إجرح القلب واسق شعرك منه
المظهر
إِجرَحِ القَلبَ واسقِ شِعرَك مِنهُ
إِجرَحِ القَلبَ واسقِ شِعرَك مِنهُ
فَدَمُ القَلبِ خَمرَةُ الأَقلامِ
مَصدَرُ الصَدقِ في الشُعور هوَ القَلبُ
وفي القَلبِ مَهبَطُ الإِلهامِ
وَإِذا أَنتَ لَم تُعَذَّب وَتَغمِس
قَلَماً في قُرارَةِ الآلامِ
فَقَوافيكَ زُخرفٌ وَبَريقٌ
كَعِظامٍ في مَدفَنٍ من رُخامٍ
وَإِذا القَلبُ لم يُرَقَّق بِحُبٍّ
حَجَّرتَه ضَغائِنُ الأَيّامِ
وَالهِوى دون اكبُدٍ لَيسَ يَحيا
فَغِذاءُ الهوى من الأَجسامِ
ضَحِّ بِالقَلبِ إِن هَويتَ فَلَيسَ
القَلبُ إِلّا وَليمَةً لِلغَرامِ
يا لَها في الهَوى وَليمَةَ قَلبٍ
سَوفَ يَبقى لَها صَدىً في الاِنامِ
واشقَ ما شِئتَ فَالشَقا مُحرَقاتٌ
صَعِدَت مِن مَذابِح الأَرحامِ
رُبَّ جُرحٍ قَد صارَ يُنبوع شِعرٍ
تَلتَقي عِندَهُ النُفوسُ الظَوامي
وَزَفيرٍ أَمسى إِذا قَدَّسته الروحُ
ضَرباً من أَقدَسِ الأَنغامِ
وَعَذابٍ قد فاحَ منهُ بَخورٌ
خالِدٌ في مَجابِرِ الأَحلامِ
قَطَفَ الهَمُّ وَالأَسى زَهَراتٍ
نَبَتَت في ضِفافِ نَبعِ الدُموعِ
وَجنى البُؤسُ بَعضُ أَشواكِ وَردٍ
عَطفَتها الصَبا على اليَنبوعٍ
وَإِذا بِالغَرامِ يَضفِرُ مِنها
لِشَفيقٍ إِكليلَ قَلبٍ وَجيعِ
وَتَراءَت مَلائِكٌ لِشَفيقٍ
في ثَنايا غَمامَةٍ بَيضاء
وَابَتها من السَماءِ عَذارى
طاهِراتٌ كَأَدمُعِ الشُعراءِ
حامِلاتٌ على الصُدورِ حُلِيّاً
كَمَصابيحَ أُشعِلَت في السَماءِ
او عناقيدَ أَنضَجَتها شُموس الحُبِّ
في عالَمِ الخَيالِ الرَفيع
وَتَراءَت له سَلالِمُ حَمراءُ
تَدَلَّت أَذيالُها في الأَثيرِ
فُرِشَت كُلُّ سُلَّمِ بورودٍ
وَرَبَطَتها شَفائِفٌ من حَريرِ
وَعَلى كُلِّ وَردَةٍ قَطَراتٌ
شَعَّ منها لم أَدرِ أَيَّ شُعورِ
فَكأنَّ الوُرودَ جاماتُ حُبٍّ
أَو قَواريرُ رُصِّعت بِدموعِ
وَتَراءَت له جُموعُ العَذارى
فَوقَ تِلكَ السَلالِم العلويَّه
عازِفاتٍ له مَزاميرَ جاودَ
بِكِنّارةِ الهوى القُدسِيَّه
كلَّ لَيلٍ يا رَبِّ أَغمُرُ بِالدَمعِ
سَريري مِن أَجلِ تِلكَ الخطيَّه
وَيُميعُ الفِراشَ ماءُ عيوني
كُنَّ يَعزِفنَ وَالصَدى في الرَقيعِ
في قُلوبِ الوَرى فَسادٌ وَلا صِدقَ
بِأَفواهِهِم فَفيها شُرورُ
وَحُلوقُ الوَرى قُبورٌ وَلَمّا
انقَطَعَ اللَحنُ وَاِنتَهى المَزمورُ
سَمِعَ العاِِقُ المُعَذَّبُ صَوتاً
رَجَّعَت في العَلا صَداهُ الخدورُ
طَهَّرَتكَ الآلامُ من كُلِّ رِجسٍ
وَالهَوى في فُؤادَكَ المَوجوعِ
قَدَّسَت شُعلَةُ السَما فَمَكَ الإِنسِيَّ
فَاِحمَد نارَ السَماءِ وَمَجِّد
وَهَواكَ الشَقِيُّ قَدَّسَه الدَمعُ
فَغَمِّسهُ بِالدِماءِ وَخَلِّد
فَجرَّ الحُبُّ مِن فُؤادِكَ شِعراً
أَيُّها البُلبُلُ الصَموتُ فَأَنشِد
أَيُّها الفاتِحونَ في الأَرضِ طُرّا
أَيُّها الشارِبونَ كَأسَ الدِماءِ
أَيُّها الشاخِصونَ لِلكَونِ سُخرا
من خِلالِ القَذائِفِ الصَمّاءِ
قَد عَرَفتُم مَجدَ العُروشِ العَظيمَه
وَطَلَيتُم تيجانَكُم بِاللُبانِ
وَعَشِقتُم من الجَمالِ نُجومَه
وَاِرتَدَيتُم مَطارِفَ الأُرجُوانِ
ذُقتُمُ الحُبَّ في مَجالي جَمالِه
بَينَ رَقصِ الأَجسادِ وَالأَوتارِ
وَاِغتَصَبتُم حَتّى حَريمَ خَيالِه
مُذ شَبِعتُم من شَهوَةِ الأَقذارِ
وَاِفتَتَحتُم مُلكَ الثَرى بِالصَوارِم
وَسَكِرتُم بِخَمرَةِ الاِنتِصارِ
وَشَربُتُم دَمَ الوَرى بِالجَماجِم
وَاِختَصَرتم صَفائِحَ الأَعمارِ
ذُقتُمُ الراحَ في اِختِلافِ كُؤوسِه
وَتَفَلتُم عَلى يَدِ العَصّارِ
ما تَرَكتُم لِلشَعبِ غَيرَ رُموسِه
وَظَماءِ الأَحشاءِ لِلخَمّارِ
وَعَرفتُم في المَجدِ كلَّ الأَماكِن
وَقُصارى لَذّاتِهِ الحَمراءِ
وَعَرفتُم حَتّى الغُيوبَ وَلكِن
ما عَرَفتُم في المَجدِ نورَ السَماء