ناح الحمام وغرد الشحرور
المظهر
(حولت الصفحة من ناح الحمام وغرّد الشحرور)
ناح الحمام وغرّد الشحرور
ناح الحمام وغرّد الشحرور
هذا به شجن وذا مسرور
في روضةِ يُشجى المشوق ترقرق
للماء في جنباتها وخرير
ماء قد انعكس الصفاء بوجهه
وصفا فلاح كأنه بَلور
قد كاد يمكن عنذ ظني أنه
بالماس يوشر منه لي موشور
وتسلسلت في الروض منه جداول
بين الزهور كانهن سطور
حيث الغصون مع النسيم موائل
فكأنهن معاطف وخصور
ماذا أقول بروضة عن وصفها
يعيا البيان ويعجز التعبير
عني الربيع بوشيها فتنوعت
للعين أنوار بها وزهور
مثلت بها الاغصان وهي منابر
وتلت بها الخطباء وهي طيور
متعطر فيها النسيم كأنما
جيب النسيم على شذا مزرور
للنرجس المطلول ترنو أعين
فيها وتبسم للاقاح ثغور
تخذت خزاماها البنفسج خدنها
وغدا يشير لوردها المنثور
وكأن محمر الشقيق وحوله
في الروض زهر الياسمين يمور
شمع توقد في زجاج أحمر
فغدا حواليه الفراش يدور
وتروق من بعد بها فوارة
في الجو يدفقُ ماؤها ويفور
يحكى عمودُ الماء فيها آخذا
صعدا عمود الصبح حين ينير
ناديت لما ان رأيت صفاءه
والنور فيه مغلغل مكسور
هل ذاك ذوب الماس يجمد صاعدا
أم قد تجسم في الهواء النور
تتناثر القَطرات في أطرافها
فكأنما هي لؤلؤ منثور
ينحل فيها النور حتى قد ترى
قوس السحاب لها بها تصوير
كم قد لبست بها الضحى من روضة
فيها علتني نضرة وسرور
فاجلت في الازهار لحظ تعجبي
ولفكرتي بصفاتهن مُرور
فنظرتهن تحيراً ونظرنني
حتى كلانا ناظر منظور
فكأن طرف الزهرِ ثمة ساحر
لما رنا وكأنني مسحور
إن الزهور تكهن براعم
مثل العلوم تجنهن صدور
وتضوُّع النفحات منها مثله
تبيينها للناس والتقرير
وبتلك قلب الجهل مصدوع كما
ثوب الهموم بهذه مطرود
والزهر ينبته السحاب بمائه
يزهو فذلك في النهَى تنوير
او كان هذا لا يدوم فان ذا
ليَدوم ما دامت تكر عصور