مجلة الرسالة/العدد 131/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 131/الَبريدُ الأدَبيّ

مجلة الرسالة - العدد 131
الَبريدُ الأدَبيّ
ملاحظات: بتاريخ: 06 - 01 - 1936



وفاة بول بورجيه

نعت إلينا الأنباء الأخيرة قطباً من أقطاب الأدب الفرنسي وكاتباً من أعظم كتاب العصر، هو بول بورجيه؛ توفي في الخامس والعشرين من ديسمبر في الثالثة والثمانين من عمره، بعد أن قضى حياة حافلة، وبلغ الذروة في عالم الشعر والأدب والنقد. كان بول بورجيه عميد الأدب الفرنسي المعاصر بعد أناتول فرانس، وكان يتبوأ مكانة في الطليعة منذ خمسين عاماً؛ ولم يعرف الأدب الفرنسي المعاصر، كاتباً قصصياً - إذا استثنينا أناتول فرانس - في قوة بورجيه وعمق تفكيره وتحليله، أو في بًعد آفاقه ووفرة إنتاجه. وكان مولد بورجيه في سنة 1852 بمدينة أميان من أب روسي وأم إنجليزية؛ فنشأ نشأة حسنة وتلقى دراسة عالية وثقافة متينة؛ وبدأ ينظم الشعر منذ حداثته، ثم أشتغل بالصحافة؛ وفي سنة 1884 أخرج أولى رواياته القوية ' فظهرت فيها براعة الكاتب والقاص، وتجلت فيها مقدرته الفذة على تفهم العواطف البشرية وتحليلها، وهي مقدرة ترجع إلى ذلك المزيج في السلالة الذي كان له أكبر الأثر في تكوين عقلية الكاتب. ثم كتب بورجيه روايتين أخريين هما: , والأخيرة من أعظم رواياته وأقواها، بيد أن بورجيه يبلغ ذروة القوة والطرافة في قصته الشهيرة: (التلميذ) وهي في رأي النقدة أعظم قصصه وأقواها، وأكثرها تمثيلاً لمواهبه وخلاله وفنه؛ ولم يلبث بورجيه أن تبوأ مكانته بين أقطاب الكتاب في هذا العصر: بين زولا، وفرانس، وكوبيه، ودوديه، ورشبان وغيرهم؛ ثم لم يلبث أن أحتل مكانة بين الخالدين في الأكاديمية الفرنسية (سنة 1894).

ولبورجيه تراث حافل من كتب الشعر والقصص والنقد والسياحة نذكر منها:

, - , - , ومن القصص - ' و , وله ديوان شعر كبير، وقطع مسرحية عديدة، وله كتب في الوصف والنقد والسياحة.

وبورجيه كاتب خصب متعدد النواحي والآفاق؛ بيد أنه على العموم كاتب أرستقراطي يكتب للخاصة قبل كل شيء، ويصور مجتمع الخاصة، وما يتصل بحياته من بذخ وأناقة، وما يتخللها من نواحي الجمال والرشاقة والفن؛ وما يغشاها من عوامل الفساد والوهن، وهو من هذه الناحية نقيض قرينه ومعاصره فرانسوا كوبيه كاتب البؤس والطبقات البائسة.

وأعظم ما تبدو مقدرة بورجيه ومواهبه في المواقف النفسية وفي تحليل القلب البشري ونزعاته، وفي تصوير مختلف العواطف الإنسانية، فهو عندئذ لا يجاري، بل هو أستاذ هذه المدرسة الفذ، وهي مدرسة نلمس فيها الأدب الروسي. ويكتب بورجيه بلغة قوية، وقد تبدو أحياناً عسيرة الفهم، ولكنه يحمل قارئه بقوته، ويأخذ لبه بسحر عرضه، وروعة بيانه وفنه؛ ومع أنه يميل إلى المفاجآت العنيفة في قصصه، فإنه مع ذلك يجنح إلى الحقيقة ويجانب الإغراق؛ وأكثر ما يميل بورجيه إلى التشاؤم، وقلما يميل إلى الجانب المرح مَن الحياة والصور؛ ويطبع الجد أسلوبه وتفكيره دائما؛ بيد أنه يجنح أحياناً إلى السخرية اللاذعة؛ وهو فوق ذلك فيلسوف عميق الفكرة دقيق الملاحظة بعيد الغور والمغزى، وناقد قوي الجدل والحجة، وفنان من الطراز الأول يعشق الفن ويرعاه؛ وكان حتى آخر أيامه مديراً لمتحف شانتي.

ويتبوأ بورجيه كرسيه بين الخالدين في الأكاديمية الفرنسية منذ أثنين وأربعين عاماً؛ وكان إلى ما قبيل وفاته يوالي الكتابة في كثير من الصحف والمجلات الكبرى، ويكتب منذ أعوام في جريدة (الفيجارو) كلمات في السياسة والاجتماع تلفت النظر بقوتها وطرافتها، وبوفاته ينهار ركن عظيم في صرح الأدب الفرنسي المعاصر.

