الفتحنامة المرسلة من سليم الأول إلى ولي عهده سليمان بعد ضم مصر
الأصل العُثماني
فرزند ارجمند دولتيار وخلف سعادتمند كامكار حدقۀ باصرۀ دين ودولت وحديقۀ ذات بهجت مُلك وملَّت در اكليل شهريارى درّئ فلك تاجدارى المُختص بِأنواع مواهب المُلك الاله اوغلم سُليمان شاه، طال بقاه، ونال مناه:
توقيع رفيع همايون واصل اوليجق معلوم اوله كه، اشبو كچن سنه طقوز يوز يكرمى ايكى رجبنك اواخرنده حلبه قريب مرج الدابق نام محلده غورئ مقهور مخذول ايله مُحاربه قلنوب، بِعناية الله تعالىٰ لشكر اسلام غالب وكروه چراكسه مغلوب دوشوب، وغورينك باشى كسيلوب، سم سمند همايونم اوكنه نكونسار براغلدقدن صكره طومان باي نام بدبخت بقيَّۀ السيوفيله مصره واروب، دعواى تخت وسلطنت ايتمكين، حلبدن شامه واريلوب، انده بر قاچ كون آرام قلنوب، تدارك تام ايله اوَّل بهارده اوزرينه توجُّه ونهضت همايونم واقع اولوب، بر روز بيروزده حق يه توكُّل وسيِّد كائنات عليه افضل الصلواتك مُعجزاتنه توسُّل وچاريار عظام واولياى كرام رضوان الله عليهم الى يوم القيام ارواح طيبه لرندن استدعاى همَّت قيلنوب، اعلام ظفر نكار والويۀ سعادت شعار وعساكر جنك جوى وصاعقه خوى ودليران آهنين قباى ممالك كشاى ومُبارزان تازى سوار خصم شكار ايله محميَّۀ دمشقدن قالقوب، قطع منازل وطىّ مراحل قلنوب، طومان باي مقهور جانبردى غزالى نام كمسنه يى شام ايالتنى سكا ويردم ديو غزَّه جانبه كوندرديكى استماع اولنمغله، بو جانبدن دخى مُقدِّمة الجُيُوش اولان عُمدة الوُزراء العظام قُدورة الكُبراء الفخام الغازى فى سبيل الله المُجاهد لوجه الله وزيرم سنان پاشا انده بولنوب، مُقاتله ايتدكلرنده بِعناية الله تعالىٰ وزير مُشار اليه غالب وطائفۀ مزبوره مغلوب دوشوب، وجانبردئ مزبور دخى بو جانبه نوعًا اظهار اخلاص ايدوب، وكيرو قاچوب مصره واروب، طومان بايه مُلاقات ايدوب، تداركه مشغول ايكن بندخى فروشكوه ولشكر انبوهله، سنۀ مزبوره ذي الحجَّه سنك يكرمى يدنجى كونى مصر مُقابله سنده خانكه نام محله قونيلوب، اندن يارنداسى بركة الحاج وجبل مُقطَّب سمتندن نفس شهره داخل اولمغه سعى واقدام اولنيجق طوتيلان دليللردن خبر الندى كه، مقهور مزبور كُفَّار خاكساردن يرار طوبجيلر كتوردوب، عادليه نام عمارتك اوكنده بر طويل وعريض خندق قازدروب، عمقى دخى كمال مرتبه مُبالغه اوزره اولوب، وچيقان طوبراغنى مترس ايدينوب، وايكيوز قطعه سنكين طوپلر جابجا حاضر ومُهيَّا ايليوب، والاينى اطرافنده ترتيب ايدوب، غدارلق اوزره ايمش، لا جرم يارنداسى كه ماه مزبورك يكرمى طقوزنجى يوم الخميس در صاغ قولده هزبر بيشۀ وغا وزير اقدمم سنان پاشا وسائر بكلربكيلر واُمرا وسپاهى ايله وُصُول قولده پلنك قلۀ هيجا وزير اكرمم يُونُس پاشا وسائر بكلربكيلر واُمرا ايله طوروب، ميمنۀ ميمنت شعارده ذوالقدريَّه حاكمى شهسوار اوغلى علي بك وحلب واليسى خير بك وميسرۀ مسرَّت آثارده رمضان اوغلى محمود بك وعينتاب حاكمى چركس يُونُس بك، وجانحين منصورينده رومایلی اُمراسندن اورنوس وميخال اوغلرى، وقلب مُظفَّر قويده ذات همايونم قپوم خلقى اولان اجناد امجاد وبُلُوك اُغالرى مُرتَّب ومُكمَّل قلنوب، ويڭيچرى قوللرم پياده شاه اوكنده طورر كبى اوَّل عرصه ده قيام كوستروب، وطرفيندن قراغول