العقد الفريد (1953)/الجزء الأول/كتاب اللؤلؤة في السلطان/ما يصحب به السلطان

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


ما يصحب به السلطان

لابن المقفع في خادم السلطان

قال ابن المقفع : ينبغي لمن خدم السلطان ألا يغتر به إذا رضى ولا يتغير له إذا سخط ، ولا يستثقل ما حمله ، ولا يلحن في مسألته . وقال أيضا : لا تكن حبك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك على طاعتهم . فإن كنت حافظ إذا وتوك، حذرا إذا قربوك، أمينة إذا ائتمنوك. ذليلا إذا صرموك ، راضية إذا أسخطوك ، تعلمهم وكأنك متعلم منهم ، و تودهم وكانك متأدب ولا تكلفهم الشكر . وإلا فالبعد منهم كل البعد ، والحذر منهم كل الحذر وقال المأمون : الملوك تتحمل كل شيء إلا ثلاثة أشياء : القدح في الملك ، وإفشاء السر ، والتعرض للحرم . وقال ابن المقفع : إذا نزلت من السلطان منزلة الثقة فلا تلزم الدعاء له في كل كلية ؛ فإن ذلك يوجب الوحشة و يلزم الأنقاض . ، و تشکر هم ۲۰ (۱) في بعض الأصول , معرفة ، (۲) العبارة في عيون الأخبار والوزراء والكتاب للجهشیاری مع خلاف من العقد الفريد

وزوجه الابتهما معاوية حين . وقال الأصمعي : توصل بالملح وأدركت بالغريب وقال أبو حازم الأعرج لسليمان بن عبد الملك : إنما السلطان سوق ، في نفق عنده بل إليه .) ولما قدم معاوية من الشام ، وكان عمر قد استعمله عليها ، دخل على أمه وساة أب ستیان هند : فقالت له : يا بني ، إنه قلما ولدت حرة مثلك ، وقد استعمل هذا الرجل ، فأعمل بما وافقه أحببت ذلك أم كرهته . ثم دخل على أبيه أبي سفيان : فقال له : عمل العمر يا بني ، إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا و تأخرنا عنهم ، فرفعهم سبقهم و قصر بنا تأخرنا ، فصرنا أتباع وصاروا قادة : وقد قدوك جسيما من أمرهم ؛ فلا تخالفن أمرهم ، فإنك تجرى إلى أمد لم تبلغه ، ولو قد بلغته التفت فيه . قال معاوية : فعجبت من اتفاقهما في المعنى على اختلافهما في اللفظ وقال أبروز لصاحب بیت المال : إني لا أعذرك في خيانة درهم ، ولا أحمدك برويز ينصح على صيانة ألف ألف : لأنك إنما تحقن بذلك دمك وقيم أمانتك ، فإنك إن خنت قليلا خنت كثيرا. واحترس من خصلتين : النقصان فيما تأخذ ، والزيادة فيما تعطى ؛ و آعلم أني لم أجعلك على ذخائر الملك وعمارة المملكة والعدة على العدو ، إلا وأنت عندى آمن من موضعه الذي هو فيه ، وخواتمه التي هي عليه ، فقق ظني باختياري إياك أحقق ظئك في رجائك إيای : ولا تتعوض بن ساير شراء ولا برفعة ضعة ، ولا بسلامة ندامة ، [ولا بأمانة خيانة ]". ولما ولى يزيد بن معاوية سالم بن زیاد خراسان قال له : إن أباك كني أخاه ایزید بن معاوية عليهما ، وقد استكفيك صغيرا : فلا تتكلن على عذر مني فقد اتل مك. وإياك مني قبل أن أقول إبای منك ؛ فإن الظن إذا أخلف منى فيك أخلف منك في ؛ وأنت في أدنى حظك فاطلب أقصاه، وقد أتعبك أبوك فلا ترين نفسك. ساده بان ماه (۳) و۱ ا على كفارة ونضع سماها حين والاه خراسان ۲۰

(1) اتنفست فيه : أي استرحت عنده (۲) في الأصول. القوة ، وما أثبتناه رواية عيون الأخبار . (3) التكملة من عيون الاخبار . (۲) الجزء الأول 1 - العمر بن الحساب و معاوية بین قادم عليه الشام عليه عمر و

