على عصبة الأم كقوله في أخت وابن أخ: المال كله للأخت وهذا تفسير للكلام بضد ما يقتضيه, وحمل اللفظ على خلاف ظاهره وإنما هذه الرواية كمذهب ابن مسعود, ورواية الشعبي عن على وعبد الله أنهما قالا: عصبة ابن الملاعنة أمه ترث ماله أجمع, فإن لم تكن أم فعصبتها عصبته امرأة وجدة, وأختان وابن أخ للمرأة الربع وللجدة السدس, وللأختين الثلث والباقي لابن الأخ في الروايتين جميعا وقال أبو حنيفة: الباقي يرد على الأختين والجدة وهو قول القاضي في الرواية الثانية أبو أم, وبنت وابن أخ وبنت أخ الباقي لابن الأخ وحده ويحتمل أن يكون لأبي الأم سدس باقى المال وخمسة أسداسه لابن الأخ وقال أبو حنيفة: المال بين أم الأم والبنت على أربعة, بالفرض والرد.

فصل: فإن لم يترك ابن الملاعنة ذا سهم فالمال لعصبة أمه في قول الجماعة وقد روى ذلك عن على وقال أبو حنيفة وأصحابه: هو بين ذوى الأرحام, كميراث غيره ورووه عن على عليه السلام وذلك مثل خال وخالة وابن أخ وأخته المال للذكر, وفي قول أبي حنيفة هو بينهما في المسألتين نصفين خالة لأب وأم وخال لأب المال للخال وقال أبو حنيفة: هو للخالة خالة وبنت بنت المال بينهما على أربعة وإذا لم يخلف ابن الملاعنة إلا ذا رحم فحكمهم في ميراثه, كحكمهم في ميراث غيره على ما تقدم شرحه.

فصل: وإذا قسم ميراث الملاعنة ثم أكذب الملاعن نفسه, لحقه الولد ونقضت القسمة وقال أبو حنيفة: لا يلحقه النسب بعد موته إلا أن يكونا توأمين, مات أحدهما وأكذب نفسه والآخر باق, فيلحقه نسب الباقي والميت معا وقد مضى الكلام معه في غير هذا الموضع.

فصل: ولو كان المنفي باللعان توأمين ولهما ابن آخر من الزوج لم ينفه, فمات أحد التوأمين فميراث توأمه منه كميراث الآخر في قول الجمهور وقال مالك: يرثه توأمه ميراث أخ لأبوين لأنه أخوه لأبويه, بدليل أن الزوج لو أقر بأحدهما لحقه الآخر وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي رضي الله عنه ولنا أنهما توأمان لم يثبت لهما أب ينتسبان إليه, فأشبها توأمى الزانية ولا خلاف في توأمى الزانية وفارق هذا ما إذا استلحق أحدهما لأنه يثبت باستلحاقه أنه أبوه.

فصل: قولهم: إن الأم عصبة ولدها, وإن عصبتها عصبته إنما هو في الميراث خاصة كقولنا في الأخوات مع البنات فعلى هذا لا يعقلون عنه, ولا يثبت لهم ولاية التزويج ولا غيره وهذا قول الأكثرين وروى عن على رضي الله عنه أنه قال لأولياء المرجومة في ولدها: هذا ابنكم يرثكم ولا ترثونه وإن جنى فعليكم وروى هذا عن عبد الله, وإبراهيم ولنا أنهم إنما ينتسبون إليه بقرابة الأم فلم يعقلوا عنه, ولم يثبت عنهم ولاية التزويج كما لو علم أبوه ولا يلزم من التعصيب في الميراث التعصيب في العقل والتزويج, بدليل الأخوات مع البنات فأما إن أعتق ابن الملاعنة عبدا ثم مات ثم مات المولى, وخلف أم مولاه وأخا مولاه احتمل أن يثبت لهما الإرث بالولاء لأن التعصيب ثابت وحكى ذلك عن أبي يوسف وهل يكون للأم أو للأخ؟ على الروايتين, ويحتمل أن لا يثبت لهما ميراث لأن النساء لا يرثن من الولاء إلا ما أعتقن أو أعتق من أعتقن, فكذلك من يدلى بهن وما ذكرناه للاحتمال الأول يبطل بالأخوات مع البنات وبمن عصبهن أخوهن من الإناث.

فصل: في ميراث ابن ابن الملاعنة إذا خلف أمه وأم أبيه, وهي الملاعنة فلأمه الثلث والباقي لها بالرد وهذا قول على وعلى الرواية الأخرى الباقي لأم أبيه لأنها عصبة أبيه وهذا قول ابن مسعود ويعابا بها فيقال: جدة ورثت مع أم أكبر منها وإن خلف جدتيه, فالمال بينهما بالفرض والرد على قول على وفي قول ابن مسعود السدس بينهما فرضا, وباقى المال لأم أبيه أم أم وخال أب لأم للأم السدس وفي الباقي قولان أحدهما أنه لها بالرد والثاني لخال الأب, وفي قول على الكل للجدة خال وعم وخال أب وأبو أم أب المال للعم لأنه أبو الملاعنة, فإن لم يكن عم فلأبي أم الأب لأنه أبوها فإن لم يكن فلخال الأب فإن لم يكن فللخال لأنه ذو رحمه بنت وعم للبنت النصف, والباقي للعم وفي قول على: الكل للبنت لأنه يقدم الرد على توريث عصبة أمه بنت وأم وخال المال بين البنت والأم على أربعة بالفرض والرد, ولا شيء للخال لأنه ليس بعصبة الملاعنة ولو كان بدل الخال خال أب كان الباقي له لأنه عصبة الملاعنة فأما ابن ابن ابن الملاعنة, فإذا خلف عمه وعم أبيه فالمال لعمه لأنه عصبته وهذا ينبغي أن يكون إجماعا وقد قال بعض الناس: يحتمل أن يكون عم الأب أولى لأنه ابن الملاعنة وهذا غلط بين لأن العصبات إنما يعتبر أقربهم من الميت, لا من آبائه وإن خلف ثلاث جدات متحاذيات فالسدس بينهن والباقي رد عليهن, في إحدى الروايتين وهو قول على وفي الثانية لأم أبي أبيه وهو قول ابن مسعود وإن خلف أمه, وجدته وجدة أبيه فلأمه الثلث, ولا شيء لجدته وفي الباقي روايتان إحداهما يرد على الأم والثانية لجدة أبيه وإن خلف خاله وخال أبيه وخال جده, فالمال لخال جده فإن لم يكن فلخاله ولا شيء لخال أبيه فأما ولد بنت الملاعنة, فليست الملاعنة عصبة لهم في قول الجميع لأن لهم نسبا معروفا من جهة أبيهم وهو زوج بنت الملاعنة ولو أعتقت بنت الملاعنة عبدا ثم ماتت ثم مات المولى, وخلف أم مولاته ورثت مال المولى لأنها عصبة لبنتها والبنت عصبة لمولاها في أحد الوجهين, وقد ذكرناهما في ابن الملاعنة.

فصل: والحكم في ميراث ولد الزنى في جميع ما ذكرنا كالحكم في ولد الملاعنة على ما ذكرنا من الأقوال, والاختلاف إلا أن الحسن بن صالح قال: عصبة ولد الزنى سائر المسلمين لأن أمه ليست فراشا بخلاف ولد الملاعنة والجمهور على التسوية بينهما لانقطاع نسب كل واحد منهما من أبيه, إلا أن ولد الملاعنة يلحق الملاعن إذا استلحقه وولد الزنى لا يلحق الزاني في قول الجمهور وقال الحسن وابن سيرين: يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه وقال إبراهيم: يلحقه إذا جلد الحد, أو ملك الموطوءة وقال إسحاق: يلحقه وذكر عن عروة وسليمان بن يسار نحوه وروى على بن عاصم عن أبي حنيفة, أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها, والولد ولد له وأجمعوا على أنه إذا ولد على فراش رجل فادعاه آخر أنه لا يلحقه وإنما الخلاف فيما إذا ولد على غير فراش ولنا, قول النبي --: (( الولد للفراش وللعاهر الحجر )) ولأنه لا يلحق به إذا لم يستلحقه فلم يلحق به بحال, كما لو كانت أمه فراشا أو كما لو لم يجلد الحد عند من اعتبره.

مسألة قال: [والعبد لا يرث ولا مال له, فيورث عنه] لا نعلم خلافا في أن العبد لا يرث إلا ما روى عن ابن مسعود في رجل مات وترك أبا مملوكا, يشترى من ماله ثم يعتق فيرث وقاله الحسن, وحكى عن طاوس أن العبد يرث ويكون ما ورثه لسيده, ككسبه وكما لو وصى له ولأنه تصح الوصية له, فيرث كالحمل ولنا أن فيه نقصا منع كونه موروثا فمنع كونه وارثا, كالمرتد ويفارق الوصية فإنها تصح لمولاه ولا ميراث له وقياسهم ينتقض بمختلفي الدين وقول ابن مسعود لا يصح لأن الأب رقيق حين موت ابنه, فلم يرثه كسائر الأقارب وذلك لأن الميراث صار لأهله بالموت فلم ينتقل عنهم إلى غيرهم وأجمعوا على أن المملوك لا يورث وذلك لأنه لا مال له فيورث, فإنه لا يملك ومن قال: إنه يملك بالتمليك فملكه ناقص غير مستقر يزول إلى سيده بزوال ملكه عن رقبته, بدليل قوله عليه السلام: (( من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع )) ولأن السيد أحق بمنافعه وأكسابه في حياته, فكذلك بعد مماته وممن روى عنه أن العبد لا يرث ولا يورث ولا يحجب: علي, وزيد وبه قال الثوري ومالك والشافعي, وإسحاق رضي الله عنه وأصحاب الرأي.

فصل: ويرث الأسير الذي مع الكفار إذا علمت حياته في قول عامة الفقهاء إلا سعيد بن المسيب, فإنه قال: لا يرث لأنه عبد وليس بصحيح لأن الكفار لا يملكون الأحرار بالقهر فهو باق على حريته فيرث, كالمطلق.

فصل: والمدبر وأم الولد كالقن لأنهم رقيق, بدليل أن النبي -- باع مدبرا وأم الولد مملوكة يجوز لسيدها وطؤها بحكم الملك, وتزويجها وإجارتها وحكمها حكم الأمة في جميع أحكامها إلا فيما ينقل الملك فيها أو يراد له كالرهن.

فصل: فأما المكاتب فإن لم يملك قدر ما عليه فهو عبد, لا يرث ولا يورث وإن ملك قدر ما يؤدي, ففيه روايتان إحداهما أنه عبد ما بقي عليه درهم لا يرث, ولا يورث يروى ذلك عن عمر وزيد بن ثابت وابن عمر, وعائشة وأم سلمة وعمر بن عبد العزيز, والشافعي رضي الله عنه وأبي ثور وعن ابن المسيب وشريح والزهري, نحوه لما روى أبو داود بإسناده عن عمرو بن شعيب عن أبيه, عن جده أن النبي -- قال: (( المكاتب عبد ما بقي عليه درهم )) وفي لفظ أن النبي -- قال: (( أيما عبد كاتب على مائة أوقية, فأداها إلا عشر أواق فهو عبد وأيما عبد كاتب على مائة دينار, فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد )) وعن محمد بن المنكدر وعمر بن عبد الله مولى غفرة, وعبد الله بن عبدة أن النبي -- قال لعتاب بن أسيد: (( من كاتب مكاتبا فهو أحق به حتى يقضى كتابته )) وقال القاضي وأبو الخطاب: إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع, عتق لأن ذلك يجب إيفاؤه للمكاتب فلا يجوز إبقاؤه على الرق لعجزه عما يجب رده إليه والرواية الثانية أنه إذا ملك ما يؤدي, فقد صار حرا يرث ويورث, فإذا مات له من يرثه ورث وإن مات فلسيده بقية كتابته والباقي لورثته لما روى أبو داود, بإسناده عن أم سلمة قالت: قال لنا رسول الله --: (( إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي, فلتحتجب منه )) وروى الحكم عن على وابن مسعود وشريح: يعطى سيده من تركته ما بقي من كتابته, فإن فضل شيء كان لورثة المكاتب وروى نحوه عن الزهري وبه قال ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن والنخعي, والشعبي والحسن ومنصور, ومالك وأبو حنيفة غير أن مالكا جعل من كان معه في كتابته أحق ممن لم يكن معه قال في مكاتب هلك, وله أخ معه في الكتابة وله ابن قال: ما فضل من كتابته لأخيه دون ابنه وجعله أبو حنيفة عبدا ما دام حيا, فإذا مات أدى من تركته باقى كتابته والباقي لورثته وروى عن عمر رضي الله عنه أنه قال على المنبر: إنكم مكاتبون مكاتبين فأيهم أدى النصف فلا رق عليه وعن على عليه السلام إذا أدى النصف فهو حر وعن عروة نحوه وعن الحسن, إذا أدى الشطر فهو غريم وعن ابن مسعود وشريح نحوه وعن ابن مسعود إذا أدى ثلثا أو ربعا فهو غريم وعن ابن عباس, إذا كتب الصحيفة فهو غريم وعن على رضي الله عنه قال: تجرى العتاقة في المكاتب في أول نجم يعني يعتق منه بقدر ما أدى وعنه أنه قال: يرث ويحجب ويعتق منه, بقدر ما أدى وقد روى حماد بن سلمة عن أيوب عن عكرمة, عن ابن عباس عن النبي -- (( قال: إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه, وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه )) وفي رواية (( يؤدى المكاتب بقدر ما عتق منه دية الحر وقدر ما رق منه دية العبد )) قال يحيى بن أبي كثير: وكان على ومروان بن الحكم يقولان ذلك وقد روى حديث ابن عباس عن عكرمة, عن النبي -- مرسلا والحديث الذي رويناه لقولنا أصح منه ولا أعلم أحدا من الفقهاء قال بهذا, وما ذكرناه أولا أولى والله أعلم. مسألة: قال: [ومن بعضه حر يرث ويورث, ويحجب على مقدار ما فيه من الحرية] وجملته أن المعتق بعضه إذا كسب مالا ثم مات وخلفه نظر فيه فإن كان كسبه بجزئه الحر, مثل أن كان قد هيأ سيده على منفعته فاكتسب في أيامه أو ورث شيئا, فإن الميراث إنما يستحقه بجزئه الحر أو كان قد قاسم سيده في حياته فتركته كلها لورثته, لا حق لمالك باقيه فيها وقال قوم: جميع ما خلفه بينه وبين سيده قال ابن اللبان: هذا غلط لأن الشريك إذا استوفى حقه من كسبه مرة لم يبق له حق في الباقي ولا سبيل له على ما كسبه بنصفه الحر, كما لو كان بين شريكين فاقتسما كسبه لم يكن لأحدهما حق في حصة الآخر, والعبد يخلف أحد الشريكين فيما عتق منه فأما إن لم يكن كسبه بجزئه الحر خاصة ولا اقتسما كسبه فلمالك باقيه من تركته بقدر ملكه فيه, والباقي لورثته وإن مات من يرثه فإنه يرث, ويورث ويحجب على قدر ما فيه من الحرية وهذا قول على وابن مسعود, رضي الله عنهما وبه قال عثمان البتى وحمزة الزيات, وابن المبارك والمزني وأهل الظاهر وقال زيد بن ثابت: لا يرث, ولا يورث وأحكامه أحكام العبد وبه قال مالك والشافعي, في القديم وجعلا ماله لمالك باقيه قال ابن اللبان: هذا غلط لأنه ليس لمالك باقيه على ما عتق منه ملك ولا ولاء ولا هو ذو رحم قال ابن سريج: يحتمل على قول الشافعي رضي الله عنه القديم, أن يجعل في بيت المال لأنه لا حق له فيما كسبه بجزئه الحر وقال الشافعي في الجديد: ما كسبه بجزئه الحر لورثته ولا يرث هو ممن مات شيئا وبه قال طاوس وعمرو بن دينار, وأبو ثور وقال ابن عباس: هو كالحر في جميع أحكامه في توريثه والإرث منه, وغيرهما وبه قال الحسن وجابر بن زيد والشعبي, والنخعي والحكم وحماد, وابن أبي ليلى والثوري وأبو يوسف, ومحمد واللؤلؤى ويحيى بن آدم, وداود وقال أبو حنيفة: إن كان الذي لم يعتق استسعى العبد فله من تركته سعايته وله نصف ولائه, وإن كان أغرم الشريك فولاؤه كله للذى أعتق بعضه ولنا ما روى عبد الله بن أحمد, حدثنا الرملى عن يزيد بن هارون عن عكرمة, عن ابن عباس أن النبي -- قال في العبد يعتق بعضه: (( يرث ويورث على قدر ما عتق منه )) ولأنه يجب أن يثبت لكل بعض حكمه كما لو كان الأخر مثله, وقياسا لأحدهما على الأخر إذا ثبت هذا فالتفريع على قولنا لأن العمل على غيره واضح وكيفية توريثه أن يعطى من له فرض بقدر ما فيه من الحرية من فرضه وإن كان عصبة نظر ما له مع الحرية الكاملة, فأعطى بقدر ما فيه منها وإن كانا عصبتين لا يحجب أحدهما الآخر كابنين نصفهما حر, ففيه وجهان أحدهما تكمل الحرية فيهما بأن تضم الحرية من أحدهما إلى ما في الآخر منها, فإن كمل منهما واحد ورثا جميعا ميراث ابن حر لأن نصفي شيء شيء كامل ثم يقسم ما ورثاه بينهما على قدر ما في كل واحد منهم فإذا كان ثلثا أحدهما حرا, وثلث الآخر حرا كان ما ورثاه بينهما أثلاثا وإن نقص ما فيهما من الحرية عن حر كامل ورثا بقدر ما فيهما, وإن زاد على حر واحد وكان الجزءان فيهما سواء قسم ما يرثانه بينهما بالسوية, وإن اختلفا أعطى كل واحد منهما بقدر ما فيه قال الخبرى: قال الأكثرون: هذا قياس قول على رضي الله عنه والوجه الآخر لا تكمل الحرية فيهما لأنهما لو كملت لم يظهر للرق أثر, وكانا في ميراثهما كالحرين وإن كان أحدهما يحجب الآخر فقد قيل فيهما وجهان أيضا والصحيح أن الحرية لا تكمل ها هنا لأن الشيء لا يكمل بما يسقطه, ولا يجمع بينه وبين ما ينافيه وورثه بعضهم بالخطاب وتنزيل الأحوال وحجب بعضهم ببعض على مثال تنزيل الخناثى وقال أبو يوسف بمعناه ومسائل ذلك ابن نصفه حر له نصف المال, فإن كان معه ابن آخر نصفه حر فلهما المال في أحد الوجهين وفي الأخر, لهما نصفه والباقي للعصبة أو لبيت المال إن لم تكن عصبة ويحتمل أن يكون لكل واحد منهما ثلاثة أثمان المال لأنهما لو كانا حرين, لكان لكل واحد منهما النصف ولو كانا رقيقين لم يكن لهما شيء ولو كان الأكبر وحده حرا كان له المال ولا شيء للأصغر, ولو كان الأصغر وحده حرا كان له كذلك ولكل واحد منهما في الأربعة أحوال مال ونصف فله ربع ذلك, وهو ثلاثة أثمان فإن كان معهما ابن آخر ثلثه حر فعلى الوجه الأول, ينقسم المال بينهم على ثمانية كما تقسم مسألة المباهلة وعلى الثاني يقسم النصف بينهم على ثمانية وفيه وجه آخر, يقسم الثلث بينهم أثلاثا ثم يقسم السدس بين صاحبى النصفين نصفين وعلى تنزيل الأحوال يحتمل أن يكون لكل واحد ممن نصفه حر سدس المال, وثمنه ولمن ثلثه حر ثلثا ذلك وهو تسع المال, ونصف سدسه لأن لكل واحد المال في حال ونصفه في حالين وثلثه في حال, فيكون له مالان وثلث في ثمانية أحوال فنعطيه ثمن ذلك, وهو سدس وثمن ويعطى من ثلثه حر ثلثيه وهو تسع, ونصف سدس ابن حر وابن نصفه حر المال بينهما على ثلاثة على الوجه الأول وعلى الثاني النصف بينهما نصفان, والباقي للحر فيكون للحر ثلاثة أرباع وللآخر الربع ولو نزلتهما بالأحوال أفضى إلى هذا لأن للحر المال في حال ونصفه في حال, فله نصفهما وهو ثلاثة أرباع وللآخر نصفه في حال, فله نصف ذلك وهو الربع ولو خاطبتهما لقلت للحر: لك المال لو كان أخوك رقيقا ونصفه لو كان حرا, فقد حجبك بحريته عن النصف فنصفها يحجبك عن الربع يبقى لك ثلاثة أرباع ويقال للآخر: لك النصف لو كنت حرا, فإذا كان نصفك حرا فلك نصفه وهو الربع ابن ثلثاه حر وابن ثلثه حر, على الأول المال بينهما أثلاثا وعلى الثاني, الثلث بينهما وللآخر ثلث فيكون له النصف وللآخر السدس, وقيل الثلثان بينهما أثلاثا وبالخطاب تقول لمن ثلثاه حر: لو كنت وحدك حرا كان المال لك ولو كنتما حرين, كان لك النصف فقد حجبك بحريته عن النصف فبثلثها يحجبك عن السدس, يبقى لك خمسة أسداس لو كنت حرا فلك بثلثى حريته خمسة أتساع ويقال للآخر: يحجبك أخوك بثلثى حريته عن ثلثى النصف, وهو الثلث يبقى لك الثلثان فلك بثلث حريتهم ثلث ذلك, وهو التسعان ويبقى التسعان للعصبة إن كان أو ذى رحم فإن لم يكن ففي بيت المال ابن حر وبنت نصفها حر, للابن خمسة أسداس المال وللبنت سدسه في الخطاب والتنزيل جميعا ومن جمع الحرية أفضى قوله إلى أن له أربعة أخماس المال ولها الخمس فإن كانت بنت حرة وابن نصفه حر وعصبة, فللابن الثلث ولها ربع وسدس ومن جمع الحرية فيهما جعل المال بينهما نصفين ابن وبنت نصفهما حر وعصبة فمن جمع الحرية, فثلاثة أرباع المال بينهما على ثلاثة وقال بعض البصريين: النصف بينهما على ثلاثة ومن ورث بالتنزيل والأحوال قال: للابن المال في حال وثلثاه في حال فله ربع ذلك, ربع وسدس وللبنت نصف ذلك ثمن ونصف سدس والباقي للعصبة وإن شئت قلت: إن قدرناهما حرين فهي من ثلاثة, وإن قدرنا البنت وحدها حرة فهي من اثنين وإن قدرنا الابن وحده حرا فالمال له وإن قدرناهما رقيقين فالمال للعصبة, فتضرب اثنين في ثلاثة تكن ستة ثم في أربعة أحوال تكن أربعة وعشرين, فللابن المال في حال ستة وثلثاه في حال أربعة صار له عشرة, وللبنت النصف في حال والثلث في حال خمسة وللعصبة المال في حال, ونصفه في حال تسعة فإن لم تكن عصبة جعلت للبنت في حال حريتها المال كله بالفرض والرد, فيكون لها مال وثلث فتجعل لها ربع ذلك وهو الثلث فإن كان معهما امرأة وأم حرتان كملت الحرية فيهما, فحجبا الأم إلى السدس والمرأة إلى الثمن لأن كل واحد منهما لو انفرد لحجب نصف الحجب فإذا اجتمعا اجتمع الحجب ومن ورث بالأحوال والتنزيل, قال: للأم السدس في ثلاثة أحوال والثلث في حال فلها ربع ذلك, وهو سدس وثلث وثمن وللمرأة الثمن في ثلاثة أحوال والربع في حال فلها ربع ذلك, وهو الثمن وربع الثمن وللابن الباقي في حال وثلثاه في حال, فله ربعه وللبنت ثلث الباقي في حال والنصف في حال, فلها ربعه وإن لم يكن في المسألة عصبة فللبنت بالفرض والرد أحد وعشرون من اثنين وثلاثين, مكان النصف وللأم سبعة مكان السدس وتصح المسألة إذا لم يكن فيها رد بالبسط من مائتين وثمانية وثمانين سهما, للأم منها ستون وللمرأة خمسة وأربعون وللابن خمسة وثمانون, وللبنت ثلاثة وخمسون والباقي للعصبة وقياس قول من جمع الحرية في الحجب أن يجمع الحرية في التوريث, فيجعل لهما ثلاثة أرباع الباقي وقال ابن اللبان: لهما سبعة عشر من ثمانية وأربعين لأنهما لو كانا حرين لكان لهما سبعة عشر من أربعة وعشرين فيكون لهما بنصف حريتهم نصف ذلك وهذا غلط لأنه جعل حجب كل واحد منهما لصاحبه بنصف حريته كحجبه إياه بجميعها, ولو ساغ هذا لكان لهم حال انفرادهما النصف بينهما من غير زيادة ابن وأبوان نصف كل واحد منهم حر إن قدرناهم أحرارا, فللابن الثلثان وإن قدرناه حرا وحده فله المال, وإن قدرنا معه أحد الأبوين حرا فله خمسة أسداس فتجمع ذلك تجده ثلاثة أموال وثلثان فله ثمنها, وهو ربع سدس وللأب المال في حال وثلثاه في حال, وسدساه في حالين فله ثمن ذلك ربع وللأم الثلث في حالين, والسدس في حالين فلها الثمن والباقي للعصبة وإن عملتها بالبسط قلت: إن قدرناهم أحرارا, فهي من ستة وإن قدرنا الابن وحده حرا فهي من سهم فكذلك الأب, وإن قدرنا الأم وحدها حرة أو قدرناها مع حرية الأب فهي من ثلاثة, وإن قدرنا الابن مع الأب أو مع الأم فهي من ستة وإن قدرناهم رقيقا, فالمال للعصبة وجميع المسائل تدخل في ستة فتضربها في الأحوال, وهي ثمانية تكن ثمانية وأربعين وللابن المال في حال ستة, وثلثاه في حال أربعة وخمسة أسداسه في حالين عشرة فذلك عشرون سهما من ثمانية وأربعين, وللأب المال في حال ستة وثلثاه في حال وسدساه في حالين, وذلك اثنا عشر وللأم الثلث في حالين والسدس في حالين, وذلك ستة وهي الثمن وإن كان ثلث كل واحد منهم حرا, زدت على الستة نصفها تصير تسعة وتضربها في الثمانية, تكن اثنين وسبعين فللابن عشرون من اثنين وسبعين وهي السدس والتسع, وللأب اثنا عشر وهي السدس وللأم ستة, وهي نصف السدس ولا تتغير سهامهم وإنما صارت منسوبة إلى اثنين وسبعين وإن كان ربع كل واحد منهم حرا, زدت على الستة مثلها وقيل فيما إذا كان نصف كل واحد منهم حرا: للأم الثمن وللأب الربع وللابن النصف ابن نصفه حر وأم حرة, للأم الربع وللابن النصف وقيل: له ثلاثة أثمان وهو نصف ما يبقى, فإن كان بدل الأم أختا حرة فلها النصف وقيل: لها نصف الباقي لأن الابن يحجبها بنصفه عن نصف فرضها فإن كان نصفها حرا, فلها الثمن على هذا القول وعلى الأول, لها الربع وإن كان مع الابن أخت من أم أو أخ من أم فلكل واحد منهما نصف السدس وإن كان معه عصبة حر, فله الباقي كله.

