عوجا خليلي لقينا حسبا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
(حولت الصفحة من عوجا خليليَّ لقينا حسبا)

عوجا خليليَّ لقينا حسبا

​عوجا خليليَّ لقينا حسبا​ المؤلف بشار بن برد


عوجا خليليَّ لقينا حسبا
مِنْ زمن أَلْقى عَليْنا شَغْبَا
ما إِنْ يرى النَّاسُ لِقلْبِي قلْبا
كلَّفني سلمى غداةَ أتبا
وقد أجازت عيرها الأجبَّا
أصْبحْتُ بصْرِيًّا وحلَّتْ غَرْبَا
فالعينُ لا تغفي وفاضت سكبا
أمَّلْتُ ما منُّيْتُمانِي عُجْبا
بالخصيبِ لو وافقتُ منهُ خصبا
فلا تغرَّاني وغُرَّا الوطبا
إِنِّي وحمْلِي حُبَّ سلْمَى تبَّا
كحاملِ العبء يُرجَّى كسبا
فخاب منْ ذاك ولاقى تعبا
وقدْ أرانِي أرْيحِيًّا ندْبا
أروي النَّدامى وأجرُّ العصبا
أزْمان أغْدُو غزٍلاً أقبَّا
لا أتَّقي دون سليمى خُطبا
وما أبالي الدَّهيانَ الصَّقبا
يا سلمَ يا سلمَ دعي لي لبَّا
أو ساعفينا قد لقينا حسبا
ما هكذا يجْزِي الْمُحِبُّ الْحِبّا
وصاحِبٍ أغْلَقَ دُونِي درْبا
قلتُ لهُ ولم أحمحم رعبا:
إنَّ لنا عنك مساحاً رحبا
فأحْمِ جنْباً سوْف نَرْعى جنْبا
وفتيةٍ مثلِ السَّعالي شبَّا
مِن الْحُمَاةِ الْمانِعِينَ السَّرْبا
تلْقى شَبَا الكأسِ بِهِمْ والحرْبا
كلَّفتهم ذا حاجةٍ وإربا
عِنديَ يُسْرٌ فَعَبَبنا عَبَّا
منْ مقَدِيٍّ يُرْهِق الأَطِبّاَ
أصْفرَ مثْلِ الزّعْفَرانِ ضَرْبَا
كأسِ امرئ يسمو ويأبى جدبا
مالَ علينا بالغريض ضهبا
والرَّاح والرِّيحان غضًّا ورطبا
وألْقَيْنةِ الْبكْرِ تُغَنِّي الشَّرْبا
والْعِرْقُ لاندْرِي إِذا ما جبَّى
أضاحِكاً يحْكِي لنا أمْ كلْبا
يسْجُدُ لِلْكأْسِ إِذا ما صُبَّا
كقارِىء السَّجْدةِ حِين انْكبَّا
حتَّى إِذا الدِّرْياقُ فِينا دبَّا
وجنَّ ليلٌ وقضينا نحبا
رحنا مع اللَّيلِ ملوكاً غلبا
مِنْ ذَا ومِنْ ذاك أَصبْنا نهْبَا
وحلبت كفِّي لقومٍ حلبا
فلم أرشِّح لعشيرٍ ضبَّا
ورُبَّما قُلْتُ لعمْرِي نَسْبَا
الْعضْبُ أشْهَى فأذِقْنِي الْقَضْبا
فالآن ودَّعْتُ الْفُتُوَّ الحُزْبا
أعتبتُ من عاتبني أو سبَّا
ورَاجَعَتْ نفْسِي حَجاها عُقْبا
فالْحمْدُ للَّه الَّذِي أهبَّا
مِنْ فُرْقةٍ كانتْ عليْنا قضْباً
أتى بِها الْغيُّ فأغْضى الرَّبَّا
وَمَلِكٍ يَجْبي الْقُرى لا يُجْبى
نزورهُ غبًّا ونؤتي رهبا
ضخْمِ الرِّواقيْنِ إِذا اجْلعبَّا
يخافه النَّاسُ عدىً وصحبا
كما يخافُ الصَّيدنُ الأزبَّا
صبَّ لنا من ودِّهِ واصطبَّا
ودًّا فما خنتُ ولا أسبَّا
ثبَّت عهْداً بيْنَنَا وثبَّا
حتَّى افترقنا لم نُفرِّقْ شعْبَا
كذاك من ربَّ كريماً ربَّا
والناسُ أخيافٌ ندىً وزبَّا
فصافِ ذا وُدٍّ وجانِبْ خَبَّا
يا صاح قد كنتَ زلالاً عذبا
ثمَّ انقلبتَ بعد لينْ صعبا
مالي وقد كنتُ لكم محبَّا
أُقْصى وما جاوزْتُ نُصْحاً قصْبا
يا صاحِ قد بلِّغت عنِّي ذنبا
وهلْ علمتَ خلقي منكبَّا
وهلْ رأيْتَ فِي خِلاطِي عَتْبَا
ألم أزيِّن تاجك الذَّهبَّا
بالبْاقِياتِ الصَّالِحاتِ تُحْبى
أضأنَ في الحبِّ وجزن الحبَّا
مِثْل نُجوم اللَّيْلِ شُبَّتْ شبَّا
أحِين شاع الشِّعْر واتْلأَبَّا
ونظر النَّاس إِليَّ ألْبَا
أبْدلْتِني مِنْ بَعْدِ إِذْن حجْبَا
بئس جزاءُ المرء يأتي رغبا
لمَّا رأيتَ زائراً مربَّا
باعدْتهُ وكان يرْجُو الْقُربا
فزار غِبًّا كيْ يُزاد حُبَّا