أذا البدر يطوى في ربوع البلى لحدا
المظهر
أذا البدرُ يُطْوَى في ربوعِ البلى لَحْدا
أذا البدرُ يُطْوَى في ربوعِ البلى لَحْدا
أم الطوْدَ حطّوا في ثرى القبر إذ هُدّا
كسوفٌ وهدٌّ تحسب الدهرَ منهما
لعين وأذن: ظلمةً مُلِئَتْ رعدا
تولّى عن الدنيا عليّ بن أحمدٍ
وأبقى لها من ذكره الفخر والحمدا
حملنا على التكذيبِ تصديقَ نَعْيِهِ
وَسُدّتْ له الأسماعُ وانصرفت صَدّا
وقال لمن أدّى المُصاب معنَّفٌ:
فظيعٌ من الأنباءِ جئتَ به إدّا
إلى أن نعاهُ الدهر ملءَ لسانهِ
ومن ذا الذي يُخفي من الرزء ما أبدى
هنالك خضنا في العويل ولم نَجِدْ
على الكره، من تصديق ما قاله بُدّا
وقال الورى، والأرضُ مائدةٌ بهم،
أمِنْ سيرها في الحشر قد ذكرت وعدا
أرى الشَرفَ الفهريّ يبكي ابنَ بيته
عليّا، أما يبكي فتىً راضَعَ المجدا
فيا معشرا حَثّوا به نحو قبره
مطيَّةَ حَتْفٍ فوقَ أيديهُمُ تُحدى
حملتمْ على الأعواد من قدْ حملتمُ
فكلّ جلالٍ قد وجدتم له فقدا
لقد دفعتْ أيديكم منه للبلى
يداً بجديد العُرفِ كانت لكم تندى
تجمّعتِ الأحزانُ في عُقْرِ داره
وفرّقتِ الأزمان عن بابه الوفدا
وسُدّ عن العافين مَهْيَعُهُمْ إلى
مكارمَ كانت من أناملهِ تُسدى
فقلْ لبني أخفقَ سعيكم
فقد حَسَرَ البحرُ الذي لكمُ مَدّا
وكم من ظباءٍ بعدما غارَ عزّهُ
حوائمَ في الآفاقِ تلتقطُ الوردا
لتبكِ عليّاً همةٌ كرميةٌ
ثنى قاصدوا الركبان عن ربعها القصدا
وملتحفٌ بالأثْرِ أصبح عارياً
من الفخرِ يوم الضّربِ إذ لبس الغِمدا
وأسمرُ خطيّ أمامَ كعوبه
سنانٌ ذليقٌ ينفذُ الحلقَ السردا
وحصداءُ فولاذيةٌ النسجِ لم تزلْ
من اللهذمِ الوقّادِ مطفئةً وقدا
وأجرَدُ يُبكي الجردَ يومَ صهيله
غدا مُرجلاً عنه فلم يَسدِ الجردا
وداعٍ دعا للمعضلات ابنَ أحمدٍ
فليّنَ في كفيه منهنّ ما اشتدا
وناهيكَ في الإعظامِ من ماجدٍ به
على الزمن العادي على الناس يُستعدى
حياةٌ تعمّ الأولياءَ هنيئةً
وموتٌ زؤامٌ في مقارعةِ الأعدا
وقسورةُ الحربِ الذي يُرجعُ القنا
رواعف تكسو الأرض من علق وردا
وفيّ بنصح الملك ما ذُمَ رأيهُ
ولا حلّ ذو كيدٍ لإبرامه عقدا
وما يستطير الحلم في حلمه ولا
يجاوز هزلٌ في سجيته الجدّا
إذا عَلَمٌ بالنَّارِ أُعْلِمَ رأسُهُ
رأيتَ عليّاً منه في ليلة أهدى
ألا فُجِعَتْ أبناءُ فهر بأروع
إذا انتسبوا عدّوا له الحسب العدا
فلا قابلٌ هجرا، ولا مضمرٌ أذًى،
ولا مخلفٌ وعداً، ولا مانعٌ رفدا
إذا ما عدا معْ قُرَّحِ السَّبقِ فاتها
وجاء بفضل الشَّدِّ ينتهب المعدى
وما قَصّرَ الله المدى إذ جرى به
ولا مدّ فيه للسوابق فامتدا
ولكنْ حدودُ العِتْقِ تجري بسابقٍ
فلا طَلَقٌ إلاَّ أعَدّ له حدّا
نماهُ من الأشراف أهلُ مفاخرٍ
يديرون في الأفواه ألسنةً لُدّا
إذا وقف الأبطالُ عن غمرة الردى
مشى بأسهُمُ نحو الحتوفِ بهم أُسْدا
وتحسبهم قد سُرْبلوا من عِيابِهِمْ
سيوفاً، وسلّوا من سيوفهم الهندا
فما عُدّ أهلُ الرأي والبأس والندى
وإن كثُروا إلا ووفّى بهم عدّا
إذا جُمِعَتْ هذي السجايا لأوحدٍ
فما الحقُ إلا أن يراه الورى فردا
فما ظنكم في وصفنا بمملّك
يكونُ عليٌّ ذو المعالي له عبدا
عزيزٌ علينا أنْ بكته كرائمٌ
تذيبُ قلوباً في مدامعها وجدا
يَنُحْنَ مع الأشجارِ نَوْحَ حمائِمٍ
تهزّ بها الأحْزانُ أغصانَها المُلدَا
وكم في مديمات الأسى من خبيئةٍ
مع الصّونِ أبقى الدّمعُ في خدّها خدّا
فلو رُدّ من كف المنيةِ هالكٌ
بنوحٍ بناتٍ كانَ أوّلَ مَنْ رُدّا
مضى بمضاءِ السيفِ جُربَ حدّه
فَأُبْفِي في أفعاله جاوَزَ الحدّا
وما مات مُبقي أحمدٍ ومحمدٍ
فإنَّهما سدّا المكانِ الذي سدّا
بنَى لهما مجدينِ يَحْيَى بِعزّةٍ
وإن كان مجدٌ واحدٌ لهما هُدّا
بَدا منهما حزمٌ يسيرٌ تَمَامُهُ
وقد يثقب النار الذي يقدح الزندا
ومن لحظته عينُ يحيَى برفعةٍ
فقد ركبَ الأيامَ واستخدمَ السعدا
فيا ساكنَ القبرِ الذي ضَمّ تُرْبُهُ
شهيدا كأنَّ الموتَ كان له شهدا
لئن فاحَ طيبٌ من ثراه لناشقٍ
ففخرُكَ فيه فتّقَ المسكَ والنّدّا
وقيتَ جلال الخطب، ما جلّ خطبه،
وقمتَ كريم النّفسِ من دونه سدّا
ورحتَ ببعضِ الرّوح فيك مودّعاً
بمؤنسة العوّادِ زُرْتَ بها اللّحدا
رثيتك حزناً بالقوافي التي بها
مَدَحتُك وُدّا، فاعتقدت ليَ الودّا
وما المدحُ إلاَّ كالثويّ نسامعٍ
ولكن بذكر الموت عادَ له ضدّا
ودنياكَ كالحرباءِ ذاتُ تلوّنٍ
ومبيضّها في العين أصبحَ مسودا
أردنا لكَ الدنيا القليلَ بقاؤها
وربّكَ في الأخرى أرادَ لك الخلدّا
فلا بَرِحَتْ، من رحمةِ الله دائباً
تزورُ ندى كفّيك، في قبرك الأندا