صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/133

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– –

السيد أحمد خان

( ۱۸۱۷- ۱۸۹۸)

هو في الهند أشبه شيء بالشيخ محمد عبده في مصر بعد مفارقته للسيد جمال الدين وعودته من نفيه، الإصلاح عندها إصلاح العقلية بالتثقيف والتهذيب، والنظر إلى الدين نظرة سماحة ويسر، والاستقلال يأتى بعد ذلك تبعاً ؛ فلا استقلال لجاهل ولا محرّف ، إنما عماد الاستقلال العلم ، العلم بالدنيا وبالدين ، العلم بكل شيء أتت به المدنية الحديثة من طبيعة وكيمياء ، ورياضة وفلك ، ونفس واجتماع ، ونظام الحكم والإدارة ؛ ذلك كله إلى دين يحيى القلب ولا يقيد العقل ، ويغذى النفس ولا يشل التفكير ، والإسلام إذا فهم على أصوله كفيل بذلك ؛ فليس فيه ما يمنع الإنسان أن يصل فى العلوم ونظم الدنيا إلى غايتها ، بل فيه ما يبعث على ذلك ويشجعه ، وفيه ما يحيي القلب ، ويوجه الإنسان في حياته وفي علمه وفى تفكيره إلى الخير . ثم كلاهما كان يرى أن السلطان في مصر وفى الهند في يد الإنجليز، ولهم من القوة المادية من الأسلحة والذخائر في البر والبحر ، ومن القوة العلمية والسياسية ما لا تستطيع الهند ومصر مقاومته . قد يستطيعون المقاومة إذا اتحدوا ، ولكن كيف يكون اتحادهم مع جهلهم وضعف خُلقهم ، بل كيف يكون مع فساد أمرائهم - إذ ذاك - وبحثهم عن منافعهم الشخصية ولو على حساب الأمة ، - قالا : إذن فالأولى مسالمة الإنجليز والتفاهم معهم، وأخذ ما نستطيع خير الشعب منهم ؛ لتفهم الإنجليز أن عليهم واجب النهضة بالشعوب التي يحكمونها عقليا كما ينهضون بها ماديًا، وأنهم مسئولون عن جهل الأمم التي يحكمونها ، كما أنهم