 فصل: 

ابن نصفه حر وابن ابن حر المال بينهما في قول الجميع, إلا الثوري قال: لابن الابن الربع لأنه محجوب بنصف الابن عن الربع فإن كان نصف الثاني حرا فله الربع, فإن كان معهما ابن ابن ابن نصفه حر فله الثمن وقيل: للأعلى النصف وللثاني النصف ولأن فيهما حرية ابن وهذا قول أبي بكر وقال سفيان: لا شيء للثاني والثالث لأن ما فيهما الحرية محجوب بحرية الابن, فإن كان معهم أخ حر أو غيره من العصبات فله الباقي وإن كان نصفه حرا, فله نصف ما بقي إلا على القولين الآخرين ابن نصفه حر وابن ابن ثلثه حر, وأخ ثلاثة أرباعه حر للأعلى النصف وللثاني ثلث الباقي وهو السدس, وللأخ ثلاثة أرباع الباقي وهو الربع وعلى القول الآخر للابن النصف, ولابن الابن الثلث والباقي للأخ ثلاثة إخوة مفترقين نصف كل واحد حر للأخ من الأم نصف السدس, وللأخ من الأبوين نصف الباقي وللأخ من الأب نصف الباقي وتصح من ثمانية وأربعين للأخ من الأم أربعة وللأخ من الأبوين اثنان وعشرون, وللأخ من الأب أحد عشر وعلى القول الآخر للأخ من الأم نصف السدس وللأخ من الأبوين النصف, وللأخ من الأب ما بقي فإن كان معهم بنت حرة فلها النصف ولا شيء للأخ من الأم, وللأخ من الأبوين الربع وللأخ من الأب الثمن والباقي للعصبة وعلى القول الآخر, الباقي للأخ من الأبوين وحده فإن كان نصف البنت حرا, فلها الربع وللأخ من الأم ربع السدس وللأخ من الأبوين نصف الباقي وللأخ من الأب نصف الباقي.

 فصل: 

بنت نصفها حر, لها الربع والباقي للعصبة فإن لم يكن عصبة فلها النصف بالفرض والرد, والباقي لذوى الرحم فإن لم يكن فلبيت المال فإن كان معها أم حرة, فلها الربع لأن البنت الحرة تحجبها عن السدس فنصفها يحجبها عن نصفه وإن كان معها امرأة, فلها الثمن ونصف الثمن وإن كان معها أخ من أم, فله نصف السدس وإن كان معها بنت ابن فلها الثلث لأنها لو كانت كلها أمة, لكان لبنت الابن النصف ولو كانت حرة لكان لها السدس, فقد حجبتها حريتها عن الثلث فنصفها يحجبها عن السدس وكل من ذكرنا إذا كان نصفه حرا فله نصف ماله في الحرية, وإن كان ثلثه حرا فله ثلثه وإن كان معها بنت أخرى حرة, فلها ربع المال وثلثه بينهما على ثلاثة عند من جمع الحرية فيهما لأن لهما بحرية نصفا وبنصف حرية نصف كمال الثلثين وفي الخطاب والتنزيل للحرة ربع وسدس, وللأخرى سدس لأن نصف إحداهما يحجب الحرة عن نصف السدس فيبقى لها ربع وسدس والحرة تحجبها عن سدس كامل فيبقى لها سدس فإن كان نصفهما رقيقا, ومعهما عصبة فلهما ربع المال وسدسه بينهما لأنهما لو كانتا حرتين كان لهما الثلثان ولو كانت الكبرى وحدها حرة كان لها النصف, وكذلك الصغرى ولو كانتا أمتين كان المال للعصبة فقد كان لهما مال وثلثان, فلهما ربع ذلك وهو ربع وسدس وطريقها بالبسط أن تقول: ولو كانتا حرتين, فالمسألة من ثلاثة وإن كانت الكبرى وحدها حرة فهي من اثنين, وكذلك إذا كانت الصغرى وحدها حرة وإن كانتا أمتين فهي من سهم فتضرب اثنين في ثلاثة, تكن ستة ثم في الأحوال الأربعة تكن أربعة وعشرين للكبرى نصف المال في حال ثلاثة وثلثه في حال سهمان, صار لها خمسة من أربعة وعشرين وللأخرى مثل ذلك وللعصبة المال في حال, والنصف في حالين والثلث في حال ذلك أربعة عشر سهما من أربعة وعشرين ومن جمع الحرية فيهما جعل لهما النصف والباقي للعصبة وإذا لم يكن عصبة نزلتهما على تقدير الرد فيكون حكمهما حكم اثنين نصف كل واحد منهما حر, على ما قلناه ثلاث بنات ابن متنازلات نصف كل واحدة حر وعصبة للأولى الربع, وللثانية السدس لأنها لو كانت حرة كان لها الثلث وللثالثة نصف السدس على قول البصريين لأنك تقول للسفلى: لو كانتا أمتين كان لك النصف ولو كانت إحداهما حرة كان لك السدس, فبينهما ثلث فتحجبك العلياء عن ربع والثانية عن نصف سدس, فيبقى لك سدس لو كنت حرة فإذا كان نصفك حرا كان لك نصفه وفي التنزيل, للثالثة نصف الثمن وثلثه وذلك لأننا لو نزلنا كل واحدة حرة وحدها كان لها النصف فهذه ثلاثة أحوال من ابنين اثنين ولو كن إماء كان المال للعصبة ولو كن أحرارا كان للأولى النصف وللثانية السدس, والثلث للعصبة ولو كانت الأولى والثانية حرتين فكذلك ولو كانت الثانية والثالثة حرتين فللثانية النصف, وللثالثة السدس والثلث للعصبة فهذا أربعة أحوال من ستة ستة, والمسائل كلها تدخل فيها فتضربها في ثمانية أحوال تكن ثمانية وأربعين, للعليا النصف في أربعة أحوال اثنا عشر, وهي الربع وللثانية النصف في حالين السدس في حالين, وهي ثمانية وذلك هو السدس وللثالثة النصف في حال, والسدس في حالين وهو خمسة وهي نصف الثمن, وثلثه وقال قوم: تجمع الحرية فيهن فيكون فيهن حرية ونصف لهن بها ثلث وربع للأولى, وللثانية ربعان وللثالثة نصف سدس فإن كان معهن رابعة كان لها نصف سدس آخر ثلاث أخوات متفرقات نصف كل واحدة حر وأم حرة وعم, للتى من قبل الأبوين الربع وللتى من قبل الأب السدس وللتى من قبل الأم نصف السدس, وللأم الثلث لأنها لا تحجب إلا باثنين من الإخوة والأخوات ولم تكمل الحرية في اثنتين وللعم ما بقي وهكذا لو كانت أخت حرة وأخرى نصفها حر وأم حرة, فللأم الثلث لما ذكرناه وقال الخبرى: للأم الربع وحجبها بالجزء كما تحجب بنصف البنت, والفرق بينهما أن الحجب بالولد غير مقدر بل هو مطلق في الولد والجزء من الولد وفي الإخوة مقدر باثنين, فلا يثبت بأقل منهما ولذلك لم تحجب بالواحد عن شيء أصلا وهذا قول ابن اللبان وحكى القول الأول عن الشعبي وقال: هذا غلط وفي الباب اختلاف كثير, وفروع قل ما تتفق وقل ما تجيء مسألة إلا ويمكن عملها بقياس ما ذكرناه.

 مسألة: 

قال: [وإذا مات وخلف ابنين, فأقر أحدهما بأخ فله ثلث ما في يده وإن أقر بأخت, فلها خمس ما في يده] قد ذكرنا في باب الإقرار من يثبت النسب بقوله ومن لا يثبت ونذكر ها هنا ما يستحق المقر به من الميراث, إذا لم يثبت نسبه فنقول إذا أقر بعض الورثة لمشارك في الميراث, فلم يثبت نسبه لزم المقر أن يدفع إليه فضل ما في يده عن ميراثه وهذا قول مالك والأوزاعي, والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح, وشريك ويحيى بن آدم ووكيع, وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور, وأهل البصرة وقال النخعي وحماد وأبو حنيفة, وأصحابه: يقاسمه ما في يده لأنه يقول: أنا وأنت سواء في ميراث أبينا وكأن ما أخذه المنكر تلف أو أخذته يد عادية, فيستوى فيما بقي وقال الشافعي رضي الله عنه وداود: لا يلزمه في الظاهر دفع شيء إليه وهل يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى؟ على قولين: أصحهما لا يلزمه لأنه لا يرث من لا يثبت نسبه وعلى قول الذي يلزمه دفع شيء إليه, ففي قدره وجهان كالمذهبين المتقدمين ولنا على الشافعي, أنه أقر بحق لمدعيه يمكن صدقه فيه ويد المقر عليه, وهو متمكن من دفعه إليه فيلزمه ذلك كما لو أقر بمعين, ولأنه إذا علم أن هذا أخوه وله ثلث التركة ويتعين استحقاقه لها وفي يده بعضه وصاحبه يطلبه, لزمه دفعه إليه وحرم عليه منعه منه كما في سائر المواضع, وعدم ثبوت نسبه في الظاهر لا يمنع وجوب دفعه إليه كما لو غصبه شيئا, ولم تقم البينة بغصبه ولنا على أبي حنيفة أنه أقر له بالفاضل عن ميراثه فلم يلزمه أكثر مما أقر به, كما لو أقر له بشيء معين ولأنه حق يتعلق بمحل مشترك بإقرار أحد الشريكين فلم يلزمه أكثر من قسطه, كما لو أقر أحد الشريكين على العبد بجناية فعلى هذا إذا خلف ابنين, فأقر أحدهما بأخ فللمقر له ثلث ما في يد المقر وهو سدس المال لأنه يقول: نحن ثلاثة, لكل واحد منا الثلث وفي يدي النصف ففضل في يدي لك السدس, فيدفعه إليه وهو ثلث ما في يده وفي قول أبي حنيفة يدفع إليه نصف ما في يده وهو الربع, وإن أقر بأخت دفع إليها خمس ما في يده لأنه يقول: نحن أخوان وأخت فلك الخمس من جميع المال وهو خمس ما في يدي, وخمس ما في يد أخي فيدفع إليها خمس ما في يده وفي قولهم يدفع إليها ثلث ما في يده.

 فصل: 

وإن أقر جميع الورثة بوارث أو أقر به الميت ليثبت نسبه منه, ثبت نسبه سواء كان الورثة واحدا أو جماعة وبهذا قال النخعي, والشافعي وقال أبو حنيفة ومالك وابن أبي ليلى, والحسن بن صالح: لا يثبت نسبه والمشهور عن أبي يوسف أنه لا يثبت النسب إلا بإقرار ابنين ذكرين كانا أو أنثيين عدلين أو غير عدلين ونحوه عن مالك وروى ابن اللبان, قال أشعث بن سوار عن رجل من أهل المدينة قال: جاء رجل وأخته إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعهما صبي, فقالا: هذا أخونا فقال عمر: لا ألحق بأبيكما من لم يقر به ولنا أن عبد الله بن زمعة ادعى نسب ولد وليدة أبيه وقال: هذا أخي, ولد على فراش أبي فقبل النبي -- قوله وأثبت النسب به ولأن الوارث يقوم مقام موروثه بدليل أنه يثبت باعترافه ما يثبت باعتراف الموروث على نفسه من الدين, وغيره كذا النسب ولأن الوارث يخلف الموروث في حقوقه, وهذا منها ولا خلاف بينهم في وجوب دفع ميراثه إليه إلا أن يكون المقر به يسقط المقر كأخ يقر بابن, أو ابن ابن أو أخ من أب يقر بأخ من أبوين فإن الشافعي في ظاهر مذهبه أثبت النسب, ولم يورثه لئلا يكون إقرارا من غير وارث فثبوت ميراثه يفضي إلى سقوط نسبه وميراثه ولنا أنه إقرار من كل الورثة, يثبت به النسب بمن يرث لو ثبت نسبه بغير إقراره فيجب أن يرث, كما لو لم يسقطه ولأنه ابن ثابت النسب لم يمنع إرثه مانع متفق عليه, أشبه ما لو ثبت ببينة والاعتبار بكونه وارثا حالة الإقرار أو بكونه وارثا لولا الإقرار, بدليل أنه لو اعتبر الحال الثاني لم يثبت النسب إذا أقر بمشارك في الميراث لأنه يكون إقرارا من بعض الورثة, فإن قالوا: إنما ثبت لأن المقر به أيضا مقر بنفسه مدع لنسبه قلنا: ها هنا مثله فاستويا.

 فصل: 

إذا خلف ابنا واحدا فأقر بأخ من أبيه, دفع إليه نصف ما في يده في قول الجميع فإن أقر بعد بآخر فاتفقا عليه دفعا إليه ثلث ما في أيديهما في قول الجميع فإن أنكر المقر به ثانيا المقر به الأول, لم يثبت نسبه قال القاضي: هذا مثل للعامة تقول: أدخلني أخرجك وليس له أن يأخذ أكثر من ثلث ما في أيديهما لأنه لم يقر له بأكثر منه وقال الشافعي: رضي الله عنه يلزم المقر أن يغرم له نصف التركة لأنه أتلفه عليه بإقراره الأول ويحتمل أن لا يبطل نسب الأول لأنه ثبت بقول من هو كل الورثة حال الإقرار فإن لم يصدق الأول بالثاني لم يثبت نسبه, ويدفع إليه المقر ثلث ما بقي في يده لأنه الفضل الذي في يده ويحتمل أن يلزمه دفع ثلث جميع المال لأنه فوته عليه بدفع النصف إلى الأول وهو يقر أنه لا يستحق إلا الثلث وسواء دفعه إليه بحكم الحاكم أو بغير حكمه لأن إقراره علة حكم الحاكم وسواء علم بالحال عند إقراره الأول, أو لم يعلم لأن العمد والخطأ واحد في ضمان ما يتلف وحكى نحو هذا عن شريك ويحتمل أنه إن علم بالثاني حين أقر بالأول, وعلم أنه إذا أقر به بعد الأول لا يقبل ضمن لتفويته حق غيره بتفريطه وإن لم يعلم, لم يضمن لأنه يجب عليه الإقرار بالأول إذا علمه ولا يحوجه إلى حاكم ومن فعل الواجب فقد أحسن, وليس بخائن فلا يضمن وقيل: هذا قياس قول الشافعي وقال أبو حنيفة: إن كان الدفع بحكم حاكم دفع إلى الثاني نصف ما بقي في يده لأن حكم الحاكم كالأخذ منه كرها, وإن دفعه بغير حاكم دفع إلى الثاني ثلث جميع المال لأنه دفع إلى الأول ما ليس له تبرعا ولنا على الأول أنه أقر بما يجب عليه الإقرار به, فلم يضمن ما تلف به كما لو قطع الإمام يد السارق فسرى إلى نفسه وإن أقر بعدهما بثالث فصدقاه, ثبت نسبه وأخذ ربع ما في يد كل واحد منهم إذا كان مع كل واحد ثلث المال, وإن كذباه لم يثبت نسبه وأخذ ربع ما في يد المقر به وفي ضمانه له ما زاد التفصيل في التي قبلها وعلى مثل قولنا قال ابن أبي ليلى, وأهل المدينة وبعض أهل البصرة.

 فصل: 

ومتى أردت معرفة الفضل فاضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار, ثم تضرب ما للمقر من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار إذا كانتا متباينتين وتضرب ما للمنكر في مسألة الإنكار في مسألة الإقرار, فما كان بينهما فهو الفضل فإن لم يكن في يده فضل فلا شيء للمقر له كثلاثة إخوة مفترقين, أقر الأخ من الأم بأخ أو أخت فلا شيء للمقر له لأنه على غيره وسواء أقر بأخ من أم أو غيره وعند أبي حنيفة, إن أقر بأخ من أم فله نصف ما في يده وإن أقر بأخ من أبوين, فللمقر به خمسة أسباع ما في يده وإن كن ثلاث أخوات مفترقات فأقرت الأخت من الأم بأخ فإن كان في المسألة عصبة, فلا شيء له وإن لم يكن فيها عصبة فله سدس ما بقي في يدها لأن مسألة الإنكار من خمسة, والإقرار من ستة إذا ضربت إحداهما في الأخرى كانت ثلاثين لها سهم من مسألة الإنكار, في مسألة الإقرار ستة ولها في الإقرار خمسة, يفضل في يدها سهم فهو للأخ من أي جهة كان وإن أقرت الأخت من الأب بأخ لها صحت من تسعين, لها عشرة ويفضل لأخيها ثمانية وإن أقرت بأخ من أبوين دفعت إليه جميع ما في يدها وإن أقرت بأخ من أم أو بأم للميت, أو جدة أو بعصبة فله سدس ما في يدها وإن خلف أربع أخوات من أب وعما, فأقر الأخوات بأخ لهن فلا شيء له وإن أقررن بأخت من أبوين, دفعن إليها ثلاثة أرباع ما في أيديهن وإن أقررن بأخت من أب فلها خمس ما في أيديهن وأيتهن أقرت وحدها, دفعت إليها مما في يدها بقدر ذلك وإن أقرت إحداهن بأخ وأخت فمسألة الإقرار من سبعة والإنكار من ستة, تضرب إحداهما في الأخرى تكن اثنين وأربعين لها سهم في ستة, وفي يدها سبعة يفضل في يدها سهم لهما وإن أقر الأربع بهما فضل لهما أربعة أسهم فإن كان المقر بهما يتصادقان, اقتسماها بينهم أثلاثا فإن تجاحدا فلا شيء للأخ لأنه يقر أنه لا حق له في الثلثين, ويكون المقر به للأخت لأنها تدعى خمس الثلثين وإن جحدته ولم يجحدها, لم يلتفت إلى جحدها لإقرار الأخوات المعروفات وإن جحدها, ولم تجحده احتمل أن يكون المقر به لها لإقراره بأنه لا يستحق شيئا من الثلثين, وكونها تدعى من الثلثين مثل هذه الفضلة ويحتمل أن لا تستحق إلا ثلث أربعة أسهم لإقرارها بها للأخ والأول أولى -إن شاء الله تعالى- وإن أقر العم بأخت, أو أخوات من أب أو أبوين, فلا شيء لهم وإن أقر بأخ أو أخت من أم أو بأم, أو جدة فللمقر له السدس وإن أقر بأخ من أبوين أو من أب, أو بابنين من ولد الأم فلهم جميع ما في يده وإن خلف أما أو أخا من أبوين, فأقرت الأم بأخ من أم أو من أبوين, فله السدس وهو نصف ما في يدها وإن أقرت بأخ من أب فصدقها الأخ من الأبوين, فله السدس وهو نصف ما في يدها ولا شيء للمقر له, وإن لم يصدقها فقد أقرت له بما لا يدعيه فيحتمل أن يقر في يدها, ولا يصح إقرارها ويحتمل أن يصطلحا عليه لأنه لا يخرج عنهما وقد أشكل أمره, ويحتمل أن يكون لبيت المال لأنه مال لم يثبت له مستحق ولا يدعيه أحد فإن أقر الأخ بأخ له من أبوين فله ثلاثة أثمان ما في يده لأن مسألة الإقرار من اثني عشر له منها خمسة, وفي يده ثمانية فالفاضل في يده ثلاثة.

 فصل: 

إذا خلف ابنين فأقر الأكبر بأخوين, فصدقه الأصغر في أحدهما ثبت نسب المتفق عليه فصاروا ثلاثة, فمسألة الإقرار إذا من ثلاثة ومسألة الإنكار من أربعة فتضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار, تكن اثني عشر للأصغر سهم من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار, أربعة وللأكبر سهم في مسألة الإنكار ثلاثة, وللمتفق عليه إن أقر بصاحبه مثل سهم الأكبر وإن أنكر مثل سهم الأصغر وذكر أبو الخطاب أن المتفق عليه إن صدق بصاحبه لم يأخذ من المنكر إلا ربع ما في يده لأنه لا يدعى أكثر منه ويأخذ هو والمختلف فيه من الأكبر نصف ما بيده, فتصح من ثمانية للمنكر ثلاثة أثمان وللمقر سهمان وللمتفق عليه سهمان, وللآخر سهم وذكر ابن اللبان أن هذا قياس قول مالك والشافعي رضي الله عنه وفي هذا نظر لأن المنكر يقر أنه لا يستحق إلا الثلث, وقد حضر من يدعى الزيادة فوجب دفعها إليه ونظير هذا ما لو ادعى إنسان دارا في يد رجل فأقر بها لغيره, فقال المقر له: إنما هي لهذا المدعى فإنها تدفع إليه وقد رد الخبرى على ابن اللبان هذا القول وقال: على هذا يبقى مع المنكر ثلاثة أثمان وهو لا يدعى إلا الثلث, وقد حضر من يدعى هذه الزيادة ولا منازع له فيها فيجب دفعها إليه قال: والصحيح أن يضم المتفق عليه السدس الذي يأخذه من المقر به, فيضمه إلى النصف الذي بيد المقر بهما فيقسمانه أثلاثا وتصح من تسعة للمنكر ثلاثة, ولكل واحد من الآخرين سهمان وهذا قول أبي يوسف إذا تصادقا ولا يستقيم هذا على قول من لم يلزم المقر أكثر من الفضل عن ميراثه لأن المقر بهما والمتفق عليه, لا ينقص ميراثه عن الربع ولم يحصل له على هذا القول إلا التسعان وقيل: يدفع الأكبر إليهما نصف ما في يده ويأخذ المتفق عليه من الأصغر ثلث ما في يده, فيحصل للأصغر الثلث وللأكبر الربع وللمتفق عليه السدس والثمن, وللمختلف فيه الثمن وتصح من أربعة وعشرين للأصغر, ثمانية وللمتفق عليه سبعة وللأكبر ستة, وللمختلف فيه ثلاثة وفيها أقوال كثيرة سوى هذا.

 فصل: 

إذا خلف ابنا فأقر بأخوين دفعة واحدة فتصادقا, ثبت نسبهما وإن تجاحدا فكذلك في أحد الوجهين لأن نسبهما ثبت بإقرار من هو كل الورثة قبلهما وفي الآخر لا يثبت لأن الإقرار بكل واحد منهما لم يصدر من كل الورثة ويدفع إلى كل واحد منهما ثلث ما في يده وإن صدق أحدهما بصاحبه, وجحده الآخر ثبت نسب المتفق عليه وفي الأخر وجهان ويدفع إلى كل واحد منهما ثلث ما بقي في يده.

