مجلة الرسالة/العدد 645/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 645/البَريدُ الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 11 - 1945



فلسطين والنشاشيبي

أرادت (السياسة) أن تسلها وأن تسميها (فلسطين) فسلتها وسمتها، قالت: هذى (تُخومها) وما شاها القوم في التسمية، وفي غير التسمية، وقالوا: (قضاء من الله العزيز أراده) وفي الضمير أن هذه المدعوة فلسطين تمسي مملكة، وسوف يؤمرون أو يزرون يعودون (يصيرون) أوزارا. قال فريق: هل خلصنا من (اصطنبول) حتى نروح لـ (دمشق) تبعا. وأبى شخص أن يزل وأن يضل فيدين بما دان به غيره، وصاح منذ أول يوم: يا قوم، إن هي إلا أسماء سموها ما أنزل الله والعربية بها من سلطان، وأن وراء الأكمة ما وراءها، فاحذروا ثم احذروا، لا تهتلكوا، لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.

أمرتهمُ أمري بمنعرجَ اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

وذلك الشخص هو (محمد إسعاف الشناشيبي) وهو على ما عاهد الله عليه، على ما واثق العربية لم يتبدل، ولم يتحول، ولم يقل:

وهل أنا إلا من غزية، إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد

ولن يتبدل، ولن يتحول

يقول العلامة الأستاذ الكبير الدكتور عبد الوهاب عزام عميد كلية الآداب في كتاب (رحلاته) ص 4:

(. . . وبينما نمني أنفسنا بالمبادرة إلى الفندق للاستراحة إذا بوفد من كرام إخواننا المقدسيين ينتظرنا. وأبصرنا في مقدمة لمستقبلين ذلك المحيا المحبوب المعروف أديب العرب إسعاف النشاشيبي. سارع الإخوان إلينا مسلمين وأخبرنا أن حفلا حاشد ينتظرنا في (روضة المعارف) فسارعنا إليها. نضر الله روضة المعارف وبارك في أهلها الأمجاد؛ لقد لقينا من حفاوتهم وإيناسهم ما هو جدير بنفوسهم الكريمة. . . دخلنا الروضة والموسيقى تعزف بألحان مصرية، ولقينا هناك جماعة من العلماء الإخلاء منهم الأستاذ الحسيني المفتي ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى، والشيخ الخالدي، ولما اطمأن بنا المجلس خطب مدير الكلية مرحباً معرباً عما يكنه الشاميون (ولا أقول الفلسطينيون إرضاء للحق وللأستاذ النشاشيبي الذي لا يعرف إلا اسماً واحداً الشام لما يسمونه فلسطين وشرق الأردن وسورية ولبنان والعلويين) لإخوانهم المصريين من الحب والولاء والإكبار والإعجاب. . .)

(السهمي)

كيف نحتفظ بأرض فلسطين لأهلها

ذكر الأستاذ الكبير إبراهيم عبد القادر المازني في مجلة الرسالة الغراء أنه يجب أن تقاطع التجارة الصهيونية حتى تكف عن أطماعها في فلسطين، وإني أضيف إلى ذلك وسيلة أخرى لها شأنها في قطع أطماع الصهيونية، وهي أن يقوم كل فرد من أهل فلسطين بوقف ما يملك من عقار وقفاً أهلياً أو خيرياً، حتى لا يصح فيه بعد ذلك بيع أو شراء، وتقوم دول الجامعة العربية بدفع نفقات تسجيل تلك الأوقاف لكل فرد، وبذلك تنقطع أطماع الصهيونيين في ملك تلك الأراضي، فلا يهاجرون إلى فلسطين لتملكها، ويستقر أهل فلسطين في بلادهم فلا يبيعون ما يملكون فيها ويهاجرون عنها، وإذا كان الوقف الأهلي بعض مضار، فإنها لا تذكر بجانب حفظ أرض فلسطين لأهلها، وقطع أطماع الصهيونيين فيها.

عبد المتعال الصعيدي

على هامش الأدب الحجازي

فيما كتبه الأخ الأستاذ إبراهيم فلالي وفيما سطره الأستاذ الفاضل أحمد أبو بكر إبراهيم من حديث عن (الحياة الأدبية في الحجاز) ما يعطي صورة مصغرة عامة عن الأدب الحجازي، ولكن لا يجوز لنا بحال أن نتخذها مقياساً صحيحاً لما هو عليه الأدب الحجازي اليوم

فالأول، وهو حجازي، قد سرد علينا قصائد ومقطوعات من هذا الشعر في عجلة وبلا تحليل فني يرتكز إليه القارئ المدقق، وقد اغتفرنا له ذلك حملا على أنه في مجال عرض لقضية الأدب الحجازي يستدعيه السرعة والارتجال، وهو اغتفار - كما ترى - لغير النقد والمناقشة، إذا كان الأقمن به أن يقتصر على بعض النماذج التي سردها مع تبيين القيمة الفنية لها

