أفقهديت من التبرج والكمد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أفقْهديتَ منَ التبرجِ والكمدِ

​أفقْهديتَ منَ التبرجِ والكمدِ​ المؤلف البرعي


أفقْهديتَ منَ التبرجِ والكمدِ
و إنْ تكنْ قطعةَ ذابتْ منَ الكبدِ
و اقنعْ بمنْ لمْ يزلْ سبحانهُ عوضاً
عنْ كلِّ ما فاتَ منْ أهلٍ ومنْ ولدِ
و اشكرْ على نعمةٍ منْ نعمةٍ نشأتْ
لمنْ أرادَ بكَ الحسنى ولمْ تردِ
و اصبرْ على الكسرِ على اللهِ يجبرهُ
بمعظمِ الأجرِ واطلبْ جودهُ تجدِ
و كلما صرعتكَ النائباتُ فقلْ
يا سيدي يا رسولَ اللهِ خذْ بيدي
تلقَ ابنَ آمنةٍ غوثَ الطريدَِ إذا
ضاقَ الخناقُ بخطبٍ غيرَ متئدِ
خيرَ البريةِ منْ عجمٍ ومنْ عربٍ
و أكرمَ الخلقَ في الأغوارِ والنجدِ
محمدٌ خيرُ ساداتِ الورى مضرٍ
من جارهُ جارُ عزٍّ غيرِ مضطهدِ
أتى بهِ اللهُ شمساً غيرَ آفلةٍ
تسمو بنورٍ على الآفاقِ متقدِ
فرعٌ تسلسلَ منْ سرِّ النبوةِ في
أفيالِ مكةَ مغنى الطارقِ الكمدِ
منْ عنصرِ المجدِ بحبوحِ الفخارِ سرى
منْ سيدٍ سندٍ في سيدٍ سندِ
هدى بهِ اللهُ قوماً لا خلاقَ لهمْ
منْ أمةٍ عميتْ عنْ منهجِ الرشدِ
أمتْ شفا جرفٍ هارٍ فأنقذها
و حلَّ منها محلَّ الروحِ في الجسدِ
أقالَ عثرةَ غاويها وأدركها
رشداً وأصلحَ ما فيها منَ الأودِ
و قامَ يهدي إلى قصدِ السبيلِ فكمْ
بالحقِّ منْ سابقٍ منا ومقتصدِ
و جاءَ باليمنِ والإيمانِ يرشدنا
بالنورِ منْ ظلماتِ الزيغِ والنكدِ
لهُ السمواتُ والأرضونَ شاهدةٌ
بمعجزاتٍو آياتٍ بلا عددِ
تنأى عنِ الرملِ والقطرِ الملثُّ وعنْ
عدِّ النباتِ وموجِ البحرِ والزبدِ
كمْ ذا أحنُّ إلى ذاكَ الحبيبِ على
بعدي وأمسي ضنينَ الوجدِ والسهدِ
أستودعُ الربَّ تسليمي إليهِ إذا
جدَّ الرحيلُ بهمْ عني وعنْ بلدي
وكمْ وكمْبيننا منْ مجهلٍ درسٍ
و منْ فراسخَ لا تحصي ومنْ بردِ
يا نازلاً بديارِ الشامِ لا تربتْ
يداكَ فاخرْ بمدحِ المصطفى تفدِ
و حيِّ عني حبيبَ الزائرينَ ولاَ
تضعْ وديعةَ واهى الصبرِ والجلدِ
وارددْ عليهِ سلاماً لا انتهاءَ لها
كرملِ عالجَ أضعافاً وزدْ وزدِ
و قلْ لأشرفِ خلقِ اللهِ مرتبةًُ
و منْ تبوأَ مجداً غيرَ منجحدِ
ماذا تعاملُ يا شمسَ النبوةِ منْ
أضحى إليكَ منَ الأشواقِ في كمدِ
فامنعْ جنابَ ضريحٍ لا صريخَ لهُ
نائى المزارِ غريبِ الدارِ مبتعدِ
حليفَ ودكَ واهى الصبرِ منتظرٍ
لغارةٍ منكَ ياركنى ويا عضدي
أسيرُ ذنبي وزلاتي ولا عملٌ
أرجو النجاةَ بهِ إنْ أنتَ لمْ تجدِ
قرعنَ أيامَ دهري قوتي فوهتْ
عراي منْ محنٍ تجري إلى الأمدِ
وضاقَ ذرعي لأحوالٍ منكرةٍ
لديَّ أعظمُ أنْ أشكو إلى أحدِ
ما زالَ يحسدني دهري على نعمٍ
و الحرُّ ما عاشَ لا يخلو عنِ الحسدِ
كمْ منْ خطوبٍ إلى الدنيا أعدلها
حسنَ اعتنائكَ بي مع قلةِ المدد
فاقبلْ بفضلكَ إذلالي ومعذرتي
و قوِّ ضعفي بفضلٍ فائضٍ رغدِ
وانظرْ إليَّ بعينٍ منكَمشفقةٍ
و قمْ بحالي ولاطفني وجدْ وعدِ
و حلَّ عقدةَ كربي يا محمدُ منْ
همٍّ على خطراتِ القلبِ مطردِ
أرجوكَ في سكراتِ الموتِ تشهدني
كيما يهونَ إذِ الأنفاسُ في صعدِ
و إنْ نزلتُ ضريحاً لا أنيسَ بهِ
فكنْ أنيسَ وحيدٍ فيهِ منفردِ
حتى إذا نشرَ الأمواتُ يومَ غدٍ
و كلَّ نفسٍ رأتْ ما قدمتْ لغدِ
والحقُّ يحكمُ والأعضاءُ شاهدةٌ
و النارُ تؤصدُ للطاغينَ في عمدِ
فكنْ دليلي بحسنِ السترِ منكَ إلى
لواءَ حمدٍ بظلِّ العرشِ منعقدِ
قلْ أنتَ منا على ما كانَ منكَ فجزْ
على الصراطِ وهذا حوضنا فردِ
و كنْ رفيقيَ في دارِ السلامِ إذا
كنا بمقعدِ صدقٍ جيرةَ الصمدِ
وارحمْ مؤلفها عبدَ الرحيمِ ومنْ
يليهِمنْ أهلهِ وانعشهُ وافتقدِ
إذا استعدتْ لهُ الأعداءُ قاصدةً
أعدُّ حبكَ منهمْ أمنعَ العددِ
و إنْ دعا فأجبهُ واحمِ جانبهُ
منْ حاسدٍ شامتٍ أو ظالمٍ نكدِ
فلما بلينا بمكروهٍ نساورهُ
إلا استندنا بركنٍ منكَ معتمدُ
و لا سلكنا سبيبلاً نرتجيكَ بهِ
إلا وجدناكَ للراجينَ بالرصدِ
صلى عليكَ إلهي يا محمدُ ما
تنوعتْ نغماتُ الطائرِ الغردِ
تحيةً كشعاعِ الشمسِ طيبةً
تستغرقُ الأمدَ الجاري إلى الأبدِ
يندي على الآلِ والأرواحِ عارضها
و الصحبَ منْ نسماتِ الندِّ كلُّ ندي