صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/176

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱۷٦ –

في الشاهد على الخصوص بأن يجعله يتوهم أنه يحقق وقوع احدى الحادثات ، حينئذٍ يستحوذ الموس عليه من كل جانب فيعتقد أنه يشاهد حقائق لا ريب في صحتها ، فلتصغ إلى ما يقصه علينا المؤمنون خوفا من أن يستولى الغم والحزن عليهم ولكن لنجدد في أنفسنا ما يحدثوننا به من قصص الخوارق للعادة .

تتجلى لنا صعوبة البحث في الحوادث الخارقة عند ما نعلم أنه ليس من السهل أن تختبر أبسط الأمور اختباراً دقيقا، قال الأستاذ ( بونيس ) : « إن تحقيق الحادثة الواحدة غير هين فنحن نميل بطبيعتنا الى تشويه ما نشاهده من الأمور على رغم أنوفنا وجعله ملائما لأفكارنا الشخصية وعاداتنا النفسية والطرز الذي ننظر به الى العالم .»

٣- قيمة تجربة الفرد وتجربة الجماعة .

بعد أن نقضنا أمر الشهادة والاختبار لم يبق لدينا شيء آخر سوى التجربة فالتجربة سهلة في المواضيع العادية ، وأما المواضيع التي ينظر اليها من خلال المعتقد فان التجربة في الغالب تؤيد ما فيها من خطأ وضلال بدلاً من كشف حقيقتها ، نعم قد يستعين المرء بالتجربة ، ولكن ما الفائدة في تطبيقها على أمور خفية غير منظورة ؟ فتذرع الرجل بآلة يحقق بهـا تنقل الشيء في وقت يقلبه الوسيط من وراء حجاب لا يؤدي الى تدقيق نافع .

ولصعوبة التجربة في مسائل السحر يجتمع العلماء بعضهم على بعض كى يتوصلوا الى نتيجة حاسمة فيها ، فهذا الاجتماع لا يجدي نفعا ، لأن العلماء وهم يجتمعون يلقن احدهم الآخر فينقص ما فيهم من ملكة الانتقاد ، د ، و بعد أن ينخفض مستواهم النفسي على هذا الوجه يتهون الى نتائج غير صحيحة ، ولا أظن ان اكتشافا كبيرا تَمَّ على يد جماعة حتى الآن ، فاذا اكتُشف شيء ينير السبيل في أمر السحر فأن ذلك لا يكون الا من قبل عالم على انفراد .

ولم يؤد تحقيق أمور السحر في انكلترا وفرنسا وإيطاليا الى شيء جديد سوى تأييد ما ذكرناه من الملاحظات أي أن الوسيط الواحد في هذه البلدان عُدَّ بحسب نفسية الحضور وقابليتهم للتأثر من التلقين إما مدلسَا وإمَّا بالعكس ذا قدرة