 فصل: 

ولو خلف ثلاثة بنين, فأقر أحدهم بأخ وأخت فصدقه أحد أخويه في الأخ, والآخر في الأخت لم يثبت نسبهما ويدفع المقر بهما إليهما ثلث ما في يده ويدفع المقر بالأخ إليه ربع ما في يده, ويدفع المقر بالأخت إليها سبع ما في يده فأصل المسألة ثلاثة أسهم سهم المقر يقسم بينه وبينهما على تسعة فله ستة, ولهما ثلاثة وسهم المقر بالأخ بينهما على أربعة له ثلاثة ولأخيه سهم وسهم المقر بالأخت بينه وبينهما على سبعة, له ستة ولها سهم وكلها متباينة فاضرب أربعة في سبعة, في تسعة في أصل المسألة تكن سبعمائة وستة وخمسين للمقر بهما ستة, في أربعة في سبعة مائة وثمانية, وستون وللمقر بالأخت ستة في أربعة, في تسعة مائتان وستة عشر وللمقر بالأخ ثلاثة في سبعة, في تسعة مائة وتسعة وثمانون وللأخ المقر به سهمان, في أربعة في سبعة ستة وخمسون, وسهم في سبعة في تسعة ثلاثة وستون, فيجتمع له مائة وتسعة عشر وللأخت سهم في أربعة, في سبعة ثمانية وعشرون وسهم في أربعة, في تسعة ستة وثلاثون يجتمع لها أربعة وستون, ولا فرق بين تصادقهما وتجاحدهما لأنه لا فضل في يد أحدهما عن ميراثه ولو كان في هذه المسألة ابن رابع لم يصدقه في واحد منهما, كان أصل المسألة من أربعة أسهم على أحد عشر وسهم على تسعة, وسهم على خمسة وسهم ينفرد به الجاحد فتصح المسألة من ألف وتسعمائة وثمانين سهما, وطريق العمل فيها كالتى قبلها.

 فصل: 

إذا خلف بنتا وأختا فأقرتا لصغيرة فقالت البنت: هي أخت وقالت الأخت: هي بنت فلها ثلث ما في يد الأخت لا غير وهذا قول ابن أبي ليلى, ولمحمد بن الحسن واللؤلؤى ويحيى بن آدم, تخبيط كثير يطول ذكره وإن خلف امرأة وبنتا وأختا فأقررن بصغيرة فقالت المرأة: هي امرأة وقالت البنت: هي بنت وقالت الأخت: هي أخت فقال الخبرى: تعطى ثلث المال لأنه أكثر ما يمكن أن يكون لها, ويؤخذ من المقرات على حسب إقرارهن وقد أقرت لها البنت بأربعة أسهم من أربعة وعشرين وأقرت لها الأخت بأربعة ونصف, وأقرت المرأة بسهم ونصف وذلك عشرة أسهم, لها منها ثمانية وهي أربعة أخماسها فخذ لها من كل واحدة أربعة أخماس ما أقرت لها به, واضرب المسألة في خمسة تكن مائة وعشرين ومنها تصح, فإذا بلغت الصغيرة فصدقت إحداهن أخذت منها تمام ما أقرت لها به, وردت على الباقيتين ما أخذته مما لا تستحقه وهذا قول أبي حنيفة وقال ابن أبي ليلى: يؤخذ لها من كل واحدة ما أقرت لها به وإذا بلغت فصدقت إحداهن أمسكت ما أخذ لها منها وردت على الباقيتين الفضل الذي لا تستحقه عليها, وهذا القول أصوب -إن شاء الله تعالى- لأن فيه احتياطا على حقها ثلاثة إخوة لأب ادعت امرأة أنها أخت الميت لأبيه وأمه, فصدقها الأكبر وقال الأوسط: هي أخت لأم وقال الأصغر: هي أخت لأب فإن الأكبر يدفع إليها نصف ما في يده ويدفع إليها الأوسط سدس ما في يده, ويدفع إليها الأصغر سبع ما في يده وتصح من مائة وستة وعشرين لأن أصل مسألتهم ثلاثة فمسألة الأكبر من اثنين, والثاني من ستة والثالث من سبعة والاثنان تدخل في الستة, فتضرب ستة في سبعة تكن اثنين وأربعين, فهذا ما في يد كل واحد منهم فتأخذ من الأكبر نصفه أحدا وعشرين ومن الأوسط سدسه سبعة ومن الأصغر سبعه ستة, صار لها أربعة وثلاثون وهذا قياس قول ابن أبي ليلى وفي قول أبي حنيفة تأخذ سبع ما في يد الأصغر فيضم نصفه إلى ما بيد أحدهما ونصفه إلى ما بيد الآخر, ويقاسم الأوسط على ثلاثة عشر له عشرة ولها ثلاثة, فيضم الثلاثة إلى ما بيد الأكبر ويقاسمه ما بيده على أربعة لها ثلاثة, وله سهم فاجعل في يد الأصغر أربعة عشر ليكون لسبعه نصف صحيح واضربها في ثلاثة عشر, تكن مائة واثنين وثمانين فهذا ما بيد كل واحد منهم تأخذ من الأصغر سبعه, وهو ستة وعشرون تضم إلى ما بيد كل واحد من إخوته ثلاثة عشر فيصير معه مائة وخمسة وتسعون وتأخذ من الأوسط منها ثلاثة من ثلاثة عشر, وهي خمسة وأربعون تضمها إلى ما بيد الأكبر يصير معه مائتان وأربعون, فتأخذ ثلاثة أرباعها وهي مائة وثمانون ويبقى له ستون, ويبقى للأوسط مائة وخمسون وللأصغر مائة وستة وخمسون وترجع بالاختصار إلى سدسها, وهو أحد وتسعون.

 فصل: 

وإذا خلف ابنا فأقر بأخ ثم جحده, لم يقبل جحده ولزمه أن يدفع إليه نصف ما بيده فإن أقر بعد جحده بآخر احتمل أن لا يلزمه له شيء لأنه لا فضل في يده عن ميراثه وهذا قول ابن أبي ليلى فإن كان لم يدفع إلى الأول شيئا, لزمه أن يدفع إليه نصف ما بيده ولا يلزمه للآخر شيء ويحتمل أن يلزمه دفع النصف الباقي كله إلى الثاني لأنه فوته عليه وهذا قول زفر وبعض البصريين ويحتمل أن يلزمه ثلث ما في يده للثاني لأنه الفضل الذي في يده, على تقدير كونهم ثلاثة فيصير كما لو أقر بالثاني من غير جحد الأول وهذا أحد الوجوه لأصحاب الشافعي رضي الله عنه وقال أهل العراق إن كان دفع إلى الأول بقضاء دفع إلى الثاني نصف ما بقي في يده, وإن كان دفعه بغير قضاء دفع إلى الثاني ثلث جميع المال وإن خلف ابنين فأقر أحدهما بأخ, ثم جحده ثم أقر بآخر لم يلزمه الثاني شيء لأنه لا فضل في يده وعلى الاحتمال الثاني يدفع إليه نصف ما بقي في يده وعلى الثالث يلزمه ربع ما بقي في يده ولا يثبت نسب واحد منهما في هذه الصورة, ويثبت نسب المقر به الأول في المسألة الأولى دون الثاني.

 فصل: 

إذا مات رجل وخلف ابنين, فمات أحدهما وترك بنتا فأقر الباقي بأخ له من أبيه, ففي يده ثلاثة أرباع المال وهو يزعم أن له ربعا وسدسا, فيفضل في يده ثلث يرده على المقر به وإن أقرت به البنت وحدها ففي يدها الربع وهي تزعم أن لها السدس, يفضل في يدها نصف السدس تدفعه إلى المقر له وهذا قول ابن أبي ليلى وقال أبو حنيفة: إن أقر الأخ دفع إليه نصف ما في يده, وإن أقرت البنت دفعت إليه خمسة أسباع ما في يدها لأنها تزعم أن له ربعا وسدسا, وهو خمسة من اثني عشر ولها السدس وهو سهمان, فيصير الجميع سبعة لها منهما سهمان وله خمسة بنتان وعم, ماتت إحداهما وخلفت ابنا وبنتا فأقرت, البنت بخالة ففريضة الإنكار من تسعة وفريضة الإقرار من سبعة وعشرين, ولها منهما سهمان وفي يدها ثلاثة فتدفع إليها سهما, وإن أقر بها الابن دفع إليها سهمين وإن أقرت بها البنت الباقية دفعت إليها التسع وإن أقر بها العم لم يدفع إليها شيئا وإن أقر الابن بخال له, فمسألة الإقرار من اثني عشر له منها سهمان وهما السدس, يفضل في يده نصف تسع وإن أقرت به أخته دفعت إليه ربع تسع فإن أقرت به البنت الباقية فلها الربع وفي يدها الثلث, فتدفع إليه نصف السدس وإن أقر به العم دفع إليه جميع ما في يده ابنان مات أحدهما عن بنت, ثم أقر الباقي منهما بأم لأبيه ففريضة الإنكار من أربعة للمقر منها ثلاثة أرباعها, وفريضة الإقرار من اثنين وسبعين للمقر منها أربعون يفضل في يده أربعة عشر سهما, يدفعها إلى المرأة التي أقر لها وترجع بالاختصار إلى ستة وثلاثين للمقر منها عشرون وللبنت تسعة, وللمقر لها سبعة ومذهب أبي حنيفة تعمل كذلك إلا أنه يجمع سهام الأم وهي سبعة عشر, إلى سهام المقر وهي أربعون فتقسم عليها ثلاثة أرباع المال, فما أصاب كل واحد فهو له فتضرب سبعة وخمسين في أربعة تكن مائتين وثمانية وعشرين فللبنت سهم في سبعة وخمسين وللمقر أربعون في ثلاثة, تكن مائة وعشرين وللأم سبعة عشر في ثلاثة أحد وخمسون وإن أقرت بها البنت فلها من فريضة الإقرار خمسة عشر سهما, وفي يدها الربع وهو ثمانية عشر يفضل في يدها ثلاثة, تدفعها إلى المقر لها وإن أقر الابن بزوجة لأبيه وهي أم الميت الثاني فمسألة الإقرار من ستة وتسعين, له منها ستة وخمسون وفي يده ثلاثة أرباع يفضل معه ستة عشر سهما, يدفعها إلى المقر لها ويكون له ستة وخمسون ولها ستة عشر, وللبنت أربعة وعشرون وترجع بالاختصار إلى اثني عشر لأن سهامهم كلها تتفق بالأثمان فيكون للمقر سبعة, وللمقر لها سهمان وللبنت ثلاثة وفي قول أبي حنيفة: يضم سهام المقر لها وهي تسعة عشر إلى سهام المقر, فتكون خمسة وسبعين وتقسم عليها ثلاثة الأرباع وهما يتفقان بالأثلاث, فترجع السهام إلى ثلثها خمسة وعشرين تضربها في أربعة تكن مائة, للبنت سهم في خمسة وعشرين وللمرأة تسعة عشر في سهم وللمقر ستة وخمسون, وما جاء من هذا الباب فهذا طريق له أبوان وابنتان اقتسموا التركة ثم أقروا ببنت للميت, فقالت: قد استوفيت نصيبي من تركة أبي فالفريضة في الإقرار من ثمانية عشر للأبوين ستة ولكل بنت أربعة فأسقط منها نصيب البنت المقر بها, يبقى أربعة عشر للأبوين منها ستة وإنما أخذا ثلث الأربعة عشر وذلك أربعة أسهم وثلثا سهم فيبقى لهما في يد البنتين سهم وثلث, يأخذانها منها فاضرب ثلاثة في أربعة عشر تكن اثنين وأربعين, فقد أخذ الأبوان أربعة عشر وهما يستحقان ثمانية عشر يبقى لهما أربعة, يأخذانها منهما ويبقى للابنتين أربعة وعشرون وإن قالت: قد استوفيت نصف نصيبي فأسقط سهمين من ثمانية عشر يبقى ستة عشر, قد أخذا ثلثها خمسة وثلثا خمسة وثلثا ويبقى لهما ثلثا سهم, فإذا ضربتها في ثلاثة كانت ثمانية وأربعين قد أخذا منها ستة عشر يبقى لهما سهمان.

 فصل: 

إذا أقر بعض الورثة ممن أعيلت له المسألة بمن يعصبه, فيذهب العول مثل مسألة فيها زوج وأختان أقرت إحداهما بأخ لها, فاضرب مسألة الإقرار وهي ثمانية في مسألة الإنكار, وهي سبعة تكن ستة وخمسين للمنكرة سهمان, في مسألة الإقرار ستة عشر وللمقرة سهم في مسألة الإنكار سبعة يفضل في يدها تسعة أسهم, فيسأل الزوج فإن أنكر أعطى ثلاثة في ثمانية أربعة وعشرون, ودفعت المقرة إلى المقر له ما فضل في يدها كله وإن أقر الزوج به فهو يدعى أربعة والأخ يدعى أربعة عشر, فتجمعها تكن ثمانية عشر وتقسم عليها التسعة فتدفع إلى الزوج سهمين وإلى الأخ سبعة, فإن أقرت الأختان به وأنكر الزوج وهو ينكرها, ففيه ثلاثة أوجه أحدها أن تقر في يد من هي في يده لأن إقراره بطل لعدم تصديق المقر له والثاني يصطلح عليها الزوج والأختان, له نصفها ولهما نصفها لأنها لا تخرج عنهم ولا شيء فيها للأخ لأنه لا يحتمل أن يكون له فيها شيء بحال الثالث, يؤخذ إلى بيت المال لأنه مال لم يثبت له مالك ومذهب أبي حنيفة رضي الله عنه في الصورة الأولى إن أنكر الزوج, أخذت المقرة سهميها من سبعة فتقسمها بينها وبين أختها على ثلاثة فتضرب ثلاثة في سبعة تكون إحدى وعشرين, لهما منها ستة لها سهمان ولأختها أربعة وإن أقر الزوج ضم سهامه إلى سهميهما, تكون خمسة واقتسماها بينهم على سبعة للزوج أربعة وللأخ سهمان, وللأخت سهم ثم تضرب سبعة في سبعة تكن تسعة وأربعين, ومنها تصح للمنكرة سهمان في سبعة أربعة عشر وللزوج أربعة في خمسة, وللأخ سهمان في خمسة وللمقرة سهم في خمسة فإن خلفت أما وزوجا وأختا من أب, فأقرت الأخت بأخ لها فمسألة الإنكار من ثمانية ومسألة الإقرار من ثمانية عشر, ويتفقان بالأنصاف فاضرب نصف إحداهما في الأخرى تكن اثنين وسبعين للأم ثمانية عشر, وفي يد المقرة سبعة وعشرون ولها من مسألة الإقرار ثمانية يفضل في يدها تسعة عشر, فيسأل الزوج فإن أنكر أخذ الأخ ستة عشر وبقيت ثلاثة أسهم, فيها الأوجه الثلاثة وإن أقر فهو يدعى تسعة لأنه يدعى تمام النصف والأخ يدعى ستة عشر, فتضم التسعة إلى الستة عشر تكون خمسة وعشرين والتسعة عشر لا توافقها فتضرب خمسة وعشرين, في اثنين وسبعين تكون ألفا وثمانمائة ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين, مضروب في خمسة وعشرين ومن له شيء من خمسة وعشرين مضروب في تسعة عشر وسئل المغيرة الضبى عن هذه المسألة, فأجاب بهذا وذكر أنه قول النخعي قال يحيى بن آدم: وهي في قول حماد وأبي حنيفة من عشرين سهما يعني للأم ربعها خمسة والباقي بين الزوج والأخ, والأخت على قدر سهامهم من فريضة الإقرار للزوج تسعة, وللأخ أربعة وللأخت سهمان وإن صدقتها الأم وحدها دون الزوج أعطيت الأم السدس, والأخ والأخت الثلث بينهما على ثلاثة وللزوج ثلاثة أثمان ويبقى الثمن فيه الأوجه الثلاثة.

 فصل: 

وإن أقر وارث بمن لا يرث, ويسقط به ميراثه كأخت من أب أقرت بأخ لها في مسألة فيها زوج وأخت من أبوين, أو أقرت بأخ من أبوين سقط ميراثها ويقسم المال بين الزوج والأخت نصفين, إن صدقاها في الصورة الأولى وفي الثانية للزوج النصف, والباقي بين الأخ والأخت على ثلاثة وإن كذباها فالمقر به هو السبع, ففيه الأوجه الثلاثة في الصورة الأولى ويدفع إلى الأبوين في الصورة الثانية وإن خلفت زوجا وأما وأختين لأم وأختين لأب فأقرت إحداهما بأخ لها, سقط ميراثها ولا شيء للأخ وللأخرى خمس المال والباقي بين سائر الورثة على ستة, إن أقروا فاضرب ستة في خمسة تكن ثلاثين وإن أنكرت الأم, فلها العشر أيضا والباقي بين الزوج والأختين من الأم على خمسة وإن أنكرته الأختان من الأم, فلهما الخمس أيضا والباقي كله للزوج وتصح من عشرة, وإن أنكره الزوج فله خمس وعشر فيبقى خمس المال لا يدعيه أحد, يقرون به للأخت المقرة وهي تقر به لهم ففيه الأوجه الثلاثة, إلا أننا إذا قلنا: يقسم بينهم فلا شيء فيه للأخت المنكرة ولا للمقر به بحال لأنه لا يحتمل أن يكون لهما شيء بحال.

 فصل: 

امرأة وعم ووصى لرجل بثلث ماله فأقرت المرأة والعم, أنه أخو الميت وصدقهما ثبت نسبه, وأخذ ميراثه وإن أقرت به المرأة وحدها فلم يصدقها المقر به لم يؤثر إقرارها شيئا, وإن صدقها الأخ وحده فللمرأة الربع بكماله إلا أن يجيز الوصية, وللعم النصف ويبقى الربع يدفع إلى الوصي, وإن صدقها العم ولم يصدقها الوصى فله الثلث, وللمرأة الربع والباقي يقر به العم لمن لا يدعيه ففيه الأوجه الثلاثة وإن أقر به العم وحده فصدقه الموصى له, أخذ ميراثه وهو ثلاثة أرباع المال وللمرأة السدس, ويبقى نصف السدس فيحتمل أن يكون لها لأن الموصى له يعترف ببطلان الوصية أو وقوفها على إجازة المرأة ولم تجزها, ويحتمل أن يكون فيه الأوجه الثلاثة وإن لم يصدقه أخذ الثلث بالوصية, والمرأة السدس بالميراث ويبقى النصف فيه الأوجه الثلاثة. مسألة: قال: [والقاتل لا يرث المقتول عمدا كان القتل أو خطأ] أجمع أهل العلم على أن قاتل العمد لا يرث من المقتول شيئا, إلا ما حكى عن سعيد بن المسيب وابن جبير إنهما ورثاه وهو رأى الخوارج لأن آية الميراث تتناوله بعمومها, فيجب العمل بها فيه ولا تعويل على هذا القول لشذوذه وقيام الدليل على خلافه فإن عمر, رضي الله عنه أعطى دية ابن قتادة المذحجى لأخيه دون أبيه وكان حذفه بسيفه فقتله واشتهرت هذه القصة بين الصحابة رضي الله عنهم فلم تنكر, فكانت إجماعا وقال عمر: سمعت رسول الله -- يقول: (( ليس للقاتل شيء )) رواه مالك في موطئه والإمام أحمد بإسناده وروى عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده عن النبي -- نحوه رواه ابن اللبان بإسناده, ورواهما ابن عبد البر في " كتابه " وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله --: (( من قتل قتيلا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره, وإن كان والده أو ولده فليس لقاتل ميراث )) رواه الإمام أحمد بإسناده ولأن توريث القاتل يفضي إلى تكثير القتل لأن الوارث ربما استعجل موت موروثه, ليأخذ ماله كما فعل الإسرائيلى الذي قتل عمه فأنزل الله تعالى فيه قصة البقرة وقيل: ما ورث قاتل بعد عاميل, وهو اسم القتيل فأما القتل خطأ فذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يرث أيضا نص عليه أحمد ويروى ذلك عن عمر وعلي, وزيد وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس, وروى نحوه عن أبي بكر رضي الله عنه وبه قال شريح وعروة وطاوس وجابر بن زيد, والنخعي والشعبي والثوري, وشريك والحسن بن صالح ووكيع, والشافعي ويحيى بن آدم وأصحاب الرأي وورثه قوم من المال دون الدية وروى ذلك عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب, وعطاء والحسن ومجاهد, والزهري ومكحول والأوزاعي, وابن أبي ذئب وأبي ثور وابن المنذر, وداود وروى نحوه عن على لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة تخصص قاتل العمد بالإجماع فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه ولنا الأحاديث المذكورة, ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها كقاتل العمد والمخالف في الدين, والعمومات مخصصة بما ذكرناه.

 فصل: 

والقتل المانع من الإرث هو القتل بغير حق وهو المضمون بقود أو دية, أو كفارة كالعمد وشبه العمد والخطأ, وما جرى مجرى الخطأ كالقتل بالسبب وقتل الصبى والمجنون, والنائم وما ليس بمضمون بشيء مما ذكرنا لم يمنع الميراث كالقتل قصاصا أو حدا أو دفعا عن نفسه, وقتل العادل الباغي أو من قصد مصلحة موليه بما له فعله من سقى دواء أو ربط جراح, فمات ومن أمره إنسان عاقل كبير ببط خراجه أو قطع سلعة منه فتلف بذلك, ورثه في ظاهر المذهب قال أحمد: إذا قتل العادل الباغي في الحرب يرثه ونقل محمد بن الحكم عن أحمد في أربعة شهدوا على أختهم بالزنا فرجمت, فرجموا مع الناس: يرثونها هم غير قتلة وعن أحمد رواية أخرى تدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال, فإنه قال في رواية ابنيه صالح وعبد الله: لا يرث العادل الباغي, ولا يرث الباغي العادل وهذا يدل على أن القتل يمنع الميراث بكل حال وهذا ظاهر مذهب الشافعي أخذا بظاهر لفظ الحديث ولأنه قاتل, فأشبه الصبى والمجنون والنائم والساقط على إنسان من غير اختيار منه, وسائق الدابة وقائدها وراكبها, إذا قتلت بيدها أو فيها فإنه يرثه لأنه قتل غير متهم فيه, ولا مأثم فيه فأشبه القتل في الحد ولنا على أبي حنيفة وأصحابه عموم الأخبار, خصصنا منها القتل الذي لا يضمن ففيما عداه يبقى على مقتضاها ولأنه قتل مضمون فيمنع الميراث كالخطأ ولنا, على الشافعي أنه فعل مأذون فيه فلم يمنع الميراث, كما لو أطعمه أو سقاه باختياره فأفضى إلى تلفه ولأنه حرم الميراث في محل الوفاق, كى لا يفضي إلى إيجاد القتل المحرم وزجرا عن إعدام النفس المعصومة وفي مسألتنا حرمان الميراث يمنع إقامة الحدود الواجبة, واستيفاء الحقوق المشروعة ولا يفضي إلى إيجاد قتل محرم فهو ضد ما ثبت في الأصل ولا يصح القياس على قتل الصبي, والمجنون لأنه قتل محرم وتفويت نفس معصومة والتوريث يفضي إليه, بخلاف مسألتنا إذا ثبت هذا فالمشارك في القتل في الميراث كالمنفرد به لأنه يلزمه من الضمان بحسبه فلو شهد على موروثه مع جماعة ظلما فقتل, لم يرثه وإن شهد بحق ورثه لأنه غير مضمون.

 فصل: 

أربعة إخوة قتل أكبرهم الثاني, ثم قتل الثالث الأصغر سقط القصاص عن الأكبر لأن ميراث الثاني صار للثالث والأصغر نصفين فلما قتل الثالث الأصغر لم يرثه, وورثه الأكبر فرجع إليه نصف دم نفسه وميراث الأصغر جميعه, فسقط عنه القصاص لميراثه بعض دم نفسه وله القصاص على الأصغر, ويرثه في ظاهر المذهب فإن اقتص منه ورثه ويرث إخوته الثلاثة ولو أن ابنين قتل أحدهما أحد أبويهما, وهما زوجان ثم قتل الآخر أباه الآخر سقط القصاص عن القاتل الأول, ووجب على القاتل الثاني لأن الأول لما قتل أباه ورث ماله ودمه أخوه وأمه فلما قتل الثاني أمه, ورثها قاتل الأب فصار له من دم نفسه ثمنه فسقط القصاص عنه لذلك, وله القصاص على الآخر فإن قتله ورثه في ظاهر المذهب وإن جرح أحدهما أباه والآخر أمه, وماتا في حال واحدة ولا وارث لهما سواهما فلكل واحد منهما مال الذي لم يقتله, ولكل واحد منهما القصاص على صاحبه وكذلك لو قتل كل واحد منهما أحد الأبوين ولم يكونا زوجين فلكل واحد منهما القصاص على أخيه, إلا أنه لا يمكن أحدهما الاستيفاء إلا بإبطال حق الآخر فيسقطان وإن عفا أحدهما عن الآخر فللآخر قتل العافي ويرثه في الظاهر وإن بادر أحدهما فقتل أخاه, سقط القصاص عنه وورثه في الظاهر عنه ويحتمل ألا يرثه, ويجب القصاص عليه بقتله لأن القصاصين لما تساويا وتعذر الجمع بين استيفائهما سقطا, فلم يبق لهما حكم فيكون المستوفي منها معتديا باستيفائه فلا يرث أخاه, ويجب القصاص عليه بقتله وإن أشكل كيفية موت الأبوين وادعى كل واحد منهما أن قتيله أولهما موتا خرج في توريثهما, ما ذكرناه في الغرقى من توريث كل واحد من الميتين من الآخر ثم يرث كل واحد منهما بعض دم نفسه, فيسقط القصاص عنهما ومن لا يرى ذلك فالجواب فيها كالتى قبلها ويحتمل أن يسقط القصاص بكل حال للشبهة وأن يكون لكل واحد دية الأخر وماله.