وچرخه جيلر بر برينه ال صونوب، جداله مُباشرت ايتدكلرنده آتش قتال اشتعال بولوب، هر يكادن مُرادن ميدان جنك كرم اولوب يوروديلر، وهر جانبدن طوپلر وتفنكلر اتيلوب، روى هوا شرار فتنه وآشوبدن صواعق ورعد ايله مالا مال وكرد نعال مطايادن عرصۀ قتال ظلام لياله دونوب، روز روشن اعدا باشنه بختلرى مانندى تنك وتار ومهر فلك قزمش طاس كبى رؤس منحوسلرينه مُنعكس وشراره باردوشوب، هر طرفدن قووشمه ودوندورشمه اولوب، وصاغ قولدن مومى ايه سنان پاشا عدونك صول قولنى صيوب، طوپلرى اوزرينه بى باك هُجُوم ايليوب، لشكر ضلالت رهبرى مغلوب ومُنكسر قيلوب، طومانباى قولنه يورودكده بِتقدير الله تعالىٰ كندويه زخم سهمناك ايريشوب، صول قولدن وزيرم يُونُس پاشا كركى كبى جمله سنه حمله ايليوب، مُقابلنده اولان خصماى نافر جاى ضرب حُسام ايله بى وُجُود وكمنام ايدوب، آخر الامر دشمنك يوزى عكسنه دونوب، ﴿أَلَا أَنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ﴾ صداسى كاخ صماخ اهل ايمانه ايريشيجك جُنُود چراكسه قرارى فراره تبديل ايتدكلرنده ﴿لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ﴾ وعيدى دامنكير اولوب اين المفر كويان چار وناچار قاهرەنك كوچه وبازارندن قاچوب، ولايت صعيده يولندكلرنده عساكر ظفر مأثرم بر كون بر كيجه عقبلرندن تاخت ايدوب الويۀ منكوسه لريله اكثر اُمرا ونامدارلرى مُقيَّد ومحبوس حُضُور لامع النوريمه كتوريلوب هدف تير وعلف شمشير قلنوب روى زمين خون اعدا ايله آغشته وآدم كشته لرندن پشته اولوب، سر بى سامانلرى ميدان سياستده غلطان وطاير روح بى فتوحلرينه تنكناى نيران، مكان واشيان اولدى.
وذكر اولنان منزل مُباركده درت كون مقدارى اقامت اولنوب، بشنجى بامداد سعادت امداداندن قالقوب، مصره مُتصل نيل كنارنده جزيرۀ بولاق دينمكله معروف موضعده عز واجلال ايله نُزُول ايدوب، طايفۀ چراكسەنك سهان اولان وُجُود خبيثلرندن اوَّل اراضئ طيِّبه تطهير اولنمغه همَّت عليَّۀ شاهانه ودقَّت سُنيَّۀ مُلُوكانه م مبذول ومصروف ايكن ناكاه سنه ثلٰث وعشرين وتسعمائة مُحرَّم الحرامك يدنجى كيجەسى واقع اولان ليلة الاربعاده طومان باي مقهور بقيَّۀ السُيُوف اولان كروه مكروهيله خفيَّة بر كوشه دم كلوب، قاهرەنك ايچنه كيروب، اسواق ومحلاتده خندقلر قازديروب، ومُترسلر يصادوب، وشهرى تكرار كوچه بند وحصار ايدينوب، آهنك جنك ايديجك بو جانبدن دخى عساكر منصوره على الصباح يورييوش ايدوب، طلوعدن غروبەدك ضرب وحرب اولنوب، اكرچه كروه اعدا هر جهتدن مخذول ومنكوب ايديلر. لكن بالكُليَّة دفعلرينه بعض كوچه بند حائل اولوب، صبحەدك مُلاحظۀ تام ايله توقف اولندى. وچون غُراب البين شب ظلمانى بخت دشمن كبى روى هوادن فضاى عدمه طيران ايدوب، طاوس فلك بيضۀ صبح صادقدن آفاقه جلوه كراولدى ذات همايونمله دفع مُخالفينه سعى واقدام اولنوب، اعلام ظفر نكار والويۀ نُصرت شعار فرقدان سايەمه سايه كستر اولوب، بل هر برى اوزريمه اوج سعادتدن پر هماى فرخنده فر كبى مُستقر اولوب، *ع*
