صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/8

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٨

أكول1. ولم يسلم من الخلفاء الامويين سوى الخليفة الورع التقي عمر بن عبد العزيز الذي يعتبره الكتاب خامس الخلفاء الراشدين. ورغـم الاعتراف بمكانة عمر بن عبد العزيز الذي يرجع إليه الفضل في منع سب الإمـام علي رضي الله عنه من على المنابر. كما انه اعترف له بفضله عندما نظر إلى الإسلام نظرة تختلف عن نظرة سابقيه، فهو يرى أن الدولة عندما اتسعت كانت تهدف إلى نشر الإسلام قبل الحصول على المكاسب المادية وأعلن رأيه هذا عندمـا تضاربت السياسة الدينية مع السياسة الإدارية، وطولب الداخلون الجدد فـي الإسلام بدفع الجزية مثلهم في ذلك مثل أهل الذمة (غير المسلمين من أهل الكتاب) فأمر عمر برفع الجزية عمن أسلم، ولهذا يعتبر عمر نموذجاً للورع والعدل والحكمـة. ورغم ذلك نجد أن بعض كتّاب العباسيين ينالون منه كما نالوا من أقاربه. وينسب إلى المنصور العباسي أنه قال عندما ذكر في مجلسه: "أنه أعور وسط عميان"2.

وبناء على ذلك نلاحظ أن الفضل في الأعمال السياسية والعسكرية التـي حققها الإسلام على عهد الدولة الأموية إنما يرجع الى كبار رجال الدولة مثـل: الحجاج بن يوسف الثقفي الذي اشتهر بعنفه وشدته وبطشه حتى أنه غرس كراهية أهل الشام في قلوب أهل العراق، ولكن يرجع الفضل إلى قسوته في الحفاظ على وحدة الدولة.

ونذكر أيضاً من الرجال العظام قتيبة بن مسلم فاتح بلاد ما وراء النهـر والذي وسع حدود الإسلام حتى مغارب السند، ثم موسى بن نصير فاتح الأندلس.

امتد سلطان الدولة في المشرق والمغرب ولكنها لم تستطع أن تفتـح القسطنطينية ففشلت المحاولات التي بذلها معاوية وخلفائه مثل الوليد وسليمـان


  1. انظر، المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تنقيح وتصحيح شارل پلّا (عـن طبعة بربيه دي مينار وبافيه دي کرتاي)، منشورات الجامعة اللبنانية - قسـم الدراسات التاريخية، بيروت ۱۹۷۳، ح ٤، ص ۱۳۰.
  2. نفس المصدر والصفحة.