 مسألة: 

قال: [ولا يرث مسلم كافرا, ولا كافر مسلما إلا أن يكون معتقا فيأخذ ماله بالولاء] أجمع أهل العلم على أن الكافر لا يرث المسلم وقال جمهور الصحابة والفقهاء: لا يرث المسلم الكافر يروى هذا عن أبي بكر, وعمر وعثمان وعلي, وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم وبه قال عمرو بن عثمان وعروة, والزهري وعطاء وطاوس, والحسن وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار, والثوري وأبو حنيفة وأصحابه, ومالك والشافعي وعامة, الفقهاء وعليه العمل وروى عن عمر ومعاذ ومعاوية رضي الله عنهم, أنهم ورثوا المسلم من الكافر ولم يورثوا الكافر من المسلم وحكى ذلك عن محمد بن الحنفية وعلى بن الحسين, وسعيد بن المسيب ومسروق وعبد الله بن معقل, والشعبي والنخعي ويحيى بن يعمر, وإسحاق وليس بموثوق به عنهم فإن أحمد قال: ليس بين الناس اختلاف في أن المسلم لا يرث الكافر وروى أن يحيى بن يعمر احتج لقوله فقال: حدثني أبو الأسود أن معاذا حدثه, أن رسول الله -- قال: (( الإسلام يزيد ولا ينقص )) ولأننا ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا فكذلك نرثهم, ولا يرثوننا ولنا ما روى أسامة بن زيد عن النبي -- أنه قال: (( لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر )) متفق عليه وروى أبو داود بإسناده: عن عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله --: (( لا يتوارث أهل ملتين شتى )) ولأن الولاية منقطعة بين المسلم والكافر, فلم يرثه كما لا يرث الكافر المسلم فأما حديثهم فيحتمل أنه أراد أن الإسلام يزيد بمن يسلم وبما يفتح من البلاد لأهل الإسلام, ولا ينقص بمن يرتد لقلة من يرتد وكثرة من يسلم, وعلى أن حديثهم مجمل وحديثنا مفسر وحديثهم لم يتفق على صحته, وحديثنا متفق عليه فتعين تقديمه والصحيح عن عمر أنه قال: لا نرث أهل الملل, ولا يرثوننا وقال في عمة الأشعث: يرثها أهل دينها فأما المعتق إذا خالف دينه دين معتقه فسنذكره في باب الولاء -إن شاء الله تعالى-.

 فصل: 

فأما الكفار فيتوارثون, إذا كان دينهم واحدا لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا وقول النبي --: (( لا يرث المسلم الكافر )) دليل على أن بعضهم يرث بعضا وقوله: (( لا يتوارث أهل ملتين شتى )) دليل على أن أهل الملة الواحدة يرث بعضهم بعضا وقول النبي --: (( وهل ترك لنا عقيل من دار )) دليل على أن عقيلا ورث أبا طالب دون جعفر, وعلى لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل على دين أبيه مقيما بمكة, فباع رباعه بمكة فلذلك لما قيل للنبى --: أين تنزل غدا؟ قال: (( وهل ترك لنا عقيل من رباع )) وقال عمر في عمة الأشعث بن قيس: يرثها أهل دينها فإن اختلفت أديانهم فاختلف عن أحمد, فروى عنه أن الكفر كله ملة واحدة يرث بعضهم بعضا رواه عنه حرب, واختاره الخلال وبه قال حماد وابن شبرمة وأبو حنيفة, والشافعي وداود لأن توريث الآباء من الأبناء والأبناء من الآباء, مذكور في كتاب الله تعالى ذكرا عاما فلا يترك إلا فيما استثناه الشرع وما لم يستثنه الشرع يبقى على العموم, ولأن قول الله تعالى: (( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض )) عام في جميعهم وروى عن أحمد أن الكفر ملل مختلفة لا يرث بعضهم بعضا اختاره أبو بكر, وهو قول كثير من أهل العلم لأن قول النبي --: (( لا يتوارث أهل ملتين شتى )) ينفى توارثهما ويخص عموم الكتاب ولم نسمع عن أحمد تصريحا بذكر أقسام الملل وقال القاضي أبو يعلى: الكفر ثلاث ملل: اليهودية, والنصرانية ودين من عداهم لأن من عداهم يجمعهم أنهم لا كتاب لهم وهذا قول شريح وعطاء, وعمر بن عبد العزيز والضحاك والحكم والثوري, والليث وشريك ومغيرة الضبي, وابن أبي ليلى والحسن بن صالح ووكيع وروى ذلك عن مالك وروى عن النخعي, والثوري القولان معا ويحتمل كلام أحمد رضي الله عنه أن يكون الكفر مللا كثيرة فتكون المجوسية ملة, وعبادة الأوثان ملة أخرى وعبادة الشمس ملة فلا يرث بعضهم بعضا روى ذلك عن على وبه قال الزهري, وربيعة وطائفة من أهل المدينة وأهل البصرة وإسحاق وهو أصح الأقوال -إن شاء الله تعالى- لقول النبي --: (( لا يتوارث أهل ملتين شتى )) ولأن كل فريقين منهم لا موالاة بينهم, ولا اتفاق في دين فلم يرث بعضهم بعضا كالمسلمين والكفار والعمومات في التوريث مخصوصة, فيخص منها محل النزاع بالخبر والقياس ولأن مخالفينا قطعوا التوارث بين أهل الحرب وأهل دار الإسلام مع اتفاقهم في الملة, لانقطاع الموالاة فمع اختلاف الملة أولى وقول من حصر الملة بعدم الكتاب غير صحيح فإن هذا وصف عدمي, لا يقتضي حكما ولا جمعا ثم لا بد لهذا الضابط من دليل يدل على اعتباره, ثم قد افترق حكمهم فإن المجوس يقرون بالجزية وغيرهم لا يقر بها, وهم مختلفون في معبوداتهم ومعتقداتهم وآرائهم, يستحل بعضهم دماء بعض ويكفر بعضهم بعضا فكانوا مللا كاليهود والنصارى وقد روى ذلك عن على رضي الله عنه فإن إسماعيل بن أبي خالد, روى عن الشعبي عن على عليه السلام أنه جعل الكفر مللا مختلفة ولم يعرف له مخالف في الصحابة فيكون إجماعا.

 فصل: 

وقياس المذهب عندي, أن الملة الواحدة يتوارثون وإن اختلفت ديارهم لأن العمومات من النصوص تقتضى توريثهم ولم يرد بتخصيصهم نص, ولا إجماع ولا يصح فيهم قياس فيجب العمل بعمومها ومفهوم قوله عليه السلام (( لا يتوارث أهل ملتين شتى )) أن أهل الملة الواحدة يتوارثون وضبطه التوريث بالملة والكفر والإسلام, دليل على أن الاعتبار به دون غيره ولأن مقتضى التوريث موجود فيجب العمل به, ما لم يقم دليل على تحقق المانع وقد نص أحمد في رواية الأثرم في من دخل إلينا بأمان فقتل أنه يبعث بديته إلى ملكهم حتى يدفعها إلى الورثة وقد روى (( أن عمرو بن أمية كان مع أهل بئر معونة فسلم ورجع إلى المدينة, فوجد رجلين في طريقه من الحي الذي قتلوهم وكانا أتيا النبي -- في أمان ولم يعلم عمرو, فقتلهما فوداهما النبي -- )) ولا شك في أنه بعث بديتهما إلى أهلهما وقال القاضي: قياس المذهب عندي أنه لا يرث حربى ذميا, ولا ذمى حربيا لأن الموالاة بينهما منقطعة فأما المستأمن فيرثه أهل الحرب وأهل دار الإسلام وبهذا قال الشافعي رضي الله عنه وبه قال أبو حنيفة, إلا أن المستأمن لا يرثه الذمى لأن دارهما مختلفة قال القاضي: ويرث أهل الحرب بعضهم بعضا سواء اتفقت ديارهم أو اختلفت وهذا قول الشافعي رضي الله عنه وقال أبو حنيفة: إذا اختلفت ديارهم, بحيث كان لكل طائفة ملك ويرى بعضهم قتل بعض لم يتوارثا لأنهم لا موالاة بينهم, أشبه أهل دار الحرب فجعلوا اتفاق الدار واختلافها ضابطا للتوريث, وعدمه ولا نعلم في هذا كله حجة من كتاب ولا سنة مع مخالفته لعموم النص المقتضى للتوريث ولم يعتبروا الدين في اتفاقه, ولا اختلافه مع ورود الخبر فيه وصحة العبرة فيها, فإن المسلمين يرث بعضهم بعضا وإن اختلفت الدار بهم فكذلك الكفار ولا يرث المسلم كافرا, ولا الكافر مسلما لاختلاف الدين بهم وكذلك لا يرث مختلفا الدين أحدهما من صاحبه شيئا.

 مسألة: 

قال: [والمرتد لا يرث أحدا إلا أن يرجع قبل قسمة الميراث] لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن المرتد لا يرث أحدا وهذا قول, مالك والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم وذلك لأنه لا يرث مسلما, لقول النبي --: (( لا يرث كافر مسلما )) ولا يرث كافرا لأنه يخالفه في حكم الدين لأنه لا يقر على كفره فلم يثبت له حكم أهل الدين الذي انتقل إليه ولهذا لا تحل ذبيحتهم, ولا نكاح نسائهم وإن انتقلوا إلى دين أهل الكتاب ولأن المرتد تزول أملاكه الثابتة له واستقرارها فلأن لا يثبت له ملك أولى ولو ارتد متوارثان, فمات أحدهما لم يرثه الآخر فإن المرتد لا يرث ولا يورث وإن رجع المرتد إلى الإسلام قبل قسم الميراث, قسم له على ما سنذكره في المسألة التي بعدها -إن شاء الله تعالى-.

 فصل: 

والزنديق كالمرتد فيما ذكرنا والزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويستسر بالكفر, وهو المنافق كان يسمى في عصر النبي -- منافقا ويسمى اليوم زنديقا قال أحمد: مال الزنديق في بيت المال.

 فصل: 

إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول, انفسخ النكاح في الحال ولم يرث أحدهما الآخر وإن كانت ردته بعد الدخول, ففيه روايتان إحداهما يتعجل الفرقة والأخرى يقف على انقضاء العدة وأيهما مات لم يرثه الآخر وحكم ردتهما جميعا كحكم ردة أحدهما في فسخ النكاح, وامتناع الميراث وقال أهل العراق: إذا ارتد الزوجان معا فهما على النكاح لأن دينهما لم يختلف فأشبها الكافرين الأصليين, إلا أنهما لا يتوارثان في دار الإسلام لأن المرتد لا يرث المرتد ما داما في دار الإسلام فإن لحقا بدار الحرب توارثا لأن حكمهما صار كحكم أهل دار الحرب ولنا أنهما لا يتوارثان في دار الحرب كالمسلم مع الكافر.

 مسألة: 

قال: [وكذلك من أسلم على ميراث قبل أن يقسم, قسم له] اختلفت الرواية في من أسلم قبل قسم ميراث موروثه المسلم فنقل الأثرم ومحمد بن الحكم أنه يرث وروى نحو هذا عن عمر, وعثمان والحسن بن على وابن مسعود وبه قال جابر بن زيد, والحسن ومكحول وقتادة, وحميد وإياس بن معاوية وإسحاق, فعلى هذا إن أسلم قبل قسم بعض المال ورث مما بقي وبه قال الحسن ونقل أبو طالب في من أسلم بعد الموت: لا يرث قد وجبت المواريث لأهلها وهذا المشهور عن على رضي الله عنه وبه قال سعيد بن المسيب, وعطاء وطاوس والزهري, وسليمان بن يسار والنخعي والحكم, وأبو الزناد وأبو حنيفة ومالك, والشافعي رضي الله عنهم وعامة الفقهاء لقول النبي --: (( لا يرث الكافر المسلم )) ولأن الملك قد انتقل بالموت إلى المسلمين فلم يشاركهم من أسلم كما لو اقتسموا, ولأن المانع من الإرث متحقق حال وجود الموت فلم يرث كما لو كان رقيقا فأعتق, أو كما لو بقي على كفره ولنا قول النبي --: (( من أسلم على شيء فهو له )) رواه سعيد من طريقين عن عروة وابن أبي مليكة, عن النبي -- وروى أبو داود بإسناده: عن ابن عباس قال: قال رسول الله --: (( كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم, وكل قسم أدركه الإسلام فهو على قسم الإسلام )) وروى ابن عبد البر بإسناده في " التمهيد " عن زيد بن قتادة العنبري, أن إنسانا من أهله مات على غير دين الإسلام فورثته أختى دوني وكانت على دينه, ثم إن جدى أسلم وشهد مع النبي -- حنينا فتوفي, فلبثت سنة وكان ترك ميراثا, ثم إن أختى أسلمت فخاصمتني في الميراث إلى عثمان رضي الله عنه فحدثه عبد الله بن أرقم أن عمر قضى أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم, فله نصيبه فقضى به عثمان فذهبت بذاك الأول, وشاركتني في هذا وهذه قضية انتشرت فلم تنكر فكانت إجماعا ولأنه لو تجدد له صيد بعد موته وقع في شبكته التي نصبها في حياته لثبت له الملك فيه, ولو وقع إنسان في بئر حفرها لتعلق ضمانه بتركته بعد موته فجاز أن يتجدد حق من أسلم من ورثته بتركته, ترغيبا في الإسلام وحثا عليه فأما إذا قسمت التركة, وتعين حق كل وارث ثم أسلم فلا شيء له, وإن كان الوارث واحدا فإذا تصرف في التركة واحتازها كان بمنزلة قسمتها.

فصل: ومن كان رقيقا حين موت موروثه, فأعتق قبل القسمة لم يرث نص عليه أحمد رضي الله عنه في رواية محمد بن الحكم وفرق بين الإسلام والعتق, وعلى هذا جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم وروى عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل مات وترك أباه عبدا, فأعتق قبل أن يقسم ميراثه فقال: له ميراثه وحكى عن مكحول وقتادة, أنهما ورثا من أعتق قبل القسمة لأن المانع من الميراث زال قبل القسمة فأشبه ما لو أسلم قال أبو الحسن التميمي: يخرج على قول من ورث المسلم أن يورث العبد إذا أعتق وليس بصحيح فإن الإسلام قربة وهو أعظم الطاعات, والقرب ورد الشرع بالتأليف عليها فورد الشرع بتوريثه ترغيبا له في الإسلام, وحثا عليه والعتق لا صنع له فيه ولا يحمد عليه, فلم يصح قياسه عليه ولولا ما ورد من الأثر من توريث من أسلم لكان النظر يقتضي أن لا يرث من لم يكن من أهل الميراث حين الموت لأن الملك ينتقل به إلى الورثة, فيستحقونه فلا يبقى لمن حدث شيء ولكن خالفناه في الإسلام للأثر, وليس في العتق أثر يجب التسليم له ولا هو في معنى ما فيه الأثر فيبقى على موجب القياس.

مسألة: قال: [ومتى قتل المرتد على ردته, فماله فيء] اختلفت الرواية عن أحمد في مال المرتد إذا مات أو قتل على ردته فروى عنه أنه يكون فيئا في بيت مال المسلمين قال القاضي: هو صحيح في المذهب وهو قول ابن عباس, وربيعة ومالك وابن أبي ليلى, والشافعي رضي الله عنهم وأبي ثور وابن المنذر وعن أحمد ما يدل على أنه لورثته من المسلمين وروى ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعلى وابن مسعود رضي الله عنهم وبه قال ابن المسيب, وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز, وعطاء والشعبي والحكم, والأوزاعي والثوري وابن شبرمة, وأهل العراق وإسحاق إلا أن الثوري وأبا حنيفة واللؤلؤي, وإسحاق قالوا: ما اكتسبه في ردته يكون فيئا ولم يفرق أصحابنا بين تلاد ماله وطارفه ووجه هذا القول أنه قول الخليفتين الراشدين فإنه يروى عن زيد بن ثابت, قال: بعثني أبو بكر عند رجوعه إلى أهل الردة أن أقسم أموالهم بين ورثتهم المسلمين ولأن ردته ينتقل بها ماله فوجب أن ينتقل إلى ورثته المسلمين كما لو انتقل بالموت وروى عن أحمد, رواية أن ماله لأهل دينه الذي اختاره إن كان منه من يرثه, وإلا فهو فيء وبه قال داود وروى عن علقمة وسعيد بن أبي عروة لأنه كافر فورثه أهل دينه, كالحربى وسائر الكفار والمشهور الأول لقول النبي --: (( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم )) وقوله: (( لا يتوارث أهل ملتين شتى )) ولأنه كافر, فلا يرثه المسلم كالكافر الأصلى ولأن ماله مال مرتد, فأشبه الذي كسبه في ردته ولا يمكن جعله لأهل دينه لأنه لا يرثهم فلا يرثونه, كغيرهم من أهل الأديان ولأنه يخالفهم في حكمهم فإنه لا يقر على ما انتقل إليه ولا توكل له ذبيحة, ولا يحل نكاحه إن كان امرأة فأشبه الحربى مع الذمى فإن قيل: إذا جعلتموه فيئا فقد ورثتموه للمسلمين قلنا: لا يأخذونه ميراثا بل يأخذونه فيئا, كما يؤخذ مال الذمى إذا لم يخلف وارثا وكالعشور.

فصل: والزنديق كالمرتد لا يرث ولا يورث وقال مالك في الزنديق الذي يتهم بذمى ورثته عند موته: ماله لورثته من المسلمين, مثل من يرتد إذا حضره الموت قال: وترثه زوجته سواء انقضت عدتها أو لم تنقض, كالتى يطلقها زوجها في مرض موته ليحرمها الميراث لأنه فار من ميراث من انعقد سبب ميراثه فورثه كالمطلقة في مرض الموت ولنا قول النبي --: (( لا يرث المسلم الكافر )) وقياس المذهب أن أحد الزوجين إذا ارتد في مرض موته, يرثه الآخر لأنه فعل ما يفسخ النكاح في مرض موته فأشبه الطلاق وفعل المرأة ما يفسخ نكاحها, ويخرج في ميراث سائر الورثة مثل الزوجين فيكون مثل مذهب مالك وقال أبو يوسف: إذا ارتدت المريضة فماتت في عدتها, أو لحقت بدار الحرب ورثها زوجها وروى اللؤلؤى عن أبي حنيفة: إذا ارتد الرجل, فقتل على ردته أو لحق بدار الحرب بانت منه امرأته, فإن كانت مدخولا بها ورثته إذا كان ذلك قبل انقضاء عدتها, وإن كانت غير مدخول بها بانت ولم ترثه وإن ارتدت المرأة من غير مرض فماتت, لم يرثها زوجها لأنها عندهم لا تقتل فلم تكن فارة من ميراثه بخلاف الرجل.

فصل: وارتداد الزوجين معا, كارتداد أحدهما في فسخ نكاحهما وعدم ميراث أحدهما من الآخر سواء لحقا بدار الحرب, أو أقاما بدار الإسلام وبهذا قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة: إذا ما ارتدا معا لم ينفسخ النكاح, ولم يتوارثا لأن المرتد لا يرث المرتد ما داما في دار الإسلام فإن لحقا بدار الحرب توارثا ولنا أنهما مرتدان فلم يتوارثا, كما لو كانا في دار الإسلام ولو ارتدا جميعا ولهما أولاد صغار لم يتبعوهم في ردتهم, ولم يرثوا منهم شيئا ولم يجز استرقاقهم سواء لحقوهم بدار الحرب, أو لم يلحقوهم وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأصحابه: من ألحقوه بدار الحرب منهم يصير مرتدا يجوز سبيه, ومن لم يلحقوه بدار الحرب فهو في حكم الإسلام فأما من ولد بعد الردة بستة أشهر فذكر الخرقي رضي الله عنه ما يدل على أنه يجوز استرقاقه وهو قول أبي حنيفة, وأحد قولي الشافعي والقول الثاني: لا يسبون وهو منصوص الشافعي.

فصل: فإذا لحق المرتد بدار الحرب وقف ماله فإن أسلم دفع إليه, وإن مات صار فيئا وبهذا قال مالك والشافعي رضي الله عنهما وجعل أهل العراق لحاقه بدار الحرب كموته في زوال ملكه, وصرف ماله إلى من يصرف إليه إذا مات فإن عاد إلى الإسلام فله ما وجد من ماله, ولا يرجع على ورثته بشيء مما أتلفوه إلا أن يكونوا اقتسموه بغير حكم حاكم ولم يختلفوا فيما اكتسبه في دار الحرب أو أخرجه من ماله إلى دار الحرب أنه فيء وقال أبو بكر عبد العزيز: إذا ارتد المسلم, زال ملكه عن ماله ولم يصح تصرفه فيه بشيء من التصرفات فإن أسلم رد إليه تمليكا مستأنفا وقال أبو يوسف: إنما أحكم بموته يوم يختصمون في ماله, لا يوم لحاقه بدار الحرب ولنا أنه حر من أهل التصرف ويبقى ملكه بعد إسلامه, فلم يحكم بزوال ملكه كما لو لم يرتد ويجب رد ما أخذ من ماله, أو أتلف عليه كغيره.

فصل: ومتى مات الذمى ولا وارث له, كان ماله فيئا وكذلك ما فضل من ماله عن وارثه كمن ليس له وارث إلا أحد الزوجين, فإن الفاضل عن ميراثه يكون فيئا لأنه مال ليس له مستحق معين فكان فيئا كمال الميت المسلم الذي لا وارث له.

فصل: فأما القرابة فيرثون بجميعها, إذا أمكن ذلك نص عليه أحمد وهو قول عمر وعلى وابن مسعود, وابن عباس وزيد في الصحيح عنه وبه قال النخعي والثوري, وقتادة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة, وأصحابه ويحيى بن آدم وإسحاق, وداود والشافعي رضي الله عنهم في أحد قوليه واختاره ابن اللبان وعن زيد, أنه ورثه بأقوى القرابتين وهي التي لا تسقط بحال وبه قال الحسن والزهري, والأوزاعي ومالك والليث, وحماد وهو الصحيح عن الشافعي وعن عمر بن عبد العزيز ومكحول, والشعبي القولان جميعا واحتجوا بأنهما قرابتان, لا يورث بهما في الإسلام فلا يورث بهما في غيره كما لو أسقطت إحداهما الأخرى ولنا, أن الله تعالى فرض للأم الثلث وللأخت النصف فإذا كانت الأم أختا, وجب إعطاؤها ما فرض الله لها في الآيتين كالشخصين ولأنهما قرابتان ترث بكل واحدة منهما منفردة, لا تحجب إحداهما الأخرى ولا ترجح بها فترث بهما, مجتمعين كزوج هو ابن عم أو ابن عم هو أخ من أم, وكذوى الأرحام المدلين بقرابتين وقياسهم فاسد لأن القرابتين في الأصل تسقط إحداهما الأخرى إذا كانتا في شخصين فكذلك إذا كانتا في شخص وقولهم: لا يورث بهما في الإسلام ممنوع فإنه إذا وجد ذلك من وطء شبهة في الإسلام ورث بهما, ثم إن امتناع الإرث بهما في الإسلام لعدم وجودهما ولو تصور وجودهما لورث بهما بدليل أنه قد ورث بنظيرهما في ابن عم هو زوج, أو أخ من أم قال ابن اللبان: واعتبارهم عندي فاسد من قبل أن الجدة تكون أختا لأب فإن ورثوها بكونها جدة, لكون الابن يسقط الأخت دونها لزمهم توريثها بكونها أختا, لكون الأم تسقط الجدة دونها وخالفوا نص الكتاب في فرض الأخت وورثوا الجدة التي لا نص للكتاب في فرضها وهو مختلف فيه, فمنهم من قال: هو طعمة وليس بفرض مستحق ويلزمهم أن الميت إذا خلف أمه وأم أم هي أخت, أن لا يورثوها شيئا لأن الجدودة محجوبة وهي أقوى القرابتين وإن قالوا: نورثها مع الأم بكونها أختا نقضوا اعتبارهم بكونها أقوى القرابتين وجعلوا الأخوة تارة أقوى, وتارة أضعف وإن قالوا: أقوى القرابتين الأخوة لأن ميراثها أوفر لزمهم في أم هي أخت جعل الأخوة أقوى من جهة الأمومة ويلزمهم في إسقاط ميراثها مع الابن والأخ من الأبوين ما لزم القائلين بتقديم الجدودة مع الأم فإن قالوا: توريثها بالقرابتين يفضي إلى حجب الأم بنفسها إذا كانت أختا, وللميت أخت أخرى قلنا: وما المانع من هذا؟ فإن الله تعالى حجب الأم بالأختين بقوله: (( فإن كان له إخوة فلأمه السدس )) من غير تقييد بغيرها ثم هم قد حجبوها عن ميراث الأخت بنفسها فقد دخلوا فيما أنكروه بل هو أعظم لأنهم فروا من حجب التنقيص إلى حجب الإسقاط, وأسقطوا الفرض الذي هو أوفر بالكلية محافظة على بعض الفرض الأدنى وخالفوا مدلول أربعة نصوص من كتاب الله تعالى لأنهم أعطوا الأم الثلث وإنما فرض الله لها مع الأختين السدس والثاني أن الله تعالى إنما فرض لكل واحدة من الأختين ثلثا, فأعطوا إحداهما النصف كاملا والثالث أن الله تعالى فرض للأختين الثلثين وهاتان أختان, فلم يجعلوا لهما الثلثين الرابع أن مقتضى الآية أن يكون لكل واحدة من الأختين الثلث وهذه أخت, فلم يعطوها بكونها أختا شيئا وهذا كله معنى كلام ابن اللبان.

