الفن الجميل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

الفنّ الجميل

​الفنّ الجميل​ المؤلف علي محمود طه


ضاربّ في الخيال ملق عنانه
ملك الوحي قلبه و لسانه
مستفيض الجمال أزهر كالور
د إذا اكلل الندّى أفنانه
عاش بين الأنام نضو غرام
لم ينفضّ من الصّبا من طيلسانه
ملأ الكون من أياديه سحرا
و بنى ملكه و شدّ كيانه
و حباه الخلود في العالم الفا
ني و أبقى على البلى سلطانه
هو فجلا النّبوغ يصدح فيه
كلّ من أطلق الهوى وجدانه
و سماء للشّاعر الفذ منها
يستقي الشّعر وحيه و بيانه
تجتلي ريشة المصور منه
كلّ عذراء لا تردّ بنانه
و هو قيثارة الخلود عليها
يعزف الطّير الرّبى ألحانه
و أنا الشّاعر الذي افتتن بالحس_
ـن و أذكت يد الحياة افتنانه
معهدي هذه المروج و أستا
ذي ربيع الطبيعة الفينانه
و أزاهير حانيات على النّهـ
ـر يقبلن في الضحى شطآنه
ناشرات وشي الربيع عليها
ساكبات في لجّه ألوانه
يتسمّعن للخرير المناجي
و يرتّلن للرّبى تحنانه
معبد للطيور، راهبة اللّيـ
ـل، و ناقوسه الصّبا الرّنانة
و محاريب للعذارى إذا ما
سكب الغرب في الدّجى أرجوانه
قام ربّ الفنّ الجميل عليها
مستحثا تحت الظّلام قيانه
يتغنى لحن الخلود و يدعو
من وراء الغيب الرّهيب زمانه
أيّها الدّهر: حسبك الله ماذا
برجال الفنون هذي المهانة؟
هل تبيّن في رفات أواليّ
دفينا محا البلى عنوانه؟
قف على الفنّ بين شرق و غرب
وصف العالم المخلّد شانه
عرش غرناطه، إله أثينا
تاج روما سماء مجد الكنانة
يشرق السّحر من تماثيل فيها
و مقاصير كالبروج المزانه
و تراءى العذراء تلهم رافا
ئيل روح الخلود و حي الدّيانه
و ابن حميدس في الملا، و لمرتيـ
ـن يفضيان صبوة و مجانه
ناجيا الرّوض و البحيرة حتى
لمس الفنّ فيهما عنفوانه
إنّما المجد في الورى لمغنّ
هزّ قلب الورى و قاد عنانه
و لمن ساس في الممالك عدلا
و ارتضى الحقّ في العلا بيانه