أتنكر بأس أحداق العذارى

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى

​أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى​ المؤلف ابن معتوق



أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى
 
أما تدري بعربدة ِ السُّكارى
وَتَفْتِنُكَ الْعُيُونُ وَمَا عَهِدْنَا
 
جَرِيحاً قَلْبُهُ يَهْوَى الشِّفَارَا
زتغرمُ في القدودِ فهل طعينٌ
 
هَوَى مِنْ قَبْلِكَ الأَسَلَ الْحِرَارَا
وَتُمْسِي فِي الذَّوَائِبِ مُسْتَهَاماً
 
متى عشقتْ سلاسلها الأسارى
لقدْ فتكتْ بنا الأجفانُ حتَّى
 
شَكَتْ ضَعْفاً لِذلِكَ وَانْكِسَارَا
إلامَ بها نلامُ ولا نبالي
 
فتوسعنا جراحاً واعتذارا
رَأَيْنَا أَنَّ حَبْلَ الْحُبِّ فِينَا
 
شُعُورٌ فَاتَّخَذْنَاهَا شِعَارَا
وهمنا بالحسانِ وما فهمنا
 
بناتِ صدورها تلدُ البوارا
وهبنا العذرَ لعذَّالِ لمَّا
 
خلعنا في عذارها العذارا
علامَ عيوننا بالدَّمعِ غرقى
 
ومنْ وجناتهنَّ تخوضُ نارا
وَنَسْأَلُ مِنْ مَرَاشِفِهِنَّ رِيّاً
 
وَبَرْدُ بَرُودِهَا يُورِي الأُوَارَا
تؤرقنا ذوائبها ولسنا
 
نرى لدجى لياليها قصارى
فهلْ تدري بغايتها المداري
 
فقدْ ضاقتْ على المرضى السُّهارى
لعمركَ ليسَ منْ حمرِ المنايا
 
سوى الوجناتِ تسلبنا القرارا
إذا لشقائنا الآجالُ طالتْ
 
تُخَلِّصُهَا الْخُصُورُ لَنَا اخْتِصَارَا
وإنْ كهمَ الرَّدى يوماً فمنهُ
 
يَسُنُّ لِقَتْلِ أَنْفُسِنَا الْغِرَارَا
تُحَاذِرُنَا الْمَنَايَا السُّوْدُ جَهْراً
 