يمين نصرت بر يمينويسر فُرصت بر يسارجمله قپو خلقى ويڭيچرى قوللرمله پياده وسوار حمله قلنوب، ومُترسلر باصيلوب، وخندقلردن كچيلوب، تحصُّن ايتدكلرى اولرك اوزرلرينه نردبانلر قونيلوب، وراه كريزارى اناطولى عسكريله قوشاديلوب، ﴿يَوْمَ يَغْشَىٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ حالاتن مُشاهده ايتدكلرنده اولاد واتباعلريله ﴿يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾ وقايعندن جميعيسى مُضطرب الحال اولوب، اكثرينك در وبيوتى ﴿فَجَعَلْنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا﴾ اوزره باشلرينه ييقلوب، ظلمله بنا ايتدكلرى ديوارلرينك احجارى ايله سنكسار وابنيۀ وجودلرى آن واحدده كبيت العنكبوت تارومار قيلنوب، وطومانباى زى نسوانده بر كوشه دن چيقوب، غيبت ايليوب، كيفيت احوالى تفحُّص اولنوركن، ولايت صعيددن كيرو تضرُّع نامەسى كلوب، عفو اولنمشيكن طينت خبيثه سنده مركوز اولان نفاق جبليسى مُحرِّك وساوس شيطانى اولدوغيچون در دولت پناهمه كلمك بهانه سيله مصره قريب اولدقده نيلدن اسكندريَّة جانبنه عُبُور ايليوب، شام وشرقه قاچمق استدكده طوتيلان دلدن خبر النوب، مُحقق اوليجق مُقدما رومایلی بكلربكيسى اولان مُصطفى پاشا وچراكسه دن بو اثنالرده كلوب اطاعت ايدن واخلاصله اظهار عُبوديَّت قيلان جانبردى غزالى، وشهسوار اوغلى على بك ايلغارله عقبنجه كوندريلوب، بندخى على التعاقب يورييوب، انلر جنكه مشغول ايكن ماهجۀ اعلام ظفر انجامم آينۀ اسكندرى مانندى رخشان اولديغنى كوردكلرنده شكوه وفرشهنشاهيدن ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾ هر اسان وكريزان سوادى شرقدن كچوب نجم عمرلرى تكرار جانب غربه يونلوب، مُتفرِّق وپريشان اولدقلرنده مُشار اليه مُصطفى پاشا وجانبردى غزالى قوارق وقيرارق بر ايكى كون قفاسندن ايرلميوب، ﴿قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمْ ۖ﴾ پيغاميله مزبور طومان بايه ايريشوب، همعنانى اولان اوچيوز نفردن زياده بى دولت بكلرك باشلرى كسيلوب، وكندوسى دست بسته وكمر بند دولت كسسته ديل طوتيلوب، ركاب همايونمه خاسكار ايرشدكلرنده «ارْحَمُوا عَزيزَ قَوْمٍ ذَلَّ» منطوقه سيله عمل قلنوب، انواع رعايت شاهانەيه مظر بيورلمشيكن ﴿وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ﴾ مُقتضاسنجه مُفيد دوشميوب، استكبار واصرار ايتمكين عبره لاولى الابصار صلب وسياست قلنوب، دار البواره ارسال اولندى ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ۚ وَٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ﴾. والحالة هذه جميع ممالك مصر: ملاطية وحلب وشام شريف ونفس قاهره وديار صعيد وحبش ويمن تا حد قيروان مغربه دك طولًا، وحجاز ومكَّه ويثرب ومدينه وقُدُس شريف زادها الله شرفًا وتعظيمًا بِالتمام والكمال عرضًا ممالك عُثمانيَّه مُضافاتنه داخل اولوب، وشريف ابو البركات ابن شريف مُحمَّد صُلبى اوغلى سيدى ابو الحسنى رفعت درجاته پايۀ سرير عالم مصيرمه كلمك اوزره اولوب، وطوايف اعراب مشايخى بِالجُمله كلوب، مُطيع اولوب، انواع خُلعت وعنايتلر ايله هر بريسى ﴿وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦ مَسْرُورًا﴾ مضموننجه شاد وخرم مُعاودت ايدوب، دوام دولت ابد پيوند ادعيه سنه قيام كوسترديلر، ﴿وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَىٰنَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلَآ أَنْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ ۖ﴾.
