أمسك الصبا أهدت إلي صبا نجد
المظهر
أمسكَ الصبا أهدتْ إلي صبا نجدِ
أمسكَ الصبا أهدتْ إلي صبا نجدِ
وقد ملِئَتْ أنْفاسُهُ لِي بالوجدِ
رماني بحرّ الشوق بردُ نسيمها
أحدثتَ عن حرّ مذيب من البردِ
وما طابَ عرفٌ من سراها وإنما
تطيبُ في جنح الدجى بِسُرَى هند
حدا بالأسى شوقي رواحل أدمعي
فكم خدّدَ الخد الذي فوقه تَخْدِي
ولي ذمّةٌ مرعيّةٌ عند عَبْرَةٍ
تواصل ودي في فراق ذوي الود
أُحِبُّ حبيباً نَجْلَ أوْسٍ لِقَوْلِهِ:
"فيا دمعٌ أنجدني على ساكني نجد"
نوى أسلمتْ منا خلياً إلى شجىً
ووصلاً إلى هجر، وقرباً إلى بعد
وأسدٍ على مثل السعالي عوابس
لها لَبَدٌ من صَنعةِ الحَلَق السّرْد
كُفَاةٌ وغيدٌ، أهدت الرّيحُ منهما
لنا سَهَكَ الماذيّ في أرَج الند
سروا بالمها وهناً ومن ورق الظّبا
كناسٌ عليها حُفّ بالقصب المُلدِ
ندير عيوناً شيبَ بالحسن حُسنها
فلله منها ما تُسر وما تبدي
وتحسبُ منها في البراقع نرجساً
تخطّ الأسى بالطلّ في صفحةِ الخد
وكم غادةٍ لا يعرفُ الرئمُ مثلها
رمتني بِسَهْمَيْ مقلتيها على عمد
فريدةُ حسن، تخجل البدر بالسنا
ودعصَ النقا بالرّدف، والغصن بالقد
إذا عقدت، عَقْدَ الخيولِ، وشاحَها
على خصرها المجدول أوهت من العقد
مهاةٌ تكاد العين من لين جسمها
ترى الورق المخضّر في الحجر الصلد
يَضِلّ سُرى المشط المسرح فرعها
إذا ما سرى في ليلِ فاحمه الجعد
وتندى بمفتوتٍ من المسكِ صائك
قديرٍ إلى عصر الشباب على رد
فلا تكُ منها ظالماً لِصِفاتِها
على الَثّغْرِ بالإغريضِ والرّيقِ بالشهدِ
إذا باتَ قلبي بالصبابةِ عندها
ففي أي قلبٍ بات وجدي بما عندي
وليلٍ هوتْ فيه نجومٌ كأنها
يعاليلُ بحرٍ مُضمرِ الجزر في المد
كأنَّ الثريّا فيه باقةُ نرجسٍ
من الشرق يُهديها إلى مَغْرِبٍ مُهْد
أردتُ به صَيْدَ الخيالِ ففاتَنِي
كما فرّ عن وصل المتيَّم ذو صد
فكيفَ يصيدُ الطيفَ في الحلم ساهرٌ
أقلّ كرى من حَسْوَة الطائرِ الفرد
أخو عَزَمَاتٍ باتَ يعتسِفُ الفلا
بعيرانةٍ تردي وخيفانة تخدي
قفارٌ نجت منها الصبا إذ تعلقت
حُشَاشَتُهَا مني بحاشية البرد
وقد شُقّ خيطُ الفجر في جنح ليلنا
كما شُقّ حد السيف في جانب الغمد
وأهدت لنا الأنوارُ في أرض حمةٍ
من ابنِ عليٍّ غُرّةَ القمر السّعْد
هنالك ألقى المجتدون عصيّهم
بحيثُ استراحوا من مطاوعة الكد
لدى ملكٍ يُربي على الغيث جودهُ
وَيَغْرَقُ منه البحرُ في طَرَفٍ الثمد
مندّى الأماني في مراتع ربعه
ومستمطر الجدوى، ومنتجع الوفد
ينير سريرُ الملك منه بأروع
سنا نورِهِ يجلو قذى الأعين الرمد
غنيّ، بلا فقر لذكرى قديمةٍ
بمفخره عن مفخر الأب والجد
إذا السبعةُ الشهبُ العليَّةُ مثّلتْ
بمنظومٍ عِقْدٍ كان واسطةَ العقد
جوادٌ بما قد شئت من بذل نائلٍ
ومن كرمٍ محضٍ، ومن حسبٍ عدِّ
يجود ارتجالاً بالمنى لا رويَّةً
فلا حُكْمَ تسويفٍ عليه ولا وعد