(ع)

الأستاذ أحمد أمين يحاضر في بيت المقدس

نظمت جمعية الشبان المسيحيين في فلسطين سلسلة محاضرات في (المدينة العربية)، واختارت لها جماعة من صفوة العلماء، منهم الأستاذ أحمد أمين، والأستاذ جيب، والأستاذ مايرهوف.

وسيلقي الأستاذ أحمد أمين محاضرته في (الإسلام كعامل في المدينة) ببيت المقدس في يوم الأربعاء 22 يناير سنة 1936.

حول الاحتفال بذكرى المتنبي

لامنا الأديب السيد فاضل سعيد عقل في شيء من الإسراف على أننا أغفلنا حفلة لبنان حين أشرنا إلى بعض تلك الحفلات في مقالنا عن المتنبي، وعزا ذلك إلى أن المصريين يتعمدون أن يَسْفهوا حق لبنان! ولو تذكر الأديب ساعة كان يكتب أن الحفلة الرائعة التي أقيمت في (سان باولو) إنما أقامها لبنان، وأن الحفلة العتيدة التي ستقام في دمشق إنما تقيمها سورية، وأن الإسكندرية أقامت حفلة كحفلة بيروت لم نشر إليها؛ لو تذكر ذلك كله ساعة كان يكتب رسالة لما سمح له ضميره أن يصطنع هذه العصبية الإقليمية المفرقة في عصر يدعونا فيه الجهاد المشترك إلى أن نمحو كل الفروق العارضة أمام الجوار والقرابة والجنس.

جواب عن سؤال

سألنا (قارئ) من قراء الرسالة عن الحكمة في كتابة اسمها وتأريخ يومها ورقم عددها بالفرنسية، وخشي أن يكون في الأمر تقليد أو حذلقة. والواقع أن ذلك احتياط بريدي اقتضاه انتشار (الرسالة) في البلاد الأجنبية، وعمل اقتصادي استدعته علاقة مكتب الإعلان في المجلة بالشركات التجارية الأوربية، وإذا لم تفعل الصحف الغربية ذلك فلأنها لغاتها مقروءة في كل بلد.

مؤتمر الجراحة الدولي العاشر

في منتصف الساعة الثانية عشر من يوم الثلاثاء الماضي أفتتح مؤتمر الجراحة الدولي العاشر في قاعة المحاضرات بالجامعة المصرية بحضور سمو النائب عن جلالة الملك ووزراء الدولة وأساتذة الجامعة وأعيان الحكومة ورجال الصحافة وطلاب العلم، فكان يوماً مشهوداً من أيام الإنسانية المفكرة العاملة، أزال الفروق بين الناس، ومحا الحدود بين البلاد وجمع بين الأمم المتباعدة المختلفة على فكرة نبيلة هي تسخير الجهود العلمية المشتركة لتخفيف آلام الإنسان.

أفتتحه صاحب السعادة وزير المعارف بخطاب عربي جاء فيه (إن العِلم المصري الذي توالت عليه آلاف السنين ليشعر بشرف وسرور حق، إذ يرى في هذا الاجتماع ثقات الممثلين للجراحة العامة في العالم أجمع، والأعضاء المبرزين لأشهر المعاهد الطبية والعلمية، يستعرضون في هذا الاجتماع الحافل كل ما أمكن تحقيقه في جميع أنحاء العالم من التقدم في فروع الجراحة، ويتجهون نحو ترقية فن من أعز الفنون الإنسانية في جو من السباق النبيل المثمر).

ثم ألقى بعده الدكتور علي إبراهيم باشا عميد كلية الطب خطاباً بالإنجليزية عرض فيه جهود مصر القديمة والحديثة في فنون الطب. ثم قفاه الدكتور فرهوجن رئيس اللجنة الدولية فخطب بالفرنسية شاكراً لنائب جلالة الملك ولجنة تنظيم المؤتمر هاتفاً بآثار مصر في عالم الجراحة.

ثم قام من بعده الدكتور كرفان فأثني وشكر ثم قال:

(لقد رحبت أغلبية أعضاء اللجنة الدولية بدعوة مصر منذ ثلاث سنوات، فهل ذلك لأن مصر والإسكندرية خاصة، كانتا منذ ألفين من السنين واسطة العقد في العالم الطبي، أو لأن ورق البردي يعد أقدم الوثائق لشفاء المرضى؟

قد يكون هذا، ولكن ثمة أمراً آخر، هو أن مصر ظلت منذ أكثر من ألفي سنة بلد الأسرار الذي تتجه إليه أذهان الإنسانية؛ ولأنها من ناحية أخرى وطن الفن الذي يجمع بين القوة والعظمة والدقة.

ثم قال: إن تأريخ الإنسانية يفتح هنا، كأنه كتاب نستطيع تقليب صفحاته واحدة واحدة، وهو إذ نقرأه، يبعث فينا شعور التواضع، وينزل عملنا المنزلة الصحيحة.

ولقد وجدنا جماعات برغم السحب التي تظلل سماء العالم بأسره، ونحن على يقين أن عملنا - بفضل النظام الذي وضعه زملاؤنا في كلية الطب، وعميدها خاصة - سيتم على أحسن صورة.)

