مجلة الرسالة/العدد 846/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 846/البَريدُ الأدَبيَ

مجلة الرسالة - العدد 846
البَريدُ الأدَبيَ
ملاحظات: بتاريخ: 19 - 09 - 1949



مصحف من عهد عثمان بن عفان في روسيا:

هكذا نشرت الأهرام بعددها الصادر بتاريخ 30 من أغسطس سنة 1949.

وإذا كان المشتغلون بالحفريات، وبالتثقيب عن الآثار، يسرهم أعظم السرور وأطيبه، أن يجدوا قطعة حجر متآكلة، قد نقشت عليها بضع كلمات؛ رجاة أن يقدموا إلى العلم شيئاً؛ وإن يكن تصحيحاً لتاريخ وفاة أمير، أو ميلاد وزير، أو نسب وليد، فقدَّركم يكون سرور المعنيين بالمخطوطات، حين يجدون كتاباً ضخماً، يحوي بين دفتيه كثيراً من العلوم والمعارف، والآراء والنظريات؟! خصوصاً إذا كان موغلا في القدم، ويرجع تاريخه إلى ما يقرب من الثلاثة عشر قرناً.

وقدركم يكون سرور المشتغلين بالإسلاميات على وجه العموم وسرور المسلمين على وجه الخصوص، إذا كان هذا المخطوط، هو المصدر الأول لعقائد المسلمين وثقافتهم؟!

إنه لا يداخل المسلمين أدنى شك، في صحة كتابهم، ولا في شيء مما يحتويه من آيٍ هي غرر البيان ومعجزة الدهر؛ تتقدم العلوم، وتتسامى الفهوم، وتتكشف الحقائق، وتتجلى الغوامض؛ ولا يزيده ذلك إلا ثباتاً ورسوخاً، وانفهاماً ووضوحاً؛ حتى لقد كان أن يعد لدى الباحثين على اختلاف مشاربهم، وتباين ميولهم ونزعاتهم، معيار الحقيقة، يكون حظ الفكرة من القبول أو الرفض بمقدار ما تنال من القرب منه أو البعد.

ولكن هذا لا يمنع من أن يداخلهم سرور أي سرور، حين يجدون لهذه النسخ التي بين أيديهم أصلا يرجعون إليه، ويطابقونها عليه، ليكون النسب متصلا.

وإذا كان المسلمون الذين امتزج الإسلام بطبيعة وجودهم، وجرى منهم مجرى الدم في شرايينهم، لا يحسون أن هناك فراغاً كان ينتظر هذا المخطوط ليشغله، ولا أن هناك نقصاً جاء هذا المخطوط فكمله؛ فهم على حق في حكمهم؟ لأن العناية الإلهية قد تكفلت بحفظ الكتاب الكريم وصيانته من أن تمتد إليه يد بتحريف أو تبديل.

ولكنهم يكونون على حق أيضاً، حين لا يغفلون ما عسى أن تعتلج به نفوس غير المسلمين، أو حديثوا العهد بالإسلام من تساؤل حول نسب هذه النسخ التي بين أيدينا الآن.

وحين لا يغفلون ما تعتلج به نفوس العلماء والباحثين، من افتراضات واعتراضات، تتط إجابات من نحو آخر، غير تلك الإجابات التي تقوم على أساس من التفويض إلى ما تكلفت به العناية الإلهية.

وإن أنس لا أنس ذلك الحرج الذي شعرت به حين وجه إلينا - أنا ونفر من هيأة التدريس بكلية أصول الدين - ذلك الشاب الأمريكي المسلم، الذي حضر إلى مصر بعامة، وإلى الأزهر بخاصة، منذ عامين تقريباً، ليتأكد من صحة إسلامه، بعرضه على الهيئة المختصة، وليؤكده بإزالة ما عسى يكون في نفسه من شبه وشكوك حول العقيدة، على يدي العلماء المختصين بهذه الشؤون. أقول: لست أنسى ما شعرت به من حرج حين وجه إلينا ذلك الشاب هذا السؤال الذي لم يكن لدينا جميعاً جواب عنه:

(هل يوجد لديكم أصل من مصحف عثمان؟ وكيف يطمئن الباحث الحر إلى أن ما بأيديكم الآن هو صورة طبق الأصل منه؟)

وقد شاءت إرادة الله أن تظفرنا بجواب هذا السؤال - وإن يكن بعد عامين - عن طريق هذا الأثر العلمي الجليل.