الربيع الحارثي قال يزيد : حدثني أبي أن عمر بن الخطاب لما قدم الشام قدم على حمار ومعه عبد الرحمن بن عوف على حمار، فتلقاهما معاوية في موكب ثقيل ، خاور عمر معاوية حتى أخبر به ، فرجع إليه . فلما قرب منه نزل إليه ، فأعرض عنه ، جعل يمشي إلى جنبه راجلا . فقال له عبد الرحمن بن عوف : أتعبت الرجل . فأقبل فقال : يا معاوية ، أنت صاحب المركب آنفا مع ما بلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين . قال : ولم ذاك ؟ قال : لأنا في بلد الامتنع فيها من جواسيس العدو ولا بد لهم ما يرهبهم من هية السلطان ؛ فإن أمرتني بذلك أقرت عليه ، وإن نهیقی عنه آنتهت . فقال : لئن كان الذي تقول حقا فإنه رأى أريب ؛ و إن كان باطلا فإنها خدعة أديب، وما آمرك به ولا أنهاك عنه . فقال عبد الرحمن بن عوف : لحن ما صدر هذا الفتى عما أوردته فيه ! فقال : لحن موارده جشمناه ما جشمناه . وقال الربيع بن زياد الحارثي : كنت عاملا لأبي موسى الأشعري على البحرين . فكتب إليه عمر بن الخطاب يأمره بالقدوم عليه هو وعماله وأن يستخلفوا من هو من ثقاتهم حتى يرجعوا. فلما قدمنا أتيت يرفأ ، فقلت : يارفأ ، ابن سبيل مسترشد ، أخبرني أن الهيئات أحب إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها أعماله ؛ فأومأ إلى الخشونة . فأخذت هين دطارقين ، ولبست جبة صوف ، ولت رأسي بعامة گناه. ثم دخلنا على عمر ، فصفنا بين يديه وه وصعد فينا نظره وصوب فلم تأخذ عينه أحدا غيري ، فدعاني ؛ فقال : من أنت ؟ قلت : الربيع بن زیاد الحارثي . قال : وما تتولى من أعمالنا ؟ قلت : البحرين . قال : فكم ترزق ؟ قلت : خمسة دراهم في كل يوم . قال : كثير ! فما تصنع بها ؟ قلت : أتقوت منها شيئا وأعود بباقها على أقارب لى ، فما ضل منها على فقراء المسلمين . فقال : لابأس ، آرجع إلى موضعك ؛ فرجعت إلى موضعي من الصف . ثم صعد فينا وصوب (1) يرفأ : غلام عمر بن الخطاب . (۲) مارقين : قد أطبق نعل على نعل هم خرزتا .ان في المرة ان الخطاب 10 (T) و و من العقد الفريد ۱۱ O .ا فلم تقع عينه إلا على ، فدعاني ؛ فقال : كم موك ؟ فقلت : ثلاث وأربعون سنة قال : الآن استحکمت . ثم دعا بالطعام ، وأصحاب حديث عهد بلين العيش وقد تجوعت له ، وأنتي بخبز يابس و أكسار بعير ) ، وهل أصحابني يعاقون ذلك ، وجعلت آكل أجيد الأكل . فنظرت فإذا به يلحظني من بينهم ، ثم سبقت منی كلمة تمنيت أني خت في الأرض ولم ألفظ بها ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن الناس يحتاجون إلى صلاحك ، فلو عمدت إلى طعام هو ألين من هذا . فزجرني وقال : کیف قلت ؟ قلت : أقول : لو نظرت يا أمير المؤمنين إلى قويك من الطحين فيخبز لك قبل إرادتك إياه بيوم ، ويطبخ لك اللحم كذالك ، فتوتی بالخيز لينا و باللحم غريضا . فسكن من ربه وقال : هذا قصدت ؟ قلت : نعم . قال : ياربيع ، إنا لو نشاء لملأنا هذه الرحاب من صلائق و سبائك وصناب ، ولكني رأيت الله تعالى نعي على قوم شهواتهم فقال : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا وأستم بها ثم أمر أبا موسى أن يقرف وأن يستبدل بأحاني ! قوله و لنتها على رأسي . يقال : رجل ألوث ، إذا كان شديدا ، وذلك من التلوث ؛ ورجل ألوث ، إذا كان أهوج ، مأخوذ من الوثة . يقال : ( لشت عمامة على رأسي ) يقول : أدرتها بعضها على بعض على غير استواء. وقوله د صلائق ، هي شيء يعمل من اللحم ، فمنها ما يطبخ ومنها ما يشوي ، يقال : صلقت اللحم ، إذا طبخته ، وصلقته إذا شويته . وقوله د غريضا ، يقول طريا . يقال : لحم غريض ، تراد به الطراوة قال العتابي : إذا ما فاتني لحم غریض و ضربت ذراع بکری فاشتو و د سبائك ، يريد الحواري من الخبز ، وذلك أنه يسبك فيؤخذ خالصه والعرب تسمي الرقاق : السبائك ابن عبد ربه يفسر غياب الخبر 10 و > 5 (۱) في بعض الأصول « وأكسار بغير إدام .. ۱۳ الجزء الأول

