صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/90

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٨٩ -


خراسان:


أما عن بلاد خراسان فإنه إلى جانب الثورات الخارجية التي عرفتها شهدت أيضاً حدوث اضطرابات وفتن منها ثورة قام بها رجل يعرف بابن الخصيب وذلـك بمدينة نسا سنة ۱۸۳هـ وأتعب هذا الرجل والي خراسان وهو علي بن عيسى بن ماهان تعباً شديداً وذلك أنه بعد أن طلب الأمان عاد ونقض وغدر بابن الوالي وتغلب على أبيورد وطوس ونيسابور، وحاصر مدينة مـرو ولكنه عجز عن أخذها. واضطر عيسـى بن ماهان إلى المسير إليه في سنة ١٨٦هـ إلى نسا فقتله وسبى نساءه وذراريـه واستقامت خراسان1.

والظاهر أن الخليفة - كما نستبين من النصوص - كان مسئولا إلى حد كبير عـن اضطراب بلاد خراسان وذلك أن الوالي علي بن عيسى استغل البلاد استغلالا سيئا وكتب كبراء أهل البلاد وأشرافها إلى الرشيد في سنة ١٨٩هـ يشكـون سـوء سيرة ابن ماهان "وظلمه واستخفافه بهم وأخذ أموالهم" سار الرشيد إلى الري لينظر في أمر خلع الوالي ولكن الأخير أتاه من خراسان - وأهدى له الهدايا الكثيــــــــــــرة والأموال العظيمة وأهدى لجميع من معه من أهل بيته وولده وكتّابه وقواده من الطرف والجواهر وغير ذلك. وانتهى الأمر بطبيعة الحال بأن رده الخليفـة إلـى ولايتـه من جديد2.

ولكنه في سنة ١٩٠هـ اضطرب مشرق الدولة من جديد وذلك عندما ظهر (ثار) رافع بن الليث بن نصر بن سيار بسمرقند من أرض ما وراء النهر، وذلـك لأسباب تتعلق بالأخلاق. وجلد رافع وقيد وطيف به على حمار "ليكون عظة لـغـيـره" فثار واستطاع أن يستولي على المدينة وقتل عاملها وهزم جيشاً أرسله إليه عيسى بن علـي بن ماهان وغلب رافع على بقية ما وراء النهر ثم أنه بعد ذلك استمال الترك المقيميـن


  1. انظر، ابن الأثير، ج ٥، ص ۱۰۲، ص ۱۰۸، ص ۱۱۰، ص ۱۱۳.
  2. نفس المصدر، ص ١٢٠ - ۱۲۱.