لا بد للشيب أن يبدو وإن حجبا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

لا بدّ للشيبِ أن يبدو وإن حجبا

​لا بدّ للشيبِ أن يبدو وإن حجبا​ المؤلف ابن المعتز


لا بدّ للشيبِ أن يبدو، وإن حجبا،
عُذراً برأسي، وذا شَيبي، وإن خُضِبا
مضَى الشّبابُ وإني كنتُ لاقيَه،
استخلفَ الله صَبراً منه إذ ذَهَبا
لولا المُدامةُ والنّدمانُ في لَسَنٍ،
ودّعتُ من بعدِهِ اللذّاتِ مُحْتسِبا
لا تسقها الماءَ، واتركها كما تركت،
فحسبها منه ما قد أخرجت عنبا
عروسُ دسكرةٍ، تيجانها دررٌ،
قد رَضّعتْ نفسَها في دنّها حِقَبا
زُرنا بقُطرَبُّلٍ إن كنتَ مُسعِدنا،
تنعمْ ولا تستمع عذلاً ولا صخبا
ولا تَزَالُ بكأسِ الشُّربِ دائرةً
تبولُ همّاً، وتَحسُو اللّهوَ والطّرَبا
حتى تعودَ حبيباً بعدما سخطت
منك المفارقُ تهوى الغيَّ واللعبا
و كيفَ أنتَ، إذا ما طافَ يحملها
ظبيٌ يُسقّيكَ فضلَ الكاسِ إن شرِبا
وقد تَرَدّتْ بمنديلٍ عَواتِقُه،
يقطبُ من تيهٍ، وما غضبا
و ناقلتْ تحتهُ الندمانُ صافيةٍ،
كأنهُ، إذ حساها، نافخٌ لهبا
تراك تُعرِضُ عن هذا وتَهجرُه،
من قال: غيرُك مَن أهوَى، فقد كذبا