صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/144

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

جعل من أول خططه بعد عودته أن ينشى في الهند جامعة تكون للمسلمين کا کسفورد وكمبردج فى إنجلترا ، تربى الخاصة ، ثم هم يربون العامة ؛ وما زال يكد ويسعى ويجمع المال ويكافح العقبات توضع في سبيله ، وأخيراً فاز بإنشاء كلية عليكرة المشهورة ، وحدد لها أغراضاً ثلاثة :

1 - أن تعلم المسلمين الثقافة الغربية والشرقية في غير تعصب ولا جمود .

٢ - أن يُعنى فيها بحياة الطلبة الاجتماعية ، فيجدوا فيها سكنا يقيهم شرور المدن ومفاسدها، فيطمئن الآباء - حين يرسلون أبناءهم إليها إلى أنهم في بيئة صالحة لخلقهم ، مرقية لآدابهم .

٣- أن يُعنى فى نظام الكلية بترقية العقل وتربية البدن وتهذيب الخلق معاً ، و بعبارة أخرى يكون الغرض منها « التربية » لا التعليم فقط .

وتم بناؤها واستقبلت طلبتها تعلمهم على المنهج الذى اختطه ، ونجحت في خلق جيل من المسلمين جديد مثقف ثقافة واسعة ، مع سعة في العقل وسماحة في الدين ؛ وانتشر خريجوها في أقطار الهند يحملون رسالة جامعتهم ويضيئون ما حولهم ، وأصبحت كلمة ( عليكرة ) لا تدل فقط على كلية أو جامعة ، وإنما تدل أيضاً على نوع من العقلية الراقية ، والصبغة الخلقية والاجتماعية الخاصة .

لقد أخذ الوطنيون المسلمون على خريجى هذه الجامعة وطلبتها أنهم لا يشتركون في الحياة السياسية مع فضلهم ، وسعة عقلهم وغزارة علهم ، حتى إنهم لا يُضربون يوم تضرب الجامعات الإسلامية لفرض سياسي ، ولكن هذه الصبغة هي التي صبغ بها ( السيد أحمد ) طلبته ، إقبال على العلم وبعد عن السياسة .

فلما فرغ من هذه الجامعة أخذ يعمل في اتجاه آخر، فأنشأ مجلة دورية سماها تهذيب الأخلاق ( عالج فيها المشاكل الاجتماعية والدينية في جرأة وصراحة ، وأخذ يفسر القرآن ، ويدعو إلى أن القرآن – إذا فهم فهما صحيحا - اتفق