فصل: والمسائل التي تجتمع فيها قرابتان يصح الإرث بهما ست إحداهن في الذكور وهي عم هو أخ لأم, وخمس في الإناث وهي بنت هي أخت أو بنت ابن, وأم هي أخت وأم أم هي أخت لأب وأم أب هي أخت لأم, فمن ورثهم بأقوى القرابتين ورثهم بالبنوة والأمومة دون الأخوة, وبنوة الابن واختلفوا في الجدة إذا كانت أختا فمنهم من قال: الجدودة أقوى لأنها جهة ولادة لا تسقط بالولد ومنهم من قال: الأخوة أقوى لأنها أكثر ميراثا قال ابن سريج وغيره: هو الصحيح ومن ورث بأقوى القرابتين لم يحجب الأم بأخوة نفسها إلا ما حكاه سحنون عن مالك, أنه حجبها بذلك والصحيح عنه الأول ومن ورث بالقرابتين حجبها بذلك ومتى كانت البنت أختا والميت رجل فهي أخت لأم, وإن كان امرأة فهي أخت لأب وإن قيل: أم هي أخت لأم أو أم أم هي أخت لأم أو أم أب هي أخت لأب فهو محال مسائل من ذلك: مجوسى تزوج ابنته, فأولدها بنتا ثم مات عنهما فلهما الثلثان لأنهما ابنتان, ولا ترث الكبرى بالزوجية شيئا في قولهم جميعا فإن ماتت الكبرى بعده فقد تركت بنتا هي أخت لأب, فلها النصف بالبنوة والباقي بالأخوة وإن ماتت الصغرى قبل الكبرى, فقد تركت أما هي أخت لأب فلها النصف, والثلث بالقرابتين ومن ورث بأقوى القرابتين لم يورثها بالأخوة شيئا في المسألتين وقال ابن سريج: يحتمل قول الشافعي رضي الله عنه توريثها بالقرابتين في المسألتين لأنه لم يمنع توريث الشخص بفرض وتعصيب لتوريثه ابن العم إذا كان زوجا, أو أخا لأم وإنما منع الإرث بفرضين فإن كان المجوسي أولدها بنتين ثم مات وماتت الكبرى بعده, فقد تركت بنتين هما أختان لأب وإن لم تمت الكبرى, بل ماتت إحدى الصغيرتين فقد تركت أختا لأبوين وأما هي أخت لأب فلأمها السدس بكونها أما, والسدس بكونها أختا لأب وانحجبت بنفسها وأختها عن السدس وللأخت النصف وعلى القول الآخر, لها الثلث بالأمومة ولا شيء لها بالأخوة ولا تنحجب بها, وللأخت النصف فقد استوى الحكم في القولين وإن اختلف طريقهما وعلى ما حكاه سحنون, لها السدس وتنحجب بنفسها وأختها وإن أولدها المجوسي ابنا وبنتا, ثم مات وماتت الصغرى بعده فقد خلفت أما هي أخت لأب, وأخا لأم وأب فلأمها السدس والباقي للأخ, ولا شيء للأم بالأخوة لأن الأخ للأبوين يحجبها وعلى القول الآخر للأم الثلث كاملا وإن تزوج المجوسي أمه فأولدها بنتا ثم مات فلأمه السدس, ولابنته النصف ولا ترث أمه بالزوجية شيئا ولا ابنته بكونها أختا لأم شيئا وإن ماتت الكبرى بعده, فقد خلفت بنتا هي بنت ابن فلها الثلثان بالقرابتين وعلى القول الآخر لها النصف وإن ماتت الصغرى بعده فقد تركت أما هي أم أب, فلها الثلث بالأمومة لا غير على القولين جميعا وإن تزوج ابنته فأولدها ابنة, ثم تزوج الصغرى فأولدها بنتا ثم مات, وماتت الكبرى بعده فقد تركت أختيها لأبيها إحداهما بنتها وبنت أبيها, والأخرى بنت بنتها فلبنتها النصف والباقي بينهما وعلى القول الآخر, لبنتها النصف والباقي للصغرى وإن ماتت الوسطى بعده فقد تركت أختيها إحداهما أمها, والأخرى بنتها فلأمها السدس ولبنتها النصف والباقي بينهما وعلى القول الآخر, الباقي للعصبة وإن ماتت الصغرى بعده فقد خلفت أختيها إحداهما أمها والأخرى جدتها فلأمها السدس, والباقي بينهما وقد انحجبت الأم بنفسها وبأمها عن السدس وعلى القول الآخر من جعل الأخوة أقوى, فللكبرى النصف وللوسطى الثلث والباقي للعصبة ومن جعل الجدودة أقوى, لم يورث الكبرى شيئا لأنها لا ترث بالأخوة لكونها ضعيفة ولا بالجدودة, لكونها محجوبة بالأمومة وإن ماتت الصغرى بعد الوسطى فقد خلفت جدة هي أخت لأب فلها الثلث بالقرابتين, ومن ورث بإحداهما فلها السدس عند قوم وعند ابن سريج ومن وافقه لها النصف وهو اختيار الخبرى مجوسى تزوج أمه, فأولدها بنتا ثم تزوج بنته فأولدها ابنا, ثم تزوج الابن جدته فأولدها بنتا ثم مات المجوسي, ثم ماتت أمه فقد خلفت بنتا هي بنت ابن وبنتا أخرى هي بنت ابن ابن, وخلفت ابن ابن هو زوجها فلابنتها الثلثان والباقي بين الكبرى وابنها على ثلاثة وتصح من تسعة للكبرى أربعة, وللصغرى ثلاثة وللذكر سهمان وعلى القول الآخر الباقي للذكر وحده فإن ماتت بعده بنته, فإن الكبرى جدتها أم أبيها وهي أختها من أمها فلها السدسان بالقرابتين, وفي الثاني لها السدس بإحداهما.

فصل: وإن وطئ مسلم بعض محارمه بشبهة أو اشتراها وهو لا يعرفها فوطئها فولدت له, واتفق مثل هذه لإنسان فالحكم فيها مثل هذا سواء.

مسألة: قال: [وإذا غرق المتوارثان أو ماتا تحت هدم, فجهل أولهما موتا ورث بعضهم من بعض] وجملة ذلك أن المتوارثين إذا ماتا فجهل أولهما موتا, فإن أحمد قال: أذهب إلى قول عمر وعلى وشريح, وإبراهيم والشعبي: يرث بعضهم من بعض يعني من تلاد ماله دون طارفه وهو ما ورثه من ميت معه وهذا قول من ذكره الإمام أحمد, وهو قول إياس بن عبد الله المزني وعطاء والحسن, وحميد الأعرج وعبد الله بن عتبة وابن أبي ليلى, والحسن بن صالح وشريك ويحيى بن آدم, وإسحاق وحكى ذلك عن ابن مسعود قال الشعبي: وقع الطاعون عام عمواس فجعل أهل البيت يموتون عن آخرهم, فكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه فكتب عمر: أن ورثوا بعضهم من بعض وروى عن أبي بكر الصديق وزيد, وابن عباس ومعاذ والحسن بن على رضي الله عنهم, أنهم لم يورثوا بعضهم من بعض وجعلوا ما لكل واحد للأحياء من ورثته وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبو الزناد, والزهري والأوزاعي ومالك والشافعي رضي الله عنهم وأبو حنيفة, وأصحابه ويروى ذلك عن عمر والحسن البصري, وراشد بن سعد وحكيم بن عمير وعبد الرحمن بن عوف وروى عن أحمد ما يدل عليه, فإنه قال في امرأة وابنها ماتا فقال زوجها: ماتت فورثناها ثم مات ابني فورثته وقال أخوها: مات ابنها فورثته, ثم ماتت فورثناها حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وكان ميراث الابن لأبيه وميراث المرأة لأخيها وزوجها نصفين فجعل ميراث كل واحد منهما للأحياء من ورثته فيحتمل أن يجعل هذا رواية عن أحمد في جميع مسائل الباب, ويحتمل أن يكون هذا قولا فيما إذا ادعى وارث كل ميت أن موروثه كان آخرهما موتا ويرث كل واحد منهما من الآخر إذا اتفق وراثهم على الجهل بكيفية موتهم لأن مع التداعى تتوجه اليمين, على المدعى عليه فيحلف على إبطال دعوى صاحبه ويتوفر الميراث له كما في سائر الحقوق, بخلاف ما إذا اتفقوا على الجهل فلا تتوجه يمين لأن اليمين لا يشرع في موضع اتفقوا على الجهل به واحتج من قال بعدم توريث بعضهم من بعض بما روى سعيد, حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد: أن قتلى اليمامة وقتلى صفين والحرة, لم يورثوا بعضهم من بعض وورثوا عصبتهم الأحياء وقال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد, عن أبيه: أن أم كلثوم بنت على توفيت هي وابنها زيد بن عمر فالتقت الصيحتان في الطريق فلم يدر أيهما مات قبل صاحبه, فلم ترثه ولم يرثها وأن أهل صفين وأهل الحرة لم يتوارثوا ولأن شرط التوريث حياة الوارث بعد موت الموروث وهو غير معلوم, ولا يثبت التوريث مع الشك في شرطه ولأنه لم تعلم حياته حين موت موروثه فلم يرثه, كالحمل إذا وضعته ميتا ولأن الأصل عدم التوريث فلا نثبته بالشك ولأن توريث كل واحد منهما خطأ يقينا لأنه لا يخلو من أن يكون موتهما معا, أو سبق أحدهما به وتوريث السابق بالموت والميت معه خطأ يقينا مخالف للإجماع, فكيف يعمل به فإن قيل: ففي قطع التوريث قطع توريث المسبوق بالموت وهو خطأ أيضا قلنا: هذا غير متيقن لأنه يحتمل موتهما جميعا, فلا يكون فيهما مسبوق وقد احتج بعض أصحابنا بما روى إياس بن عبد الله المزني أن النبي -- (( سئل عن قوم وقع عليهم بيت فقال: يرث بعضهم بعضا )) والصحيح أن هذا إنما هو عن إياس نفسه وأنه هو المسئول, وليس براوية عن النبي -- هكذا رواه سعيد في " سننه " وحكاه الإمام أحمد عنه وقال أبو ثور وابن سريج وطائفة من البصريين: يعطى كل وارث اليقين, ويوقف المشكوك فيه حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا وقال الخبرى: هذا هو الحكم فيما إذا علم موت أحدهما قبل صاحبه ولم يذكر فيه خلافا ومن مسائل ذلك أخوان غرقا, أحدهما مولى زيد والآخر مولى عمرو من ورث كل واحد منهما من صاحبه جعل ميراث كل واحد منهما لمولى أخيه, ومن لم يورث أحدهما من صاحبه جعل ميراث كل واحد منهما لمولاه ومن قال بالوقف وقف مالهما فإن ادعى كل واحد من الموليين أن مولاه آخرهما موتا, حلف كل واحد منهما على إبطال دعوى صاحبه وأخذ مال مولاه على مسألة الخرقي وإن كانت لهما أخت فلها الثلثان من مال كل واحد منهما على القول الأول, والنصف على القول الثاني وإن خلف كل واحد منهما بنتا وزوجة فمن لم يورث بعضهم من بعض صححها من ثمانية, لامرأته الثمن ولابنته النصف والباقي لمولاه ومن ورثهم, جعل الباقي لأخيه ثم قسمه بين ورثة أخيه على ثمانية ثم ضربها في الثمانية الأولى, فصحت من أربعة وستين لامرأته ثمانية ولابنته اثنان وثلاثون ولامرأة أخيه ثمن الباقي, ولابنته اثنا عشر ولمولاه الباقي تسعة أخ وأخت غرقا ولهما أم وعم وزوجان فمن ورث كل واحد من صاحبه, جعل ميراث الأخ بين امرأته وأمه وأخته على ثلاثة عشر فما أصاب الأخت منها فهو بين زوجها وأمها وعمها على ستة فصحت المسألتان من ثلاثة عشر لامرأة الأخ ثلاثة, ولزوج الأخت ثلاثة وللأم أربعة بميراثها من الأخ واثنان بميراثها من الأخت, وللعم سهم وميراث الأخت بين زوجها وأمها وأخيها على ستة لأخيها سهم بين أمه وامرأته وعمه على اثني عشر تضربها في الأولى, تكن من اثنين وسبعين والضرر في هذا القول على من يرت من أحد الميتين دون الآخر وينتفع به من يرث منهما ثلاثة إخوة من أبوين غرقوا, ولهم أم وعصبة فقدر موت أحدهم أولا فلأمه السدس, والباقي لأخويه فتصح من اثني عشر لكل واحد من أخويه خمسة, بين أمه وعصبته على ثلاثة فتضربها في الأولى, تكن ستة وثلاثين للأم من ميراث الأول السدس ستة ومما ورثه كل واحد من الأخوين خمسة, فصار لها ستة عشر والباقي للعصبة ولها من ميراث كل واحد من الأخوين مثل ذلك ذكر هذه المسألة أبو بكر ثلاثة إخوة مفترقين غرقوا, وخلف كل واحد منهم أخته لأبويه فقدر موت الأخ من الأبوين أولا عن أخته من أبويه وأخويه من أبيه, وأخويه من أمه فصحت مسألته من ثمانية عشر لأخيه من أمه منها ثلاثة بين أخته من أبويه وأخته من أمه على أربعة وأصاب الأخ من الأب منها اثنين, بين أخيه من أبويه وأخته من أبيه على أربعة, فتجتزئ بإحداهما وتضربها في الأولى تكن اثنين وسبعين, ثم قدر موت الأخ من الأم عن أخت لأبوين وأخ, وأخت لأم فمسألته من خمسة مات أخوه لأمه عن ثلاث أخوات مفترقات فهي من خمسة أيضا, تضربها في الأولى تكن خمسة وعشرين ثم قدر موت الأخ من الأب, عن أخت لأبويه وأخ وأخت لأبيه فهي من ستة, ثم مات الأخ من الأب عن ثلاث أخوات مفترقات فهي من خمسة تضربها في الأولى, تكن ثلاثين فإن خلف بنتا وأخوين فلم يقتسموا التركة حتى غرق الأخوان وخلف أحدهما امرأة وبنتا وعما وخلف الآخر ابنتين, وابنتين الأولى من أربعة مات أحدهم عن سهم ومسألته من ثمانية, لأخيه منها ثلاثة بين أولاده على ستة رجعوا إلى اثنين تضربها في ثمانية تكن ستة عشر وفريضة الآخر من ستة, يتفقان بالنصف فاضرب نصف إحداهما في الأخرى تكن ثمانية وأربعين, ثم في أربعة تكن مائة واثنين وتسعين للبنت نصفها, ولأولاد الأخ عن أبيهم ربعها وعن عمهم ثمانية عشر صار لهم ستة وستون, ولامرأة الأخ ستة ولبنته أربعة وعشرون.

فصل: وإن علم خروج روحهما معا في حال واحدة لم يرث أحدهما صاحبه, وورث كل واحد الأحياء من ورثته لأن توريثه مشروط بحياته بعده وقد علم انتفاء ذلك وإن علم أن أحدهما مات قبل صاحبه بعينه ثم أشكل, أعطى كل وارث اليقين ووقف الباقي حتى يتبين الأمر أو يصطلحوا قال القاضي: وقياس المذهب أن يقسم على سبيل ميراث الغرقى الذين جهل حالهم وإن ادعى ورثة كل ميت أنه آخرهما موتا فهي مسألة الخرقي رضي الله عنه وقد نص فيها الإمام أحمد على أن ورثة كل ميت يحلفون, ويختصون بميراثه فيحتمل أن يقاس على هذه الصورة سائر الصور فيتخرج في الجميع روايتان, ويحتمل أن يختص هذا الحكم بهذه الصورة دون غيرها لأن هذه الصور فيها مدع ومنكر واليمين على من أنكر بخلاف بقية الصور, والله أعلم.

 مسألة: 

قال: [ومن لم يرث لم يحجب] يعني من لم يرث لمعنى فيه كالمخالف في الدين والرقيق, والقاتل فهذا لا يحجب غيره في قول عامة أهل العلم من الصحابة, والتابعين إلا ابن مسعود ومن وافقه, فإنهم يحجبون الأم والزوجين بالولد الكافر والقاتل, والرقيق ويحجبون الأم بالإخوة الذين هم كذلك وبه قال أبو ثور وداود وتابعه الحسن في القاتل دون غيره ولعلهم تمسكوا بعموم قوله تعالى: (( فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم )) وقوله تعالى: (( ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد )) وقوله: (( فإن كان له إخوة فلأمه السدس )) وهؤلاء أولاد وإخوة, وعدم إرثهم لا يمنع حجبهم كالإخوة مع الأبوين يحجبون الأم ولا يرثون ولنا, أنه ولد لا يحجب الإخوة من الأم ولا يحجب ولده ولا الأب إلى السدس, فلم يحجب غيرهم كالميت ولأنه لا يؤثر في حجب غير الأم والزوجين, فلم يؤثر في حجبهم كالميت والآية أريد بها ولد من أهل الميراث, بدليل أنه لما قال: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) أراد به الوارث ولم يدخل هذا فيهم ولما قال: (( إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت )) لم يدخل هذا فيهم وأما الإخوة مع الأب, فهم من أهل الميراث بدليل أنه لولا الأب لورثوا وإنما قدم عليهم غيرهم, ومنعوا مع أهليتهم لأن غيرهم أولى منهم فامتناع إرثهم لمانع لا لانتفاء المقتضى.

 فصل: 

فأما من لا يرث لحجب غيره له, فإنه يحجب وإن لم يرث كالإخوة يحجبون الأم, وهم محجوبون بالأب لأن عدم إرثهم لم يكن لمعنى فيهم ولا لانتفاء أهليتهم بل لتقديم غيرهم عليهم, والمعنى الذي حجبوا به في حال إرثهم موجود مع حجبهم عن الميراث بخلاف مسألتنا فعلى هذا, إذا اجتمع أبوان وأخوان أو أختان فللأم السدس والباقي للأب ويحجب الأخوان الأم عن السدس, ولا يرثون شيئا ولو مات رجل وخلف أباه وأم أبيه وأم أم أمه لحجب الأب أمه عن الميراث, وحجبت أمه أم أم الأم على قول من يحجب الجدة بابنها والبعدى من الجدات بمن هي أقرب منها, ويكون المال جميعه للأب.

 فصل: 

في ميراث الحمل: إذا مات الإنسان عن حمل يرثه وقف الأمر حتى يتبين فإن طالب الورثة بالقسمة, لم يعطوا كل المال بغير خلاف إلا ما حكى عن داود, والصحيح عنه مثل قول الجماعة ولكن يدفع إلى من لا ينقصه الحمل كمال ميراثه وإلى من ينقصه أقل ما يصيبه, ولا يدفع إلى من يسقطه شيء فأما من يشاركه فأكثر أهل العلم قالوا: يوقف للحمل شيء, ويدفع إلى شركائه الباقي وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والليث وشريك ويحيى بن آدم وهو رواية الربيع عن الشافعي والمشهور عنه أنه لا يدفع إلى شركائه شيء لأن الحمل لا حد له ولا نعلم كم يترك له وقد حكى الماوردي, قال: أخبرني رجل من أهل اليمن ورد طالبا للعلم وكان من أهل الدين والفضل, أن امرأة ولدت باليمن شيئا كالكرش فظن أن لا ولد فيه فألقى على قارعة الطريق, فلما طلعت الشمس وحمى بها تحرك فأخذ وشق فخرج منه سبعة أولاد ذكور, وعاشوا جميعا وكانوا خلقا سويا إلا أنه كان في أعضادهم قصر, قال: وصارعني أحدهم فصرعني فكنت أعير به فيقال: صرعك سبع رجل وقد أخبرني من أثق به سنة ثمان وستمائة, أو سنة تسع عن ضرير بدمشق أنه قال: ولدت امرأتى في هذه الأيام سبعة في بطن واحد ذكورا وإناثا, وكان بدمشق أم ولد لبعض كبرائها وتزوجت بعده من كان يقرأ على وكانت تلد ثلاثة في كل بطن وقال غيره: هذا نادر, ولا يعول عليه فلا يجوز منع الميراث من أجله كما لو لم يظهر بالمرأة حمل واختلف القائلون بالوقف فيما يوقف, فروى عن أحمد أنه يوقف نصيب ذكرين إن كان ميراثهما أكثر, أو ابنتين إن كان نصيبهما أكثر وهذا قول محمد بن الحسن واللؤلؤى وقال شريك: يوقف نصيب أربعة فإني رأيت بني إسماعيل أربعة ولدوا في بطن واحد, محمد وعمر وعلى قال يحيى بن آدم: وأظن الرابع إسماعيل وروى ابن المبارك هذا القول عن أبي حنيفة ورواه الربيع عن الشافعي رضي الله عنه وقال الليث, وأبو يوسف: يوقف نصيب غلام ويؤخذ ضمين من الورثة ولنا أن ولادة التوأمين كثير معتاد فلا يجوز قسم نصيبهما, كالواحد وما زاد عليهما نادر فلم يوقف له شيء كالخامس, والسادس ومتى ولدت المرأة من يرث الموقوف كله أخذه وإن بقي منه شيء رد إلى أهله, وإن أعوز شيئا رجع على من هو في يده مسائل من ذلك: امرأة حامل وبنت للمرأة الثمن وللبنت خمس الباقي وفي قول شريك تسعة وفي قول أبي يوسف ثلثه بضمين ولا يدفع إليها شيء في المشهور عن الشافعي رضي الله عنه وإن كان مكان البنت ابن دفع إليه ثلث الباقي, أو خمسه أو نصفه على اختلاف الأقوال ومتى زادت الفروض على ثلث المال, فميراث الإناث أكثر فإذا خلف أبوين وامرأة حاملا, فللمرأة ثلاثة من سبعة وعشرين وللأبوين ثمانية منها ويوقف ستة عشر, ويستوى ها هنا قول من وقف نصيب ابنتين وقول من وقف نصيب أربعة وقال أبو يوسف: تعطى المرأة ثمنا كاملا والأبوان ثلثا كاملا, ويؤخذ منهم ضمين فإن كان معهم بنت دفع إليها ثلاثة عشر من مائة وعشرين وفي قول شريك ثلاثة عشر من مائتين وستة عشر وفي قول أبي يوسف ثلاثة عشر من اثنين وسبعين, ويؤخذ من الكل ضمناء من البنت لاحتمال أن يولد أكثر من واحد ومن الباقين لاحتمال أن تعول المسألة وعلى قولنا يوافق بين سبعة وعشرين ومائة وعشرين بالأثلاث وتضرب ثلث إحداهما في جميع الأخرى, تكن ألفا وثمانين وتعطى البنت ثلاثة عشر في تسعة تكن مائة وسبعة عشر, وللأبوين والمرأة أحد عشر في أربعين وما بقي فهو موقوف زوج وأم حامل من الأب المسألة من ثمانية للزوج ثلاثة, وللأم سهم ويوقف أربعة وقال أبو يوسف: هي من ثمانية يدفع إلى الزوج ثلاثة, وإلى الأم سهمان وتقف ثلاثة وتأخذ منها ضمينا, هكذا حكى الخبرى عنه فإن كان في المسألة من يسقط بولد الأبوين كعصبة أو أحد من ولد الأب, لم يعط شيئا ولو كان في هذه المسألة جد فللزوج الثلث وللأم السدس, وللجد السدس والباقي موقوف وقال أبو حنيفة: للزوج النصف وللأم السدس وللجد السدس, ويوقف السدس بين الجد والأم ولا شيء للحمل لأن الجد يسقطه وأبو يوسف يجعلها من سبعة وعشرين ويقف أربعة أسهم وحكى عن شريك, أنه كان يقول بقول على في الجد فيقف ها هنا نصيب الإناث فيكون عنده من تسعة وتقف منها أربعة ولو لم يكن فيها زوج, كان للأم السدس وللجد ثلث الباقي وتقف عشرة من ثمانية عشر وعند أبي حنيفة للجد الثلثان وللأم السدس, ويوقف السدس بينهما قول أبي يوسف يقف الثلث ويعطى كل واحد منهما ثلثا, ويؤخذ منهما ضمين ومتى خلف ورثة وأما تحت الزوج فينبغي للزوج الإمساك عن وطئها, ليعلم أحامل هي أم لا؟ كذا روى عن على وعمر بن عبد العزيز والشعبي والنخعي, وقتادة في آخرين وإن وطئها قبل استبرائها فأتت بولد لأقل من ستة أشهر, ورث لأننا نعلم أنها كانت حاملا به وإن ولدته لأكثر من ذلك, لم ترث إلا أن يقر الورثة أنها كانت حاملا به يوم موت ولدها.

