ألا أيها القلب الطروب المكلف

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​ألا أيّها القَلْبُ الطّروبُ المُكَلَّفُ​ المؤلف جرير


ألا أيّها القَلْبُ الطّروبُ المُكَلَّفُ
أفقْ ربما ينأى هواكَ ويسعفُ
ظَلِلتَ وَقد خبّرْتَ أن لَستَ جازِعاً
لرَبْعٍ بِسَلْمَانِينَ عَيْنُكَ تَذْرِفُ
و تزعمُ أنَّ البينَ لا يشعفُ الفتى
بَلى ! مثلَ بيني يَوْمَ لُبنانَ يَشعَفُ
وَطالَ حِذارِي غُرْبَةَ البَينِ وَالنّوَى
و أحدوثةٌ منْ كاشحٍ يتقوفُ
و لةْ علمتْ علمي أمامةُ كذبتْ
مَقَالَةَ مَنْ يَنْعى عَليّ، وَيعْنُفُ
بأهلي أهلُ الدارِ إذْ يسكونها
و جادكِ منْ دارٍ ربيعٌ وصيف
سَمعتُ الحَمام الوُرْقَ في رَوْنَق الضّحى
بذي السّدرِ مِن وَادي المَرَاضَينِ تهتفُ
نظرتُ ورائي نظرةً قادها الهوى
وَألْحي المَهارَى يَوْمَ عُسفانَ ترْجُفُ
تَرَى العِرْمِسَ الوَجناءَ يَدمى أظَلُّها،
و تحذي نعالاً والمناسمُ رعفَّ
مددنا لذاتِ البغي حتىَّ تقطعتْ
أزابيها والشدقميُّ المعلفَّ
ضَرَحْنَ حصَى المَعزَاء حتى عُيُونُها
مُهججةٌ أبْصَارُهُنّ، وَذُرَّفُ
كأنَّ ديارا بينَ أسنمةِ النقا
و بينَ هذاليلِ النحيزةِ مصحفَ
فلستُ بناسٍ ما تغنتْ حمامةٌ
وَلا ما ثوَى بينَ الجَناحَينِ زَفْزَفُ
دِياراً مِنَ الحيّ الذيِنَ نُحِبّهُمْ
فَما للمَخازِي عَن قُفَيرَةَ مَصرَفُ
هُمُ الحيّ يرْبُوعٌ تعادى جِيادُهُمْ
على الثّغْرِ وَالكافُونَ ما يُتخوَّفُ
عليهم منَ الماذي كلُّ مفاضةٍ
دلاصٍ لهاذيلٌ حصينٌ ورفرفَ
وَلا يَسْتوِي عَقْرُ الكَزُومِ بَصوْأرٍ،
وَذو التّاجِ تحْتَ الرّايةِ المُتسَيِّفُ
و مولى تميمٍ حينَ يأوى إليهمِ
و إنْ كانَ فيهمْ ثروةُ العزَّ منصفُ
بني مالكٍ جاءَ القيونُ بمقرفٍ
إلىَ سابقٍ يجري ولا يتكلفُ
و ما شهدتْ يومَ الايادِ مجاشعٌ
و ذا نجبٍ يومَ الأسنهةِ ترعفُ
لَقدْ مُدّ للقينِ الرّهانُ فرَدّهُ،
عنِ المَجدِ، عِرْقٌ من قُفَيرَةَ مُقرِفُ
لحى الله مَنْ ينْبُو الحُسامُ بكفّهِ
و منْ يلجُ الماخورَ في الحجلِ يرسفُ
ترَفّقْتَ بالكِيرَينِ قينِ مُجاشِعٍ،
و أنتَ بهزَّ المشرفيةِ أعنفُ
و تنكرُ هزَّ المشرفيَّ يمينهُ
وَيعْرِفُ كفّيْهِ الإناءُ المُكتَّفُ
وَلوْ كُنتَ مِنّا يا ابنَ شِعرَةَ ما نبا
بكفيكَ مصقولُ الحديدةِ مرهفُ
عرفتمْ لنا العزَّ السوابقَ قبلكمْ
وكانَ لقيْنَيكَ السُّكَيتُ المُخَلَّفُ
أنَا ابنُ سَعدٍ وَعَمروٍ وَمَالِكٍ،
و دفكَ منْ نفاخةِ الكيرِ أجنفُ
ألمَ ترَ أنَّ اللهَ أخزى مجاشعاً
إذا ضَمّ أفْوَاجَ الحَجيجِ المُعرَّفُ
وَيوْمَ مِنىً نادتْ قُرَيشٌ بغدرِهمْ،
وَيوْمَ الهدايا في المشاعرِ عُكَّفُ
و يبغضُ سترُ البيتِ آلَ مجاشعٍ
و حجابهُ والعابدُ المتطوفُ
و كانَ حديثَ الركبِ غدرُ مجاشعٍ