وَتَأْتِينَا الْعُيُونُ بِهَا سَرَارَا
بِرُوحِي جِيرَة ٌ جَارُوا وَقَلْبِي
 
لديهمْ لمْ يزلْ بالحيِّ جارا
مَصَابِيحٌ إِذَا سَفَرُوا بِلَيْلٍ
 
حَسِبْتَ ظَلاَمَهُ لَبِسَ النَّهَارَا
بدورٌ بالخيامِ ذووا شموساً
 
بِشِبِهْ الْبِيضِ تَحْمِلُهَا الْغُبَارَا
مُرَنَّحَة ٌ مَعَاطِفُهُمْ صُحَاة ٌ
 
تكادُ عيونهمْ تجري عقارا
لهمْ صورٌ كأنَّ الحسنَ صبٌ
 
تأمَّلَ طرفهُ فيهمْ فحارا
وألفاظٌ إذا المخمورُ فيها
 
تَدَاوَى طَبْعُهُ فَقَدَ الْخُمَارَا
وَأَسْنَانٌ تُفَدِّيهَا الَّلآلِي
 
بأكبرها وإنْ كانتْ صغارا
بأعينهمْ تجولُ السِّحرُ حتَّى
 
نثيرُ الكحلِ تحسبهُ غبارا
لِشَوْقِ سَنَا الصَّبَاحِ إِلَى لِقَاهُمْ
 
تَنَفَّسَ حَسْرَة ً وَرَمَى جَمارَا
إِذَا بِقِبَابِهِمْ سَفَرَتْ ظُبَاهُمْ
 
حسبتَ بيوتهمْ بيعَ النَّصارى
سقتهمْ أعينُ الأنواءِ دمعاَ
 
يُخُطُّ بخَدِّ وَادِيهِمْ عِذَارَا
ولا درستْ نوادي الحسنِ منهمْ
 
ولا فصمَ البلى منها سوارا
هُمُ بِالْقَلْبِ لاَ بِالْخَيْفِ حَلُّوا
 
وَفِي جَمَرَاتِهِ اتَّخَذُوا دِيَارَا
أقاموا فيهِ بعدَ رحيلِ صبري
 
فأضحتْ مهجتي أهلاً قفارا
إذا خطروا ببالي فرَّ شوقاً
 
فلوْ حملتهُ قادمة ٌ لطارا
أَرُوحُ وَلِي بِهِمْ رُوحٌ تَلَظَّتْ
 
إذا استضرمتها قدحتْ شرارا
وأجفانٌ كسحبِ ندى عليٍّ
 
إِذَا اسْتَمْطَرْتَهَا مَطَرَتْ نُضَارَا
حليفِ المكرماتِ أبي عليٍّ
 
أجلِّ النَّاسِ قدراً واقتدارا
أعزُّ بني الملوكِ الغرِّ نفساً
 
وَأَشْجَعُهُمْ وَأَمْنَعُهُمْ ذِمارَا
وَأنْجَدُهُمْ وَأَطْوَلَهُمْ نِجَاداً
 
وَأَفْخَرُهُمْ وَأَطْهَرُهُمْ إِزَارَا
أَخُو شَرَفٍ تَوَلَّدَ مِنْ عَليٍّ
 
وبضعة ِ أحمدٍ فزكا فخارا
تَلاَقَى مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ فِيهِ
 