فصل: ولا يرث الحمل إلا بشرطين أحدهما أن يعلم أنه كان موجودا حال الموت, ويعلم ذلك بأن تأتى به لأقل من ستة أشهر فإن أتت به لأكثر من ذلك نظرنا فإن كان لها زوج أو سيد يطؤها لم يرث, إلا أن يقر الورثة أنه كان موجودا حال الموت وإن كانت لا توطأ إما لعدم الزوج, أو السيد وإما لغيبتهما أو اجتنابهما الوطء, عجزا أو قصدا أو غيره ورث ما لم يجاوز أكثر مدة الحمل وذلك أربع سنين في أصح الروايتين وفي الأخرى سنتان والثاني, أن تضعه حيا فإن وضعته ميتا لم يرث في قولهم جميعا, واختلف فيما يثبت به الميراث من الحياة واتفقوا على أنه إذا استهل صارخا ورث وورث وقد روى أبو داود بإسناده, عن أبي هريرة عن النبي -- أنه قال: (( إذا استهل المولود ورث )) وروى ابن ماجه بإسناده عن جابر, عن النبي -- مثله واختلفوا فيما سوى الاستهلال فقالت طائفة: لا يرث حتى يستهل ولا يقوم غيره مقامه, ثم اختلفوا في الاستهلال ما هو؟ فقالت طائفة: لا يرث حتى يستهل صارخا فالمشهور عن أحمد رضي الله عنه أنه لا يرث حتى يستهل وروى ذلك عن ابن عباس والحسن بن على وأبي هريرة, وجابر وسعيد بن المسيب وعطاء, وشريح والحسن وابن سيرين, والنخعي والشعبي وربيعة, ويحيى بن سعيد وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومالك, وأبي عبيد وإسحاق لأن مفهوم قول النبي --: (( إذا استهل المولود ورث )) أنه لا يرث بغير الاستهلال وفي لفظ ذكره ابن سراقة, عن النبي -- أنه قال في الصبى المنفوس: (( إذا وقع صارخا فاستهل ورث وتمت ديته وسمي, وصلى عليه وإن وقع حيا ولم يستهل صارخا لم تتم ديته, وفيه غرة عبد أو أمة على العاقلة )) ولأن الاستهلال لا يكون إلا من حي, والحركة تكون من غير حي فإن اللحم يختلج سيما إذا خرج من مكان ضيق فتضامت أجزاؤه, ثم خرج إلى مكان فسيح فإنه يتحرك من غير حياة فيه ثم إن كانت فيه حياة فلا نعلم كونها مستقرة لاحتمال أن تكون كحركة المذبوح, فإن الحيوانات تتحرك بعد الذبح حركة شديدة وهي في حكم الميت واختلف في الاستهلال ما هو؟ فقيل: هو الصراخ خاصة وهذا قول من ذكرنا في هذه المسألة ورواه أبو طالب, عن أحمد فقال: لا يرث إلا من استهل صارخا وإنما سمى الصراخ من الصبى الاستهلال تجوزا والأصل فيه أن الناس إذا رأوا الهلال صاحوا عند رؤيته, واجتمعوا وأراه بعضهم بعضا فسمى الصوت عند استهلال الهلال استهلالا, ثم سمى الصوت من الصبى المولود استهلالا لأنه صوت عند وجود شيء يجتمع له ويفرح به وروى يوسف بن موسى عن أحمد, أنه قال: يرث السقط ويورث إذا استهل فقيل له: ما استهلاله؟ قال: إذا صاح أو عطس أو بكى فعلى هذا كل صوت يوجد منه تعلم به حياته, فهو استهلال وهذا قول الزهري والقاسم بن محمد لأنه صوت علمت به حياته فأشبه الصراخ وعن أحمد رواية ثالثة, إذا علمت حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره ورث وثبت له أحكام المستهل, لأنه حي فتثبت له أحكام الحياة كالمستهل وبهذا قال الثوري والأوزاعي, والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه, وداود وإن خرج بعضه حيا فاستهل ثم انفصل باقيه ميتا لم يرث وبهذا قال الشافعي رضي الله عنه وقال أبو حنيفة, وأصحابه: إذا خرج أكثره فاستهل ثم مات ورث لقوله عليه السلام: (( إذا استهل المولود ورث )) ولنا أنه لم يخرج جميعه, فأشبه ما لو مات قبل خروج أكثره.

فصل: وإن ولدت توأمين فاستهل أحدهما ولم يعلم بعينه فإن كانا ذكرين, أو أنثيين أو ذكرا وأنثى لا يختلف ميراثهما, فلا فرق بينهما وإن كانا ذكرا وأنثى يختلف ميراثهما فقال القاضي: من أصحابنا من قال: يقرع بينهما, فمن أخرجته القرعة جعل المستهل كما لو طلق إحدى نسائه فلم تعلم بعينها ثم مات أخرجت بالقرعة وقال الخبرى: ليس في هذا عن السلف نص وقال الفرضيون: تعمل المسألة على الحالين, ويعطى كل وارث اليقين ويوقف الباقي حتى يصطلحوا عليه ويحتمل أن يقسم بينهم على حسب الاحتمال ومن مسائل ذلك: رجل خلف أمه وأخاه وأم ولد حاملا منه فولدت توأمين, ذكرا وأنثى فاستهل أحدهما ولم يعلم بعينه, فقيل: إن كان الابن المستهل فللأم السدس والباقي له ترث أمه, ثلثه والباقي لعمه فاضرب ثلاثة في ستة, تكن ثمانية عشر لأم الميت ثلاثة ولأم الولد خمسة, وللعم عشرة وإن كانت البنت المستهلة فالمسألة من ستة فتموت البنت عن ثلاثة, لأمها سهم ولعمها سهمان والستة تدخل في ثمانية عشر فمن له شيء من الثمانية عشر مضروب في واحد, ومن له شيء من الستة مضروب في ثلاثة فسدس الأم لا يتغير وللعم من الستة أربعة في ثلاثة اثنا عشر, وله من الثمانية عشر عشرة في واحد فهذا اليقين فيأخذه ولأم الولد خمسة في سهم, وسهم في ثلاثة فيأخذها ويقف سهمين بين الأخ وأم الولد حتى يصطلحا عليها ويحتمل أن يقتسماها بينهما امرأة حامل وعم ولدت المرأة ابنا وبنتا, واستهل أحدهما ولم يعلم فالمسألتان من أربعة وعشرين, إذا أعطيت كل واحد أقل من نصيبه بقيت ثلاثة موقوفة فإن كان معهما بنت فكل واحدة من المسألتين من اثنين وسبعين, والموقوف اثنا عشر امرأة وعم وأم حامل من الأب ولدت ابنا وبنتا فاستهل أحدهما, فإن كان المستهل الأخ فهي من ستة وثلاثين وإن كانت الأخت المستهلة, فهي من ثلاثة عشر فالمسألتان متباينتان فاضرب إحداهما في الأخرى, تكن أربعمائة وثمانية وستين كل من له شيء من إحدى المسألتين مضروب في الأخرى, فيدفع لكل واحد أقل النصيبين يبقى أربعة عشر منها تسعة بين المرأة والعم, وخمسة بين الأم والعم فإن كانت المرأة والأم حاملين فوضعتا معا فاستهل أحدهما, فكل واحدة منهما ترجع إلى ستة وثلاثين فيعطى كل وارث أقل النصيبين ويبقى أحد عشر, منها أربعة موقوفة بين الزوجة والأم وسبعة بين الأم والعم.

فصل: وإذا ولدت الحامل توأمين فسمع الاستهلال من أحدهما, ثم سمع مرة أخرى فلم يدر أهو من الأول أو من الثاني, فيحتمل أن يثبت الميراث لمن علم استهلاله دون من شككنا فيه لأن الأصل عدم استهلاله فعلى هذا الاحتمال إن علم المستهل بعينه فهو الوارث وحده, وإن جهل عينه كان كما لو استهل واحد منهما لا بعينه وقال الفرضيون: يعمل على الأحوال فيعطى كل وارث اليقين, ويوقف الباقي ومن مسائل ذلك: أم حامل وأخت لأب وعم ولدت الأم بنتين فاستهلت إحداهما, ثم سمع الاستهلال مرة أخرى فلم يدر هل استهلت الأخرى أو تكرر من واحدة؟ فقيل: إن كان منهما جميعا, فقد ماتتا عن أربعة من ستة ولا يعلم أولهما موتا فحكمهما حكم الغرقى, فمن ذهب إلى أنه لا تورث إحداهما من الأخرى قال: قد خلفتا أما وأختا وعما فتصح من ثمانية عشر, وإن كان الاستهلال من واحدة فقد ماتت عن ثلاثة من ستة فتصح من اثني عشر وبينهما موافقة بالسدس فتصير ستة وثلاثين, للأم اثنا عشر وللأخت كذلك وللعم تسعة ونقف ثلاثة, تدعى الأم منها سهمين والعم سهما وتدعيها الأخت كلها, فيكون سهمان بينها وبين الأم وسهم بينها وبين العم زوج وجد وأم حامل ولدت ابنا, وبنتا فاستهل أحدهما ثم سمع الاستهلال مرة أخرى, فلم يدر ممن هو؟ فإن كان الاستهلال تكرر من البنت فهي الأكدرية وماتت عن أربعة, بين أمها وجدها فتصح من أحد وثمانين وإن تكرر من الأخ لم يرث شيئا, والمسألة من ستة للجد منها سهم وإن كان منهما, فللأم السدس وللزوج النصف وللجد السدس, ولهما السدس على ثلاثة فتصح من ثمانية عشر والثلاثة التي لهما بين الجد والأم على ثلاثة فصار للأم أربعة, وللجد خمسة وثمانية عشر توافق أحدا وثمانية بالأتساع فتصير مائة واثنين وستين, للزوج حقه من الأكدرية أربعة وخمسون وللأم تسعا المال من مسألة استهلالهما معا ستة وثلاثون, وللجد السدس من مسألة استهلال الأخ وحده سبعة وعشرون يبقى خمسة وأربعون, يدعى الزوج منها سبعة وعشرين والأم ثمانية عشر ويدعى منها الجد سبعة وثلاثين, وتعول الثمانية الفاضلة للأم فيحتمل أن تدفع إليها لأن الزوج والجد يقران لها بها.

فصل: وإذا ضرب بطن حامل فأسقطت فعلى الضارب غرة موروثة عن الجنين, كأنه سقط حيا وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي, وسائر الفقهاء إلا شيئا يحكى عن ربيعة والليث, وهو شذوذ لا يعرج عليه فإن قيل: فكيف تورثون منه وهو لا يرث؟ قلنا: نورث منه لأن الواجب بدل عنه فورثته ورثته, كدية غير الجنين وأما توريثه فمن شروطه كونه حيا حين موت موروثه ولا يتحقق ذلك, فلا نورثه مع الشك في حياته.

فصل: ودية المقتول موروثة عنه كسائر أمواله إلا أنه اختلف فيها عن علي, فروى عنه مثل قول الجماعة وعنه لا يرثها إلا عصباته الذين يعقلون عنه وكان عمر يذهب إلى هذا ثم رجع عنه, لما بلغه عن النبي -- توريث المرأة من دية زوجها قال سعيد حدثنا سفيان حدثنا الزهري, سمع سعيد بن المسيب يقول: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا (( فقال له الضحاك الكلأبي: كتب إلى رسول الله -- أن أورث امرأة أشيم الضبأبي من دية زوجها أشيم )) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وروى الإمام أحمد بإسناده, عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, أن النبي -- (( قضى إن العقل ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم )) وبإسناده عن ابن عباس أن النبي -- قال: (( المرأة ترث من مال زوجها وعقله ويرث هو من مالها وعقلها ما لم يقتل واحد منهما صاحبه )) إلا أن في إسناده رجلا مجهولا وقال إبراهيم: قال رسول الله --: (( الدية على الميراث, والعقل على العصبة )) وقال أبو ثور: هي على الميراث ولا تقضى منها ديونه ولا تنفذ منها وصاياه وعن أحمد نحو من هذا وقد ذكر الخرقي في من أوصى بثلث ماله لرجل, فقتل وأخذت ديته فللموصى له بالثلث ثلث الدية, في إحدى الروايتين والأخرى ليس لمن أوصى له بالثلث من الدية شيء ومبنى هذا على أن الدية ملك الميت, أو على ملك الورثة ابتداء؟ وفيه روايتان إحداهما أنها تحدث على ملك الميت لأنها بدل نفسه فيكون بدلها له, كدية أطرافه المقطوعة منه في الحياة ولأنه لو أسقطها عن القاتل بعد جرحه إياه كان صحيحا وليس له إسقاط حق الورثة, ولأنها مال موروث فأشبهت سائر أمواله والأخرى أنها تحدث على ملك الورثة ابتداء لأنها إنما تستحق بعد الموت وبالموت تزول أملاك الميت الثابتة له, ويخرج عن أن يكون أهلا للملك وإنما يثبت الملك لورثته ابتداء ولا أعلم خلافا في أن الميت يجهز منها إن كان قبل تجهيزه لأنه لو لم يكن له شيء, لوجب تجهيزه على من عليه نفقته لو كان فقيرا فأولى أن يجب ذلك في ديته.

 فصل: 

في ميراث المفقود وهو نوعان أحدهما, الغالب من حاله الهلاك وهو من يفقد في مهلكة كالذي يفقد بين الصفين, وقد هلك جماعة أو في مركب انكسر فغرق بعض أهله, أو في مفازة يهلك فيها الناس أو يفقد من بين أهله أو يخرج لصلاة العشاء أو غيرها من الصلوات أو لحاجة قريبة, فلا يرجع ولا يعلم خبره فهذا ينتظر به أربع سنين, فإن لم يظهر له خبر قسم ماله واعتدت امرأته عدة الوفاة, وحلت للأزواج نص عليه الإمام أحمد وهذا اختيار أبي بكر وذكر القاضي أنه لا يقسم ماله حتى تمضى عدة الوفاة بعد الأربع سنين لأنه الوقت الذي يباح لامرأته التزوج فيه والأول أصح لأن العدة إنما تكون بعد الوفاة, فإذا حكم بوفاته فلا وجه للوقوف عن قسم ماله وإن مات للمفقود من يرثه قبل الحكم بوفاته وقف للمفقود نصيبه من ميراثه وما يشك في مستحقه, وقسم باقيه فإن بان حيا أخذه ورد الفضل إلى أهله, وإن علم أنه مات بعد موت موروثه دفع نصيبه مع ماله إلى ورثته وإن علم أنه كان ميتا حين موت موروثه رد الموقوف إلى ورثة الأول, وإن مضت المدة ولم يعلم خبره رد أيضا إلى ورثة الأول لأنه مشكوك في حياته حين موت موروثه, فلا نورثه مع الشك كالجنين الذي يسقط ميتا وكذلك إن علمنا أنه مات, ولم يدر متى مات ولم يفرق سائر أهل العلم بين هذه الصورة وبين سائر صور الفقدان فيما علمنا إلا أن مالكا والشافعي رضي الله عنهما, في القديم وافقا في الزوجة أنها تتزوج خاصة والأظهر من مذهبه مثل قول الباقين فأما ماله فاتفقوا على أنه لا يقسم حتى تمضى مدة لا يعيش في مثلها, على ما سنذكره في الصورة الأخرى -إن شاء الله تعالى- لأنه مفقود لا يتحقق موته فأشبه التاجر والسائح ولنا, اتفاق الصحابة رضي الله عنهم على تزويج امرأته على ما ذكرناه في العدد وإذا ثبت ذلك في النكاح مع الاحتياط للأبضاع ففي المال أولى ولأن الظاهر هلاكه, فأشبه ما لو مضت مدة لا يعيش في مثلها النوع الثاني من ليس الغالب هلاكه كالمسافر لتجارة, أو طلب علم أو سياحة ونحو ذلك, ولم يعلم خبره ففيه روايتان إحداهما لا يقسم ماله ولا تتزوج امرأته, حتى يتيقن موته أو يمضى عليه مدة لا يعيش مثلها وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم وهذا قول الشافعي رضي الله عنه ومحمد بن الحسن, وهو المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف لأن الأصل حياته, والتقدير لا يصار إليه إلا بتوقيف ولا توقيف ها هنا فوجب التوقف عنه والرواية الثانية, أنه ينتظر به تمام تسعين سنة مع سنة يوم فقد وهذا قول عبد الملك بن الماجشون لأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا وقال عبد الله بن عبد الحكم: ينتظر به إلى تمام سبعين سنة مع سنة يوم فقد ولعله يحتج بقول النبي --: (( أعمار أمتى ما بين السبعين والستين )) أو كما قال ولأن الغالب أنه لا يعيش أكثر من هذا فأشبه التسعين وقال الحسن بن زياد: ينتظر به تمام مائة وعشرين سنة قال: ولو فقد وهو ابن ستين سنة وله مال, لم يقسم ماله حتى يمضى عليه ستون سنة أخرى فيكون له مع سنة يوم فقد مائة وعشرون سنة فيقسم ماله حينئذ بين ورثته إن كانوا أحياء, وإن مات بعض ورثته قبل مضى مائة وعشرين وخلف ورثة لم يكن لهم شيء من مال المفقود وكان ماله للأحياء من ورثته, ويوقف للمفقود حصته من مال موروثه الذي مات في مدة الانتظار فإن مضت المدة ولم يعلم خبر المفقود رد الموقوف إلى ورثة موروث المفقود ولم يكن لورثة المفقود قال اللؤلؤى: وهذا قول أبي يوسف وحكى الخبرى عن اللؤلؤى أنه قال: إن الموقوف للمفقود, وإن لم يعلم خبره يكون لورثته قال: وهو الصحيح عندي والذي ذكرناه هو الذي حكاه ابن اللبان عن اللؤلؤى فقال: لو ماتت امرأة المفقود قبل تمام مائة وعشرين سنة بيوم, أو بعد فقده بيوم وتمت مائة وعشرون سنة لم تورث منه شيئا, ولم نورثه منها لأننا لا نعلم أيهما مات أولا وهذا قياس قول من قال في الغرقى: إنه لا يورث أحدهم من صاحبه ويرث كل واحد الأحياء من ورثته قال القاضي: هذا قياس قول أحمد واتفق الفقهاء على أنه لا يرث المفقود إلا الأحياء من ورثته يوم قسم ماله لا من مات قبل ذلك, ولو بيوم واختلفوا في من مات وفي ورثته مفقود فمذهب أحمد وأكثر الفقهاء على أنه يعطى كل وارث من ورثته اليقين ويوقف الباقي حتى يتبين أمره, أو تمضى مدة الانتظار فتعمل المسألة على أنه حي ثم على أنه ميت, وتضرب إحداهما في الأخرى إن تباينتا أو في وقفهما إن اتفقتا وتجتزئ إحداهما إن تماثلتا, أو بأكثرهما إن تناسبتا وتعطى كل واحد أقل النصيبين ومن لا يرث إلا من أحدهما لا تعطيه شيئا, وتقف الباقي ولهم أن يصطلحوا على ما زاد على نصيب المفقود واختاره ابن اللبان لأنه لا يخرج عنهم وأنكر ذلك الونى وقال: لا فائدة في أن ينقص بعض الورثة عما يستحقه في مسألة الحياة, وهي متيقنة ثم يقال له: لك أن تصالح على بعضه بل إن جاز ذلك فالأولى أن نقسم المسألة على تقدير الحياة, ونقف نصيب المفقود لا غير والأول أصح -إن شاء الله تعالى- فإن الزائد عن نصيب المفقود من الموقوف مشكوك في مستحقه ويقين الحياة معارض بظهور الموت, فينبغي أن يورث كالزائد عن اليقين في مسائل الحمل والاستهلال ويجوز للورثة الموجودين الصلح عليه لأنه حقهم لا يخرج عنهم, وإباحة الصلح عليه لا تمنع وجوب وقفه كما تقدم في نظائره ووجوب وقفه لا يمنع الصلح عليه لذلك, ولأن تجويز أخذ الإنسان حق غيره برضاه وصلحه لا يلزم منه جواز أخذه بغير إذنه وظاهر قول الونى هذا أن تقسم المسألة على أنه حي ويقف نصيبه لا غير وقال بعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه: يقسم المال على الموجودين لأنهم متحققون, والمفقود مشكوك فيه فلا يورث مع الشك وقال محمد بن الحسن: القول قول من المال في يده فلو مات رجل, وخلف ابنتيه وابن ابن أبوه مفقود, والمال في يد الابنتين فاختصموا إلى القاضي فإنه لا ينبغي للقاضي أن يحول المال عن موضعه, ولا يقف منه شيئا سواء اعترفت الابنتان بفقده أو ادعتا موته وإن كان المال في يد ابن المفقود, لم يعط الابنتان إلا النصف أقل ما يكون لهما وإن كان المال في يد أجنبى فأقر بأن الابن مفقود, وقف له النصف في يديه وإن قال الأجنبى: قد مات المفقود لزمه دفع الثلثين إلى البنتين, ويوقف الثلث إلا أن يقر ابن الابن بموت أبيه فيدفع إليه الباقي والجمهور على القول الأول ومن مسائل ذلك: زوج وأم وأخت وجد وأخ مفقود, مسألة الموت من سبعة وعشرين لأنها مسألة الأكدرية ومسألة الحياة من ثمانية عشر, وهما يتفقان بالأتساع فتضرب تسع إحداهما في الأخرى تكن أربعة وخمسين, للزوج النصف من مسألة الحياة والثلث من مسألة الموت فيعطى الثلث, وللأم التسعان من مسألة الموت والسدس من مسألة الحياة فتعطى السدس, وللجد ستة عشر سهما من مسألة الموت وتسعة من مسألة الحياة فيأخذ التسعة, وللأخت ثمانية من مسألة الموت وثلاثة من مسألة الحياة فتأخذ ثلاثة, ويبقى خمسة عشر موقوفة إن بان أن الأخ حي وأخذ ستة, وأخذ الزوج تسعة وإن بان ميتا أو مضت المدة قبل قدومه, أخذت الأم ثلاثة والأخت خمسة والجد سبعة واختار الخبرى أن المدة إذا مضت, ولم يتبين أمره أن يقسم نصيبه من الموقوف على ورثته فإنه كان محكوما بحياته لأنها اليقين, وإنما حكمنا بموته بمضى المدة ولنا أنه مال موقوف لمن ينتظر ممن لا يعلم حاله فإذا لم تتبين حياته, لم يكن لورثته كالموقوف للحمل وللمورثة أن يصطلحوا على التسعة قبل مضى المدة زوج وأبوان وابنتان مفقودتان مسألة حياتهما من خمسة عشر, وفي حياة إحداهما من ثلاثة عشر وفي موتهما من ستة فتضرب ثلث الستة في خمسة عشر, ثم في ثلاثة عشر تكن ثلاثمائة وتسعين ثم تعطى الزوج والأبوين حقوقهم من مسألة الحياة مضروبا في اثنين, ثم في ثلاثة عشر وتقف الباقي وإن كان في المسألة ثلاثة مفقودون عملت لهم أربع مسائل وإن كانوا أربعة عملت لهم مسائل وعلى هذا وإن كان المفقود يحجب ولا يرث, كزوج وأخت من أبوين وأخت من أب وأخ لها مفقود وقفت السبع بينهما وبين الزوج والأخت من الأبوين وقيل: لا يوقف ها هنا شيء وتعطى الأخت من الأب السبع لأنها لا تحجب بالشك, كما لا ترث بالشك والأول أصح لأن دفع السبع إليها توريث بالشك وليس في الوقف حجب يقينا إنما هو توقف عن صرف المال إلى إحدى الجهتين المشكوك فيها ويعارض قول هذا القائل قول من قال: إن اليقين حياته, فيعمل على أنه حي ويدفع المال إلى الزوج والأخت من الأبوين والتوسط بما ذكرناه أولى والله أعلم.

 فصل: 

والأسير كالمفقود إذا انقطع خبره وإن علمت حياته, ورث في قول الجمهور وحكى عن سعيد بن المسيب أنه لا يرث لأنه عبد وحكى ذلك عن النخعي, وقتادة والصحيح الأول والكفار لا يملكون الأحرار والله أعلم.

 فصل: 

في التزويج في المرض والصحة حكم النكاح في المرض والصحة سواء في صحة العقد وتوريث كل واحد منهما من صاحبه في قول الجمهور وبه قال أبو حنيفة, والشافعي رضي الله عنهما وقال مالك: أي الزوجين كان مريضا مرضا مخوفا حال عقد النكاح فالنكاح فاسد لا يتوارثان به إلا أن يصيبها فيكون لها المسمى في ثلاثة مقدما على الوصية وعن الزهري, ويحيى بن سعيد مثله واختلف أصحاب مالك في نكاح من لم يرث كالأمة والذمية فقال بعضهم: يصح لأنه لا يتهم بقصد توريثها ومنهم من أبطله لجواز أن تكون وارثة وقال ربيعة, وابن أبي ليلى: الصداق والميراث من الثلث وقال الأوزاعي: النكاح صحيح ولا ميراث بينهما وعن القاسم بن محمد والحسن: إن قصد الإضرار بورثته فالنكاح باطل, وإلا فهو صحيح ولنا أنه عقد معاوضة يصح في الصحة فيصح في المرض كالبيع, ولأنه نكاح صدر من أهله في محله بشرطه فيصح كحال الصحة وقد روينا أن عبد الرحمن بن أم الحكم تزوج في مرضه ثلاث نسوة, أصدق كل واحدة ألفا ليضيق بهن على امرأته ويشركنها في ميراثها فأجيز ذلك وإذا ثبت صحة النكاح, ثبت الميراث بعموم الآية.