اويله اولسه بو فتح نامۀ مُتبرِّكه سكا قُدوة الاماجد والاعيان چاشنيكيرم رضوان رُزقت سلامته يدندن وصول بولدقده كركدركه، تمهيد شُكر وسپاسدنصكره بو بشارت آميز خبرى هر جانبه اعلام واعلان ايتدروب، ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ امر عاليسنه امتثال كوستروب خواص وعوامه عيش ونشاط وفرح وانبساط ايچون ايَّام مُعتادۀ قديم مقدارى بارعام ويروب وبروج وقلاعدن شنلك وشادمانلق اشعارينه طوب وتفنكلر اتيلوب واسواق بلادى تزيين قيلدروب صُلحا وعباده وعبيد وازاده فزونئ عزَّ وجاهم ايچون خير دُعالر ايتديروب بذل صدقاتده دقيقه فوت ايلميەسن واوَّل جانبك احوالنى ييلديروب قُدُوم همايونمه مُترصدًا اوله سن شويله بيلەسن.
تحريرًا فى شهر مُحرَّم الحرام سنه 923 بِمدينة مصر القاهرة.
التعريب
إلى نجلي العزيز صاحب الدولة وخلف ذي السعادة والإقبال قُرَّة عين الدين والدولة وحديقة المُلك والأُمَّة المُبهجة ثغر الإكليل السُلطاني المُشعشع، صاحب التاج المُتلألئ، المُختص بِأنواع مواهب المُلك ولدي سُليمان شاه، طال بقاه، ونال مُناه:
عند وُصُول توقيعي السُلطاني الرفيع لِتعلموا أنَّهُ في أواخر رجب من هذه السنة تسعُمائة واثنتين وعشرينمُلاحظة 1 وقع قتالٌ مع المُنهزم المخذول الغوري وذلك في الموقع المعروف بِمرج دابق القريب من حلب، وبِعناية الله تعالىٰ انتصر جُند الإسلام وانهزمت شراذم الجراكسة، وقُطع رأس الغوري، ورُمي جسده رأسًا على عقب أمام فرسي السُلطاني. وكان طومان باي التعيس قد وصل إلى القاهرة مع من تخلَّصوا من السيف، وطالب بِالعرش والسلطنة، فقُمنا بالتوجُّه من حلب إلى دمشق وأقمنا هُناك عدَّة أيَّام، وبعد أن أكملنا التحضيرات اللازمة توجَّهنا نحوه في الربيع نفسه. وتمَّ التوكُّل على الله والتوسُّل إلى مُعجزات سيِّد الكائنات عليه أفضل الصلوات واستمددنا العزم من الأرواح الطيِّبة لِلخُلفاء الراشدين الأربعة العظام والأولياء الكرام رضوان الله عليهم إلى يوم القيامة، وانطلقنا من المحميَّة دمشق حاملين رايات النصر المرسوم وألوية مقرونة بالسعادة مع جُنُودٍ بُسلاء مُتلهفين لِلحرب، فاتحي البُلدان الفُرسان قنَّاصي الخُصُوم… وقطعنا المنازل وطوينا المراحل، ووصل إلى مسامعنا أنَّ طومان باي المهزوم أرسل المدعو جانبردي الغزالي إلى أرجاء غزَّة بعد أن قلَّده إيالة الشَّام، فقابله من هذا الجانب مُقدَّم الجُيُوش عُمدة الوُزراء العظام وقُدورة الكُبراء الفخام الغازي في سبيل الله المُجاهد لِوجه الله وزيري سنان باشا وقاتله، وبِعناية الله تعالىٰ حالفه النصر وانهزمت الطائفة المذكورة. وأظهر جانبردي المذكور الإخلاص إلى حدٍ ما لِهذا الجانب، ولكنَّهُ مع هذا فرَّ ووصل إلى القاهرة، والتقى بِطومان باي، وفي الوقت الذي كانوا مُنشغلين في تحضيراتهم، قُمت أنا كذلك بِالتحرُّك بِعزَّةٍ وبهاءٍ وبِجيشٍ عرمرمٍ، ونزلنا في اليوم السابع والعشرين من ذي الحجَّة من السنة المذكورةمُلاحظة 2 في الموضع