صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/136

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
- ۱۳٦ -


في وقوع كثير من الحوادث - هو الذي يجب أن يلتفت اليه وحده ، بل يقتضى أن يلتفت الى حركات الرأي الأخرى ، لأنها تدل أيضا على الحالة الفكرية في أحـد الأدوار ، فهذه الحركات تطبع طابعها على الفنون والآداب حتى على العلوم ، وتشتق الحركات المذكورة ما لبعض النظريات او لبعض الرجال من نفوذ ويعم أمرها بفعل العدوى النفسية التي هي العنصر الأساسي في انتشار المعتقدات . وكل من الكتاب والمفكرين والفلاسفة والساسة يعمل ضمن دائرته في ايجاد مجار الآراء تسير بها حضارة أحد الأزمنة ، وعلى أقطاب السياسة وحدهم يعود أمر تكوين رأى عام في المسائل التي تمس حياة البلاد الخارجية ، وعمل مثل هذا هو غاية في الصعوبة ، إذ يجب على أولئك الاقطاب أن يكونوا ذوى نفسية ناميـة يقدرون بها على السير حسب المنطق العقلى وعلى التأثير في مشاعر الرجال المستقلة عن كل عقل . ا L والمؤثرات غير العقلية التي هي سبب حركات الآراء تتبدل بحسب الأحوال تبدلاً متصلاً ، فعلى من يود أن يقبض على زمام هذه المؤثرات أن يعرف كيف يتفرس فيهـا وأن لا ينسى أن الرأي بعد أن تؤمن به الجماعة يصبح في نظرها حقيقة واحدة . ثوران الاراء ثوران الآراء كناية عن اتجاه انفعالات الناس الفجائية نحو غرض واحد ، وقاما ينشأ عن حوادث وقعت في غضون أحد الأدوار الطويلة مثل هذا الثوران وهو يظهر بتأثير حوادث عاطفية تقع بغتة أو بفعل بضعة الفاظ ينطق بها رجال نافذون ( قادرون على تحريك المشاعر . ولم يكن أعاظم الأبطال في التاريخ كبطرس الراهب وجان دارك ومحمد( صلعم ) ولوثر ونابليون هم الذين سببوا وحدهم ثورانا في الآراء ، بل نشاهد كل حدوث ثوران فيهـا وان كان على مقياس ضيق ، مثال ذلك ما نشأ عن اعدام الفوضوي ( فيرير) من ثوران أقام باريس وأقعدها وما أوجبه اجتياز طيار بحر المانش أول مرة من الوقع العظيم في أرجاء أوروبا . ،