 فصل: 

ولا فرق في ميراث الزوجين بين ما قبل الدخول وبعده لعموم الآية ولأن النبي -- قضى لبروع بنت واشق بالميراث وكان زوجها مات عنها قبل أن يدخل بها, ولم يفرض لها صداقا ولأن النكاح صحيح ثابت فيورث به كما بعد الدخول.

 فصل: 

فأما النكاح الفاسد, فلا يثبت به التوارث بين الزوجين لأنه ليس بنكاح شرعي وإذا اشتبه من نكاحها فاسد بمن نكاحها صحيح فالمنقول عن أحمد أنه قال في من تزوج أختين, لا يدرى أيتهما تزوج أول: فإنه يفرق بينهما وتوقف عن أن يقول في الصداق شيئا قال أبو بكر: يتوجه على قوله أن يقرع بينهما فعلى هذا الوجه يقرع بينهما في الميراث إذا مات عنهما وعن النخعي والشعبي ما يدل على أن المهر والميراث يقسم بينهن على حسب الدعاوى والتنزيل, كميراث الخناثى وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقال الشافعي رضي الله عنه: يوقف المشكوك فيه من ذلك حتى يصطلحن عليه أو يتبين الأمر فلو تزوج امرأة في عقد وأربعا في عقد, ثم مات وخلف أخا ولم يعلم أي العقدين سبق, ففي قول أبي حنيفة كل واحدة تدعى مهرا كاملا ينكره الأخ فتعطى كل واحدة نصف مهر, ويؤخذ ربع الباقي تدعيه الواحدة والأربع فيقسم للواحدة نصفه وللأربع نصفه وعند الشافعي رضي الله عنه أكثر ما يجب عليه أربعة مهور فيأخذ ذلك, يوقف منها مهر بين النساء الخمس ويبقى ثلاثة تدعى الواحدة ربعها ميراثا ويدعى الأخ ثلاثة أرباعها, فيوقف منها ثلاثة أرباع مهر بين النساء الخمس وباقيها وهو مهران وربع بين الأربع وبين الأخ ثم يؤخذ ربع ما بقي, فيوقف بين النساء الخمس والباقي للأخ وإن تزوج امرأة في عقد واثنتين في عقد وثلاثا في عقد, ولم يعلم السابق فالواحدة نكاحها صحيح فلها مهرها, ويبقى الشك في الخمس فعلى قول أهل العراق لهن مهران بيقين والثالث لهن في حال دون حال فيكون لهن نصفه, ثم يقسم ذلك بينهن لكل واحدة نصف مهر ثم يؤخذ ربع الباقي لهن ميراثا فللواحدة ربعه يقينا, وتدعى نصف سدسه فتعطى نصفه فيصير لها من الربع سدسه وثمنه, وذلك سبعة من أربعة وعشرين والاثنتان تدعيان ثلثيه وهو ستة عشر سهما, فيعطين نصفه وهو ثمانية أسهم والثلاث يدعين ثلاثة أرباعه, وهو ثمانية عشر سهما فيعطين تسعه هذا قول محمد بن الحسن وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف تقسم السبعة عشر بين الثلاث والاثنتين نصفين فيصير الربع من ثمانية وأربعين سهما, ثم تضرب الاثنين في الثلاث ثم في الثمانية والأربعين تكن مائتين وثمانية وثمانين, فهذا ربع المال وعند الشافعي رضي الله عنه تعطى الواحدة مهرها ويوقف ثلاثة مهور مهران منها بين الخمس ومهر تدعيه الواحدة, والاثنتان ربعه ميراثا وتدعيه الثلاث مهرا وثلاثة أرباعه تدعيه الأخرى ميراثا وتدعيه الثلاث مهرا ويؤخذ ربع ما بقي فيدفع ربعه إلى الواحدة, ونصف سدسه بين الواحدة والثلاث موقوف وثلثاه بين الثلاث والاثنتين موقوف فإن طلبت واحدة من الخمس شيئا من الميراث الموقوف, لم يدفع إليها شيء وكذلك إن طلبه أحد الفريقين لم يدفع إليه شيء وإن طلبت واحدة من الثلاث, وواحدة من الاثنتين دفع إليهما ربع الميراث وإن طلبته واحدة من الاثنتين واثنتان من الثلاث, أو الثلاث كلهن دفع إليهن ثلثه وإن عين الزوج المنكوحات أولا قبل تعيينه وثبت وإن وطئ واحدة منهن, لم يكن ذلك تعيينا لها وهذا قول الشافعي رضي الله عنه وللموطوءة الأقل من المسمى أو مهر المثل فيكون الفضل بينهما موقوفا وعلى قول أهل العراق يكون تعيينا, فإن كانت الموطوءة من الاثنتين صح نكاحها وبطل نكاح الثلاث, وإن كانت من الثلاث بطل نكاح الاثنتين وإن وطئ واحدة من الاثنتين وواحدة من الثلاث, صح نكاح الفريق المبدوء بوطء واحدة منه وللموطوءة التي لم يصح نكاحها مهر مثلها فإن أشكل أيضا أخذ منه اليقين, وهو مهران مسميان ومهر مثل ويبقى مهر مسمى تدعيه النسوة وينكره الأخ, فيقسم بينهما فيحصل للنسوة مهر مثل ومسميان ونصف منها مهر مسمى, ومهر مثل يقسم بين الموطوءتين نصفين ويبقى مسمى ونصف بين الثلاث الباقيات لكل واحدة نصف مسمى, والميراث على ما تقدم وعند الشافعي لا حكم للوطء في التعيين وهل يقوم تعيين الوارث مقام تعيين الزوج؟ فيه قولان فعلى قوله, يؤخذ مسمى ومهر مثل للموطوءتين تعطى كل واحدة الأقل من المسمى أو مهر المثل ويقف الفضل بينهما, ويبقى مسميان ونصف يقف أحدهما بين الثلاث اللاتى لم يوطأن وآخر بين الثلاث والاثنتين, والميراث على ما تقدم وحكى عن الشعبي والنخعي في من له أربع نسوة أبت طلاق إحداهن ثم نكح خامسة, ومات ولم يدر أيتهن طلق فللخامسة ربع الميراث وللأربع ثلاثة أرباعه بينهن وهذا مذهب أبي حنيفة إذا كان نكاح الخامسة بعد انقضاء عدة المطلقة ولو أنه قال بعد نكاح الخامسة: إحدى نسائى طالق ثم نكح سادسة, ثم مات قبل أن يبين فللسادسة ربع الميراث وللخامسة ربع ثلاثة أرباع الباقي, وما بقي بين الأربع الأول أرباعا وفي قول الشافعي رضي الله عنه ما أشكل من ذلك موقوف على ما تقدم. فصل في الطلاق: إذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك رجعتها في عدتها لم يسقط التوارث بينهما ما دامت في العدة, سواء كان في المرض أو الصحة بغير خلاف نعلمه وروى ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان, وعلى وابن مسعود رضي الله عنهم وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ويملك إمساكها بالرجعة بغير رضاها ولا ولى ولا شهود ولا صداق جديد, وإن طلقها في الصحة طلاقا بائنا أو رجعيا فبانت بانقضاء عدتها لم يتوارثا إجماعا وإن كان الطلاق في المرض المخوف, ثم مات من مرضه ذلك في عدتها ورثته ولم يرثها إن ماتت يروى هذا عن عمر وعثمان رضي الله عنهما وبه قال عروة, وشريح والحسن والشعبي, والنخعي والثوري وأبو حنيفة في أهل العراق, ومالك في أهل المدينة وابن أبي ليلى وهو قول الشافعي رضي الله عنه في القديم وروى عن عتبة بن عبد الله بن الزبير: لا ترث مبتوتة وروى ذلك عن على وعبد الرحمن بن عوف وهو قول الشافعي الجديد لأنها بائن, فلا ترث كالبائن في الصحة أو كما لو كان الطلاق باختيارها, ولأن أسباب الميراث محصورة في رحم ونكاح وولاء وليس لها شيء من هذه الأسباب ولنا أن عثمان رضي الله عنه ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف, وكان طلقها في مرضه فبتها واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا ولم يثبت عن على ولا عبد الرحمن خلاف في هذا بل قد روى عروة عن عثمان أنه قال لعبد الرحمن: لئن مت لأورثنها منك قال: قد علمت ذلك وما روى عن ابن الزبير إن صح, فهو مسبوق بالإجماع ولأن هذا قصد قصدا فاسدا في الميراث فعورض بنقيض قصده كالقاتل القاصد استعجال الميراث يعاقب بحرمانه إذا ثبت هذا, فالمشهور عن أحمد أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج قال أبو بكر: لا يختلف قول أبي عبد الله في المدخول بها إذا طلقها المريض أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج روى ذلك عن الحسن وهو قول البتي, وحميد وابن أبي ليلى وبعض البصريين, وأصحاب الحسن ومالك في أهل المدينة وذكر عن أبي بن كعب لما روى أبو سلمة بن عبد الرحمن, أن أباه طلق أمه وهو مريض فمات فورثته بعد انقضاء العدة ولأن سبب توريثها فراره من ميراثها, وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة وروى عن أحمد ما يدل على أنها لا ترث بعد العدة فإنه قال في رواية الأثرم: يلزم من قال: له أن يتزوج أربعا قبل انقضاء عدة مطلقاته أنه لو طلق أربع نسوة في مرضه ثم تزوج أربعا, ثم مات من مرضه ذلك أن الثماني يرثنه كلهن فيكون مسلما يرثه ثمان نسوة وهذا القول يلزم منه توريث ثمان, وتوريثها بعد العدة يلزم منه ذلك ولأنه قال في المطلقة قبل الدخول: لا ترث لأنها لا عدة لها وهذه كذلك فلا ترث وهذا قول عروة وأبي حنيفة وأصحابه, وقول الشافعي القديم لأنها تباح لزوج آخر فلم ترثه كما لو كان في الصحة, ولأن توريثها بعد العدة يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة فلم يجز ذلك كما لو تزوجت, وإن تزوجت المبتوتة لم ترثه سواء كانت في الزوجية أو بانت من الزوج الثاني هذا قول أكثر أهل العلم وقال مالك في أهل المدينة: ترثه لما ذكرنا للرواية الأولى ولأنها شخص يرث مع انتفاء الزوجية, فورث معها كسائر الوارثين ولنا أن هذه وارثة من زوج, فلا ترث زوجا سواه كسائر الزوجات ولأن التوارث من حكم النكاح, فلا يجوز اجتماعه مع نكاح آخر كالعدة ولأنها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الأول لها, فأشبه ما لو كان فسخ النكاح من قبلها

 فصل: 

ولو صح من مرضه ذلك ثم مات بعده لم ترثه, في قول الجمهور وروى عن النخعي والشعبي والثوري وزفر أنها ترثه لأنه طلاق مرض قصد به الفرار من الميراث فلم يمنعه, كما لو لم يصح ولنا أن هذه بائن بطلاق في غير مرض الموت فلم ترثه, كالمطلقة في الصحة ولأن حكم هذا المرض حكم الصحة في العطايا والإعتاق والإقرار فكذلك في الطلاق وما ذكروه يبطل بما إذا قصد الفرار بالطلاق في صحته.

 فصل: 

ولو طلق امرأته ثلاثا في مرضه قبل الدخول بها, فقال أبو بكر: فيها أربع روايات إحداهن لها الصداق كاملا والميراث وعليها العدة اختارها أبو بكر وهو قول الحسن, وعطاء وأبي عبيد لأن الميراث ثبت للمدخول بها لفراره منه وهذا فار, وإذا ثبت الميراث ثبت وجوب العدة وتكميل الصداق وينبغي أن تكون العدة عدة الوفاة لأنا جعلناها في حكم من توفي عنها وهي زوجة, ولأن الطلاق لا يوجب عدة على غير مدخول بها الثانية لها الميراث والصداق ولا عدة عليها وهو قول عطاء لأن العدة حق عليها, فلا يجب بفراره والثالثة لها الميراث ونصف الصداق وعليها العدة وهذا قول مالك, في رواية أبي عبيد عنه لأن من ترث يجب أن تعتد ولا يكمل الصداق لأن الله تعالى نص على تنصيفه بالطلاق قبل المسيس ولا تجوز مخالفته والرابعة, لا ميراث لها ولا عدة عليها ولها نصف الصداق وهو قول جابر بن زيد, والنخعي وأبي حنيفة والشافعي, وأكثر أهل العلم قال أحمد: قال جابر بن زيد: لا ميراث لها ولا عدة عليها وقال الحسن: ترث قال أحمد: أذهب إلى قول جابر وذلك لأن الله تعالى نص على تنصيف الصداق ونفي العدة عن المطلقة قبل الدخول بقوله تعالى: (( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم )) وقال تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها )) ولا يجوز مخالفة نص الكتاب بالرأي والتحكم وأما الميراث, فإنها ليست بزوجة ولا معتدة من نكاح فأشبهت المطلقة في الصحة والله أعلم ولو خلا بها وقال: لما أطأها وصدقته, فلها الميراث وعليها العدة للوفاة ويكمل لها الصداق لأن الخلوة تكفي في ثبوت هذه الأحكام وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه.

 فصل: 

ولو طلق المدخول بها طلاقا رجعيا ثم مرض في عدتها, ومات بعد انقضائها لم ترثه لأنه طلاق صحة وإن طلقها واحدة في صحته وأبانها في مرضه, ثم مات بعد انقضاء عدتها فحكمها حكم ما لو ابتدأ طلاقها في مرضه لأنه فر من ميراثها وإن طلقها واحدة في صحته وأخرى في مرضه, ولم يبنها حتى بانت بانقضاء عدتها لم ترث لأن طلاق المرض لم يقطع ميراثها ولم يؤثر في بينونتها.

 فصل: 

وإن طلقها ثلاثا في مرضه, فارتدت ثم أسلمت ثم مات في عدتها ففيه وجهان أحدهما, ترثه وهو قول مالك لأنها مطلقة في المرض أشبه ما لو لم ترتد والثاني لا ترثه وهو قول أبي حنيفة, والشافعي لأنها فعلت ما ينافي النكاح أشبه ما لو تزوجت ولو كان هو المرتد ثم أسلم ومات, ورثته وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وقال الشافعي رضي الله عنه: لا ترثه ولنا أنها مطلقة في المرض, لم تفعل ما ينافي نكاحها مات زوجها في عدتها فأشبه ما لو لم ترتد ولو ارتد أحد الزوجين بعد الدخول من غير طلاق, ثم عاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدة ورثه الآخر لأن النكاح باق فإن انقضت العدة قبل رجوعه انفسخ النكاح, ولم يرث أحدهما الآخر وإن قلنا: إن الفرقة تتعجل عند اختلاف الدين لم يرث أحدهما الآخر ويتخرج أن يرثه الآخر إذا كان ذلك في مرض موته لأنه تحصل به البينونة فأشبه الطلاق وهو قول مالك قال أبو حنيفة وأصحابه: إذا ارتدت المرأة, ثم ماتت في عدتها ورثها الزوج.

 فصل: 

إذا طلق المسلم المريض زوجته الأمة والذمية طلاقا بائنا ثم أسلمت الذمية, وعتقت الأمة ثم مات في عدتهما لم ترثاه لأنه لم يكن عند الطلاق فارا وإن قال لهما في المرض: إذا عتقت أنت أو أسلمت أنت, فأنتما طالقتان فعتقت الأمة وأسلمت الذمية ومات, ورثتاه لأنه فار فإن قال لهما: أنتما طالقتان غدا فعتقت الأمة وأسلمت الذمية لم ترثاه لأنه غير فار وإن قال سيد الأمة: أنت حرة غدا وقال الزوج: أنت طالق غدا وهو يعلم بقول السيد ورثته لأنه فار وإن لم يعلم, لم ترثه لعدم الفرار وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ولم أعلم لهم مخالفا.

 فصل: 

وإذا قال لامرأته في صحته: إذا مرضت فأنت طالق فحكمه حكم طلاق المرض سواء فإن أقر في مرضه أنه كان طلقها في صحته ثلاثا لم يقبل إقراره عليها, وكان حكمه حكم طلاقه في مرضه وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وقال الشافعي رضي الله عنه: يقبل إقراره ولنا أنه إقرار بما يبطل به حق غيره, فلم يقبل كما لو أقر بمالها.

 فصل: 

وإن سألته الطلاق في مرضه فأجابها, فقال القاضي: فيه روايتان إحداهما لا ترثه لأنه ليس بفار والثانية ترثه لأنه طلقها في مرضه وهو قول مالك وكذلك الحكم إن خالعها, أو علق الطلاق على مشيئتها فشاءت أو على فعل من جهتها لها منه بد ففعلته أو خيرها فاختارت نفسها والصحيح في هذا كله أنها لا ترثه لأنه لا فرار منه وهذا قول أبي حنيفة, والشافعي وإن لم تعلم بتعليق طلاقها ففعلت ما علق عليه ورثته لأنها معذورة فيه ولو سألته طلقة, فطلقها ثلاثا ورثته لأنه أبانها بما لم تطلبه منه وإن علق طلاقها على فعل لا بد لها منه كصلاة مكتوبة, وصيام واجب في وقته ففعلته فحكمه حكم طلاقها ابتداء, في قولهم جميعا وكذلك إن علقه على كلامها لأبويها أو لأحدهما وإن قال في مرضه أنت طالق إن قدم زيد ونحوه مما ليس من فعلها ولا فعله فوجد الشرط فطلقت به ورثته.

 فصل: 

فإن علق طلاقها في الصحة على شرط وجد في المرض, كقدوم زيد ومجيء غد وصلاتها الفرض, بانت ولم ترث لأن اليمين كانت في الصحة وذكر القاضي رواية أخرى أنها ترث وهو قول مالك لأن الطلاق وقع في المرض والأول أصح وإن علقه على فعل نفسه, ففعله في المرض ورثته لأنه أوقع الطلاق بها في المرض فأشبه ما لو كان التعليق في المرض ولو قال في الصحة: أنت طالق إن لم أضرب غلامى فلم يضربه حتى مات ورثته وإن ماتت, لم يرثها وإن مات الغلام والزوج مريض طلقت وكان كتعليقه على مجيء زيد أيضا وكذلك إن قال: إن لم أوفك مهرك فأنت طالق وإن ادعى الزوج أنه وفاها مهرها فأنكرته, صدق الزوج في توريثه منها لأن الأصل بقاء النكاح ولم تصدق في براءته منه لأن الأصل بقاؤه في ذمته ولو قال لها في الصحة: أنت طالق إن لم أتزوج عليك فكذلك نص عليه أحمد وهو قول الحسن ولو قذف المريض امرأته ثم لاعنها في مرض, فبانت منه ثم مات في مرضه ورثته وإن ماتت لم يرثها وإن قذفها في صحته, ولاعنها في مرضه ومات فيه لم ترثه نص عليه أحمد وهو قول الشافعي, واللؤلؤى وذكر القاضي رواية أخرى أنها ترث وهو قول أبي يوسف وإن آلى منها في مرضه ثم صح, ثم نكس في مرضه فبانت بالإيلاء لم ترثه.

 فصل: 

وإذا استكره الابن امرأة أبيه على ما ينفسخ به نكاحها, من وطء أو غيره في مرض أبيه فمات أبوه من مرضه ذلك, ورثته ولم يرثها إن ماتت وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه فإن طاوعته على ذلك لم ترث لأنها مشاركة فيما ينفسخ به نكاحها, فأشبه ما لو خالعته وسواء كان للميت بنون سوى هذا الابن أو لم يكن فإذا انتفت التهمة عنه بأن يكون غير وارث, كالكافر والقاتل والرقيق أو كان ابنا من الرضاعة أو ابن ابن محجوب بابن للميت, أو بأبوين أو ابنين أو كان للميت امرأة أخرى تجوز ميراث الزوجات, لم ترث لانتفاء التهمة ولو صار ابن الابن وارثا بعد ذلك لم يرث لانتفاء التهمة حال الوطء ولو كان حال الوطء وارثا فعاد محجوبا عن الميراث لورثت لوجود التهمة حين الوطء ولو كان للمريض امرأتان, فاستكره ابنه إحداهما لم ترثه لانتفاء التهمة عنه لكون ميراثها لا يرجع إليه ولو استكره الثانية بعدها, لورثت الثانية لأنه متهم في حقها ولو استكرههما معا دفعة واحدة, ورثتا جميعا وهذا كله قول أبي حنيفة وأصحابه وأما الشافعي رضي الله عنه فإنه لا يرى فسخ النكاح بالوطء الحرام وكذلك الحكم فيما إذا وطئ المريض من ينفسخ نكاحه بوطئها كأم امرأته أو ابنتها فإن امرأته تبين منه, وترثه إذا مات في مرضه ولا يرثها وسواء طاوعته الموطوءة أو أكرهها, فإن مطاوعتها ليس للمرأة فيه فعل يسقط به ميراثها فإن كان زائل العقل حين الوطء لم ترث امرأته منه شيئا لأنه ليس قصد صحيح فلا يكون فارا من ميراثها وكذلك لو وطئ ابنه امرأته مستكرها لها وهو زائل العقل, لم ترث لذلك فإن كان صبيا عاقلا ورثت لأن له قصدا صحيحا وقال أبو حنيفة: هو كالمجنون لأن قوله لا عبرة به وكذلك الحكم فيما إذا وطئ ابنة امرأته أو أمها وللشافعي في وطء الصبى بنت امرأته أو أمها قولان أحدهما لا ينفسخ به نكاح امرأته لأنه لا يحرم والثاني, أن امرأته تبين بذلك ولا ترثه ولا يرثها وفي القبلة والمباشرة دون الفرج روايتان إحداهما تنشر الحرمة وهو قول أبي حنيفة وأصحابه لأنها مباشرة تحرم في غير النكاح والملك فأشبهت الوطء والثانية, لا تنشرها لأنها ليست بسبب للبعضية فلا تنشر الحرمة, كالنظر والخلوة وخرج أصحابنا في النظر إلى الفرج والخلوة لشهوة وجها أنه ينشر الحرمة.

 فصل: 

وإن فعلت المريضة ما يفسخ نكاحها كرضاع امرأة صغيرة لزوجها أو رضاع زوجها الصغير, أو ارتدت أو نحو ذلك فماتت في مرضها, ورثها الزوج ولم ترثه وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي رضي الله عنه: لا يرثها ولنا أنها أحد الزوجين فر من ميراث الآخر فأشبه الرجل وإن أعتقت, فاختارت نفسها أو كان الزوج عنينا فأجل سنة ولم يصبها حتى مرضت في آخر الحول, فاختارت فرقته وفرق بينهما لم يتوارثا في قولهم أجمعين ذكره ابن اللبان في " كتابه " وذكر القاضي في المعتقة إذا اختارت نفسها في مرضها, لم يرثها وذلك لأن فسخ النكاح في هذين الموضعين لدفع الضرر لا للفرار من الميراث وإن قبلت ابن زوجها لشهوة خرج فيه وجهان أحدهما, ينفسخ نكاحها ويرثها إذا كانت مريضة وماتت في عدتها وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه والثاني لا ينفسخ النكاح به وهو قول الشافعي رضي الله عنه ولو أن رجلا زوج ابنة أخيه وهي صغيرة, ثم بلغت ففسخت النكاح في مرضها لم يرثها الزوج بغير خلاف نعلمه لأن النكاح من أصله غير صحيح في صحيح المذهب, وهو قول الشافعي رضي الله عنه وروى عن أحمد ما يدل على صحته ولها الخيار وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه إلا أن الفسخ لإزالة الضرر لا من أجل الفرار, فلم يرثها كما لو فسخت المعتقة نكاحها والله أعلم.