المعروف بِخانكه الواقع قبالة القاهرة، ساعين إلى الدُخُول في اليوم الثاني إلى داخل المدينة عبر بركة الحاج وجبل المُقطَّب، وتمَّ الاستعلام من الأدلَّاء أنَّ المدحور المذكور قد استقدم مدفعيين أكُفَّاء من الكُفَّار المُذلِّين، وحفر خندقًا عريضًا وطويلًا أمام الموضع المعروف بِالعادليَّة، وبالغ وبِشكلٍ كبيرٍ في تعميقه، وجعل من تُرابه متراسًا، ونصب مائتيّ قطعة من المدافع الثقيلة في أماكن مُختلفة. ورتَّب حُشُوده حوله ممَّا يدل على قيامه بِالغدر. وفي اليوم التالي المُصادف يوم الخميس التاسع والعشرين من الشهر المذكور أخذ وزيري الأقدم أسد الوغى سنان باشا موقعه في الجناح الأيمن إلى جانب البكلربكيين والأُمراء والسباهيَّة المُعينين إلى جانبه، أمَّا في الجناح الأيسر فقد حلَّ فيه نمر الوغى وزيري الأكرام يُونُس باشا وسائر البكلربكيين والأُمراء، وفي الميمنة المُتميزة بِاليُمن والسعادة حاكم ذي القدريَّة علي بك بن شهسوار ووالي حلب خاير بك وفي الميسرة محمود بك بن رمضان وحاكم عينتاب يُونُس بك الجركسي، وفي الجانبين المنصورين أبناء أورانوس وميخائيل وهُما من أُمراء الروملِّي، وفي القلب المُظفَّر القوي الجُند الأمجاد من حاشيتي السُلطانيَّة وأغوات الوحدات العسكريَّة وهُم مجُهَّزون تجهيزًا عسكريًّا كاملًا، أمَّا جُنُودي الإنكشاريَّة فإنَّهم كانوا يستعرضون أنفُسهم كأنَّهم واقفين في وضع الاستعداد أمام الشاه، وتبارز القراغول والجرخجيَّة من الطرفين بعضهم مع بعض، وعند مُباشرتهم بِالقتال اشتعلت نيران المعركة، وبرز الرجال يسيرون نحو ميدان الوغى، وأُطلقت نيران المدافع والبنادق من كلا الطرفين… وخيَّم على ميدان القتال ظلام الليل من هول القتال… وحدث الكرُّ والفرُّ من كلا الطرفين.. وأغار المومى إليه سنان باشا على الجناح الأيمن لِلعدوِّ وأباده، وهاجم على مدافعهم دون خوفٍ وانهزمت طليعة جيش الضلالة وانكسرت، وعندما توجَّه إلى جناح طومان باي كانت شدَّة الخوف قد بلغته بِتقدير الله تعالىٰ، ومن الجناح الأيسر حمل وزيري يُونُس باشا عليهم كُلِّهم بِالشكل اللازم، وتمكَّن من ضرب خُصُومه ممن كانوا يُوجهونه بِالسيف وتركهم بلا أرواح. وفي نهاية المطاف انقلب العدُوُّ رأسًا على عقب وبلغ صدى ﴿أَلَا أَنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَٰلِبُونَ﴾ إلى مسامع أهل الإيمان، ولاذ الجُنُود الجراكسة بِالفرار، وحلَّ بهم الوعيد: أين المفر؟ ﴿لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ﴾ ففرُّوا من أزقَّة القاهرة وأسواقها بِشكلٍ عشوائيّ، وقام جُنُودي المُنتصرين بِمُطاردتهم نهارًا وليلًا وهم في طريقهم إلى ولاية الصعيد، وأصبحوا عُرصةً لِلسِّهام وطُعمًا لِلسُيُوف، وأُلقي القبض على مُعظم أُمرائهم ومشاهيرهم وتمَّ جلبهم مُقيَّدين وبِألويتهم المنكوسة إلى حُضُوري النيِّر.. ورُويت الأرض بِدماء الأعداء من كثرة ما قُتل من رجالهم، وأصبحوا في وضعٍ مُزرٍ ومُضطرب.
