قل لرجال: طغى الأسير

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
(حولت الصفحة من قل لرجالِِ: طغى الأسير)

قل لرجالِِ: طغى الأسير

​قل لرجالِِ: طغى الأسير​ المؤلف أحمد شوقي



قل للرجالِِ: طغى الأسير
 
طيرُ الحِجالِ متى يَطيرْ؟
أوهى جناحيه الحديـ
 
ـدُ، وحَزَّ ساقَيْهِ الحرير
ذهب الحجاب بصبره
 
وأَطال حيْرتَه السُّفور
هل هُيِّئَتْ دَرَجُ السما
 
ء له، وهل نُصَّ الأثير؟
وهل استمرَّ به الجَنا
 
حُ، وَهَمَّ بالنَّهْض الشكير؟
وسما لمنزله من الد
 
نيا، ومنزلُه خطير؟
ومتى تُساس به الريا
 
ضُ كما تُساس به الوكور؟
أوَكُلُّ ما عند الرجا
 
لِ له الخواطبُ والمهمور؟
والسجنُ في الأَكواخ، أَو
 
سجنٌ يقال له: القصور؟
تالله لو أَن الأَد
 
يمَ جميعَه روضٌ ونور
في كلّ ظلٍّ ربوة ٌ
 
وبكلّ وارفة ٍ غدير
وعليه من ذَهبٍ سيا
 
جٌ، أو من الياقوت سور
ما تَمَّ من دون السما
 
ءِ له على الأرض الحُبور
انّ السماءَ جديرة ٌ
 
بالطير، وهو بها جدير
هي سرجُهُ المشدودُ، وهـ
 
ووضعْتَه، وعلمْتَ أَن
يتعايا بجناحٍ وَيَنوءْ
 
بجناح مُذْ وَهَى ما صلحا
حُرِّيَّة ٌ خُلِق الإنا
 
ث لها، كلما خلق الذكور
هاجَتْ بناتِ الشعرِ عيـ
 
ـنٌ من بنات النيل حُور
لي بينهن ولائدٌ
 
هم من سواد العين نور
لا الشعرْ يأْتي في الجما
 
ن بمثلهن، ولا الجور
من أَجلهن أَنا الشفيـ
 
ـقُ على الدُّمَى، وأَنا الغيور
أَرجو وآمل أَن ستجـ
 
ـري بالذي شِئنَ الأُمور
يا قاسم، انظر: كيف سا
 
ر الفكرُ وانتقل الشعور؟
جابت قضيَّتُكَ البلا
 
دَ، كأَنها مَثَلٌ يسير
ما الناسُ إلا أوَّلٌ
 
يمضي فيخلُفه الأَخير
الفكرُ بينهما على
 
بُعْدِ المَزارِ هو السفير
هذا البناءُ الفخمُ ليـ
 
ـس أساسهُ إلا الحَفير
إن التي خلَّفْتَ أَمـ
 
ـسِ، وما سِواكَ لها نصير
نهض الخفيُّ بشْنها
 
وسعى لخدمتها الظهير
في ذمة الفُضْلَى هدى
 
جِيلٌ إلى هاد فقير
ناحَ إذ جَفناشَ في أَسرِ النجومْ
 
قَدَرٌ على يُمْنَى يَدَيْهِ سلامة ٌ
أقبلنَ يسأَلْنَ الحضا
 
رة َ ما يُفيد وما يَضير
ما السُّبْلُ بَيِّنَة ٌ، ولا
 
كلُّ الهُداة ِ بها بصير
ما في كتابِكَ طَفْرَة ٌ
 
تُنْعى عليكَ، ولا غرور
هَذَّبْتَه حتى استقامت
 
من خلائقك السطور
 
حسابَ واضعِه عسير
لك في مسائله الكلا
 
مُ العفُ والجدلُ الوَقور
ولك البيانُ الجذلُ في
 
أَثنائه العلمُ الغزير
في مطلبٍ خَشنٍ، كثـ
 
ـيرٌ في مَزالقه العُثور
ما بالكتاب ولا الحديـ
 
ـث إذا ذكرْتَهُما نكير
حتى لَنسأَلُ: هل تَغارُ
 
رُ على العقائد، أم تُغير؟
عشرون عاماً من زوا
 
لك ما هي الشيءُ الكثير
رُعْنَ النساءَ، وقد يَرُو
 
عُ المُشْفِقَ الجلَلُ اليسير
فَنَسِينَ أَنك كالبدو
 
ر، ودونَ رِفعتِكَ البُدور
تفنى السِّنون بها، وما
 
آجالها إلا شهور
لقد اختلفنا، والمُعا
 
شِرُ قد يخالفه العَشير
في الرأي، ثُمَّ أَهاب بي
 
وبك المُنادِمُ والسَّمير
ومحا الرَّ,َاخُ الى مغا
 
ني الودِّ ما اقترف البُكور
ثم خان التاجُ وُد المفْرِِ
 
ونبَتْ بالأَنْجُمِ الزُّهْرِ الديارْ
في الرأْي تَضْطَغِنُ العقو
 
لُ وليس تضطغن الصدور
قل لي بعيشِك: أَين أَنـ
 
ـت؟ وأَين صاحبُك الكبير؟
أين الإمام؟ وأين إسـ
 
ـماعيلُ والملأُ المنير؟
لما نزلتم في الثرى
 
تاهت على الشهب القبور
عصر العباقرة ِ النجو
 
مِ بنوره تمشي العصور
خضبَ الجند به الأرضَ دما
 
وقلوبُ الجندِ كالصخرِ القسي
نزل الناجي على حكم النوى
 
وتوارى بالسرى من طالبيه
 
بانٍ، ولم يُدركهُمُ حَفَّار
للبأْس فيه، ولا الأَسِنَّة ُ دار
 
من أخي صيدٍ رفيقٍ مرس؟
ناقلاتٍ في العبير القدما
 
واطئاتٍ في حبير السُّنْدُسِ
وسيلقى حينهُ نسرُ السما
 
يوم تطوى كالكتاب الدرس