أتهجر غانية أم تلم،

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
​أتَهْجُرُ غَانِيَة ً أمْ تُلِمّ،​ المؤلف الأعشى


أتَهْجُرُ غَانِيَةً أمْ تُلِمّ،
أمِ الحَبْلُ وَاهٍ، بِهَا مُنْجَذِمْ
أمِ الصّبرُ أحْجَى، فَإنّ امْرَأً
سينفعهُ علمهُ إنْ علمْ
كما راشدٍ تجدنّ امرأً
تبينَ ثمّ انتهى، أو قدمْ
عَصَى المُشْفِقِينَ إلى غَيّهِ،
وكلَّ نصيحٍ لهُ يتهمْ
وما كانَ ذلكَ إلاّ الصّبى،
وإلاّ عقابَ امرئٍ قدَ أثمْ
وَنَظْرَةَ عَيْنٍ، عَلى غِرّةٍ،
محلَّ الخليطِ بصحراءِ زمْ
ومبسمها عنْ شتيتِ النّبا
تِ غيرِ أكسٍّ، ولا منقضمْ
فَبَانَتْ وَفي الصّدْرِ صَدْعٌ لهَا،
كَصَدْعِ الزّجَاجَةِ ما يَلْتَئِمْ
فَكَيْفَ طِلابُكَهَا، إذْ نَأتْ
وأدنى مزاراً لها ذو حسمْ
وَصَهْبَاءَ طَافَ يَهُودِيُّهَا،
وأبرزها، وعليها ختمْ
وقابلها الرّيحُ في دنّها،
وصلّى على دنّها وارتسمْ
تمززتها غيرَ مستدبرٍ
عَنِ الشَّربِ أوْ مُنكِرٍ مَا عُلِمْ
وَأبْيَضَ كالسّيْفِ يُعطي الجَزِيـ
ـلَ يجودُ ويغزو إذا ما عدمْ
تضيفتُ يوماً على نارهِ
مِنَ الجُودِ في مَالِهِ أحْتَكِمْ
ويهماءَ تعزفُ جنّانها،
مناهلها آجناتٌ سدمْ
قطعتُ برسامةٍ جسرةٍ
عذَافِرَةٍ كَالَفَنِيقِ القَطِمْ
غَضُوبٍ مِنَ السّوْطِ، زَيّافَةٍ،
إذا مَا ارْتَدى بالسّرَاةِ الأكَمْ
كَتُومَ الرُّغَاءِ، إذا هجّرَتْ،
وَكَانَتْ بَقِيّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ
تُفَرِّجُ لِلْمَرْءِ مِنْ هَمّهِ،
ويشفى عليها الفؤادُ السّقمْ
إلى المرءِ قيسٍ أطيلُ السّرى،
وَآخُذُ مِنْ كُلّ حَيٍّ عُصُمْ
وكمْ دونَ بيتكَ منْ معشرٍ
صُبَاةِ الحُلُومِ، عُدَاةٍ غُشُمْ
إذا أنا حييتُ لمْ يرجعوا
تَحِيّتَهُمْ، وَهُمُ غَيْرُ صُمّ
وإدلاجِ ليلٍ على خيفةٍ،
وَهَاجِرَةٍ حَرُّهَا يَحْتَدِمْ
وإنّ غزاتكَ منْ حضر موت
أتَتْني وَدُوني الصّفا وَالرَّجَمْ
مقادكَ بالخيلِ أرضَ العدو
وجذعانها كلفيظِ العجمْ
وجيشهمُ ينظرونَ الصّبا
حَ فَاليَوْمَ من غَزْوَةٍ لمْ تَخِمْ
وُقُوفاً بِمَا كَانَ مِنْ لأمَةٍ،
وَهُنّ صَيَامٌ يَلُكْنَ اللُّجُمْ
فَأظْعَنْتَ وِتْرَكَ مِنْ دَارِهِمْ،
وَوِتْرُكَ في دارِهِمْ لَمْ يُقِمْ
تَؤمّ دِيَارَ بَني عَامِرٍ،
وأنتَ بآلِ عقيلٍ فغمْ
أذَاقَتْهُمُ الحَرْبُ أنْفَاسَهَا،
وقد تكرهُ الحربُ بعدَ السَّلمْ
تعودُ عليهمْ وتمضيهمُ،
كمَا طَافَ بِالرّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
وَلمْ يُودِ مَنْ كُنتَ تَسعَى لَهُ،
كمَا قِيلَ في الحَيّ أوْدَى دَرِمْ
وَكَانَكْ كَحُبْلى غَدَاةَ الصْبَا
حِ كَانَتْ وِلادَتُهَا عَنْ مُتِمّ
يقوعلى الوغمِ في قومهِ،
