صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/79

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٧٨ -

في كش وبعض قرى بخاری. ونهاية هاشم الغريبة هذه كانت سببا في افتتان من بقي من أصحابه كما تقول النصوص1.

وتقول النصوص أن المهدي جد في طلب الزنادقة والبحث عنهم في الآفاق وقتلهم2. كما تقول الرواية أنه قال لولي عهده الهادي وقد قدم إليه زنديقاً فقتله وأمر بصلبه: "يابني إذا سار الأمر إليك فتجرد لهذه العصابة - يعني أصحـاب ماني - فإنها تدعو الناس إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش، والزهد في الدنيا والعمل للآخرة، ثم تخريبها من هذا إلى تحريم اللحوم ومس الماء الطهور وترك قتل الهوام تحرجاً، ثم تخرجها إلى عبادة اثنين، أحدهما النور والآخر الظلمة، ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات والاغتسال بالبول، وسرقة الأطفال من المهد لينقذوهم من ظلال الظلمة إلى بداية النور. فارفع فيها الخشب وجرد السيـف فيها وتقرب بأمرها إلى الله"3.

وفي سنة ١٦٦هـ قتـل الشاعر الأعمى بشار بن برد بتهمة الزندقة، إلى جانب أنه كان هجاء ولم يسلم من هجائه الخلية نفسه4.

وحوالي ذلك الوقت عهد المهدي بالتفتيش على الزنادقة إلى موظف خـاص يعرف باسم "المتولي لأمر الزنادقة" أو صاحب الزنادقة. وتذكر الرواية أن أول مـن تقلد هذا المنصب الجديد هو عمر الكلواذاني5، الذي توفي سنة ١٦٨هـ فولى مكانه محمد بن عيسى بن حمدويه، الذي كان عنيفا "فقتل من الزنادقة خلقاً كثيرا"6.


  1. ابن الأثير، الكامل، ح ٥، ص ٥٨.
  2. انظر، ابن الأثير، الكامل، ج ٥، ص ٦٩.
  3. نفس المصدر، ص ۸۱.
  4. ابن الأثير، الكامل، ج ٥، ص ٦٨، انظر، الجهشیاري، کتاب الـوزراء والكتاب، ص ١٥٨.
  5. ابن الأثير، ج ٥، ص ٦٩.
  6. ابن الأثير، ج ٥، ص ۷۰.