صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/134

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– –

مسئولون عن فقرها، وأن العلم والثقافة وإنارة الأذهان في مصلحة المستعمِر والمستعمر، ولنأخذ منهم ما نستطيع أن نأخذه من طريق الإقناع والمسالمة والمصالحة، وما نأخذه نستغله في خير الشعوب وثقافتها خير استغلال ، والزمن - بعد - كفيل بإظهار النتائج .

ثم كلاهما عانا من المتاعب ماعانى الآخر من جهتين: فمسالمة المستعمرين لا ترضى - عادة - دعاة الوطنية والاستقلال ، ويرون فيها خيانة . وقد يرى بعضهم أن لا مفاوضة ولا مطالبة ولا مسالمة إلا بعد الجلاء، وكل من يطلب شيئاً دون هذا بائع لوطنه يستحق أن يهاجم وينقد و يؤنب - ومن جهة أخرى هناك الطبقة الجامدة من العلماء التي ترى العلوم الحديثة التى أنت بها المدنية الأجنبية مفسدة ، والقول بأن قوانين الدنيا فى الزراعة والاجتماع والصحة والمرض وكل شيء مبنى على السبب والمسبب كفر بالقضاء والقدر ، وإنكار سلطة المشايخ والأولياء والأضرحة زندقة . فهؤلاء وهؤلاء يشنون الغارة على مثل الشيخ محمد عبده والسيد أحمد خان فيخطون هم دعوتهم وسط هذه الأشواك الحادة . وقد يمد الأمراء دعاة الرجعية بوسائلهم للنيل إلى أقصى حد من المصلحين من هذا القبيل؛ لأنهم نقموا عليهم الالتجاء إلى معونة الأجنبى دونهم ، ولو التجئوا إليهم مع الأسف - ما نفعوهم؛ كل ذلك كان في مصر وفى الهند ، لأن طبيعة الأشياء واحدة ، وقوانين الطبيعة لا تتخلف.

كانا على غير رأى السيد جمال الدين فى الإنجليز والاحتلال ؛ كان السيد يكره الإنجليز ويشنع عليهم ما استطاع، بحكم مالقى منهم في الأفغان والهند ومصر وباريس ، حتى لقد عاتبه بعض أصحابه يوماً وقال له : إننا نراك عادلا في حكمك على الأشخاص والأمم ، تذكر بالخير حسناتهم ، وبالشر سيئاتهم ، ولا نراك تفعل ذلك في الإنجليز . قال السيد : « ليس من ينكر أن الإنجليز - كأمة -