أنت كالورد من الأرض بدا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أنت كالورد من الأرض بدا

​أنت كالورد من الأرض بدا​ المؤلف محمد إقبال


أنت كالورد من الأرض بدا
من ضمير الذات نلت المولدا
لا تعد الذات واخلد أبدا
قطرة كن واشرب البحر صدى
إنما الربح بهذي الثروة
والغني في حفظ هذي السلعة
أنت موجود وفي خوف العدم
يا أسير الوهم أخطأت الفهم
عندي الخبر بأوتار الحياه
سأنبيك بأسرار الحياه
غوصة في النفس غوص الدرة
وظهور بعد هذي الخلوة
هي جمع من رماد شررا
واشتعال بعد يعشى البصرا
هي حول الذات طوف فاعلم
واجعلن نفسك بيت الحرم
حلقن في اللوح عن جذب التراب
من هوى لا تخف مثل العقاب
أنت إن لم تك طيرا ويحكا
فعن الغار فأبعد عشكا
أيها الجاهد في كسب العلوم
عن إمام الروم خذ نصح الحكيم
إنما العلم لدى الجسم شقاء
وهو في القلب دواء وشفاء
قصة الرومي تقضي بالعجب
كان فيضا من علوم في حلب
وعلى رجليه للعقل قيود
في ظلام العقل بالفلك يرود
هو موسى دون طور يشرق
ما درى ما العشق أو من يعشق
وعن الإشراق والشك حكى
ومن الحكمة درا سلكا
وعن المشاء حل العقدا
كل خاف من سناه قد بدا
وحواليه صوان الكتب
وعلى فيه بيان الكتب
أم يوما مكتب الملا جلال
شيخ تبريز بأمر من كمال
قال ماذا القال والقيل وما
من قياس ودليل أوهما
صرخ الرومي مهلا يا جهول
لا تهون من مقالات العقول
اخرجن من مكتبي يا أبله
قالنا والقيل أني تفقه
قالنا أرفع مما تعقل
سرج الإدراك منه تشعل
نار شمس الدين زادت حرقا
فرمى من روحه ما أحرقا
فاستطار البرق من نظرته
وتلظى الترب من شعلته
فإذا الإدراك من نار القلوب
محرق والكتب منها في لهيب
جهل الرومي عشقا أضرما
ما درت أوتاره ذا النغما
قال هذي النار ما قصتها
أحرقت أسفارنا وقدتها
قال شمس الدين ياذا المسلم
ذوقنا والحال أني تعلم
حالنا أرفع مما تفكر
ولظانا الكيمياء الأحمر
تجمع الحكمة زادا بردا
فسحاب الفكر يهمى بردا
من هشيم فيك أذك اللهبا
من تراب فيك أطلع شهبا
من لهيب القلب علم الكامل
مقصد الإسلام ترك الآفل
صد إبراهيم عما يأفل
فحوته كالجنان الشعل
قد نبذت الدين ظهريا وما
تبتغي بالدين إلا الدرهما
أيها الساعي لكحل المقل
غافلا عما به من كحل
من فم التنين فابغ الكوثرا
واسألن ماء الحياة الخنجرا
حجر الكعبة من بيت الوثن
التمس والمسك في الكلب اطلبن
طفئ العشق بعلم الحاضر
لا تؤمل كأس هذا الكافر
قد براني السعي في كل بعيد
وعرفت السر في العلم الجديد
وحبانى سر هذي الجنة
قيم البستان بعد الخبرة
علم ذا العصر حجاب أكبر
يعبد الوثن وفيها يتجر
من حدود الحس لا ينطلق
وله الظاهر سجن مغلق
زلقت رجلاه في سبل الحياة
وضعت في حلقه السيف يداه
كشقيق فيه نار هامده
شعلة كالطل فيه بارده
من لهيب العشق تخلو فطرته
في طلاب الحق تبدو خيبته
علل العقل لها العشق دواء
مبضع العشق لدى العقل شفاء
سجد العالم للعشق الجليل
هو محمود لأصنام العقول
جامه من نشوة الراح خلا
ليله عن وجد يارب سلا
سروك الباسق قد أغلته
كل سرو غيره أكبرته
أنت كالناي خلى من جواك
بلحون الناس أعليت صداك
تبتغي نفسك في سوق سواك
وسماط الناس تجدوه يداك
من سراج الناس نادينا استعر
أحرق المسجد من دير شرر
ظبينا خاف سواد الكعبة
فرماه صائد في الثغرة
ورق الوردة كالعرف انتشر
جافلا من نفسه عد للمقر
يا أمين السر من أم الكتاب
هل إلى وحدة ماضينا إياب
نحن حراس حصون الأمة
كفرنا ترك شعار الملة
أ كؤس الساقي أراها كسرا
حفل ندمان الحجاز انتشرا
تعمر الكعبة من أصنامنا
يضحك الكفر على إسلامنا
شيخنا باع الدمى ملته
جاعلا زناره سبحته
شيخ الشيخ بياض الشعر
وهو للأطفال مثل السخر
قلبه بيت لأصنام هواه
فهو صفر مقفر من لا إلاه
يلبس الخرقة من يرخى الشعر
آه للتاجر بالدين اتجر
بمريديه أدام السفرا
في هدي أمته ما فكرا
أعين عمي حكاها النرجس
وصدور من قلوب تفلس
عبد الأشياخ فينا المنصب
حرمة الأمة منهم تذهب
واعظ عيناه شطر الوثن
وفتاوى تشترى بالثمن