أما الآخر، وهو مصري كريم، فقد أبت عليه أريحيته المشكورة إلا أن يعرض للأدب الحجازي منذ أدواره الأولى في تعمق وفلسفة، حتى الدور الذي يتمثل جله في مجموعة (وحي الصحراء)، فساق حديثاً عذباً طلياً، إلا أنه انتهى إلى قوله: (ولا ضير علينا بعد الذي فصلناه في باب الشعر أن نقرر أن الشعر الحجازي قد تقدم في هذه الفترة القصيرة في أغراضه ومعانية، واستطاع أن ينأى بالتلاعب بالألفاظ وألوان الزينة، ولكن ذلك لا يمنعنا أن نقول: إن الحجاز مهد الأدب شعره ونثره لا يزال يتطلب من شعرائه المزيد، وبخاصة فيما يختص بقوة الأساليب ورصانتها، فإن الكثير منهم مع إجادته لا يهتم أحياناً بجزالة الأسلوب ورصفه، شأنه في ذلك شأن شعراء المهجر. . .) هنا تختلف نظرتنا، ولسنا متشيعين - عن نظرة الأستاذ الكريم، ولكن للأستاذ العذر، فلو قد له الآن - لا منذ صدور وحي الصحراء - أن يدرس شاعراً كالفقي أو قنديل أو شحاتة أو عواد مثلا، أسوى هؤلاء من شعراء الشباب في الحجاز - متوفراً على استيعاب أكثر شعر الشاعر الحديث، متذوقاً أسلوبه الرائع الجديد للمس ما يطرب له ويعجب من أصالة الأفكار ونضجها والتماعها، وروعة السبك وزخور الأسلوب بشتى الصور الشائقة الفاتنة، ولكن أنى يتسنى ذلك للأستاذ الفاضل، ونحن لم نر بعد شاعراً حجازياً واحداً قد أبرز ديوانه للقراء، وما أظن ذلك بالعسير لو تضاف أدباء الحجاز على خدمة فنهم، باذلين الجهد في تذليل كل مشقة وعناء ليضموا إلى العربية من كنوز قرائحهم ما تظفر به وتفخر

أما النثر الحجازي، فقد قطع مرحلة بعيد وبلغ مستوى عصرياً عالياً، وليس ببعيد إن شاء الله ذلك اليوم الذي تنتشر فيه صحف الحجاز الأدبية وتتألق فيه كتبه الحديثة ومنتجاته، وحينئذ سيتذوق قراء العربية في الأقطار الشقيقة، ولا فخر، من أدب أخواهم هنا شهداً سائغاً مصفى، يلذ لهم تناوله في فرحة وإكبار وبعد، فلحضرة الأستاذ المفضال أحمد أبو بكر إبراهيم، ولرصفائه من كرماء مصر الحبيبة، ممن يعنون بأدب هاته البلاد، مزيد التقدير والشكر والإعجاب. . .

حسن عبد الله القرشي

عبد الله أبي بكر وهيكل باشا

ذكر الدكتور هيكل باشا في كتابه (الصديق أبو بكر) (الطبعة الثانية صفحة 384) في باب مرض أبي بكر ووفاته: (وضع الجثمان في المسجد بين القبر والنبر، وتولى عمر صلاة الجنازة فكبر أربعاً، ثم نقل الجثمان إلى القبر، ودخل معه عمر وطلحة، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأراد عبد الله بن أبي بكر أن يدخل، فقال له عمر: كفيت). ومن هذا يفهم أن عبد الله بن أبي بكر قد حضر وفاة أبيه ودفنه، وهذا لم يحدث، والذي منع حدوثه أن عبد الله كان قد توفي قبل ذلك بعامين، وقد ذكرت جميع المظان موت عبد الله في خلافة أبيه، وهاك ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب: (ومات، أي عبد الله بن أبي بكر، في أول خلافة أبيه، وكان قد ابتاع الحلة التي أرادوا دفن رسول الله فيها بتسع دنانير ليكفن فيها، فلما حضرته الوفاة قال: لا تكفنوني فيها، فلو كان فيها خير كفن فيها رسول الله . ودفن بعد الظهر، وصلى عليه أبوه، ونزل في قبره عمر وطلحة وعبد الرحمن أخوه).