وإني لا أشك في أن فضيلة مولانا الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الجامع الأزهر - بما عرف عنه من غيرة على الدين، وحرص على خدمته، وقصر الجهود على رفع شأنه - أن يدخر جهداً أو مالا في سبيل العمل للحصول على هذا الأثر العلمي الجليل، الذي تكمل به مكتبتنا وتقوى به حجتنا.

وإني - ليشهد الله - لجد مشفق على هذا الأثر النفيس، حين أنظر إلى صورته في الأهرام، وهو بين يدي علماء التركستان، يقلبون أوراقه، ثم يبدءون القراءة فيه ويعيدون، وأخشى أن لا يكونوا مقدرين لقيمته العلمية، وأنه أسمى من أن يستعمل للقراءة والاستذكار؛ فتسرع إليه يد العفاء، إذ حسبنا منه أن يكون أصلا نرجع إليه عند الضرورة.

فاللهم وفق للعمل على اجتلاب هذا الأثر وصيانته، وإحلاله من نفوس أولى الأمر وعنايتهم في المكان اللائق به.

سليمان دنيا

مدرس الفلسفة بكلية أصول الدين ومبعوث الأزهر بجامعة لندن

إلى معالي وزير المعارف:

مرحى يا معالي وزير المعارف والعلم والأخلاق! مرحى أيها الرجل الغيور!

لقد أصبت إذ قررت أن ترتدي الطالبات والمدرسات ملابس طويلة تخفي معظم الجسد عملاً بالدين واحتراماً لمحاريب العلم والأخلاق. إنني إحدى المؤيدات من الطالبات آلمني الضجيج الذي علا أخيراً في الصحف بين (المتمدنيين) أنصار الإباحية وعجبت لمعارضتهم التي لا تستند إلى حجة اللهم إلا (التقدم والرجعية) الكلمتين اللتين بليتا من كثرة الاستعمال بالحق والباطل.

يا معالي الوزير: ناشدتك الله ألا تلتفت إلى هذر أدعياء المدنية فالعلم بدون أخلاق مدرجة للشر وسبيل للفساد.

الطالبة

(ف. أ. ع)

حول قصر الخورنق:

في عدد سالف من الرسالة. . . نشر الأستاذ كاظم المظفر. . . تبحث عن (الخورنق) القصر المشهور بالحيرة. . وكانت طريقته في تأليف تلك السطور طريفة. . غاية بالطرافة. . إذ دس بها أقوالاً حول آثار العراق التاريخية. . كانت قد نشرت بنصها في مجلة الاعتدال النجفية. . كما أشار هو إليها، وأقوالاً مثلها حول قصر الخورنق نشرت هي أيضاً في كتاب الحيرة للباحث القدير يوسف غنيمة. . . ولكنه لم يشر إلى هذا الكتاب إلا قليلاً. . . حيث شغله عنه ذكر بعض المصادر القديمة التي اعتمد عليها يوسف غنيمة من قبيل (المعلمة الإسلامية) و (الألفاظ الفارسية المعربة) و (حمزة الأصفهاني) و (البرهان القاطع). . .

والطريف هنا أن يوسف غنيمة كان يصوغ النصوص القديمة بتعبيره الحديث ويشير إلى أصولها في كتب القدماء. . . فجاء كاظم فنسب هذه النصوص بألفاظها الحديثة إلى القدماء ليوهم أنه اطلع عليها رأساً. ولم يأخذها من كتاب الحيرة المطبوع. وإنا لو أردنا أن نبرز السطور التي أخذها من مصادرها ومن يوسف غنيمة خاصة لما ظل لكاظم المظفر من هذا المقال الطويل شيئاً. . . إذ هو جميعه مأخوذ من هنا ومن هنا. . وإن حاول أن يخفى ذلك بذكره لكثير من المراجع التي لم ير أغلبها.

(بصرة - عشار - عراق)

قارئ