مجلة الرسالة/العدد 741/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 741/البَريدُ الأدَبي
تحقيقات:
جاء في مجلة أسبوعية تصدر بالقاهرة كلمة عن حادث دبلوماسي وقع بين الحكومة المصرية وفرنسا وذكرت المجلة أن أسباب هذا الحادث تتلخص في أنه عندما كان للحكومة الفرنسية مفوضية لم يكن من حقها تعيين ملحق عسكري بها، لأن المفوضيات ليس لها قانوناً هذا الحق. . . وعندما رفعت فرنسا تمثيلها السياسي من مفوضية إلى سفارة أصبح من حقلها أن تعين ملحقاً عسكرياً، وأنها اتصلت بالسفارة البريطانية قبل الحكومة المصرية فكان هذا الاتصال من أسباب وقوع الحادث المشار إليه.
ولا نعرف من المراجع التي بين أيدينا وجود هذا التمييز بين السفارة والمفوضية وليس فيها أي نص أو عرف أو قاعدة تحول بين أية بعثة دبلوماسية مهما كانت درجتها من أن تعين بين أفرادها ملحقاً عسكرياً بشرط أن يكون معتمداً لدى الدولة الموجودة البعثة بأراضيها وباستشارة وإذن هذه الدولة، ولا يوجد ما يمنع هذا الملحق العسكري من أن يكون معتمداً لدى عدة دول أخرى، ولم ترد في هذه المراجع أية تفرقة في صفة البعثة السياسية ودرجتها إذا كانت مفوضية أو سفارة، أو كانت يرأسها سفير أو وزير مفوض أو قائم بالأعمال.
ولا نعرف تفاصيل هذا الحادث وإنما يهمنا ألا تقع الصحافة المصرية في خطأ واضح، يؤخذ علينا.
أما موضوع الملحق العسكري في مفوضية فرنسا بالقاهرة أو وكالتها السياسية كما كانت تسمى قبل سنة 1922، فقديم وكان يطلق عليه اسم ضابط الاتصال أو ضابط ارتباط إذا استعملنا الاصطلاح العسكري التركي بلغة عربية، وكان هذا الضابط يمثل جيش الاحتلال الفرنسي بسوريا ولبنان لدى جيش الاحتلال البريطاني بالقاهرة، وكان هناك ضابط ارتباط فرنسي بمدينة القدس معتمداً لدى قوات بريطانيا بفلسطين وهذه المعلومات أعرفها من خدمتي بهذه البلاد.
كما أعرف أن أول من شغل هذا المنصب بمصر ضابط أسمه الليوتنان دي جاناي ثم ماجور مشاة ثم الكابيتان بيشو، وهو ممن اشتركوا في حملات الفرنسيين بسوريا وله مؤلف لشرح هذه العمليات الحربية ثم الكابيتان دي كارد.
وفي عهده ألغى هذا المركز العسكري بناء على طلب السلطات العسكرية البريطانية في مصر وفلسطين، ولم تبد قيادة قوات الاحتلال الفرنسية اعتراضاً على هذه الإلغاء، ولما قامت الحرب الأخيرة كانت من أسباب إعادة هذا الاتصال العسكري على نمط أوسع بين الجانبين فجاء إلى بيروت كولونيل بريطاني على رأس بعثة، غادرت سوريا ولبنان عقب إعلان الهدنة مباشرة ويفهم من كل ما تقدم أن الدولتين كانتا تتبادلان هذا النوع من الضباط طبقاً لروابط التفاهم والتحالف وتغير الأحوال السياسية بينها.
وطبيعي أن هذا الوضع تغير تماماً بالنسبة لمصر بعد استقلالها وبعد إتمام الجلاء وعليه فليس من حق فرنسا أن تعين ملحقاً عسكرياً بالبعثة التي تمثلها بالقاهرة سواء كانت سفارة أو مفوضية قبل أن تستأذن الحكومة المصرية في إنشاء هذا المنصب ودون أن تستشيرها في التعيين، لأن الضابط الذي يشغل وظيفة الملحق العسكري سيكون معتمداً لدى وزارة الدفاع المصرية وأمام قيادة الجيش المصري صاحب الولاية على شئون الدفاع عن الأراضي المصرية بأكملها، ولا شأن للسفارة البريطانية أو السلطات العسكرية الأجنبية بهذا الشأن بعد اليوم.
أحمد رمزي
مخطوط غريب لابن خلدون:
أعلن الأديب المغربي عبد العزيز بن عبد الله بجريدة (العلم) الغراء الصادرة برباط الفتح أنه عثر في مكتبة النقيب مولاي عبد الرحمن بن زيدان بمكناس على مخطوط غريب في التصوف الإسلامي لأبي زيد عبد الرحمن بن خلدون ألفه على ما يظن بالديار المصرية، وحرر فيه فصولاً جامعة عن التصوف وتاريخه وتقسيماته وغايته ومذاهب المتصوفة ونظريات ابن عربي وابن سبعين وغيرهما في وحدة الوجود والنسبة وغير ذلك.
