صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/120

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
- ۱۲۰ -

« ومن يتسلى ويسترنج كما يريد ؟ ومن يتمتع بأطايب النعم ؟ ومن يسيح للنزهة ؟ ومن يتفيأ في الصيف ويتدفأ في الشتاء و هو ابن الطبقة العليا المثرية !

« ومن يأكل طعاما غير شهى ؟ ومن يندر شربه للخمر ؟ ومن يشتغل بدون انقطاع ، ومن يكابد حمارة الصيف وصبارة الشتاء ؟ ومن هو شديد البؤس كثير الشقاء ؟ هو و الفلاح ! » والتوكيد لا يلبث بعد أن يكرر تكراراً كافيا أن يحدث رأيا ثم معتقداً والتكرار هو تتمة التوكيد الضرورية ، ومن يكرر لفظا أو فكراً أو صيغة تكريراً متتابعا يحوله الى معتقد ، و إذا نظرنا الى سلسلة الرجال التي تبتدىء بمؤسس الديانة لتنتهى بتاجر السلع رأينا أنها تستعين بمبدأ التكرار على إقناع الناس . والتكرار من القوة بحيث يجعل الرجل يؤمن بالكلمات التي يكررها ويسلم بالأفكار التي يعرب عنها عادة ، فلما رجا مجلس الشيوخ أن يهيء ( بومبى ) الكبير الاسباب اللازمة للدفاع عن الجمهورية قال هذا الاخير مكرراً إن يوليوس قيصر لا يهاجم روما ، والاعتقاد الذي أوجبه هذا التكرار في نفسه منعه من الالتجاء الى التدابير التي يمكنه أن يحمى بها روما و ينقذ رأسه من القطع ولو لأجل معلوم . ا والتاريخ السياسي حافل بالعقائد التي نشأت عن التكرار على الوجه المذكور ، فقد كان قادتنا وأولو الأمر منا قبل سنة ١٨٧٠ يقولون مكررين إن الجيوش الألمانية هي دون جيوشنا قوة ، وبفعل هذا التكرار اعتقدوا صحة ذلك اعتقاداً جازما ، وكل يعلم ما ذا كانت عاقبة الاعتقاد المذكور ، ولا يلبث الرجل السياسي بعد إقباله على آراء مفيدة له أن يعتنقها بتأثير نضاله عنها حتى يصبح غير قادر على تبديلها عند ما تقتضى منفعته ذلك التبديل

۲ - المثال

المثال هو أحد وجوه التلقين الفعالة ولكن يجب أن يكون ذا وقع في النفوس ليكون مؤثراً ، ففي عالم التربية نرى أن مثالاً بارزاً خير من مئات من الأمثلة الضعيفة التي لا تنفذ القلوب ، وقد أتيح لى أن أحقق هذا المبدأ عند ما روضت خيلاً