صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٧٥ -

كما تقول الرواية محبباً إلى الخاص والعام "لأنه افتتح أمره برد المظالم وكفّ القتل وأمن الخائف وأنصف المظلوم"1. إلا أن المهدي كما يفهم من النصوص استثنى بعض العلويين من التمتع بالعفو، وهو الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بـن الحسن بن الحسن بن علي، مما اضطره إلى الهرب من سجنه، وأقلق ذلك الخليفة، ولكن الأمر انتهى بطلب العلوي الأمان من الخليفة فأمنه المهدي ووصله2.

وأطلق المهدي كما تقول الرواية ابني داود بن طهمان، الذي كان يناصـر إبراهيم في البصرة، وقرب ابنه يعقوب - بن داود - تقریباً شديداً، واستــــــــــوزره وقرّب ابن داود بدوره الزيدية من العلويين. فجمعهم وولاهم أمور الخلافـة فـي المشرق والمغرب3. وكان ذلك من الأسباب التي دفعت الشاعر بشـار بن برد إلى أن يقول بيتيه المشهورين:

بني أميـة هبوا طال نومكم
إن الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فالتمسوا
خليفة الله بين الناي والعود4

والظاهر أن الخليفة أدرك خطورة أمر ترك مقاليد أمور الدولة إلى وزيره، فتخلص منه، وسجنه، وذهب بصره في السجن، ويقي محبوساً حتى عهد هـارون الرشيد، إذ شفع إليه فيه يحيى بن خالد بن برمك، فأمر الرشيد بإخراجـه مـن سجنه وأحسن اليه ورد إليه ماله، واختار يعقوب الإقامة في مكة فأقـام بها حتـى مات في سنة ١٨٧هـ5.


  1. المسعودي، مروج الذهب، ج ٤، ص ١٦٩.
  2. ابن الأثير، ص ٥١ – ٥٢.
  3. ابن الأثير، الكامل، ج ٥، ص ٦٦.
  4. نفس المصدر، ص ٦٦، وقارن الجهشیاری، کتاب الوزراء والكتاب، ص ١٥٦ حيث يورد البيت الثاني على الوجه التالي:
    ضاعت خلافتكم يا قوم فاطلبوا
    خليفة الله بين الزّق والعود
  5. الجهشیاري، ص ١٦١ - ١٦٢.