فيعفو إذا شاءَ أوْ ينتقمْ
أخو الحربِ لا ضرعٌ واهنٌ،
ولمْ ينتعلْ بقبالٍ خذمْ
ومامزبدٌ منْ خليجِ الفرا
تِ، جونٌ غواربهُ، تلتطمْ
يكبّ الخليّةَ ذاتَ القلا
عِ، قد كادَ جؤجؤها ينحطمْ
تكأكأ ملاّحها وسطها،
منَ الخوفِ كوثلها يلتزمْ
بِأجْوَدَ مِنْهُ بِمَا عِنْدَهُ،
إذا ما سماؤهمْ لمْ تغمْ
هُوَ الوَاهِبُ المِائَةَ المُصْطَفَا
ةَ كالنّخلِ طافَ بها المجترمْ
وكلَّ كميتٍ كجذعِ الطّريـ
ـق يردي على سلطاتٍ لثمْ
سنابكهُ كمداريِ الظّبا
ءِ،أطرافهنّ على الأرضِ شمّ
يصيدُ النَّحوصَ، ومسحلها،
وَجَحشَهُما قَبلَ أنْ يَستَحمْ
ويومٍ إذا ما رأيتُ الصِّوا
رَ أدْبَرَ كَاللّؤلُؤ المُنْخَرِمْ
تَدَلّى حَثِيثاً كَأنّ الصِّوَا
رَ أتبعهُ أزرقيٌّ لحمْ
فَإنّ مُعَاوِيَةَ الأكْرَمِين
عِظَامُ القِبَابِ، طِوَالُ الأُمَمْ
مَتَى تَدْعُهُمْ لِلِقَاءِ الحُرُو
بِ تأتِكَ خَيْلٌ لَهُمْ غَيرُ جُمْ
إذَا مَا هُمُ جَلَسُوا بِالعَيشِـ
يّ فأحلامُ عادٍ وأيدي هضمْ
وعوراءَ جاءتْ، فجاوبتها
بشنعاءَ ناقيةٍ للرَّقمْ
بذاتِ نفيٍّ لها سورةٌ
إذَا أُرْسِلَتْ فَهْيَ مَا تَنْتَقِمْ
تقولُ ابنتي حينَ جدّ الرّحيلُ
أرانا سواءً ومنْ قدْ يتمْ
أبانا فلا رمتَ منْ عندنا،
فَإنّا بِخَيْرٍ إذَا لَمْ تَرِمْ
وَيَا أبَتَا لا تَزَلْ عِنْدَنَا
فإنا نخافُ بأنْ تخترمْ
أرانا إذا أضمرتكَ البلا
دُ نجفى، وتقطعُ منّا الرّحمْ
أفي الطّوْفِ خِفْتِ عَليّ الرّدَى،
وكمْ منْ ردٍ أهلهُ لمْ يرمْ
وَقَدْ طُفْتُ للمَالِ آفَاقَهُ:
عُمَانَ، فحِمصَ، فَأُورِيشَلِمْ
أتيتُ التّجاشيّ في أرضهِ،
وأرضَ النّبيطِ وأرضَ العجمْ
فنجرانَ فالسّروَ منْ حميرٍ،
فأيَّ مرامٍ لهُ لمْ أرمْ
ومنْ بعدِ ذاكَ إلى حضر موت،
فأوفيتُ همّي وحيناً أهمّ
ألمْ تري الحضرَ،إذْ أهلهُ
بنعمى، وهلْ خالدٌ منْ نعمْ
أقَامَ بِهِ شَاهَبُورُ الجُنُو
دَ حَوْلَينِ يَضرِبُ فيهِ القُدُمْ
فما زادهُ ربُّهُ قوّةً،
ومثلُ مجاورهِ لمْ يقمْ
فلما رأى ربُّّهُ فعلهُ
أتَاهُ طُرُوقاً فَلَم يَنْتَقِمْ
وَكَانَ دَعَا رَهْطَهُ دَعْوَةً،
هلمّ إلى أمرِكمْ قدْ صرمْ
فَمُوتُوا كِرَاماً بِأسْيَافِكُمْ
وَللمَوْتُ يَجْشَمُهُ مَنْ جَشِمْ
وَللمَوْتُ خَيْرٌ لِمَنْ نَالَهُ،
إذا المرءُ أمّتهُ لمْ تدمْ
فَفي ذَاك للمُؤتَسِي أُسْوَةٌ،
ومأربُ قفّى عليها العرمْ
رُخَامٌ بَنَتْهُ لَهُمْ حِمْيَرٌ،
إذَا جَاءَهُ مَاؤهُمْ لَمْ يَرِمْ
فأروى الزّروعَ وأعنابها،
على سعةٍ ماؤهمْ إذْ قسمْ
فَعَاشُوا بِذَلِكَ في غِبْطَةٍ،
فَجَارَ بهِمْ جَارِفٌ مُنْهَزِمْ
فطارَ القيولُ وقيلاتها،
بيهماءَفيها سرابٌ يطمْ
فطاروا سراعاً وما يقدرو
نَ منهُ لشربِ صبيٍّ فطمْ