تعوّد ظهر الحُجرِ في الحجرِ مركباً
ومَهّدَتِ العليا له الملكَ في المهد
وقالت لقدّ السيف نبعهُ قَدِّهِ
ستعلمُ ما يلقاه حدّكَ من حدّي
ترى الملكَ يستخذي لشدّة بأسه
خضوع ابن آوى للغضنفرة الورد
تقوم على ساقٍ به الحربُ في العدى
ومجلسُهُ في صهوة الفرس النّهْد
ويمتحُ نفسَ القِرْنِ عاملُ رُمحهِ
كما يمتح الماءَ الرشاءُ من الجُد
إذا شرع الخطيَّ أغرى سنانه
من الذِّمر، معتاداً، بجارحة الحقد
سليلُ الملوك الغر يؤنسُهُ النّدى
إذا ما عُلاهُ أوحشته من النِّدّ
وما حِمْيَرٌ إلاَّ الغطارفة الألى
أياديهمُ تُسْدَى وأيديكُمُ تسدي
يصولون صولَ الذائدين عن الهدى
ويعفون عفو القائدين ذوي الرشد
وتسلب تيجان الملوك أكفُّهمُ
إذا طوقوا أيمانهمْ قضبَ الهند
وحربٍ كأن البأس ينقدُ جمعها
ليعلم فيهم من يُزيَّفُ بالنقد
ويقدح، قرعَ البيض في البيض، نارها
كما ينتضي القدحُ الشرارَ من الزند
ضحوكٌ عبوسٌ في مراحٍ، مُنَقَّلٌ
عن الهزل في قطف الرءوس إلى الجد
حشوها على الأعداء بالبيض والقنا
وبالزّرَدِ الموضون، والضُمّر الجُرْد
أقول لك القولَ الكريم الذي به
جرى قلم العلياء في صحف الحمد
وإن كنتُ عن علياك فيه مقصِّرا
فعذر مقلّ جاءَ بين يدي جهدي
لك الفخر في جهر المقال كأنَّما
يُردّدُ في الأسماع صلصلة الرعد
تولّى عليٌّ عهدَ يحيى وبعده
توليتَ عهدَ الملك، قُدّسَ من عهد
وتوّجَ يحيى قبل ذاك بتاجه
تميمٌ، ومسعاه على سَنَنِ القصد
وقال معزّ اليدن ذو الفخر لابنه
تميمٍ: سريرُ الملك أنتَ له بعدي
ولو عَدّ ذو علمٍ جدودكَ لانتهى
إلى أوّلِ الدنيا به آخرُ العد
وأنت على أعمارهم سوف تعتلي
لعمرٍ مقيمٍ في السعادة ممتد
بكفّك سلّ الدِّين للضرب سيفه
وأضحى على أعدائه بك يستعدي
سددت بأقيال الأسود ثغورهُ
وحقّ بها فتح الثغور من السد
وجيشٍ عريضٍ بالشياح طريقه
يموج كسيلٍ فاض منخرقَ السد
كأنَّ المنايا في الكريهة ألفيت
على خلقها من خلقه صورُ الجند
وحربِيَةٍ في طالع السعد أُنْشِيَتْ
فنيرانُها للحرب دائمةُ الوَقْدِ
جبالٌ طفت فوق اليماه وغيضتْ
بسمر القنا والمرهفات على الأسد
ودُهمٌ بفرسان الكفاح سوابحٌ
تجافيفها في الروع منسدل اللبد
فمن كلّ ذي قوسين يرسل عنهما
سهامَ المنايا فهي مُصْمِيةٌ تُرْدِي
وترمي بنفطٍ نارُهُ في دخانه
به الموتُ محمرّ يؤوب بمسودّ
وتحسب فيه زفرةً من جهنم
تَصَعّدُ عن فَتْلِ اللوالب بالشد
عرائسُ أغوالٍ تهادى وإنَّها
لَتُهْدِي، إذا صالت، من الموت ما تهدي
قلوبُ عداةِ الله منها خوافقٌ
كما قلبت فيها الصَّبَا عَذَبَ البند
أبوك أصابَ الرشد فيها برأيه
وهدّ بها رُكْنَ العِدَى أيّمَا هَدّ
وأصبحتَ منه في سجايا مُعَظَّمٍ
وحدُّ معاليك التعاليك عن الخد
ولو كان يُستجدى الغمام بزعمهم
من البحر أضحى منك في المجد يستجدي
فلا زالت الأعيادُ تلفيك سيدا
ينهَّى الندى في صونه رمثَ المجد