صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/141

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
- ١٤١ -


مع أن المعرفة هي بنت الحياة الشاعرة وتقوم على التجربة والاختبار ، والمعرفة تعلم و بالمعتقد نسير ، ولو ألزم الانسان اكتساب المعرفة قبل أن يسير لاعترته البطالة والجمود زمنا طويلاً ، وقد ظلت المعتقدات وحدها أدلاء البشر قرونا عديدة ، فهي التي أنارت لهم السبل في جميع المسائل ، ولم تكن الأديان منشـأ احتياج الناس الى الايمان ، بل إن هذا الاحتياج هو بالمكس علة الأديان ، فمتى ترك المرء دينه لم يلبث أن يعتنق بغريزته معتقداً آخر صنا كان أم سحراً أم خرافة سياسية الخ . عدم التسامح في أمر المعتقدات . عدم التسامح هو احدى صفات المعتقدات العامة الثابتة ، وكلما كان المعتقد قويا قل تساهله ، فالناس بعد أن يدخل إيمان في قلوبهم لا يصطبرون على من ليس عليه ، هذه هي سنة أجرت حكمها في جميع الأجيال ولا تزال تجربه ، وكل يعلم درجة ما يصل اليه المعتقدون من صولة دينية كفاراً كانوا أم قانتين ، فالحروب الدينية ومحكمة التفتيش وملحمة السان بارتلمي والغاء مرسوم نانت والهول الأكبر واضطهاد الأكابروس في الوقت الحاضر الخ أمثلة على تلك الصولة . t وإذا كان لتلك السنة شواذ نادرة سهل إيضاحها ، فالرومان لم يعترفوا بآلهة مختلف الشعوب التي دخلت في ذمتهم إلا لأن هذه الآلهة في نظرهم عبارة عن سلسلة من الموجودات العلوية يجب اجتذابها بالعبادة ، وكذلك البوذية فانها لم تؤد الى اضطهاد ، إذ هي متساهلة بما تأمر الناس به من التجرد عن الرغائب والشهوات و باعتبارها الآلهة والموجودات أوهاما لا أهمية لها ، وليس من سبب يجعلها عدية التسامح . ا إذا مثل هذه الشواذ توضح نفسها بنفسها ، وليس فيها ما يناقض الناموس العام القائل إن المعتقد عديم التساهل بحكم الضرورة . ا والمعتقدات السياسية في كالمعتقدات الدينية في عدم تسامحها ، فليس من يجهل الشدة التي أباد بها رجال العهد الذين اعتقدوا أنهم على الحق المطلق خصوم ايمانهم السياسي ، وأنصار إلاهة العقل في الوقت الحاضر هم کهؤلاء شدة وتعصبا وتعطشا الى القرابين البشرية ، وستظل كلمة القديس ( طوماس ) الآنية مبدأ لكل مؤمن حقيقي ا