وتمَّت الإقامة في المنزل المُبارك حوالي أربعة أيَّام، وفي اليوم الخامس تمَّ التحرُّك بِعون من يمُدّ السعادة، وتمَّ النُزُول بِعزَّةٍ وإجلالٍ في الموضع المعروف بِجزيرة بولاق الواقعة على شاطئ النيل المُتصل بِالقاهرة، واتجهت المساعي السُلطانيَّة إلى تطهير تلك الأراضي الطيِّبة من الأجساد الخبيثة لِطائفة الجراكسة، وفي الليلة السابعة من مُحرَّم الحرام سنة تسعُمائة وثلاثٍ وعشرينمُلاحظة 3 قدم طومان باي المدحور إلى جانب مجموعةٍ من أتباعه المكروهين ممن سلموا من السيف ودخلوا القاهرة خفيةُ من إحدى الزوايا، وقام بِحفر الخنادق في الأسواق والمحلَّات. وأقام المتاريس وسيطر على المدينة مرَّة ثانية. وفي الصباح سارت من هذا الجانب العساكر المنصورة المُهيَّأة لِلقيام بِخوض الحرب. ووقع الضرب والقتال واستمرَّ من طُلُوع الفجر حتَّى غُرُوبه، وعلى الرُغم من أنَّ حُشُود العدُوِّ خُذلت، وتعرَّضت إلى النكسة من كُلِّ النواحي، إلَّا أنَّ بعض المسائل حالت دون القضاء عليهم بِالكامل، واستمرَّ القتال حتَّى الصباح إلى أن توقَّف. وطار غُرابُ البين لِسوء حظِّ العدوّ في ليلةٍ ليلاء من وجه الهواء إلى فضاء العدم، إلَّا أنَّ طاووس الفلك تجلَّى مع تباشير الصباح الصادق إلى الآفاق، وقُمتُ بِذاتي السُلطاني بِالسعي والإقدام لِإزالة المُخالفين، وبسطت أعلام الظفر وألوية النصر ظلالها، واستقرَّ كُلُّ واحدٍ منها من أوج السعادة كالنور المُبارك، *شعر*
يُمن النصرة في اليمينويُسر الفُرصة في اليساروقُمت بنفسي بِحملةٍ بجانب جُندي الخاص ومماليك الإنكشاريَّة من الفُرسان والمُشاة، وتمَّ اقتحتم متاريس العدوّ واجتياز خنادقه ووُضعت السلالم على الدُّور التي يتحصَّنون بها، وأحاط جُنُود الأناضول بِطُرق الفارِّين من العدُوِّ. وعندما شاهد العدُوُّ الحالة التي وقعوا فيها ﴿يَوْمَ يَغْشَىٰهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ اضطربت أحوالهم وأحوال أولادهم وأتباعهم وذلك بِما وقع ﴿يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ﴾ وهُدمت بُيُوت أكثرهم على رُؤوسهم ﴿فَجَعَلْنَا عَٰلِيَهَا سَافِلَهَا﴾ ورُجموا بِأحجار الجُدران التي شيَّدوها ظُلمًا، وتبعثرت أبنية وُجُودهم في لحظةٍ واحدةٍ كبيت العنكبوت. وخرج طومان باي من إحدى الزوايا مُتنكرًا بِزيّ امرأةٍ وتوارى عن الأنظار، وفي الوقت الذي كان يتم تتبُّع أحواله، ورد كتابٌ منه من الصعيد وهو يتضرَّع لِلعفو عنه وقد سبق أن تمَّ عفوه ولكن طبيعته النفاقيَّة المفروسة في طينته الخبيثة تُحرِّكُها الوساوس الشيطانيَّة، وأُلقي القبض على أحد الأدلَّاء وأخبر أنَّ طومان باي ينوي الفرار إلى دمشق والشرق،مُلاحظة 4 ويتذرَّه بِاللُجوء إلى الدولة وعند اقترابه من مدينة القاهرة سيعبر نهر النيل، ويتوجَّه إلى مدينة الإسكندريَّة، فأُرسل لِمُلاحقته مُصطفى باشا الذي كان بكلربكي الروم وجانبردي الغزالي وهو من الجراكسة وقد قَدِم في هذه الأثناء، وأعلن طاعته وإخلاصه وأظهر عُبُوديَّته، وعلي