وقد ذكر الدكتور هيكل باشا نصاً في الصفحة السابقة للصفحة التي أورد فيها النص الذي نحن بصدده، لو أنه استقرأه ومحصه قبل أن يثبته لما وقع في هذا الخطأ، فقد ذكر حديثاً على لسان الصديق إلى عائشة أم المؤمنين جاء فيه: (يا بنية، إن أحب الناس غنى إلى بعدي أنت، وأن أعز الناس فقراً بعدى أنت، وإن كنت نحلتك أرضى التي تعلمين، وأنا أحب أن ترديها علي فيكون ذلك قسمة بين ولدي على كتاب الله، فإنما هو مال الوارث، وهما أخواك وأختاك، ولم يكن لعائشة غير أخت واحدة فسألت أباها ذلك فقال: (ذو بطن أبنة خارجة، فإني أظنها جارية). وهذا الذي قاله الصديق يدل على أن لعائشة أخوين اثنين لا ثالث لهما هما: عبد الرحمن بن أبي بكر، ومحمد بن أبي بكر، الذي ولد في حجة الوداع، أما التي كانت حبيبة بنت خارجة بها حامل، فهي أم كلثم، وقد ولدت بعد موت الصديق، فلو كان عبد الله حياً لما قال أبو بكر: (. . . وهما أخواك وأختاك)

وأظن أن الذي أو قع الدكتور هيكل باشا في هذا الخطأ هو أنه وجد النص الآتي في كتاب لطبري: (. . . أن أبا بكر حمل على السرير الذي حمل عليه رسول اللهم ، ودخل قبره عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن أبي بكر، وأراد عبد الله أن يدخل فقال له عمر: كفيت).

هذا ما أورده الطبري، وقد أضاف الدكتور هيكل من عنده ابن أبى بكر بعد عبد الله، فجاء هذا الخطأ، وقد يكون عبد الله هذا الذي ذكره الطبري هو عبد الله بن الزبير حفيد أبي بكر، وهذا يجوز إذا أخذنا بالرأي الذي يقول: إن واقعة اليرموك قد حدثت في أيام عمر، لا في أيام أبي بكر، وعلى ذلك يصح أن يكون عبد الله بن الزبير في المدينة لم يخرج مع أبيه بعد إلى اليرموك ليشاهد قتال الروم عن كثب، وإلا فإن عبد الله الذي ذكره الطبري هو أي عبد من عبيد الله خلاف ابن أبي بكر الذي كان قد قبر قبل ذلك بعامين

عبد الحميد جودة السحار

جائزة فاروق الأول للصحافة

كان الأستاذ ادجارجلادبك صاحب ومدير سياسة (الجورنال ديجيبت) قد تبرع بستة آلاف جنيه ترصد فائدتها لإنشاء جائزة سنوية باسم (جائزة فاروق الأول للصحافة)، وتمنح للصحفيين في البلاد العربية الذين لا تزيد سنهم على ثلاثين سنة والذين يتفرقون في مهنتهم

وقد تقرر توزيع ربع هذا المبلغ في هذه السنة وقدره ثلاثمائة جنيه على ثلاثة جوائز على الوجه الآتي:

100 جنيه للصحفي العربي الذي يكون قد كتب أحسن مقالة في موضوع وطني.

100 جنيه للصحفي العربي الذي يكون قد قام بأوفى تحقيق صحفي في موضوع عام

100 جنيه للصحفي العربي الذي يكون قد كتب أحسن مقالة بلغة أجنبية (الإنجليزية أو الفرنسية) في موضوع شرقي.

ويجب أن تكون هذه المقالة قد كتبت في المدة من 11 فبراير سنة 1945 إلى أول يناير سنة 1946

ويرسل منها ثلاثة نسخ إلى إدارة (الجورنال ديجيبت) بالقاهرة وستؤلف لجنة من كبار الصحفيين للحكم في هذه المباراة، وتعلن النتيجة في 11 فبراير سنة 1946 يوم عيد ميلاد حضرة صاحب الجلالة فاروق الأول ملك مصر. وحكم اللجنة غير قابل للاعتراض

مجلة (الكتاب):

صدرت هذه المجلة الشهرية عن دار المعارف بالقاهرة يتولى رياسة تحريرها الأستاذ عادل الغضبان، ويعاونه في ذلك بعض الأقلام البارعة في الأدب والفن. وهذه المجلة مثل عال للصحافة الشهرية في جمل التبويب وحسن الترتيب وطرافة المادة وأناقة الطبع. فرحب بالزميلة الجديدة ونرجو لها التوفيق في خدمة العربية والعروبة.

1 - تصويب

وقع مقالة (دفاع عن الأدب) تطبيعات هذا تصويبها:

صفحة عمودسطرالتطبيعالصواب

1111 220ويغرفواويعرضوا

1112 1 27 من مجالستهممن مجالستهم (أو) بمجالستهم

2 - الجيل

جاء في إحدى حواشي مقالة الزندقة (العدد 641) أن الجيل الأمة، وليس معناه العصر. وإطلاق النفي يوهم أن الجيل بمعنى القرن لا أصل لها، مع أنها قد جاءت في التاج في مادة (جيل) ومرت على ألسنة بعض الفصحاء، ولها مواضع لا يصلح لها غيرها.

علي الطنطاوي