ثم خطب بعده الدكتور ماير سكرتير الجمعية الجراحية الدولية خطبة بالفرنسية جاء فيها:

(وبهذه المناسبة أشيد بالجهود العلمية والمادية التي بذلت لجعل هذا المؤتمر يتمشى مع مبادئ جمعيتنا وهي العمل على أتساع العلوم الجراحية، ولا أريد أن أتكلم عن الشخصيات. غير أني لا أستطيع أن أمنع نفسي عن التكلم عن الأعمال التي قام بها علي إبراهيم باشا والدكتور نجيب مقار وغيرهما من الجراحين الأجانب. فقد أوضح كل منهم تجاربه الشخصية بصور مختلفة؛ وكانت كلها بمثابة أبحاث في المسائل التي اختلفت فيها آراء الجراحين، وأعتبر أن هذه الأعمال إنما هي آثار خالدة خلود الأهرام).

وختم الاحتفال الدكتور شوماكر رئيس المؤتمر بخطبة إضافية في أغراض المؤتمر والتنويه بذكر مصر والجامعة.

ولا يزال أساطين الجراحة وأساتذة الطب يوالون أبحاثهم العلمية فجعلوا من القاهرة كما قال أحدهم ميداناً للمناقشة في أحدث ما بلغه الطب من الآراء، وأعوص ما عرفه العلم من مشكلات الجراحة. ومما تناقش فيه الأعضاء (جراحة عصب القطن السمبتاوي)، وجراحة (القولون) عدا السرطان، والأحوال الجراحية للبلهارسيا، وقد ألقى الدكتور محمد خليل عبد الخالق بك تمهيداً لذلك محاضرة عن (تأريخ حياة البلهارسيا) عرض صورها على شريط سينمائي.

جوائز أدبية مصرية

بارك الله في بنك مصر، وفي قادة بنك مصر، وفي مشروعات بنك مصر؛ فإنها أسطع درة في جبين هذا الوطن الذي يسمو دائماً إلى الطليعة. ولقد شاء بنك مصر بعد أن وضع الأسس الثابتة لنهضة مصر المالية، ونهضتها الصناعية، أن ينزل إلى ميدان الفن والأدب، فأنشأ شركة مصرية للتمثيل والسينما؛ ورأى أن يقرن الفن بالأدب، وأن يغذي الشرائط المصورة بموضوعات وقصص مصرية محضة، فأذاع أنه يخصص لكتاب القصص المصريين جوائز تبلغ قيمتها ألف جنيه منها أربعمائة لجائزة ممتازة، وأربعمائة لأربع جوائز من الدرجة الأولى، ومائتان لخمس جوائز من الدرجة الثانية، وأنه يترك لهم الحرية في اختيار نوع القصة. وتقول شركتنا المصرية في بيانها: (فهذا باب جديد يفتح أمام المجدين من الكتاب لينالوا نصراً عزيزاً يرفع هاماتهم وهامة بلادهم). وفي الحق أنه باب جديد يفتح لكتابنا، بل هو فتح جديد في ميدان الرعاية الأدبية التي ليس لها في بلادنا أثر، والتي تخلت عنها جميع الهيئات الرسمية وغير الرسمية، ونحن نقص في هذا الباب دائماً أنباء الجوائز الأدبية العديدة التي تخصص في جميع البلاد المتمدنة لتشجيع الحركة الأدبية، وتشجيع الكتاب الناشئين بوجه خاص؛ ولكنا لم نجد من قبل ما نذكره عن أية جائزة أدبية مصرية ذات شأن. فالآن يتقدم بنك مصر على يد شركته للتمثيل والسينما لسد هذا الفراغ؛ وهو يتقدم بثقة وكرامة شأنه في كل مشروعاته، فيقدم إلى كتابنا جوائز من الطراز الأول؛ وإذا كان لنا ما نتمناه في هذا الميدان فهو أن يعمل البنك على التوسع في تشجيع الحركة الأدبية ورعايتها من طريق نشر المؤلفات العلمية والأدبية النافعة. وللبنك مطبعة كبيرة مجهزة بأحدث الأدوات والآلات الفنية، ففي وسعه أن يجعل منها في نفس الوقت داراً كبرى للنشر وإحياء الآداب العربية، وهو بذلك يسدي إلى الحركة الأدبية وإلى الثقافة العربية خدمة جليلة.

تأبين فقيد التعليم المغفور له محمد أمين لطفي

قرر مجلس إدارة جمعية خريجي المعلمين العليا بجلسته المنعقدة بتأريخ أول يناير سنة 1936 إقامة حفلة تأبين لفقيد التعليم المغفور له الأستاذ محمد أمين لطفي عضو الجمعية، وقد تألفت لجنة من أعضاء المجلس لتنظيم الحفلة. وسيعلن عن موعدها ومكانها قريباً.

وترجو اللجنة كل من يريد المساهمة في التأبين أن يتصل بها بنادي خريجي المعلمين العليا رقم 1 شارع فؤاد الأول بالقاهرة.