صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/137

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ۱۲۳ –


من أرقى الأمم ، تعرف معانى العدل، وتعمل بها، ولكن في بلادها ، ومع الإنجليز أنفسهم » ثم ذكر له ما فعلته فى الهند ومصر. ولخص رأيه مرة أخرى وقال : «إن الشرقيين تصرفوا فى أملاكهم وأراضيهم وبلادهم تصرف السفيه المبذر ،تم قضى عليهم أن يكون الحاكم لهم هو الغرب ، والغرب – في الحقيقة – ليس من مصلحته إصلاح سيرة الشرق ولا منعه من السفه ، بل من أمانيه أن يتمادى الشرق في غيّه وإسرافه ، ليطول عهد الحجر عليه .» فلما كانت عقيدة جمال الدين هذا كانت سيرته في حياته ما ذكرنا .

أما السيد أحمد خان والشيخ محمد عبده فيريان أن الإنجليز خصوم شرفاء معقولون ، يمكن التفاهم معهم ، وأخذ أشياء من أيديهم تدريجاً لمصلحة الأمة ، حتى إذا نضجت الأمة أمكنها الحصول على حقوقها كاملة ، حيث لا تستطيع أن تنال شيئاً منها مع الجهل والغفلة.

***

هو السيد أحمد خان ابن السيد محمد متقى خان من أسرة أرستقراطية نبيلة ، رحل أجداده من بلاد العرب إلى هراة ومن هراة إلى دلهي في عهد « أكبر شاه » ، وقد ولد صاحبنا في ١٧ أكتوبر سنة ۱۸۱٧ وتوفى والده وهو في التاسعة عشرة من عمره ، بعد أن ثقفه ثقافة دينية على عادة أهل زمنه وبلده . وقد جرت أسرته على عادة التحرج من الاتصال بالإنجليز وخدمتهم ، ولكنه خالف أهل بيته والتحق بخدمة الحكومة أميناً للسجلات في القلم الجنائي فى دلهى ، ثم عين منصفا ( قاضياً مدنيا ) فى «فاتح بور» من إقليم «( أكرا » تم منصفاً فى «بجنور» Bignaur ، وإذ هو فى هذا العمل في هذه المدينة اندلعت نار الثورة الهندية سنة ١٨٥٧ ، وقام الهنود بحركة عنيفة ، يخربون