أمنك الذكر يعصف بالقلوب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أمنك الذكر يعصف بالقلوب

​أمنك الذكر يعصف بالقلوب​ المؤلف أحمد محرم


أمنك الذكر يعصف بالقلوب
ويقذف بالمضاجع والجنوب
لأنت على ركودك مستطير
من الأرواح مطرد الهبوب
تظل قواه إن ونت الليالي
حثاث الكر ممعنة الدؤوب
قضيت الدهر مالك من قرار
ولا بك في اعتزامك من لغوب
جعلت نصيب نفسك أن تراها
وما للموت فيها من نصيب
لنعم فتى الكنانة غير واه
إذا جد البلاء ولا هيوب
وما بعض الحماة وإن تغالى
بثبت في الخطوب ولا صليب
إذا ضاق الخناق به تنحى
يلوذ بكل مرتكض رحيب
يميل مع الشمال فان تناهت
بها الغايات مال مع الجنوب
بمن يثق السواد إذا تبارى
سماسرة المقنعة الخلوب
ومن يحمي البلاد إذا رمتها
بنات الدهر باليوم العصيب
طبيب النيل هل للنيل شاف
وهل للداء بعدك من طبيب
ألم تر كيف أخطأ كل آس
ومن لك بالنطاسي المصيب
هوى الوطن الجريح وكنت قدما
تضم جوانب الجرح الرغيب
على الدنيا العفاء إذا تولى
أطباء الممالك والشعوب
أتى زمن النعاة فما لمصر
سوى طول التفجع والنحيب
أتنظر نكبة الوطن المذكى
وتسمع صيحة الشعب الحريب
إذا ما مصر زلزل جانباها
فمن خفقان قلبك والوجيب
وإن جرت الرياح بها لهيبا
فتلك حرارة الوجد المذيب
كفاك أما تزال أخا هموم
كعهدك قبل عادية المغيب
حملت جوى المشوق وأنت ثاو
بوادي الموت للوادي الخصيب
مضى الشهداء ليس لهم نقيب
فكنت لهم بمنزلة النقيب
تبارك وجه من أعطاك وجها
يضيء جوانب الجدث المهيب
ترف الحور والولدان شوقا
إلى ما فيه من ترف وطيب
تنزه في الحياة عن الدنايا
وصين عن القوادح والعيوب
يريك جلاله الحرم المحلى
وعتق المصحف الأنق العجيب
خطيب الأمتين أعن ملال
تركت الأمتين بلا خطيب
أهب بالغافلين وقل بلادي
دعوتك باسم ربك فاستجيبي
بلادي كيف أنت على العوادي
وماذا ذقت من عنت الخطوب
بلادي هل صدقت الجد بعدي
أم استغنيت بالأمل الكذوب
بلادي هل درجت على سبيلي
وملت عن المسارب والدروب
أرى شيعا وأحزابا غضابا
لغير الله والوطن الغضوب
أرى سلبا يطيح على أكف
تراش سهامها بيد السليب
أرى شعبا يقاد إلى المنايا
فيذهب ممعنا خبب الجنيب
برئت من الكنانة إن أقامت
على تلك المآثم والذنوب
إمام المهتدين أفض علينا
من النور المحجب في الغيوب
ألست ترى السواد طغى عليه
ظلام الموقف الخطر الرهيب
تركت الأمر مجتمعا فأمسى
كثير السبل مختلف الضروب
وكان الحق للأقوام دينا
فبدل كل أواه منيب
ألا أرنا مناسكنا فإنا
من الأحبار في أمر مريب
هم اتخذوا الشرائع مسرجات
مذللة الغوارب للركوب
تحامى العدوة القصوى وتهوي
براكبها إلى الأمد القريب
رعاة الشعب طاع لههم فأمسى
بواد من سياستهم جديب
يمارس فيه شرة كل ضار
سريع الشد مستعر الوثوب
يصول بحد أعصل ذي صريف
وصلت من دم القتلى خضيب
ولم أر كالشعوب تساس فوضى
وتؤخذ بالمخالب والنيوب
رمى الأبصار ساحرها فزاغت
وران هوى النفوس على القلوب
فما عرف النصيح من المداجي
ولا وضح الصريح من المشوب
أيخذل في الكنانة كل حر
وينصر كل صخاب شغوب
ويمنع ذو القضاء الحق منا
ويقضي كل أزور ذي نكوب
ويرمى ذو البراءة من ذوينا
بملء والأرض من إثم وحوب
يعاب المرء يصدق من يوالي
ويصبر للشدائد والكروب
ويحمد كل مختلف المساعي
إلى الاقوام جياء ذهوب
يريك ضحى لباس فتى أمين
فإن لبس الظلام فذو دبيب
يكاد من التلصص والتخفى
يشق السبل في عين الرقيب
لتلك الجاهلية أو أراها
حكومة غير ذي النصف اللبيب
لدين الجاهلية كان أدنى
إلى الإسلام منها والصليب
سنيحك ربنا أبكل جو
محلق بارح عجل النعيب
أما يتهلل المحزون إلا
رمته يد الحوادث بالشحوب
فوا أسفي لآمال حسان
هززت لهن أعطاف الطروب
غرسناهن خضرا يانعات
فأخلفهن كل حيا سكوب
ذوين فكن لي ولكل حر
أواخر نضرة العيش الرطيب
أراقب دولة الخلف المرجى
وأخشى ما أصاب بني عتيب
فيا وطنا وهبت له شبابي
وما رعت المروءة من مشيبي
لأجلك ما حييت أعيش حرا
وفيك أموت موت فتى نجيب
ظلمتك إن رضيت عقوق خل
سواك أو احتملت أذى حبيب
ومن شرف المجاهد أن تراه
يجل عن المعاقب والمثيب
وما حسب الأديب وإن تناهى
بمستغن عن الأدب الحسيب
برئت من القريض غداة أمضي
أبيع كريمه بيع الجليب
فويحي للقواصف من قواف
كأمثال القواذف باللهيب
رميت بها النيام فراجعتني
مروعة الزمازم تتقي بي
تمر بهم مخيبة وتأتي
لها زفرات مرتمض كئيب
نفضت الواديين فما استفاقوا
وتلك نكيثة الداعي المهيب