انتقل إلى المحتوى

أذهبت رونق ماء الصبح في العذل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أذهبت رونق ماء الصبح في العذل

​أذهبت رونق ماء الصبح في العذل​ المؤلف علي بن محمد التهامي


أذهبت رونق ماء الصبح في العذل
فاربع فلستَ بمعصوم من الزلّل
لكل سهم يعدّ الناس سابغة
تردّه عنك إلا أسهم المقل
هام الفؤادُ بشمس ما يزايلها
غربُ من البين أو غيم من الكلل
ينتاب دمعُ النّوى واللهفُ وجنتها
فقلما انفكّ ظهر الخدّ من بلل
لا شيء أكفر من مسواك إسحلة
يعله الريق لم يُورق ولم يطل
يخفى شهابُ الهوى في برد ريقتها
كما استكن نقيعُ السُّم في العسل
وفي أصول الثنايا باردٌ عللُ
نفسي الفداءُ لذاك البارد العلل
إياك إياك تطريقاً بأعينها
فهي الأسنة في العسّالة الذُّبُل
مابال طرفك لا تنجو رميَّتهُ
كأنما هو رامٍ من بني ثعل
صدّت بنجدٍ وزارت في طرابلس
وبيننا عنق للسفن والإبل
في خرد نهّدٍ يعكسن أعيننا
لضوئهنّ كعكس الشمس للمقل
تنقادُ نحو هواهنّ القلوبُ كما ان
قادت إلى هبة الله العُلى بن علي
غدا عن السُّمر بالسُّمر الكعوب وعن
بيض الوجوه ببيض الهند في شغل
يزيّنُ الدولةَ الغراء موضعهُ
إذا تزيّنتِ الأملاك بالدّول
ينبي تبسُّمهُ عن بشره أبداً
والغيثُ أول صوب العارض الهطل
يزينها فوق ما زانته فهو بها
في حلّةٍ وهي من علياه في حلل
يبشّ بالوفد حتى خلتُ وافده
وافى يهنّيه بالتأخير في الأجل
علا فلا يستقرّ المالُ في يده
وكيف تمسكُ ماءً قنةُ الجبل
يقضي بحكم الهدى في المشكلات كما
يقضي بحكم الظُّبى في ساعة الوهل
قد حالف الفضلَ في أحكامه أبداً
والعدلُ خير اقتناء الفارس البطل
تخشى العدى أبداً صدر الجواد فقد
ظنّ العدى أنهُ صدرٌ بلا كفل
في جحفل لجب لولا تبسّطهُ
لخلتهُ شُبهاً من كثرةِ الأسل
كأنّ حُمر المذاكي الخمر تحتهمُ
وبيضهم حببٌ يطفو على القلل
أملتُ فيه الغنى من قبل رؤيته
فالآن أكبرتهُ عن ذلك الأمل
أملّتُ ذلك علماً أنهُ رجلٌ
فرد فأبصرت كلّ الناس في رجل
يصغي إلى سائل جدوى يديه كما
يصغي المحبُّ الى التغريد والغزل
لو شاء قال ولم يكذب بمخبره
عن كلّ فضلٍ أراده أن ذلك لي
لأنه اخترعَ العلياء مبتدئاً
وسائرُ الناس من تالٍ ومنتحل
قد أحكم الحاكمُ المنصور دولتهُ
بآل حيدرةٍ في السهل والجبل
ورفهت كتبهُ أقصى كتائبه
عن الزيارة للأعداء والقفل
ترضى الدراريعُ عنهم والدروع وأص
دافُ القنا وصدورُ البيض والأسل
تاهت بهم دولة الإسلام واعتدلت
بعزمهم كاعتدال الشمس في الحمل
شادوا وسادوا بما يبنون من كرم
أساس مجدهم المستحكم الأزلي
تشابهوا في اختلاف من زمانهم
عند اللهى والنهى والقول والعمل
كالرمح أولهُ عونٌ لآخره
وآخر الرمحِ عون الأكعب الأول
تبعتَ في الجود والعليا أباك ولم
تكذب كما تبع الوسميَّ صوب ولي
غيثان أنهما جادت أنامله
في بلدة نبتت بالمال والخول
حلّيتما الدين والدنيا بعزّكما
فلا أذلهما الرحمنُ بالعُطل
ولا رأينا بعيني دهرنا رَمداً
فأنتما في مآقيه من الكحل
وعشتما أبداً في ظلّ مملكة
قد استعاذت من التغيير والدول
مارقرق المزن فوق الأرض أدمعهُ
وحنّ ذو شجنٍ يوماً لمرتحل