صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/146

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ۱۳۲–


وقال : « في قطر كالهند تتقسمه الطبقات ، وتتوزعه النزعات الدينية الحادة ، ولم تنتشر فيه التربية الصحيحة التى تعد الناس كلهم سواء فى الحقوق والواجبات ، أرى ، بل أعتقد أن الانتخاب والتمثيل فى شتى المجالس ضرره أكبر من نفعه ، ولهذا رفض أن يشترك فى المؤتمرات السياسية والأحزاب على اختلاف ألوانها ، فأغضب رجال السياسة كما أغضب رجال الدين ، ولم يعبأ بهؤلاء ولا هؤلاء . ووجّه كل همه في أحب الأعمال إليه ، من اشتراك في المجلس الأعلى للتعليم ، والمجلس الأعلى للخدمة الاجتماعية ، والإشراف على سير كلية عليكره.

ثم كانت له فكرة عظيمة نافعة ، وهى أن يجمع مؤتمراً كل عام يجتمع فيه قادة المسلمين من الأقاليم الهندية المختلفة ، كل عام في مدينة ، يلقون فيه الخطب والمحاضرات عن الشؤون الإسلامية وأمراض المسلمين وعلاجها ، ويصدرون القرارات التي يرونها نافعة في ذلك . وكان الغرض الذي يرمى إليه « السيد » منه بث روح الائتلاف بين المسلمين في البلاد الهندية ، وتبادل الآراء في خير الوسائل لترقيتهم ، والتعاون على الأعمال المفيدة من إنشاء المدارس أو النهوض بها أو نحو ذلك . وقد نُفذت الفكرة ونجح المشروع، ورأس « السيد » المؤتمر خمس سنوات قبل أن يتوفاه الله ، ثم استمر يجتمع بعد حياته برياسة بعض أصحابه وأتباعه.

لقد سيطرت روحه على المؤتمر فى حياته وبعد مماته ، وهى روح تدعو إلى الهجوم على المدنية الغربية ، وأخذ كل شيء حسن فيها ، وخصوصاً العلوم والآداب إن النور اليوم يأتى من الغرب بعد أن كان يشرق من الشرق ، فيجب أن نأخذ من أوربة علومها ومدنيتها ، ونسير مع الزمان في مضمار الحياة العصرية ، وذلك لا يفقد المسلمين شخصيتهم ودينهم ، إنما يفقدهم ذلك الجهل لا العلم » « إن التعليم كان في الزمن الماضي دينيا محضاً لا يعبأ بالدنيا وما فيها ، وقد تطرف في الأولى وأخل بالثانية ، فحبذا الجمع بين الدين والدنيا » . « إن العلم