العقد الفريد (1953)/الجزء الأول/كتاب اللؤلؤة في السلطان/حسن السياسة وإقامة المملكة
حسن السياسة و إقامة المملكة
للحجاج يصف سيرته للوليد
كتب الوليدُ بن عبد الملك إلى الحجاج بن يوسف يأمره أن يكتب إليه بسيرته، فكتب إليه: إني أيقظتُ رأيي وأنمتُ هواي، فأدنيت السيّدَ المُطاع في قومه، وولّيت المجرِّبَ1 الحازمَ في أمره، وقلّدت الخراجَ الموفّر لأمانته، وقسمت لكل خَصمِ من نفسي قسما أعطيه حظّا من لطيف عنايتي ونظري؛ من العقد الفريد ۱۷ العقول (۳) واجب السلطان ۱۰ وصرفت السيفت إلى النطف المليء ، والثواب إلى المحسن البريء ؛ فاف المريب صولة العقاب ، وتمسك المحسن بحظه من الثواب . وقال أردشير لأنه: با نی ، إن الملك و العدل أخوان لاغنى بأحدهما عن صاحبه لأردشير بوصی فالك أس والعدل حارس ، وما لم يكن له أم فهدوم ، وما لم يكن له حارس قضائع . بابي آجعل حد يك مع أهل المراتب ، وعطاك الأهلى الجهاد ، و بشراك لأهل الدين ، وسرك لمن عناء ما عناك من ذوی وقالت الحكماء : مما يجب على السلطان العدل في ظاهر أفعاله لإقامة أمس سلطانه ، وفي بادان ضميره لإقامة أمر دينه؛ فإذا فسدت السياسة ذهب السلطان . ومدار السياسة كلها على العدل والإنصاف ، لا يقوم سلطان لأهل الكفر والإيمان إلا بهما ولا يدور إلا عليهما ، مع ترتيب الأمور مراتبها وإنزالها منازلها. وينبغي لمن كان سلطانا أن يقيم على نفسه حجة الرعية . ومن كان رعية أن يقيم على نفسه حجة السلطان . ولیکن حكمه على غيره بمثل حكمه على نفسه ؛ فإنما يعرف حقوق الأشياء من عرف مبلغ حدودها ومواقع أقدارها . ولا يكون أحد سلطانا حتى يكون قبل ذلك رعية وقال عبد الملك بن مروان لبنيه : كلكم يترشح لهذا الأمر ، ولا يصلح له منكم إلا من كان له سیف مسلول ، ومال مبذول ، وعدل تطمئن إليه القلوب . ) ووصف بعض الملوك سياسته فقال : لم أهزل في وعد ولا وعيد ، ولا أم لبعض الملوك ولاني ولا عاقبت للغضب . واستكفيت ، وأثبت على النساء لا للهوى . وأودعت القلوب هيبة لم يشها مقت، وودا لم تشبه جرأة . وعممت بالقوت ، ومنع الفضول . 10 ای های ساده (1) النطف : المتهم المريب . (۲) انظر عيون الأخبار (۱۳۰۱) ومحاضرات الأدباء (۱۰۹:۱) فبين الخبر هنا وشاك خلاف في بعض الألفاظ . (۳) استكفيت : وليت الأكفاء (۲ ) 1A الجزء الأول الأعرابي في وصف أمبير
2 بن الوليد بن عبد الملمات وأبيه الأرموطا ایس وادي الإسكندر أن تفعل . وا وذكر أعراني أمير ؟ فقال : كان إذا ولي لم يطابق بين جفونه ، وأرسل العيون على عيونه ؛ فهو غائب عنهم شاهد معهم ؛ فالحسن راج و المسيء خائف . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : : لا يصلح لهذا الأمر إلا اللين في غير ضعف ، القوى في غير عنف .) وقال الوليد بن عبد الملك لأبيه : ياأبت ، ما السياسة ؟ قال : هيية الخاصة مع صدق مودتها واقتياد قلوب العامة بالإنصاف لها ، و احتمال هفوات الصنائع . وكتب أرسطو طاليس إلى الإسكندر : أملك الرعية بالإحسان إليها تلفن بالمحبة منها ، فإن طلبك ذلك منها بإحسانك أدوم بقاء منه باعتسافاك . واعلم أنك إنما تملك الأبدان فاجع لها القلوب بالمحبة : واعلم أن الرعية إذا قدرت أن نقول قدرت أن تفعل : فأجهد ألا تقول تسلم من وقال أردشير لأصحابه : إني إنما أملك الأجساد لا النيات ، وأحكم بالعدل الا بالرضى ، وأخص عن الأعمال لا عن السرائر . وكان عمرو بن العاص يقول في معاوية : اتقوا أدم قریش وابن كريمها ، من يضحك في الضب ، ولا ينام إلا على الرضى ، و يتناول ما فوقه من تحته" وقال معاوية : إني لا أضع سيفي حيث يكفيی و طي ، ولا أضع سو ملی حيث يكفي لساني ؛ ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت . فقيل له : وكيف ذلك ؟ قال : كنت إذا مذوها أو خيا ، وإذا أرخوها مددتها . وقال عمرو بن العاص : رأيت معاوية في بعض أيامنا بصفين خرج في عدة لم أره خرج في مثلها ، فوقف في قلب عسكره جمل ياحظ ميمنته فيرى الخلل ، فیبر إليه من يده . ثم يفعل ذلك تمام مرته ، فخشية اللحظة عن الإشارة . فدخله زهو مما رأی ، فقال : يابن العاص ، كيف ترى هؤلاء وما هم عليه ؟ فقلت : والله يا أمير المؤمنين لقد رأيت من يسوس الناس بالدين والدنيا فما رأيت أحدا أوتي (1) الأدم : الأسوة أو السيد ؛ وفي بعض الأصول و أكرم ، (۲) يصف حسن تأتيه للأمر وقدرته على الصعاب مع يسر . () 10 معاوية عمرو بن العاص في مهاوية و سیاسته ۳۰ ۱۹
0 لابن عباس توجی 1. من العقد الفريل من طاعة رعيته ما أوتي لك من هؤلاء . فقال : أتدري متى انه مد هذا وفي كم ينتقض جميعه ؟ قلت : لا . قال : في يوم واحد . قال : فأكثرت التعجب . قال : إي والله وفي بعض يوم . قلت : وكان ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : إذا كذبوا في الوعد والوعيد ، وأعطوا على الهوى لا على الغناء : فسدت جميع ما تري . وكتب عبد الله بن عباس إلى الحسن بن على إذ ولاه الناس أمرهم بعد على رضي الله عنه : أن شمر للحرب، وجاهد عدوك ، و آئيتر من الظنين دينه بما لا يلى دينك ، وول أهل البيوتات تستصلح به عشائرهم . وقالت الحكماء: أسوس الناس لرعيته من قاد أبدانها بقلوبها، وقلو ها بخواطرها . وخواطرها بأيامها من الرغبة والرهبة . وقال أبرويز لانه شير و به : لا توسعت على جندك سعة يستغنون بها عنك لأبرويز يوصی ولا تضيق عليهم ضيقا يضجون به منك ، ولكن أعطهم عطاء قصدا ، وآمنعهم منعا جميلا ، وابسط لهم في الرجاء ، ولا تبسط لهم في العطاء . ونحو هذا قول المنصور لبعض واده . صدق الذي قال : أجمع كلبك يتبعك، بين الن ور ومنه يأكلك. فقال له أبو العباس الطوسي : يا أمير المؤمنين ، أما تخشى إن 15 أجعته أن يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك . وكتب أرويز إلى ابنه شیر و به من الحبس : أعلم أن كلمة منك تسفك دماء الأبرويز ينصح وأخرى تحقن دماء ، وأن خطك سيف مسلول على من تخطت عليه ، وأن رضاك بركة مستفيضة على من رضيت عنه ، وأن نفاذ أمرك مع ظهور كلامك . فاحترس في غضك من قولك أن يخطئ . ومن لونك أن ينفير ، وعن جسدك أن تخت ؛ فإن الملوك تعاقب حزما وتعفو لا . واعلم أنك تجل عن الغضب ، وأن ملكك يصر عن رضاك ، فقدر لسخطك من العقاب كما تقدر لرضاك من الثواب
من خطبة لسعيد ابن سويد
وخطب سعيد بن سويد بمحص، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إنّ للإسلام حائطا منيعا، وبابا وثيقا. فحائط الإسلام الحق وبابه العدل، ولا يزال الإسلام منيعا ما اشتدّ السلطان، وليست شدة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط ولكن قضاء بالحق وأخذ بالعدل.
لابن الحكم في الحاقد على السلطان
وقال عبد الله بن الحكم إنه قد يضطغن على السلطان رجلان: رجل أحسن في محسنين فأثيبوا وحرم، ورجل أساء في مسيئين فعوقب وعفي عنهم؛ فينبغي للسلطان أن يحترس منهما.
لأبرويز يوصي ابنه شيرويه
وفي التاج: كتب أبرويز لابنه شيرويه يوصيه: ليكن من تختاره لولايتك امرءا كان في ضعة فرفعته، أو ذا شرف كان مهملا فاصطنعته. ولا تجعله امرءا أصبته بقعوبة فاتضع لها، ولا امرءا اطاعك بعد ما أذللته2. ولا أحدا ممن يقع بقلبك3 أن إزالة سلطانك أحبّ إليه من ثبوته؛ وإياك أن تستعمله ضرعًا غَمرًا4 كثيرا اعجابه بنفسه، قليلا تجربته في غيره. ولا كبيرا مدبرا قد أخذ الدهر من عقله كما أخذت السنّ من جسمه.