صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/112

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١١٢ –

فراء تلك الطاعة العمياء لأوامر الجموع أصبحت هذه الجموع أكثر نجبراً من ذي قبل ، وبما أن الروادع التي كانت تزجرها قد تحطمت على هذا الشكل فانهـا ترغم النواب على من قوانين لا تلائم قاعدة العدل والانصاف ، ويقتضى الاتيان بشيء من التفصيل لاثبات الكيفية التي تتدرج بها الزواجر الاجتماعية الى الانفصام بعدما كانت في الماضي تسكن أهواء الجماعات واندفاعاتها .

تشتق روح التمرد في الجموع من المبدا القائل إن الوعيد والتخريب يكفيان لجعل أصحاب الأمر والنهي يخضعون لها ، والحوادث التي تدل على انتحاء تلك الروح كثيرة الى الغاية ، فهذه الحوادث تثبت ما طرأ على المزاج النفسي من تبدل أدى إلى زعرعته مبادى، الحقوق التي كانت تعتبر حصينة منيعة الجانب ، وإني اكتفى على سبيل المثال بذكر قانون كان يظهر عند سنه - أيام اعتصاب موظفي الخطوط الحديدية - أنه متين ذو مقصد انساني إلا أنه اوجب في نهاية الأمر شللا ،وقتا في حياة الأمة .

كانت الشركات تؤدى الى مستخدميها رواتب تقاعد أعظم مما يناله موظفو الدولة ، فإذا اعتبرنا الأرقام التي ذكرت في مجلس النواب ترى أن راتب تقاعـد المحطات كان ٣,٥٠٠ فرنك مع أن الحد الأعظم لرواتب تقاعد المعدنين ٣٦٠ فرنكا ولرواتب معلمي المدارس الابتدائية ١١٠٠ فرنك ولرواتب أساتذة المدارس الثانوية ٣٨٥را فرنكاً ، ثم قال الخطيب الذي أورد هذه الأرقام ان راتب تقاعد مستخدمي الخطوط الحديدية ليس ممَّا تجب زيادته .

ولكن لما كان مستخدمو الخطوط الحديدية ذوى شأن في الانتخابات وتذرعوا بأنواع التهديد على صفحات الجرائد ظن ممثلو الشعب في البرلمان أنه يسهل تنفيذ مطاليبهم ، فاقترعوا على زيادة رواتب تقاعدهم من دخل مساهمي الشركة ، وقلما يجرؤ مستبد على اتخاذ هـذه الطريقة قائلاً للمساهمين : يحسن بي أن اخفض دخلكم القليل لأزيد رواتب طبقة . من المستخدمين أنا في احتياج اليهم ، فأطيعونى وأدوا ما أفرضه عليكم .

ان الخطوط الحديدية هي عبارة عن مشاريع خاصة قامت على عقود لا يقدر