سقاها الهوى من راحة الوجد صرخدا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا

​سقاها الهوى من راحة ِ الوجد صَرْخَدا​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


سقاها الهوى من راحةِ الوجد صَرْخَدا
وشَوَّقَها حادي الظعائن إذ حَدا
فظلَّتْ ترامى بين رامة والحمى
وتطوي فيافيها حزوناً وفدفدا
وتشقّها ريحُ الصبا رندَ حاجر
فكادت لفرط الوجد أنْ تتقدا
ولما بَدَتْ أعلامُ دار بذي الفضا
أعاد لها الشوق القديم كما بدا
فلا تأمن الأشجان يجذبن قلبها
متى أَتْهَمَ البرقُ اليماني وأنجدا
ويا سعد خذ بالجزع من أيمنِ اللوى
لعلّي أرى فيها على الحبّ مُسعِدا
وذرها تروّي بالدموع غليلها
وأنّى يبل الدّمع من مغرم صدى
تعالج بالتعليل قلباً معذباً
وتدمي بوبل الدمع طرفاً مسهّداً
وتنصبُّ مثل السيل في كلّ مهمهٍ
فتحسبه من شدة العزم جلمدا
وبي من هوى ميٍّ وإنْ شَطَّ دارها
هوىً يمنع العشاق أنْ تتجلدا
ولمياء لم تنجز بوعدٍ لمغرم
وهل أنْجَزَتْ ذات الوشاحين موعدا
إذام ادنت ظمياءُ من سربِ لعلع
أرَتْنا الردى من مقلة الريم أسودا
أَلَذُّ بها وصلاً وأشقى بهجرها
ومن عاش بالهجران عاش منكدا
وأبلجُ لولا شعره وجبينه
لما كانت أدري ما الضلال وما الهدى
تدين قلوب العاشقين بالحكمه
على أنَّه قد جار بالحكم واعتدى
فيا عصر ذاك اللّهو هل أنْتَ عائد
ويا ريم ذاك الربع روحي لك الفدا
تركتَ بقلبيم هواك لواعجاً
عَصَيْتُ بها ذاك العذولَ المُفَنِّدا
لحا الله من يلحو محبّاً على الهوى
ولا راح إلاّ بالملام ولا اغتدى
يلوم ويفري بالهوى من يلومه
وكم جاهل رام الصلاح فأفسدا
أخذتْ نصيبي من نعيمٍ ولذةٍ
وصادَمْتُ آساداً ولاعبت خرّدا
فَطَوْراً أراني في المشارق متهماً
وطوراً أراني في المغارب منجدا
ولا بتُّ أشكو والخطوب تنوشني
زماناً لأهل الفضل من جملة العدى
ولولا شهاب الدين ما اعتزَّ فاضل
ولا نال إلاّ فيه عِزّاً وسؤدداً
فتى المجد يغني بالمكارم ما لَه
ويبقي له الذكر الجميلَ مخلَّدا
إذا فاض منه صدرهُ ويمينه
فخذ من كلا البحرين درّاً منضّدا
وما زال يسمو رفعةً وتفضُّلاً
ويَجْمَعُ شمل الفضل حتى تفرّدا
رأيت محيّاه البهيَّ ومجده
فشاهدت أبهى ما رأيت وأمجدا
فمن ذا يهنّي الوافدين لبابه
بأكرمَ من أعطى وأرشدَ من هدى
وما کفترَّ عن دُرّ الثنايا تبسُّماً
من البِشر حتى أمطر الكف عسجدا
ومن يكُ أزكى صفوة الله جدّه
فلا غرو أنْ يزكو نجاراً ومحتدا
فيا بحر فضلٍ ما رأيناك مزيداً
ويا مزن جود ما رأيناك مرعدا
أيُطلَبُ إلاّ من مفاخرك العلى
ويسأل إلاّ من أناملك النَّدى
لقد جئت هذا العصر للناس رحمة
فأَصْبَحَ ركنُ الدين فيك مشيّدا
وأَحْيَيْتَ من أرض العراق علومَه
ولولاك كانَ الأمر يا سيّدي سدى
أرى كلّ من يروي ثناءً ومدحةً
ففيك روى حسن السجايا وأسندا
لك العزّ حار الواصفون بوصفه
وجَلَّتْ معاني ذاته أنْ تُحَدَّدا
إذ ما تَجَلَّتْ منك أدنى بلاغة
تخرُّ الأقلام في الطَّرس سجَّدا
وفيك الندى والفضل قرّت عيونه
ولم يكتحل إلاّ بخطّك إثمدا
تَفَقَّدْتَ أربابَ الكمال جميعَهم
ومن عادة السادات أن تتفقَّدا
وكم نعمةٍ أسديتها فبذلتها
وصيَّرْتَ أحرار البريّة أعبدا
ولولاك لم أَظْفَر بعزٍّ ولا منىً
ولا نلت إلاّ من معاليك مقصدا
أسود إذا ما كنتَ مولاي في الورى
ومن كنتَ مولاه فلا زال سيّدا
وما زلتَ كهفاً يُستَظَلُّ بظلِّه
كما لم تزل أيديك للناس موردا
ولا زلت ماكَّر الجديدان سالماً
بجدواك يستغني وفتواك يقتدى