صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/20

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

علم الكلام وسمي اصحابه « المتكلمون » ومنهم « المعتزلة » ثم تفرع الاعتزال الى طوائف مختلفة في القرن الثاني للهجرة

ولما كان تفسير القرآن والحديث واستخراج الأحكام منها يستلزم معرفة الأسباب التي نزلت من اجلها الآيات وقيلت الأحاديث النبوية، عمدوا الى جمع السيرة المحمدية وتدوينها بالتفصيل ثم اضطروا لأجل التحقيق في مسائل الحديث إلى البحث في أسانيدها والتفريق بين ضعيفها ومسندها،

فجرهم ذلك الى النظر في تراجم رواة الأحاديث ومعرفة احوالهم وسيرهم وتقسيمهم الى طبقات فكان هذا من أهم البواعث في انشاء «علم الأنساب »، وعلم السير والطبقات ثم جمعوا اخبار العرب في الجاهلية والإسلام ودونوا حوادثهم وأيامهم وغزواتهم وفتوحاتهم فظهر « علم التاريخ » . وألجأتهم الحاجة بعد ذلك إلى دراسة أحوال البلاد وأراضيها وطبيعتها، ومعرفة كيفية انتقالها الى أيدي المسلمين - حرباً كان أم صلحاً ـ لكي يطبقوا على أهلها احكام الجباية والخراج وغيرهما، فساقهم ذلك إلى التنقل في أنحاء المملكة الإسلامية ومعرفة مواقعها وحدودها وسهولها وجبالها ومياهها، فتكون عندهم « علم الجغرافيا »، ولكنه بدأ في أول الأمر بشكل بدائي بسيط ثم تطور بعد القرن الرابع والخامس الى علم أتم وأدق، وظهر عدد من الرحالة الذين جابوا هذه البلاد ودرسوا احوالها وكتبوا عنها، ورسموا خرائطها بقدر ما استطاعوا ثم نشأ غير ما ذكرنا علوم أخرى كثيرة يضيق هذا البحث المقتضب عن حصرها وعدها

كانت مدينة البصرة ـ كما قلنا ـ في مقدمة البلاد الإسلامية التي نشأت فيها هذه النهضة العلمية وقد اختلف الباحثون في أسباب ذلك وتضاربت آراؤهم والأصح منها هو ان جماعة من الصحابة الحافظين

– ٢٢ –