يقظة الحب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
→[[../]]
​يقظة الحب​ المؤلف فرنسيس مراش
← [[../]]


يقظة الحب
تهيج الشوقُ بعدَما خمدا
واستيقظَ الحبُّ بعدَما رقدا
وعاد ذكرُ الحبيبِ محتجبًا
في القلب والوجد من خِباهُ بدا
لا بارك الله فترةً تركت
نفسي بها مَنْ بحسنهِ انفردا
لم أسلُ مَنْ قد عشقت عن مَلَل
لكنهُ لم يبقِّ لي كبدا
روحي فداءٌ لغادةٍ فتنت
عقلي وقد أعدمتني الجلدا
مثلتُ كلًّا من الحسان لدى
قلبي فلم يلقَ مثلها أحدا
فأرجَعَتْني يدُ الجمالِ إلى
وجدي وكان الوفا لها عضُدَا
قتلتُ عند اللقا السلوَّ وقد
دفعتُ من دُرِّ أعيني القَوَدا
لما رأَتني رَجَعْتُ منكسرًا
لحبها بالغرامِ مرتعدا
أبدتْ دلالًا بهِ سُلبتُ وما
أحلى الدلالَ الذي سبى الأُسُدا
وأرشفتني رحيق مبسمها
فحلَّ في مهجتي حلولَ ندى
لما التقينا عقيبَ فرقتنا
ومدَّ كلٌّ إلى السلامِ يَدَا
والودُّ قد ساق بيننا عتبًا
أعاد جمرَ الغرام مُتَّقِدا
قالت وقد أظهرَ العتابُ على
ألحاظها ما بودِّها شهدا
لا عتبَ إن تظهرِ السلوَّ فقد
أرحتَ قلبًا أذقتهُ النكدا
وإن مضى اليومَ عنكَ كلُّ هوًى
تقول لي أعيني يعودُ غدا
أجبتُ إن أُظهرِ السلوَّ فقد
أخفيت في القلب ذلك الكمدا
أفدي جمالًا حوى الكمالَ على
ذاتٍ بها اللطفُ كلهُ اتَّحدا
ما سلَّ سيفَ الفتور ناظرُها
إلَّا وفي القلبِ خلتهُ انغَمَدا
ففي شراك الشجون أوقعني
حسنٌ بهِ كلُّ معجزٍ وُجدا
وأورثتني العيونُ كُلَّ ضنى
فإن رجوتُ الخلاصَ لن أجدا
يا صاحِ، إن الغرامَ أتلفني
ولم تَدَعْ لي صروفهُ جلدا
فقلْ لمن يحسبُ الهوى سهلًا
إنَّ الهوى قد يشيِّبُ المُرُدا
لو كان ذو الحبِّ لا يذوقُ عنًا
لما درى لذَّةَ الهوى أبدا
لكنني لم أذلُّ قطُّ لمن
أهوى إذا شاء ذلني عمدا
هل ترتضي نفسي التدلل في
قصدٍ وذا الفعلُ للدنيِّ غدا
لا تنمحي سيمةُ الدناءَةِ عن
دنيِّ أصلٍ ولو رَقى الجلدا
يُشقي الفتى عقلهُ ويُسْعِدُهُ
فليس بالنجم سعدُ مَنْ سُعِدَا
كلٌّ إلى العقلِ راجعٌ فبهِ
ربحٌ وخسرٌ وعثرةٌ وهُدَى
لا ينفع المرءَ غيرُ ما كسبت
يداهُ فأكرم بمن بهِ اجتهدا
متى بدا بارقُ الدراهمِ من
شخصٍ ترَ العزَّ فوقهُ رَعَدَا