وَشَارَكَ هَاشِمٌ فِيهِ نِزَارَا
هُوَ النُّورُ الَّذِي لَوْلاَهُ لاَقَتْ
 
بدورُ المجدِ في التمِّ السِّرارا
مَحَا إِيْضَاؤُهُ صِبْغَ اللَّيَالِي
 
فَعَسْجَدَ لَوْنَهُنَّ وَكَانَ قَارَا
أتى الأيَّامَ والأيَّامُ غضبى
 
فأحدثَ في مباسمها افترارا
ووافى والنَّدى ثمدٌ ففاضتْ
 
مَوَارِدُهُ وَلَوْلاَهُ لَغَارا
رَسا حِلْماً فَقَرَّ الْحَوْزُ فِيهِ
 
ولولا حلمهُ فينا لمارا
بِصَهْوَة ِ مَهْدِهِ طَلَبَ الْمَعَالِي
 
وقبلَ قماطه لبسَ الوقارا
وحازَ تقى ً ومعروفاً وفضلاً
 
وَأَقْدَاراً وَبَأْساً وَاصْطِبَارَا
وأصبحَ للعلا بعلاً كريماً
 
فَأَوْلَدَهَا الْمَحَامِدَ وَالْفَخَارَا
غَمَامٌ صَافَحَ الْبِيضَ الْمَوَاضِي
 
فأحدثَ في جوانبها اخضرارا
بِأَحْيُنِهَا إِذَا كَتَبَ احْوِرَارَا
 
حيا كفَّيه لا شيحاً وغارا
وَيُوشِكُ أَنْ يَعُودَ النُّورُ تِبْراً
 
لَوَ انَّ الْغَيْثَ نَائِلُهُ اسْتَعَارَا
وروضٌ من حمائلهِ التقطنا
 
دنانيرَ العطايالا العرارا
حَكَى فَصْلَ الرَّبِيعِ الطَّلْقَ خُلْقاً
 
وفاقَ بجودِ راحتهِ القطارا
كَسَا قَتْلَى أَعَادِيهِ شَقِيقاً
 
وبرقعَ وجهَ حبِّهمِ بهارا
وَهَزَّ عَلَى الْكُماة ِ قُطُوفَ لُدْنٍ
 
فَدَلَّتْ مِنْ جَمَاجِمْهِمْ ثِمَارَا
وأحدثَ عهدهُ فينا سروراً
 
فَأَنْبَتَ فِي الْخُدُودِ الْجُلَّنَارَا
مطاعٌ لو دها الصَّفواءَ يوماً
 
سَمِعْتَ لَهَا وَإِن صُمَّتْ خُوَارَا
جوادٌ في ميادينِ العطايا
 
ومضمارِ الفصاحة ِ لا يجارى
فَصِيحٌ نُطْقُهُ نَظْماً وَنَثْرَاً
 
يَرَصِّعُ لَفْظُهُ الدُّرَرَ الْكِبَارَا
تودُّ مدادهُ الأيَّام تمسي
 
بأعينها إذا كتبَ احورارا
فَكَمْ فِي خَطِّهِ مِنْ بِنْتِ فِكْرٍ
 
لها نسجتْ محابرهُ خمارا
ذكاءٌ منْ سناها كادَ يحكي
 
ظَلاَمُ مِدَادِهِ الشَّفَقَ احْمِرَارَا
لهُ القلمُ الَّذي في كلِّ سطرٍ
 
ترى في خطِّهِ فلكاً مدارا
يمجُّ على صباح السَّطرِ ليلاً
 
تكوكبَ في المعالي واستنارا
وأشرقَ منهُ في أندى يمين
 
فَلَجَّجَ في أَنَامِلِهَا وَسَارَا
ومنْ يسعى إلى طلبِ المعالي
 
فَلاَ عجَبٌ إِذَا رَكِبَ الْبِحَارَا
يَرَاعَ رَوَّعَ الْقُضُبَ الْمَوَاضِي
 
فأثبتَ في تقوُّمها ازورارا
تَرَى ثعباانَهُ الأَفْلاَكُ تَسْعَى
 
فيخفقُ قلبُ عقربها حذارا
يردُّ حسامَ جوزاها كهاماً
 
ويطعنُ في عطاردها احتقارا
مؤيدُ ملَّة ِ الإسلامِ هادٍ
 
إِذَا ضَلَّ الهُدَاة ُ وَلامنَازا
لَهُ كُتُبٌ يَعِزُّ النَّصْبُ عَنْهَا
 
إذا شنَّتْ كتائبها مغارا
حَكَتْ زَهْر الرِّيَاضِ الْغَضَّ حُسْناً
 
ونشرَ المسكِ طيباً وانتشارا
ووقتْعينَ نسيمٍ صفاءً
 
وعينَ الشَّمسِ نوراً واشتهارا
فَوَاصِلُهَا سُيُوفٌ فَاصِلاَتٌ
 
وَهَدْيٌ بِالضَّلاَلَة ِ لاَ يُمَارَى
مِنَ الدِّبَاجِ أَلْبَسَهَا ثِيَاباً
 
وصاغَ من النُّضلرِ لها فقارا
إذا في إثرها الأفكارُ سارتْ
 
لِتُدْرِكَ ثَأرَهَا وَقَفَتْ حَيَارَى
فنُورُ مُبِينِهَا جَمْعُ الدَّرَارِي
 
وخيرُ مقالها الدررُ النثارا
وفي نكتِ البيانِ أبانَ فضلاً
 
بِمُخْتَصَرٍ حَوَى حِكَماً غِزَارَا
كتابٌ كلُّ سفرٍ منهُ سفرٌ
 
منَ الإقهارِ في الأقطارِ دارا
فَلَوْ أَمُّ الْكِتَابِ أَتَتْ بِنَجْلٍ
 
لَقُلْنَا فِيهِ قدْ حَمَلَتْ قِصَارَا
إذا ورد العدا منهُ كتابٌ
 
تَوَعَّدَهُمْ بِهِ طَلَبُوا الْفِرَارَا
وإنْ صدرتْ ظباهُ عنِ الهوادي
 
حسبتَ حديدها ذهباً ممارا
وَهُوبٌ يوسِع الْفُقَرَاءَ تِبْراً
 
وَلَمْ يهَبِ الْعِدَا إِلاَّ تَبَارَا
أَلاَ يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُرَجَّى
 
إذا غدرَ الزَّمانُ بنا وجارا
وَيَا غَيْثاً إِذَا الأَنْوَاءُ ضَنَّتْ
 
وَطَالَ جَفَا الْحَيَا حَيَّا وَزَارَا
لعمركَ إنَّ قدرك لا يجارى
 
وَقَطْرَكَ بِالسَّمَاحَة ِ لاَ يُبَارَى
بطولكَ تمَّ نقصانُ المعالي
 
فَطَالَتْ بَعْدَمَا كَانَتْ قِصَارَا
 
فقدْ أبكيتهنَّ دماً جبارا
ليهنكَ بعدَ صومكَ عيدُ فطرٍ
 
يريكَ بقلبِ حاسدكَ انفطارا
أتاكَ وفوقَ غرَّتهِ هلالٌ
 
إذا قابلتهُ خجلاً توارى
يشيرُ وعادَ نحوكَ كلَّ عامٍ
 
يحدِّدُ فيكَ عهداَ وازديارا
ولا برحتْ لكَ العلياءُ داراً
 
ومتَّعكَ الزَّمانُ بملكِ دارا