انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 936/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 936/البَريدُ الأَدَبِي

ملاحظات: بتاريخ: 11 - 06 - 1951



شهر المسابح

التحنث يعطي معنى التجريد؛ فليست العبادة طقوساً مصورة في السلوك الآلي، لكنها وصلة بين العيد وربه، وزلفى يتقرب بها ليكفر عن مساوئ سيئاته!

والإسلام دين يهذب الغريزة، ويطارد عربدة الشهوة، ويكسر الحدود التي يضعها الإثم في طريق انطلاق القلب إلى نور المعرفة!

وإن (رمضان) قد شرف بنزول القرآن؛ الذي أنزل ليصلح أوضاع البشر، ووضع الأمعاء في مخمصة الحرمان لإبعاد الاشتهاء؛ فامتلاء البطن مغر على الاشتهاء المعربد الطاغي المتمرد!

لكن الناس يفهمون العبادة على أنها مظاهر معروفة، وطقوس مألوفة، فهم يهجرون الهاجرة إلى الفراش اللين، ويقيلون ليقيلوا أنفسهم من جفاف الحلوق لحرقة الظمأ؛ ثم يصحون مع شحوب الشمس، ليؤدوا فريضة العصر على كره واستكراه! ويؤثرون قضاء الأصيل جالسين على قهوة، وقد أمسك كل واحد بمسبحته يعد عليها ما يخرجه اللسان من ذم في أعراض اللسان غير مراع إلا ولا ذمة!

يا محبي المسابح في رمضان!

عدوا حبات قلوبكم بالآية الكريمة، ودعوا حبات المسبحة لأن الشيطان يعدها لكم، فتودعون يومكم وداع الخيبة وسوء المنقلب!

يا محبي المسابح. . .

جردوا نفوسكم من أحقادها وقيدوا شهواتكم في أصفادها، وانظروا إلى الإيمان نظرة اليقين، وإليكم الكتاب الخالد تصفحوه وتفحصوه لتعارفوا معنى حب العابد للمعبود.

ليكن التسبيح في قلوبكم نجوى روحية؛ فتشرق عليكم الأنوار، وبذلك تتكشف لكم الأسرار؛ وتنكشف عنكم الأوزار!

أحمد عبد اللطيف بدر

رواية الشع أعجب الأستاذ علي العماري ممثل كاتب سوداني، وهو يصف التقاء النيلين الأبيض والأزرق عند المقرن؛ في نهاية مدينة الخرطوم الغربية البحرية، بهذين البيتين:

ولما التقينا قرب الشوق جهده ... حبيبين فاضا لوعة وعتابا

كأن حبيباً في خلال حبيبه ... تسرب أثناء العناق وغابا

والبيتان للشاعر المبدع المرحوم إسماعيل صبري باشا، وعنوانهما في ديوانه ص110 (العناق) وقد وضع الكاتب السوداني كلمة حبيبين مكان كلمة شجيين كما في الديوان! وقد رواهما المرحوم مصطفى صادق الرافعي في كتابه وحي القلم جـ3 على هذا النحو:

ولم التقينا قرب الشوق جهده ... شجيين فاضا لوعة وعتابا

كأن صديقاً في خلال صديقه ... تسرب أثناء العناق وذابا

وعلق عليهما الرافعي بقول: (على أني لا أستحسن قوله (كأن صديقاً)؛ فما هذا بعناق الأصدقاء، ولو كان الصديق راجعاً من سفرة الآخرة، وإذا غاب واحد في الآخر فالآخر حامل به! وقد أخذت أنا هذا المعنى منه، ولولاه ما اهتديت إليه فقلت في ذلك:

ولما التقينا ضمنا الحب ضمة ... بها كل ما في مهجتنا من الحب

(وشد الهوى صدراً لصدر كأنما ... يريد الهوى إنفاذ قلب إلى قلب)!

فانظر أيها القارئ الكريم إلى اختلاف الرواية في الشعر، وتصحيف الأبيات، وتحريف الكلمات مع قرب العهد بالشاعر، وسهولة الاطلاع على ديوانه! ولولا تحريف الرواية ما غمز الرافعي شاعرية صبري بذلك النقد اللاذع، وصبري مما نسب إليه براء!! فكيف بالشعر القديم؛ وقد تداولته الألسن، وتناولته الأزمان، وتناقلته الرواة؟

محمد محمود بكر هلال

في المركز الثقافي بالمنصورة:

. . يعيش المركز الثقافي بالمنصورة بمعزل عن الأدباء، وكان لذلك أثره المباشر في انصراف هؤلاء عن المركز لهذه الحال وقد حدث هذا العام أن أعمل المشرف الثقافي شأن المحاضرات ثم شاء آخر الأمر أن يتدارك هذا الإهمال، فقدم محاضراً في موضوع (حقوق المرأة السياسية) ولكن لم يحضر لسماع المحاضرة (اليتيمة) سوى ثلاثة أشخاص من بينهم الأستاذ علي بك الهاكع مراقب عام المنطقة التعليمية الذي أشار على المسؤولين بتأجيل المحاضرة، وكان هذا هو رأي المحاضر أيضاً، لأنه رأى إهمال المشرف الثقافي في توجيه الدعوة للجمهور سبباً للاعتذار من عدم إلقاء المحاضرة!.

والعجيب أن المشرف لم يقدم طول العام سوى هذه المحاضرة بينما يقدم على المسرح الثقافي (عوالم الأفراح) يلقين المنلوجات المبتذلة، ويؤدين الرقصات الخليعة مما كان مثار الانتقاد اللاذع من الأستاذ أحمد الصاوي محمد بك في الأهرام!.

لقد انقضى هذا العام كما انقضى العام الماضي دون أن يكون للمركز نشاط أدبي. . ويبدو لي أن المشرف الثقافي يظن أن المركز ليس إلا مدرسة ليلية تقتصر على ما تلقنه للطلبة من دروس. .

فلعل الأستاذ الكبير الأنصاري بك مدير عام مؤسسة الثقافة الشعبية بعد هذه الكلمة الموجزة أن يصدر أمره بإجراء تحقيق لمعرفة الدواعي والأسباب التي دفعت بالمركز إلى هذه الحال المحزنة.

المنصورة

كمال رستم

1 - سؤال

قرأت في سيرة المستشرق السر وليم جونس أنه لما كان في جامعة أكسفورد سنة 1768 استعان بأستاذ سوري على تعلم اللغة العربية فأتقنها وترجم منها المعلقات إلى اللغة الإنكليزية وغيرها من الكتب في المواريث وفق الشريعة الإسلامية الغراء. . فمن هو هذا الأستاذ السوري الذي كان في أكسفورد وقتذاك.

بغداد

عبد الخالق عبد الرحمن