بك بن شهسوار، كما سرت أنا أيضًا مُباشرةً، وفي الوقت الذي كانوا مُنشغلين في الحرب، برزت راياتي السُلطانيَّة المُكلَّلة بِالنصر، فدبَّ الخوف في نُفُوس الأعداء، وخافوا من عظمتي السُلطانيَّة المجيدة، وأصبحوا ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾، وعبروا إلى الشرق يبحثون عن ملاذٍ آمن، ومال نجم عُمرهم نحو الغرب مرَّةً أُخرى فتشبثوا بائسين، وقام مُصطفى باشا وجانبردي الغزالي بٍمُطاردتهم وتدميرهم لِبضعة أيَّام، ﴿قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِى تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمْ ۖ﴾ ثُمَّ وصلا إلى طومان باي المذكور، وتمَّ قطع رؤوس أكثر من ثلاثُمائةٍ من رفاقه من الأُمراء، واعتُقل طومان باي وأُرسل مكتوف اليدين مخذولًا مذلولًا إلى حاشيتي السُلطانيَّة، وعندما وصل تمَّ شُمُوله بِكُلِّ أنواع الرعاية السُلطانيَّة عملًا بمنطوق «ارْحَمُوا عَزيزَ قَوْمٍ ذَلَّ»، ﴿وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ﴾ وأصرَّ على استكباره ولِهذا تمَّ إعدامه وصلبه لِيكون عبرةً لِأولي الأبصار وأُرسل إلى دار البوار ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ۚ وَٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ﴾، وعلى أثره انضوت ضمن البلاد العُثمانيَّة جميع مُمتلكات مصر من ملاطية وحلب ودمشق والقاهرة وديار الصعيد والحبشة واليمن حتَّى قيروان المغرب طولًا، ومن الحجاز ومكَّة والمدينة والقُدس الشريف زادها الله شرفًا وتعظيمًا بِالتمام والكمال عرضًا. ويزمع سيدي أبو الحسن ابن الشريف أبي البركات ابن الشريف مُحمَّد بِالقُدُوم إلى عتبتي السُلطانيَّة، وقدم مشايخ طوائف العرب كافَّةً مُعلنين طاعتهم وانقيادهم وتمَّ تكريمهم بِكُلِّ أنواع الخُلع والتكريم لِيعود كُلُّ واحدٍ منهم مثلما ورد في الآية ﴿وَيَنقَلِبُ إِلَىٰٓ أَهْلِهِۦ مَسْرُورًا﴾ ويدعو لِدوام الدولة الأبديَّة ﴿وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى هَدَىٰنَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلَآ أَنْ هَدَىٰنَا ٱللَّهُ ۖ﴾.
ولِهذا فعند وُصُول هذه الفتحنامة المُباركة إليك على يد قُدوة الأماجد والأعيان جاشنكيري رضوان، رُزقت سلامته، أن تقوم بعد الحمد لله والثناء بِنشر هذا الخبر المُقترن بِالبشارة وإعلانه لِكُلِّ حدبٍ وصوبٍ امتثالًا لما ورد في الآية ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾، وأن تعمل على جعل الخواص والعوام يتمتعون بِالعيش والنشاط والفرح والانبساط حسب ما اُعتيد عليه، وإطلاق نيران المدافع والبنادق من البُرُوج والقلاع، وتزيين أسواق البلاد إيذانًا بِالاحتفال والطلب من الصُلحاء والعباد والعبيد والمُعتقين بِالدُعاء الخير لِرفعة عزّي وجاهي، وألَّا تُبدَّد دقيقة واحدة في بذل الصدقات، وتُطلعني على أحوال تلك الأرجاء، وتترقَّب مقدمي السُلطاني.
تحريرًا فى شهر مُحرَّم الحرام سنه 923 بِمدينة مصر القاهرة.مُلاحظة 5