أجدك يا كواكب لا ترينا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أجَدَّكِ يا كواكب لا ترينا

​أجَدَّكِ يا كواكب لا ترينا​ المؤلف معروف الرصافي


أجَدَّكِ يا كواكب لا ترينا
بياناً منك يُخبِرُنا اليقينا
كأن العالم العُلْوِيَّ سِفرُ
نطالعه ولسنا مفصحينا
نحاول منه إعراب المعاني
بتأْويل فنرجع مُعْجمِينا
كواكب في المجرة عائمات
حكت في بحر فسحتها السفينا
سرت زهر النجوم وما دراها
فلالسفة مضت ومنجمونا
شموس في السماءِ علت وجلّت
فظنوا في حقيقتها الظنونا
سوابح في الفضاءِ لها شؤُون
ولما يعلموا تلك الشؤونا
وما ارتجفت بجنح الليل إلاَّ
لتضحك فيه مما يزعمونا
لعل لها بهذا الجو شأناً
سِوَى ما نحن فيه مرجمونا
تلوح على الدجى متلألئات
فتبهج في تلألوءِها العيونا
وأني يدرك الرائي مداها
وان ألفقى لها نظراً شفونا
تودّ الغانيات اذا رأتها
لو انتظمت لها عِقْداً ثميناً
تقلدّه على اللبات منها
وتطرح الدمالج والبرينا
ألكنى يا ضياءُ إلى الدراري
رسالة مُسهِرِ فيها الجفونا
لعلك راجع منها جواباً
يزيل عماية المتحيرينا
فقل انى تحّير فيك فكري
كذاك تحير المتفكرونا
فيا أم النجوم وأنتِ أمُّ
أيولد فيك كالأرض البنونا
وهل فيك الحياة لها وجود
فيمكن للردى بك أن يكونا
وهل بكِ مثل هذه الارض ارض
وفيها مثلنا متخالفونا
وهل هم مثلنا خُلقاً وَخَلقاً
هناك فيأكلون ويشربونا
وهل هم في الديانة من خلاف
نصارى أو يهود ومسلمونا
وهل طابت حياة بنيكِ عيشاً
ففوق الارض نحن معذبونا
وهل حُسِبت بك الأيام حتى
تألّف من تعاقبها اتلسنونا
وهل بالموت نحن إذا خرجنا
عن الأجساد نحوك مرتقونا
فتبقى عندك الارواح اذاً واجب
بها إن كان سُلْمك المنونا
فاحبب بالمنون يا دراري
فنحن نخالة بعداً شَطونا
قد اتسع الفضاءُ لك اتساعاً
فهل أبعاده بك ينتهينا
وصغرك ابتعادك فيه حتى
اليك استشرف المتشوفونا
فهل كان ابتعادك من دلالٍ
علينا أم بعدت لتخدعينا
خوالد في فضاءك أنت؟ أم قد
يحل بك الفناءُ فتذهبينا
وقالوا ما لعدتك انتهاءٌ
فهل صدقوا أو ارتكبوا المجونا
وقالوا الأرض بنتك غيرَ مَيْن
فهل أبناءُ بنتك يصدقونا
وقالوا إن والدك المفدّى
أثيرٌ في الفضاءِ أَبى السكونا
ترصَّدك الانام وما اتانا
بعلم كيانك المترصدونا
فهرشل ما شفى منا غليلا
ولا غاليلُ أنبأنا اليقينا
وكبلرقد هدى أو كاد لما
أبانك يا نجوم تجاذبينا
الى كم نحن نلبس فيك لبساً
ومن جراك ندَّرع الظنونا
لعل النجم في احدى الليالي
سيبعث للورى نوراً مبيناً
تقوم له الهواتف قائلات
خذوا عني النهى ودعوا الجنونا