انتقل إلى المحتوى

الشوق العائد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

الشوق العائد

​الشوق العائد​ المؤلف علي محمود طه


إهدئي يا نوازع الشّوق في قلبـ
ـي فلن تملكي لماض رجوعا
آه هيهات أن يعود و لو أفـ
ـنيت عمري تحرّقا و ولوعا
آه هيهات أن يعود و لو ذوّ
بت قلبي صبابة و دموعا
فاهدئي الآن يا لثورتك الهو
جاء جبّارة تدك الضّلوعا
رحمة يا نوازع الشّوق لو نا
ديت ماضيّ ما وجدت سميعا
أسدل القلب دونه ألف ستر
عبرات و مثلهنّ نجيعا
رحمة يا نوازع الشّوق لو حا
ولت بعث الهوى فلن أستطيعا
كيف يحيى زهر ذوى في إناء
بات في قبضة الحياة صديعا
رحمة يا نوازع الشّوق بالقلـ
ـب فما يستطيع بعد نزوعا
إن تكوني أحببتع فدعيه
ناعما بالكرى رضيّا قنوعا
نسي الأمم أو سلا فتعالي
نجث صمتا من حوله و خشوعا
أو فكوني في حلمه الزّهر و الأنـ
ـغام و الخمر و العروس الشّموعا
أيّها الزّائر المعاود ما ألـ
ـقاك أحسنت بالمزار صنيعا
ما أرى في سمات وجهك إلاّ
شبحا رائعا و حلما و جيعا
يتوقّاه ناظري كأنّي
فيه ألقى آلام عمري جميعا
طال ليلي فما طويت هزيعا
منه إلا نشرت منه هزيعا
أيّها الشّوق خلّ عنك و دعني
و امض لا خادعا و لا مخدوعا
أين هذا الجمال أرعاه كالبر
ق خلوبا و أجتليه لموعا
أين هذا الخيال أسقاه كأسا
بيد منه فجّرت ينبوعا
أين لا أين! ما غنائي بالذكـ
ـرى و قد أصبح الوهوب منوعا!
عدت يا شوق لي و عاد لياليـ
ـك و لكن وجدت قلبا صريعا
عدت من بعد لوعة أحرقته
وجفته على الرّماد ضجيعا
و ليال من الفراغ عوات
هرأته ثلوجهنّ صقيعا
عدت يا شوق! فيم عدت؟ ربيع الـ
ـعمر ولّى! فهل تعيد الرّبيعا؟!