إذا انحدَروا مِنْ نَخلتَينِ وَأوجَفُوا
و إنَّ الحواريَّ الذي غرَّ حبلكمْ
لَهُ البَدْرُ كابٍ وَالكَوَاكِبُ كُسَّفُ
و لو في بني سعدٍ نزلتَ لما عصتْ
عَوَانِدُ في جَوْفِ الحَوَارِيّ نُزَّفُ
نسوراً رأتْ أوصالهُ فهي عكفُ
فلستَ بوافٍ بالزبيرْ ورحلهِ
وَلا أنْتَ بالسِّيدانِ بالحَقّ تُنْصِفُ
بنو منقرٍ جروا فتاةَ مجاشعٍ
و شدَّ ابنُ ذيالٍ وخيلكَ وقفُ
فَبَاتَتْ تُنَادي غَالِباً، وَكَأنّهَا
علىَ الرضفِ منْ جمرِ الكوانينِ ترضفُ
وَإنّي لَتَبْتَزُّ المُلُوكَ فَوَارِسِي،
و همْ كلفوها الرملَ رمل معبرٍ
تقُولُ: أهذا مَشْيُ حُرْدٍ تَلَقُّفُ
و إني لبتزُّ الملوكَ فوارسي
إذا غَرّهمْ ذو المِرْجلِ المُتَجَخِّفُ
ألَمْ تَرَ تَيْمٌ كَيفَ يَرْمي مُجاشِعاً
شَديدُ حِبَالِ المِنْجَنيقَينِ مِقذَفُ
عَجبتُ لصِهرٍ ساقَكُمْ آلَ دِرهَمٍ،
إلى صِهْرِ أقْوَامِ يُلامُ وَيُصْلَفُ
لئيمانِ هذي يدعيها ابنُ درهمٍ
و هذا ابنُ قينٍ جلدهُ يتوسفَ
وَحَالَفْتُمُ للّؤمِ، يا آلَ درْهَمٍ،
حلافَ النصارى دينَ منْ يتحنف
أتمدحُ سعداً حينَ أخزتْ مجاشعاً
عَقِيرَةُ سَعْدٍ وَالخِباءُ مُكَشَّفُ
نفاكَ حجيجُ البيتِ عنْ كلَّ مشعرٍ
كما ردُّ ذو النميتينِ المزيفَّ
وَما زِلْتَ مَوْقُوفاً على بابِ سَوْءةٍ
و أنتَ بدارِ المخزياتِ موقفُ
ألؤما وَ إقراراً على كلَّ سوءةٍ
فما للخازي عنْ قفيرةَ مصرف
ألمَ ترَ أنَّ النبعَ يصلبُ عودهُ
وَلا يَستَوي، وَالخِرْوعُ المُتَقَصِّفُ
وَما يَحْمَدُ الأضْياف رِفْدَ مُجاشعٍ
إذا رَوّحَتْ حَنّانَةُ الرّيحِ حَرْجَفُ
إذا الشولُ راحتْ والقريعُ أمامها
و هنَّ ئيلاتُ العرائكِ شسف
و قائلةٍ ما للفرزدٌ لا يرى
عَلى السّنّ يَستَغني، وَلا يَتَعَفّفُ
يَقُولُونَ: كَلاّ لَيسَ للقَينِ غالبٌ،
بلى إنَّ ضربَ القينِ بالقينُ يعرفُ
أخو اللؤمِ ما دامَ الغضا حولَ عجلزٍ
وَمَا دامَ يُسقَى في رَمادانَ أحقَفُ
إذا ذقتَ مني طعمَ حربٍ مريرةٍ
عطفتُ عليكَ الحربَ والحربُ تعطفُ
تَرُوغُ، وَقد أخزَوْكَ في كّل مَوْطنٍ،
كما راغَ قردُ الحرةِ المتخذفُ
أتعْدِلْ كَفهاً لا تُرَامُ حُصُونُهُ
بهارِ المراقي جولهُ يتقصف
تحوطُ تميمٌ منْ يحوطُ حماهمُ
وَيَحْمي تَميماً مَنْ لَهُ ذاكَ يُعرَفُ
أنا ابنُ أبي سعدٍ وعمروٍ ومالكٍ
أنا ابنُ صميمٍ لاَ وشيظٍ تحلفوا
إذا خطرتْ عمروٌ وورائي وأصبحتْ
قرومُ بني بدرٍ تسامى وتصرف
و لمْ أنسَ منْ سعدٍ بقصوانَ مشهداً
وَبالأُدَمَى ما دامَتِ العَينُ تَطرِفُ
و سعدٌ اذا صاحَ العدوُّ بسرحهمْ
أبَوْا أنْ يُهَدَّوْا للصّيَاحِ فأزْحَفُوا
دِيارُبَني سَعْدٍ، وَلا سَعدَ بَعدَهم،
عفتْ غيرَ أنقاءٍ بيبرين تعزف
إذا نَزَلَتْ أسْلافِ سَعْدٍ بِلادَها،
وَأثقالُ سَعدٍ، ظَلّتِ الأرْضُ تَرْجُفُ