ورد السرور بها وطاف بحانها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها

​وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


وَرَدَ السرورُ بها وطافَ بحانِها
مَن كان صاحبَها ومن أخدانِها
جليتْ فكان من الحباب نثارها
وقلائد العقيان نظم جمانها
والصُّبْحُ قَد سَفَرتْ محاسِنَهُ لنا
وشجون ورقِ الدَّوح من أشجانها
تُملي على فَننِ الغصون فنونَها
ورقاءُ قد صَدَحَتْ على أفنانها
وتجيد أوتار القيان لحونها
فکشرب على النغمات من ألحانها
وکنظر إلى الأزهار كيف يروقها
إشراقُ بهجتها وطيبُ زمانها
وعلى کتّفاق الحُسْنَ من أشكالها
وقعَ الخلافُ فكان من ألوانها
يهبُ النَّسيمُ عبيرها من روضةٍ
لا زال طفل الطلّ في أحضانها
يا حبّذا زمنٌ على عهد الصبا
ومواسم اللّذات في إبّانها
حيث الهوى وطرٌ وأبيات الحمى
أقمارُ مطلعها وجوهُ حسانها
ويُديرُ بَدرُ التِّمِّ في غَسَق الدجى
كأساً حصى الياقوت من تيجانها
لله أوقاتُ السُّرور وساعة
تجري كميتُ الراح في ميدانها
ضمنتْ لنا الأفراح كأسُ مدامة
وفت المسرّة برهة بضمانها
ويروقها ذاك الحَبابُ فَعَقْدُهُ
من نظم لؤلؤها ومن مرجانها
مسكيَّةُ النفحات يسطع طيبها
ما کفتضَّ ربَّ الحان ختم دنانها
في مجلسٍ دارت به أقداحها
فكأنَّها الأفلاكُ في دورانها
يا طالب اللّذّاتِ حسبك لذة
ما سال في الأقداح من ذوبانها
باكِرْ صَبُوحَك ما کستَطَعْتَ وعُجْ إلى
كأسِ الطلا واحرص على ندمانها
وإذا سرحتَ إلى الرايض فنلْ إذنْ
من روحها أرجاً ومن ريحانها
ومُوَرَّدِ الوَجَنات جَنَّةُ وَجْهِهِ
تَصلى بأحشائي لظى نيرانها
ومهفهفٍ ذي طلعةٍ قَمَريّةٍ
أجني ثمارَ الحسن من بستانها
ما زال تفعلُ بالعقول لحاظه
ما تفعل الصَّهباءُ في نشوانها
يَسقي فَأَشْربُ من لُمَاه، وكأسُه
ما ينعشُ الأرواح في جثمانها
يشفي مريض القلب من ألم الجوى
ولذا تقرُّ النفسُ من هيمانها
ويبلُّ غلَّة وامقٍ مستغرم
بالريّ من صادي الحشا ظمآنها
تَسْتَحْسِن الأبصار ما بُليت به
وبَلِيَّةُ العشّاق بکستحسانها
إنَّ النقيب القادري لعوذتي
من حادث الدنيا ومن عدوانها
شهمٌ تذلّ المال عزةُ نفسه
ومنزّل الأموال دار هوانها
السيّد السَّنَدُ الرفيعُ مكانه
حيث النجوم وحيث سعد قرانها
الطاهر البرّ الرؤوفُ بأمَّةٍ
الله وفَّقها إلى إيمانها
كم حُجَّةٍ قد أنبأتك بفضله
قام الدليل بها على برهانها
الباسطُ الأيدي لكلّ مؤمِّل
وجداو الإحسان فيض بنانها
تزنُ الرّجالَ عوارفٌ ومعارفٌ
يتميز الرجحان في ميزانها
قل للمفاخرِ سادةً قرشيةً
ما أنتَ يوم الفخر منفرسانها
فهمُ الجبال الراسيات وإنَّهم
بين الجبال الشمّ شم رعانها
بَنَت المباني في العلى آباؤه
من قبله فبنى على بنيانها
ما زلت أبصر منك كل أبيَّةٍ
ما كان غيرك آخذاً بعنانها
حتى إذا بلغتْ سماوات اللعلى
رفقتكَ حينئذٍ على كيوانها
نفسٌ لعمرك في النفوس زكيةٌ
الله فضَّلها على أقرانها
ما فوق أيديه لذي شرفٍ يدٌ
لا في سماحتها ولا إحسانها
كم من يدٍ لكَ في الجميل ونعمةٍ
تَسْتَغرِقُ العافين في طوفانها
فالسَّعدُ والإقبالُ من خدّامها
والعالم العلويُّ من أعوانها
ذاتٌ مطهّرة ومجدٌ باذخٌ
في سرّها لطف وفي إعلانها
لله فيه سريرةٌ نبويةٌ
عرفتْ جميع الخلق رفعة شانها
نشرت صحائف فضله بين الورى
فقرأت سطر المجد من عنوانها
إنّي لأشكرُ من جميلك نعمةً
وأعوذُ بالرحمن من كفرانها
ألبستها منك الجميل صنايعاً
سطعت بطيب الشكر من أردانها
ها أَنْتَ في الأشرافِ واحد عصرها
ونجيبُ عنصرها رضيعٌ لبانها
إلاّ تنلْ قومٌ علاك فإنَّهم
طالوا وما بلغوا رفيع مكانها
أَوْ عُدَّت الأَعيان من نُقبائها
ما كنتَ إلاّ العينَ من أعيانها
إنَّ القوافي في مديحك لم تزل
تُثني عليك بلفظها ولسانها