الرواية مأساة شعرية رائعة نظمها أمير الشعراء شوقي في خمسة فصول وهي تصوّر لك حياة البادية وعادات العرب وتقاليدهم فيها، ولا سيما تلك السُّنّة التي جروا عليها بأن يحولوا بين العاشق ومعشوقته اذا شبب فيها وأعلن هواه وفيها صورة صادقة للهوى العُذري البدوي العفيف وحرص العرب على الشرف والعِرض.
ويمثل المشهد التالي قيسًا وقد أقبل نحو خِباء ليلى تحت جناح الليل، فيباغته أبوها المهديّ ويسأله عن حاجته، فيزعم أنّه جاء يطلب قبسًا من النار..
«يُقبل قيسٌ على خِباء ليلى ويُنادي»
ليلى!
«المهديّ: خارجًا من الخِباء»
من الهاتف الدّاعي؟ أقيس أرى
ماذا وقوفُك والفتيان قد ساروا
قيس:
ماكنت يا عمّ فيهم
«المهديّ:دهشًا» أين كنت إذن؟
قيس:
في الدار حتى خلَت من نارنا الدارُ
ما كان من حطب جزِلٍ بساحتها
أودى الرياحُ به والضيفُ والجارُ
«المهديّ:مناديًا»
ليلى -انتظر قيس- ليلى
«ليلى من وراء الخباء:»ما وراء أبي؟
«المهديّ:مناديًا» هذا ابن عمك ما في بيتهم نارُ
«تظهر ليلى على باب الخباء»
ليلى:
قيس ابن عمّي عندنا
يا مرحبا يا مرحبا
قيس:
مُتّعت ليلى بالحياة
وبلغت الأرَبا
«ليلى تنادي جاريتها بينما يختفي أبوها في الخباء»
عفراءُ «عفراء-ملبيّة نداء مولاتها»
مولاتي
«ليلى»
تعالي نقض حقّا وجبا
خُذي وعاءً واملئيه
لابن عمي حطبًا
«تخرج عفراء تتبعها ليلى»
قيس:
بالروح ليلى قضت لي حاجة عرضت
ما ضرّها لو قضت للقلب حاجات
مضت لأبياتها ترتاد لي قبسًا
والنار ياروح قيسٍ ملء أبياتي
كم جئتُ ليلى بأسباب ملفّقة
ما كان أكثر أسبابي وعلاّتي
«تدخل ليلى»
ليلى: قيس
«قيس» ليلى بجانبي
كلّ شيء اذن حضر
«ليلى» جمعتنا فأحسنت
ساعة تفضُل العمر
«قيس» اتجّدين؟
«ليلى» ما فؤادي
حديد ولا حجر
لك قلب فسله يا قيس
يُنبيك بالخبر
قد تحمّلتُ في الهوى
فوق ما يحمل البشر
«قيس»لستُ ليلايَ داريًا
كيف أشكو وأنفجر؟
أشرحُ الشوق كلّه
أم من الشوق أحتضر؟
«ليلى»نبّني قيسُ ما الذي
لك في البيد من وطر
كلّ ظبي لقيتَه
صُغت في جيده الدرر
أترى قد سلوْتنا
وعشقت المها الأخر
«قيس» غِرتِ ليلى من المها
والمها منك لم تغر
حبّب البيد أنها
بكِ مصبوغة الصور
لستِ كالغيد لا ولا
قمر البيد كالقمر
«ليلى وقد رأت النار تكاد تصل الى كُمّ قيس»
ويح عينيّ ما أرى؟ قيس!
«قيس» ليلى!
«ليلى مشفقة»
خُذ الحذر
«قيس غير آبهٍ، لما كان فيه نجوى»
رُبّ فجرٍ سألتُه
هل تنفّس السَّحر
ورياح حسبتُها
حرّرت ذيلكِ العطِرُ
وغزال جفونُه
سَرقت عينكِ الحَوَرُ
«ليلى» أطرِح النار يا فتى
أنت غادٍ على خطر
لهب النار قيسُ في
كُمّك الأيمن انتشر
«قيس: مستمر بعد أن رمى النار من يديه»
وذئاب أرقّ يل ليلَى
من أهلك الغُيَر
أنستِ بي ومرّغت
في يديّ الناب والظُفر
«ليلى» ويح قيسَ تحرّقت
راحتاه وما شعرَ
«قيس» أحسُّ بعينيّ قد غامتا
وساقيّ لا تحملان الجسد
«يخرّ صريعا الى الارض فتتلقاه على صدرها صارخة»
«ليلى» يا لأبي للجار، قيسٌ صريع النار، ملقى بصحن الدار!