 فصل: 

إذا طلق المريض امرأته ثم نكح أخرى, ومات من مرضه في عدة المطلقة ورثتاه جميعا هذا قول أبي حنيفة وأهل العراق وأحد قولي الشافعي رضي الله عنه والقول الآخر, لا ترث المبتوتة فيكون الميراث كله للثانية وقال مالك الميراث كله للمطلقة لأن نكاح المريض عنده غير صحيح وجعل بعض أصحابنا فيها وجها أن الميراث كله للمطلقة لأنها ترث منه ما كانت ترث قبل طلاقها, وهو جميع الميراث فكذلك بعده وليس هذا بصحيح فإنها إنما ترث ما كانت ترث لو لم يطلقها, ولو لم يطلقها وتزوج عليها لم ترث إلا نصف ميراث الزوجات فكذلك إذا طلقها فعلى هذا لو تزوج ثلاثا في مرضه, فليس للمطلقة إلا ربع ميراث الزوجات ولكل واحدة من الزوجات ربعه وإن مات بعد انقضاء عدة المطلقة فالميراث للزوجات, في إحدى الروايتين وهو قول الشافعي رضي الله عنه وأبي حنيفة وأصحابه والرواية الأخرى أن الميراث للأربع وعند مالك الميراث كله للمطلقة وإن كان له أربع نسوة فطلق إحداهن ثلاثا في مرضه, ثم نكح أخرى في عدة المطلقة أو طلق امرأة واحدة ونكح أختها في عدتها, ومات في عدتها فالنكاح باطل والميراث بين المطلقة وباقى الزوجات الأوائل وهذا قول أبي حنيفة, ومالك وقال الشافعي رضي الله عنه: النكاح صحيح والميراث للجديدة مع باقى المنكوحات دون المطلقة ويجيء على قوله القديم وجهان أحدهما أن يكون الميراث بين المطلقة وباقى الزوجات, كقول الجمهور ولا شيء للمنكوحة والثاني أن يكون بينهن على خمسة, لكل واحدة منهن خمسه فإن مات بعد انقضاء عدة المطلقة ففي ميراثها روايتان إحداهما لا ميراث لها, فيكون الميراث لباقى الزوجات وهو قول أبي حنيفة وأهل العراق والثانية ترث معهن ولا شيء للمنكوحة وقال الشافعي رضي الله عنه: الميراث للمنكوحات كلهن ولا شيء للمطلقة وإن تزوج الخامسة بعد انقضاء عدة المطلقة, صح نكاحها وهل ترث المطلقة؟ على روايتين إحداهما لا ترث وهو ظاهر كلام أحمد لأنه قال: يلزم من قال: يصح النكاح في العدة أن يرث ثمان نسوة وأن يرثه أختان, فيكون مسلم يرثه ثمان نسوة أو أختان وتوريث المطلقات بعد العدة يلزم منه هذا أو حرمان الزوجات المنصوص على ميراثهن, فيكون منكرا له غير قائل به فعلى هذا يكون الميراث للزوجات دون المطلقة والرواية الثانية ترث المطلقة فيخرج فيه وجهان أحدهما يكون الميراث بين الخمس والثاني, يكون للمطلقة والمنكوحات الأوائل دون الجديدة لأن المريض ممنوع من أن يحرمهن ميراثهن بالطلاق فكذلك يمنع من تنقيصهن منه وكلا الوجهين بعيد أما أحدهما فيرده نص الكتاب على توريث الزوجات, فلا يجوز مخالفته بغير نص ولا إجماع ولا قياس على صورة مخصوصة من النص في معناه وأما الآخر فلأن الله تعالى لم يبح نكاح أكثر من أربع ولا الجمع بين الأختين فلا يجوز أن يجتمعن في ميراثه بالزوجية وعلى هذا لو طلق أربعا في مرضه, وانقضت عدتهن ونكح أربعا سواهن ثم مات من مرضه, فعلى الأول ترثه المنكوحات دون المطلقات وعلى الثاني يكون فيه وجهان أحدهما أن الميراث كله للمطلقات وعلى الثاني هو بين الثمان وقال مالك: الميراث للمطلقات ولا شيء للمنكوحات لأن نكاحهن غير صحيح عنده وإن صح من مرضه, فتزوج أربعا في صحته ثم مات فالميراث لهن في قول الجمهور ولا شيء للمطلقات في قول مالك ومن وافقه وكذلك إن تزوجت المطلقات لم يرثن شيئا إلا في قوله وقول من وافقه ولو طلق أربعا بعد دخوله بهن ثلاثا في مرضه, وقال: قد أخبرنني بانقضاء عدتهن فكذبنه فله أن ينكح أربعا سواهن إذا كان ذلك في مدة يمكن انقضاء العدة فيها ولا يقبل قوله عليهن في حرمان الميراث وهذا قول أبي حنيفة, وأبي يوسف واللؤلؤى إذا كان بعد أربعة أشهر وقال زفر: لا يجوز له التزويج أيضا والأول أصح لأن هذا حكم فيما بينه وبين الله تعالى لا حق لهن فيه, فقبل قوله فيه فعلى هذا إن تزوج أربعا في عقد واحد ثم مات ورثه المطلقات دون المنكوحات, إلا أن يمتن قبله فيكون الميراث للمنكوحات وإن أقررن بانقضاء عدتهن وقلنا: الميراث لهن بعد انقضاء العدة فالميراث للمنكوحات أيضا وإن مات منهن ثلاث, فالميراث للباقية وإن مات منهن واحدة ومن المنكوحات واحدة أو اثنتان أو مات من المطلقات اثنتان, ومن المنكوحات واحدة فالميراث لباقى المطلقات وإن مات من المطلقات واحدة ومن المنكوحات ثلاث أو من المطلقات اثنتان, ومن المنكوحات اثنتان أو من المطلقات ثلاث ومن المنكوحات واحدة فالميراث بين البواقى من المطلقات والمنكوحات معا لأنه لو استأنف العقد على الباقيات من الجميع, جاز فكان صحيحا وإن تزوج المنكوحات في أربعة عقود فمات من المطلقات واحدة ورثت مكانها الأولى من المنكوحات وإن مات اثنتان ورثت الأولى والثانية وإن مات ثلاث, ورثت الأولى والثانية والثالثة من المنكوحات مع من بقي من المطلقات وهذا على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف واللؤلؤى وأما زفر فلا يرى صحة نكاح المنكوحات حتى يصدقه المطلقات وأما الشافعي رضي الله عنه فيباح عنده التزويج في عدة المطلقات فعلى قوله إذا طلق أربعا, ونكح أربعا في عقد أو عقود ثم مات من مرضه فالميراث للمنكوحات وعلى قوله القديم يخرج فيه وجهان أحدهما, أن الميراث بين الثمان والثاني أن الميراث للمطلقات دون المنكوحات فإن مات بعض المطلقات أو انقضت عدتهن فللمنكوحات ميراث الميتات وإن ماتت واحدة فللزوجات ربع ميراث النساء وإن ماتت اثنتان فللزوجات نصف الميراث فإن مات ثلاث, فلهن ثلاثة أرباع الميراث إن كان نكاحهن في عقد واحد وإن كان في عقود متفرقة فإذا ماتت واحدة من المطلقات فميراثها للأولى من المنكوحات, وميراث الثانية للثانية وميراث الثالثة للثالثة.

 فصل: 

إذا قال الرجل لنسائه: إحداكن طالق يعني واحدة بعينها طلقت وحدها, ويرجع إلى تعيينه ويؤخذ بنفقتهن كلهن إلى أن تعين وإن كان الطلاق بائنا منع منهن إلى أن يعين فإن قال: أردت هذه طلقت وحدها وإن قال: لم أرد هؤلاء الثلاث طلقت الرابعة وإن, عاد فقال: أخطأت إنما أردت هذه طلقت الأخرى وإن متن أو إحداهن قبل أن يبين رجع إلى قوله, فمن أقر بطلاقها حرمناه ميراثها وأحلفناه لورثة من لم يعينها وهذا قول الشافعي رضي الله عنه وإن لم يعن بذلك واحدة بعينها, أو مات قبل التعيين أخرجت بالقرعة وكذلك إن طلق واحدة من نسائه, بعينها فأنسيها فمات, أخرجت بالقرعة فمن تقع عليها القرعة فلا ميراث لها روى ذلك عن على رضي الله عنه وهو قول أبي ثور وروى عطاء عن ابن عباس, أن رجلا سأله فقال: إن لي ثلاث نسوة وإني طلقت إحداهن فبتت طلاقها فقال ابن عباس رضي الله عنه: إن كنت نويت واحدة منهن بعينها ثم أنسيتها, فقد اشتركن في الطلاق وإن لم تكن نويت واحدة بعينها فطلق أيتهن شئت وقال الشافعي رضي الله عنه وأهل العراق: يرجع إلى تعيينه في المسائل كلها فإن وطئ إحداهن كان تعيينا لها بالنكاح, في قول أهل العراق وبعض أصحاب الشافعي رضي الله عنه وقال الشافعي: لا يكون تعيينا فإن مات قبل أن يبين فالميراث بينهن كلهن في قول أهل العراق وقال مالك: يطلقن كلهن, ولا ميراث لهن وقال الشافعي: رضي الله عنه يوقف ميراثهن وإن كان الطلاق قبل الدخول دفع إلى كل واحدة نصف مهر ووقف الباقي في مهورهن وقال داود: يبطل حكم طلاقهن لموضع الجهالة, ولكل واحدة مهر كامل والميراث بينهن وإن متن قبله طلقت الآخرة, في قول أهل العراق وقال الشافعي: رضي الله عنه يرجع إلى تعيينه على ما ذكرناه ولنا قول علي, رضي الله عنه ولا يعارضه قول ابن عباس لأن ابن عباس يعترف لعلى بتقديم قوله فإنه قال: إذا ثبت لنا عن على قول لم نعده إلى غيره وقال: ما علمى إلى علم علي, إلا كالقرارة إلى المثعنجر ولأنه إزالة ملك عن الآدمي فتستعمل فيه القرعة عند الاشتباه كالعتق وقد بينت ذلك في العتق بخبر عمران بن الحصين ولأن الحقوق تساوت على وجه تعذر تعيين المستحق فيه من غير قرعة, فينبغي أن تستعمل فيه القرعة كالقسمة في السفر بين النساء فأما قسم الميراث بين الجميع, ففيه دفع إلى إحداهن ما لا تستحقه وتنقيص بعضهن حقها يقينا والوقف إلى غير غاية تضييع لحقوقهن, وحرمان الجميع منع الحق عن صاحبه يقينا ولو كان له امرأتان فطلق إحداهما ثم ماتت إحداهما, ثم مات أقرع بينهما فمن وقعت عليها قرعة الطلاق لم يرثها إن كانت الميتة ولم ترثه إن كانت الأخرى وفي قول أهل العراق: يرث الأولى, ولا ترثه الأخرى وللشافعي قولان أحدهما يرجع إلى تعيين الوارث, فإن قال: طلق الميتة لم يرثها وورثته الحية وإن قال: طلق الحية حلف على ذلك وأخذ ميراث الميتة, ولم تورث الحية والقول الثاني يوقف من مال الميتة ميراث الزوج ومن مال الزوج ميراث الحية وإن كان له امرأتان قد دخل بإحداهما دون الأخرى, وطلق إحداهما لا بعينها فمن خرجت لها القرعة فلها حكم الطلاق وللأخرى حكم الزوجية وقال أهل العراق: للمدخول بها ثلاثة أرباع الميراث إن مات في عدتها, وللأخرى ربعه لأن للمدخول بها نصفه بيقين والنصف الآخر يتداعيانه فيكون بينهما وفي قول الشافعي: النصف للمدخول بها, والثاني موقوف وإن كانتا مدخولا بهما فقال في مرضه: أردت هذه ثم مات في عدتها لم يقبل قوله لأن الإقرار بالطلاق في المرض كالطلاق فيه وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال زفر: يقبل قوله, والميراث للأخرى وهو قياس قول الشافعي ولو كان للمريض امرأة أخرى سوى هاتين فلها نصف الميراث وللاثنتين نصفه وفي قول الشافعي نصفه موقوف.

 فصل: 

ولو كان أربع نسوة, فطلق إحداهن غير معينة ثم نكح خامسة بعد انقضاء عدتها ثم مات ولم يبين, فللخامسة ربع الميراث والمهر ويقرع بين الأربع وقال أهل العراق: لهن ثلاثة أرباع الميراث بينهن وإن كن غير مدخول بهن فلهن ثلاثة مهور ونصف وفي قول الشافعي, يوقف ثلاثة أرباع الميراث ومهر ونصف بين الأربع فإن جاءت واحدة تطلب ميراثها لم تعط شيئا وإن طلبه اثنتان دفع إليهما ربع الميراث, وإن طلبه ثلاث دفع إليهن نصفه وإن طلبه الأربع دفع إليهن ولو قال بعد نكاح الخامسة: إحداكن طالق فعلى قولهم للخامسة ربع الميراث لأنها شريكة ثلاث, وباقيه بين الأربع كالأولى وللخامسة سبعة أثمان مهر لأن الطلاق نقصها وثلاثا معها نصف مهر ويبقى للأربع ثلاثة وثمن بينهن, في قول أهل العراق فإن تزوج بعد ذلك سادسة فلها ربع الميراث ومهر كامل وللخامسة ربع ما بقي وسبعة أثمان مهر, وللأربع ما بقي وثلاثة مهور وثمن ويكون الربع مقسوما على أربعة وستين فإن قال بعد ذلك: إحداكن طالق لم يختلف الميراث ولكن تختلف المهور فللسادسة سبعة أثمان مهر, وللخامسة خمسة وعشرون جزءا من اثنين وثلاثين من مهر ويبقى للأربع مهران وسبعة وعشرون جزءا من مهر وعند الشافعي يوقف ربع الميراث بين الست وربع آخر بين الخمس وباقيه بين الأربع, ويوقف نصف مهر بين الست ونصف بين الخمس ونصف بين الأربع, ويدفع إلى كل واحدة نصف.

 باب الاشتراك في الطهر 

إذا وطئ رجلان امرأة في طهر واحد وطئا يلحق النسب من مثله فأتت بولد يمكن أن يكون منهما: مثل أن يطأ الشريكان جاريتهما المشتركة أو يطأ الإنسان جاريته ثم يبيعها قبل أن يستبرئها, فيطؤها المشترى قبل استبرائها أو يطؤها رجلان بشبهة أو يطلق رجل امرأته فيتزوجها غيره في عدتها ويطأها أو يطأ إنسان جارية آخر أو امرأته بشبهة في الطهر الذي وطئها فيه سيدها أو زوجها ثم تأتى بولد يمكن أن يكون منهما, فإنه يرى القافة معهما وهذا قول عطاء ومالك والليث, والأوزاعي والشافعي وأبي ثور, فإن ألحقته بأحدهما لحق به وإن نفته عن أحدهما, لحق الآخر وسواء ادعياه أو لم يدعياه, أو ادعاه أحدهما وأنكره الآخر وإن ألحقته القافة بهما لحقهما وكان ابنهما وهذا قول الأوزاعي, والثوري وأبي ثور ورواه بعض أصحاب مالك عنه وقال مالك: لا يرى ولد الحرة للقافة بل يكون لصاحب الفراش الصحيح دون الواطئ بشبهة وقال الشافعي: لا يلحق بأكثر من واحد, فإن ألحقته القافة بأكثر من واحد كان بمنزلة أن لا يوجد قافة ومتى لم يوجد قافة أو أشكل عليها, أو اختلف القائفان في نسبه فقال أبو بكر: يضيع نسبه ولا حكم لاختياره, ويبقى على الجهالة أبدا وهو قول مالك وقال ابن حامد: يترك حتى يبلغ فينتسب إلى أحدهما وهو قول الشافعي الجديد وقال في القديم: يترك حتى يميز وذلك لسبع أو ثمان فينتسب إلى أحدهما, ونفقته عليهما إلى أن ينتسب إلى أحدهما فيرجع الآخر عليه بما أنفق وإذا ادعى اللقيط, اثنان أرى القافة معهما وإن مات الولد المدعى في هذه المواضع قبل أن يرى القافة وله ولد, أرى ولده القافة مع المدعين ولو مات الرجلان أرى القافة مع عصبتهما وإن ادعاه أكثر من اثنين فألحقته القافة بهم لحق وقد نص أحمد على أنه يلحق بثلاثة, ومقتضى هذا أن يلحق بهم وإن كثروا وقال القاضي: لا يلحق بأكثر من ثلاثة وهو قول محمد بن الحسن وروى عن أبي يوسف وقال ابن حامد: لا يلحق بأكثر من اثنين وروى أيضا عن أبي يوسف وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وشريك, ويحيى بن آدم: لا حكم للقافة بل إذا سبق أحدهما بالدعوى فهو ابنه فإن ادعياه معا, فهو ابنهما وكذلك إن كثر الواطئون وادعوه معا فإنه يكون لهم جميعا وروى عن على رضي الله عنه أنه قضى في ذلك بالقرعة واليمين وبه قال ابن أبي ليلى وإسحاق وعن أحمد نحوه إذا عدمت القافة وقد ذكرنا أكثر هذه المسائل مشروحة مدلولا عليها في مواضعها, والغرض ها هنا ذكر ميراث المدعى والتوريث منه وبيان مسائله.

 مسألة: 

إذا ألحق باثنين, فمات وترك أمه حرة فلها الثلث, والباقي لهما فإن كان لكل واحد منهما ابن سواه أو لأحدهما ابنان, فلأمه السدس فإن مات أحد الأبوين وله ابن آخر فماله بينهما نصفين, فإن مات الغلام بعد ذلك فلأمه السدس والباقي للباقى من أبويه, ولا شيء لإخوته لأنهما محجوبان بالأب الباقي فإن كان الغلام ترك ابنا فللباقى من الأبوين السدس والباقي لابنه وإن مات قبل أبويه, وترك ابنا فلهما جميعا السدس والباقي لابنه فإن كان لكل واحد منهما أبوان, ثم مات الغلام وله جدة أم أم وابن فلأم أمه نصف السدس ولأمى المدعيين نصفه, كأنهما جدة واحدة وللجدين السدس والباقي للابن, فإن لم يكن ابن فللجدين الثلث لأنهما بمنزلة جد واحد والباقي للأخوين وعند أبي حنيفة, الباقي كله للجدين لأن الجد يسقط الإخوة وإن كان المدعيان أخوين والمدعى جارية فماتا وخلفا أباهما, فلهما من مال كل واحد نصفه والباقي للأب فإن مات الأب بعد ذلك فلها النصف لأنها بنت ابن وحكى الخبرى عن أحمد وزفر وابن أبي زائدة أن لها الثلثين لأنها بنت ابنته فلها ميراث بنتي ابن, وإن كان المدعى ابنا فمات أبواه ولأحدهما بنت, ثم مات أبوهما فميراثه بين الغلام والبنت على ثلاثة وعلى القول الآخر على خمسة لأن الغلام يضرب بنصيب ابني ابن وإن كان لكل واحد منهما بنت فللغلام من مال كل واحد منهما ثلثاه, وله من مال جده نصفه وعلى القول الآخر له ثلثاه ولهما سدساه وإن كان المدعيان رجلا وعمة, والمدعى جارية فماتا وخلفا أبويهما, ثم مات أبو الأصغر فلها النصف والباقي لأبي العم لأنه أبوه وإذا مات أبو العم, فلها النصف من ماله أيضا وعلى القول الآخر لها الثلثان لأنها بنت ابن وبنت ابن ابن وإن كان المدعى رجلا وابنه فمات الابن, فلها نصف ماله وإذا مات الأب فلها النصف أيضا وعلى القول الآخر لها الثلثان وقال أبو حنيفة: إذا تداعى الأب وابنه قدم الأب ولم يكن للابن شيء وإن مات الأب أولا, فماله بين ابنه وبينهما على ثلاثة ثم تأخذ نصف مال الأصغر لكونها بنته, وباقيه لأنها أخته وفي كل ذلك إذا لم يثبت نسب المدعى وقف نصيبه, ودفع إلى كل وارث اليقين ووقف الباقي حتى يثبت نسبه أو يصطلحوا فلو كان المدعون ثلاثة فمات أحدهم, وترك ابنا وألفا ثم مات الثاني وترك ابنا وألفين, ثم مات الثالث وترك ابنا وعشرين ألفا ثم مات الغلام, وترك أربعة آلاف وأما حرة وقد ألحقته القافة بهم, فقد ترك خمسة عشر ألفا وخمسمائة فلأمه سدسها والباقي بين إخوته الثلاثة أثلاثا وإن كان موتهم قبل ثبوت نسبه, دفع إلى الأم ثلث تركته وهو ألف وخمسمائة لأن أدنى الأحوال أن يكون ابن صاحب الألف فيرث منه خمسمائة, وقد كان وقف له من مال كل واحد من المدعين نصف ماله فيرد إلى ابن صاحب الألف وابن صاحب الألفين, ما وقف من مال أبويهما لأنه إن لم يكن أخا لهما فذلك لهما من أبويهما وإن كان أخا أحدهما فهو يستحق ذلك وأكثر منه بإرثه منه, ويرد على ابن الثالث تسعة آلاف وثلث ألف ويبقى ثلثا ألف موقوفة بينه وبين الأم لأنه يحتمل أن يكون أخاه فيكون قد مات عن أربعة عشر ألفا, لأمه ثلثها ويبقى من مال الابن ألفان وخمسمائة موقوفة يدعيها ابن صاحب الألف كلها ويدعى منها ابن صاحب الألفين ألفين وثلثا, فيكون ذلك موقوفا بينهما وبين الأم وسدس الألف بين الأم وابن صاحب الألف فإن ادعى أخوان ابنا ولهما أب, فمات أحدهما وخلف بنتا ثم مات الآخر قبل ثبوت نسب المدعى وقف من مال الأول خمسة أتساعه, منها تسعان بين الغلام والبنت وثلاثة أتساع بينه وبين الأب ويوقف من مال الثاني خمسة أسداس بينه وبين الأب فإن مات الأب بعدهما, وخلف بنتا فلها نصف ماله ونصف ما ورثه عن ابنته, والباقي بين الغلام وبنت الابن لأنه ابن ابنه بيقين ويدفع إلى كل واحد منهم من الموقوف اليقين ويوقف الباقي فتقدره مرة ابن صاحب البنت, ومرة ابن الآخر وتنظر ماله من كل واحد منهم في الحالين فتعطيه أقلهما فللغلام في حال الموقوف من مال الثاني, وخمس الموقوف من مال الأول وفي حال كل الموقوف من مال الأول وثلث الموقوف من الثاني, فله أقلهما ولبنت الميت الأول في حال النصف من مال أبيها وفي حال السدس من مال عمها, ولبنت الأب في حال نصف الموقوف من مال الثاني وفي حال ثلاثة أعشاره من مال الأول فتدفع إليها أقلهما, ويبقى باقى التركة موقوفا بينهم حتى يصطلحوا عليه ومن الناس من يقسمه بينهم على حسب الدعاوى ومتى اختلف أجناس التركة ولم يصر بعضها قصاصا عن بعض قومت, وعمل في قيمتها على ما بينا في الدراهم إن تراضوا على ذلك أو يبيع الحاكم عليهم ليصير الحق كله من جنس واحد لما فيه من الصلاح لهم, ويوقف الفضل المشكوك فيه بينهم على الصلح ولو ادعى اثنان غلاما فألحقته القافة بهما ثم مات أحدهما, وترك ألفا وبنتا وعما ثم مات الآخر وترك ألفين وابن ابن, ثم مات الغلام وترك ثلاثة آلاف وأما كان للبنت من تركة أبيها ثلثها, وللغلام ثلثاها وتركة الثاني كلها له لأنه ابنه فهو أحق من ابن الابن ثم مات الغلام عن خمسة آلاف وثلثى ألف, فلأمه ثلث ذلك ولأخته نصفه, وباقيه لابن الابن لأنه ابن أخيه ولا شيء للعم وإن لم يثبت نسبه فلابنة الأول ثلث الألف, ويوقف ثلثاها وجميع تركة الثاني فإذا مات الغلام فلأمه من تركته ألف وتسعا ألف لأن أقل أحواله أن يكون ابن الأول فيكون قد مات عن ثلاثة آلاف وثلثى ألف, ويرد الموقوف من مال أبي البنت على البنت والعم فيصطلحان عليه لأنه لهما إما عن صاحبهما أو الغلام, ويرد الموقوف من مال الثاني إلى ابن ابنه لأنه له إما عن جده وإما عن عمه وتعطى الأم من تركة الغلام ألفا وتسعى ألف لأنه أقل مالها ويبقى ألف وسبعة أتساع ألف تدعى الأم منها أربعة أتساع ألف, تمام ثلث خمسة آلاف ويدعى منها ابن الابن ألفا وثلثا تمام ثلثى خمسة آلاف, وتدعى البنت والعم جميع الباقي فيكون ذلك موقوفا بينهم حتى يصطلحوا ولو كان المولود في يدي امرأتين فادعياه معا أرى القافة معهما, فإن ألحقته بإحداهما لحق بها وورثها وورثته في إحدى الروايات وإن ألحقته بهما, أو نفته عنهما لم يلحق بواحدة منهما وإن قامت لكل واحدة منهما بينة تعارضتا, ولم تسمع بينتهما وبهذا قال أبو يوسف واللؤلؤى وقال أبو حنيفة: يثبت نسبه منهما ويرثانه ميراث أم واحدة, كما يلحق برجلين ولنا أن إحدى البنتين كاذبة يقينا فلم تسمع, كما لو علمت ومن ضرورة ردها ردهما لعدم العلم بعينها ولأن هذا محال, فلم يثبت ببينة ولا غيرها كما لو كان الولد أكبر منهما ولو أن امرأة معها صبي ادعاه رجلان, كل واحد يزعم أنه ابنه منها وهي زوجته فكذبتهما, لم يلحقهما وإن صدقت أحدهما لحقه, كما لو كان بالغا فادعياه فصدق أحدهما ولو أن صبيا مع امرأة, فقال زوجها: هو ابني من غيرك فقالت: بل هو ابني منك لحقهما جميعا.