هذي طبيعة العرب:
قرأت في الرسالة الزاهرة قصة (شيخ الأندلس) التي نقلها عن الإنجليزية الأديب الفاضل وهبي اسمعيل حقي ولم أكد أنتهي من قراءتها حتى وثبت إلى ذهني قصة عربية واقعية قريبة الشبه من هذه القصة، وهي أن إبراهيم بن سليمان بن عبد الملك حينما كان مختفياً من العباسيين أول قيام دولتهم، وضيق عليه العباسيون الخناق، خرج هارباً إلى الكوفة، ولكنه لم يكن يعرف بها أحداً، فوجد داراً رحبة منيفة فلجأ إليها، وطلب من صاحبها حمايته، فأجابه إلى طلبه، وهيأ له من داره مكاناً جميلا، وأغدق عليه من نعمه، وأحاطه بكل ألوان العطف، وضروب الكرم، ولم يسأله من هو، ولا ممن يخاف، ولكن إبراهيم لاحظ عليه أنه يركب كل يوم ثم يعود غضبان أسفاً كأنه يطلب شيئاً فاته ولم يجده، فسأله في ذلك فقال له مضيفه: إن إبراهيم ابن سليمان بن عبد الملك قتل أبي وقد بلغني أنه مختف من السفاح وأنا أطلبه لعلي أجده، حينئذ صعق إبراهيم وأيقن من الهلاك، ولكنه تشجع وعرف الرجل بنفسه فلم يصدقه بادئ ذي بدء ولكنه أكد له الخبر فقال له الرجل: أما أبي فسيلقاك غداً فيحاكمك عندما لا تخفى عليه خافية وأما أنا فلست مخفراً ذمتي ولا مضيعاً نزيلي ولكن اخرج عني فإني لا آمن نفسي عليك، وأراد أن يصله فأبى.
عصام الدين عبد الحميد الهنامي
حول المسرح الشعبي:
1 - المسرح الشعبي بحالته الراهنة مستكمل من كل الوجوه فالممثلون مختارون من طبقة ممتازة. . . والمعدات والإضاءة لا بأس بهما بوجه عام. . . وقد حصرت عدد الممثلين والممثلات فإذا به يربو على العشرين وشاهدت ملابس منوعة الأشكال والهندام تناسب المقام الذي يمثل فيه الممثلون. . . وتكييف الأضواء وخشبات المسرح تعد بإتقان عظيم يلفت النظر، غير أني أظن أن الغرض الأهم من المسرح الشعبي قد ضاع بين كل ذلك. . . وإلا فأية فائدة تعود على المتفرجين من روايات مقتضبة وفواصل غنائية قصيرة تمر في وقت لا يساوي ربع الوقت الذي يمر في إعداد المسرح وتجريب الأضواء وارتداء الملابس وكثرة حركات الممثلين هنا وهناك. . . إننا كنا نتأفف من طول الانتظار في فترات الراحة. . . حتى ظننا أننا لن ننتهي من البرنامج الموضوع إلا في الصباح.
2 - ابتدأت الحفلة في الساعة السابعة مساء وعُرض على الشاشة دوران غنائيان من روايتين معروفتين. . . ثم عرضت ثلاث روايات تمثيلية قصيرة هي (بلال وخضرة أو مصر والسودان - عمدة ميت خلف - ملاك الخير وملاك الشر) وأخيراً وفي الساعة التاسعة والنصف أعلن المذيع أنه انتهى الليلة وأنه سيزورنا قريباً وكأنه أحسن بهول الخبر على آذان السامعين!
فخفف من وقعه بتأميلهم في زيارة قريبة. . . ولو جمعنا اللحظات التي تفرّج فيها أهل القرية على الممثلين وهم على خشبة المسرح لهالنا حساب الزمن. . . وأؤكد لكم أنه لم يستغرق في كل هذه الروايات الثلاث إلا خمسين دقيقة.
3 - هذا المجهود العظيم الذي حُشِد له بعض كبار رجال الإدارة مع عدد من الخفر ورجال الشرطة. . . وهذا الإعداد الهائل من سيارات وممثلين وموظفين وهذه الأجور المرتفعة التي تدفع لكل لوازم المسرح. . . أيضيع كل ذلك نظير هذه الفائدة القليلة في هذا الزمن والوجيز؟ لقد كان أهل القرية فرحين. . . وتمنوا أن يجدوا في هذه المناسبة ترفيهاً يخفف عنهم آلامهم في سهرة طويلة. . . ولكن سرعان ما خاب ظنهم بانتهاء الحفلة بهذه السرعة.
4 - لماذا لم تعد الوزارة أشرطة سينمية كما تحب. . . وتعرض منها ما تشاء في سيارات متنقلة كسيارات الدعايات الصحية وتوفر هذا المال الذي ينفق في إعداد المسرح وحمله وتنقلات الممثلين! والأشرطة تؤدي الغرض وتحقق غاية الوزارة؟
5 - لا أكتم إعجابي بالموضوعات التي اختيرت للتثقيف ولا أكتم إعجابي كذلك بالأسلوب السهل الذي يؤدي به الممثلون أدوارهم وحبذا لو اختارت الوزارة روايات أوسع من نظير ما مُثّل عندنا أو عند غيرنا. . . وحبذا لو اختيرت بعض الأغاني الشعبية والحماسية وزيد من فتراتها فالأغاني تفعل في النفوس فعل السحر وهي في نفوس الريفيين أجدى في الإصلاح.
أحمد حامد سويدان