صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/140

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

سلبية أو قليلة القيمة العملية . ففي سنة ١٨٠٤ قام الحاج شريعة الله يؤلف حزباً إصلاحيا قوامه أن صلاة الجمعة لا تصح في الهند لأنها ليست دار إسلام ، ولذلك سمی حزبه «جماعة اللاجمعة» ، وما أكثر ما أخذت هذه المسألة من تفكيرهم ووقتهم ، وخلافهم وجدلهم ، ودخل فيها الملايين من مسلمى پنجاب وجاء مصلح آخر اسمه كذلك : « السيد أحمد » (۱۷۸۲ - ۱۸۳۱) فحج واعتنق مذهب ابن عبد الوهاب، وجاء إلى الهند داعياً بدعوته من تحريم زيارة الأضرحة والشفاعة بالأولياء ونحو ذلك مما ذكرنا قبل ، وزاد على ذلك دعوته أن الهند دار حرب لا دار إسلام ، وأن الجهاد فيها واجب على المسلمين ، فاصطدم هو وأتباعه بالحكومة الإنجليزية ، وكانت خصومة ، وكانت ضحايا ، ولم تكن هناك نتيجة ذات قيمة .

لم يعجب السيد أحمد خان هذا كله ، وتساءل في حزم : ما علة هذا الجهل وضيق العقل والفقر وسوء الحال ؟ وأجاب فى حماسة : إنه التربية . ومن ذلك الحين ابتدأ يضع منهج التربية التي يريدها . وصادف ذلك أن ثورة سنة ١٨٥٧ كشفت العقلاء المسلمين في الهند حالهم ووجوب تغيير موقفهم وشعورهم بتخلفهم عن الطوائف الأخرى ، فتناغم تفكير « السيد أحمد » واستعداد الرأى العام المتنور ، فأنتج هذا التناغم حركة إصلاح تعد نقطة تحول في تاريخ المسلمين في الهند .

قال لقومه يوماً : ( انظروا إلى إنجلترا ، لقد كانت ثروتها تتمشى يوماً فيوماً مع تربيتها ، كلما زادت تربيتها زادت ثروتها ، وقد كانت منذ قرن وأمامها من العقبات والصعاب التي تعوق التربية أكثر مما عندنا ، ولم يكن لها إذ ذاك سكك حديدية ولا آلات ميكانيكية للطباعة ولا نحو هذا ، إنما كان لها سمة نظر وقوة إرادة » .

لو أن الهند سنة ١٨٥٦ كانت تعرف العالم وتعرف قوتها وقوة خصمها