صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/68

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٦٧ -

أما عن البلاط العباسي، فكان يظهر فيه إلى جانب أفراد الأسرة وآل النبـي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء كانوا يكونون طبقة الأعيان، إلى جانبهم كان يظهـر كبار رجال الدولة والموالي، كما كان هناك القراء والفقهاء والأطباء وعلماء الفلك والشعراء والموسيقيون والمضحكون والخصيان. كل هذا يعني أن خليفة بغداد لم يعد شيخ قبيلة بل أصبح وريث ملوك فـارس.

ولم تعد الوظائف الكبيرة في الدولة وقفاً على النبلاء بل أصبحت تمنح. وكذلك أصبحت الملابس الرسمية التي تعرف بالخلع هي السمة المميزة لأصحاب الرتب الكبيرة، وكذلك القلانس الطويلة التي أمر المنصور كبار موظفيه بلبسها.

وإذا كان الأمويون قد عرفوا وظيفة الحاجب وهو الرجل الذي ينظم مقابـــــــــلات الخليفة، فإن الخليفة العباسي أصبح بعيداً كل البعد عن العامة بفضل عدد الحجاب والموظفين ورجال الدولة الذين كانوا يزدادون عدداً مع مرور الوقت.

وإلى المنصور يرجع الفضل في وضع نظام الدولة العباسية فقد حافظ على النظام الساساني البيزنطي الذي كان معمولاً به على أيام الأمويين. كما أنه جدد بنـاء هـذا التنظيم فأصبح على كل ولاية عامل أو وال، وكان لأفراد الأسرة نصيب كبير في هـذه الولايات.

البريد:


وبفضل نظام البريد الذي عرفه الأمويون والذي توسع فيه المنصور، استطاع الخليفة أن يفرض رقابة شديدة على إدارة الولايات المختلفة.

وكان على أصحاب البريد أن يقوموا بكل الاستعلامات رغم أن عملهم كان يتركـز في إمداد الخليفة بالمعلومات المتعلقة بقيام الولاة بأداء مهام وظائفهم في أعمالهم وكانت تقارير أصحاب البريد لها أهمية خاصة فعن طريق هذه التقارير كانت تعـــرف حالة المحاصيل فتتخذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب عندما يكون الوقـت وقت جدب. وكانت إحصاءات أصحاب البريد هذه المصدر الذي استقى منه الجيل التالي علم الجغرافية الذي ازدهر عند العرب.