ہ است برای السلام على قادم على السادان بن ۱۰ و الصناب ، طعام يؤخذ من الزبيب والخردل ، ومنه قيل للفرس : صنای إذا كان في لونه حمرة . قال كافي معايش آل زيد ، ومن لي باقق والصناب وقوله : «أكسار بعير ، فالكنر والقمل والجزل : العظم يفصل ما عليه من اللحم . وقوله « نعي على قوم شهواتهم ، أي عابهم بها ووبخهم . زياد أول من وما يصحب به السلطان : ألا يسلم على قادم بين يديه ، وإنما است ذلك زیاد ابن أبيه ؛ وذلك أن عبد الله عباس قدم على معاوية و عنده زیاد ؛ فرحب به معاوية وألطفه وقرب مجله ولم يكتمه زیاد شيئا فابتدأه ابن عباس وقال : ما حالك أيا ألمنيرة ! كأنك أردت أن تحدث بيننا وبينك همرا . قال : لا ، ولكنه لا يسلم على قادم بين يدي أمير المؤمنين . فقال له ابن عباس : ماترك الناس التحية بينهم بين يدي أمرائهم . فقال له معاوية : أن عنه يابن عباس ، فإنك لا تشاء أن تغلب إلا نت . ترك أبي مسلم دخل أبو مسلم على أبي العباس وعنده المنصور ، فسلم على أبي العباس . فقال له : المنصور شفرة البامسلم ؛ هذا أبو جعفر ! فقال له : يا أمير المؤمنين . هذا موضع لايقضى فيه إلاحقك ! أبو حاتم عن العتي قال : قدم معاوية من الشام ، وعمرو بن العاص من مصر على عمر بن الخطاب ؛ وأقعدها بين يديه وجعل يسائلهما عن أعمالها ، إلى أن من الشام ومشعر آعترض عمرو في حديث معاوية ، فقال له معاوية : أعملی تعیب وإلى تقصد ؟ هلم تخبر أمير المؤمنين عن عملي وأخبره عن عملك ! قال عمرو : فعل أنه يعملی أبصر منی بعمله ، وأن عمر لايدع أول هذا الحديث حتى يصير إلى آخره ؛ فأردت أن أفعل شيئا أشغل ذلك ، فرفعت يدي فلطمت معاوية . فقال عمر : تالله ما رأيت رجلا أسفة منك ! قم يا معاوية فاقتص منه . قال معاوية : إن أبي أمرني ألأ أقضى أمر دونه . فأرسل عمر إلى أبي سفيان . فلما أتاه ألقى له وسادة و قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه . ثم قص عليه ما جرى بين عمرو ومعاوية . فقال : هذا بعثت إلى : أخوه وابن عمه ؛ الالام على lo معاوية وان العوامی این بانی عمر حین مقاسه نهما به نگه وقد أتى غير كبير، وقد وهبت ذلك له.

لبعضهم في تلمس الحيلة لنصيحة السلطان

وقالوا: ينبغي لمن صحب السلطان أن لا يكتم عنه نصيحة وإن استثقلها، وليكن كلامه له كلام رفق لا كلام خرق، حتى يخبره بعيبه من غير أن يواجهه بذلك ولكن يضرب له الأمثال، ويخبره بعيب غيره ليعرف عيب نفسه.

وقالوا: من تعرّض للسلطان ازدراه، ومن تطامن له تخطّاه. فشبهوا السلطان في ذلك بالريح الشديد التي لا تضر بما لان وتمايل معها من الحشيش والشجر، وما استهدف لها قصمته. قال الشاعر:

إن الرّياح إذا ما أعصفت قصفت
عيدان نبع ولا يعبأن بالرّتم1

لشبيب في مسايرة السلطان

وقال شبيب بن شيبة: ينبغي لمن ساير خليفة أن يكون بالموضع الذي إذا أراد الخليفة أن يسأله عن شيء لم يحتج إلى أن يلتفت، ويكون من ناحية إذا التفت لم تستقبله الشمس.

وزير للهند بين الملك والملكة

وقرأت في كتاب للهند أنه أهدي لملك ثياب وحلى، فدعا بامرأتين له، وخيّر أحظاهما عنده بين اللباس والحلى. وكان وزيره حاضرا فنظرت المرأة كالمشيرة له، فغمزها باللباس تغضينا بعينه، فلحظه الملك. فاختارت الحلية لئلا يفطن للغمزة وصار اللباس للأخرى. فأقام الوزير أربعين سنة كاسرا عينه لئلا تقرّ في نفس الملك، وليظن أنها عادة وخلقة.


  1. الرتم : نبت من دق الشجر يشبه لدقته بالرتم، وهي الخيوط.